انتهاء جولة ثالثة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا... واتفاق على تبادل جديد للأسرى

الوفد الأوكراني برئاسة رستم عمروف في أثناء دخوله قصر تشراغان في إسطنبول لحضور جولة المفاوضات الثالثة مع روسيا (إ.ب.أ)
الوفد الأوكراني برئاسة رستم عمروف في أثناء دخوله قصر تشراغان في إسطنبول لحضور جولة المفاوضات الثالثة مع روسيا (إ.ب.أ)
TT

انتهاء جولة ثالثة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا... واتفاق على تبادل جديد للأسرى

الوفد الأوكراني برئاسة رستم عمروف في أثناء دخوله قصر تشراغان في إسطنبول لحضور جولة المفاوضات الثالثة مع روسيا (إ.ب.أ)
الوفد الأوكراني برئاسة رستم عمروف في أثناء دخوله قصر تشراغان في إسطنبول لحضور جولة المفاوضات الثالثة مع روسيا (إ.ب.أ)

اتفقت روسيا وأوكرانيا، الأربعاء، خلال مفاوضات في اسطنبول على تبادل جديد للأسرى يشمل 1200 أسير من كل طرف، فيما اقترحت موسكو على كييف تسليم جثث ثلاثة آلاف جندي على ما أفاد مفاوض روسي.
وقال فلاديمير ميدينسكي خلال مؤتمر صحافي «في إطار مواصلة تبادل أسرى الحرب اتفقنا على تبادل ما لا يقل عن 1200 أسير حرب إضافي من كل طرف في المستقبل القريب».

اجتماع على مستوى القادة

من جهته، قال رئيس الوفد الأوكراني في المفاوضات مع روسيا روستم أوميروف إن كييف اقترحت عقد اجتماع على مستوى القادة بحلول نهاية أغسطس (آب) المقبل.
وأضاف أوميروف أن بلاده تتوقع «مزيداً من التقدم» في تبادل الأسرى بين البلدين، بحسب وكالة الأناضول التركية للأنباء.
ونقلت الوكالة عن أوميروف إعلانه عن موافقة الجانب الروسي على طلب بلاده بالإفراج عن كل من قضى أكثر من ثلاث سنوات في الأسر.

وانطلقت الجولة الثالثة من المفاوضات في قصر تشيراغان على ضفاف البوسفور في إسطنبول، اليوم، وسط توقعات بعدم إحراز اختراق أو تقدم كبير بشأن وقف الحرب الروسية - الأوكرانية الدائرة منذ 24 فبراير (شباط) 2022. وقالت مصادر قريبة من المفاوضات إنه سيتم أيضاً بحث موضوع تبادل أسرى الحرب وقضية الأطفال الأوكرانيين في روسيا، إلى جانب التحضيرات المحتملة لعقد اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

مساع تركية لاتفاق حول وقف إطلاق النار

ومع انطلاق الجولة الجديدة، عبر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن أمله أن تسفر المفاوضات عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا يقود إلى سلام دائم بين البلدين.

وأضاف فيدان خلال مؤتمر صحافي: «هدفنا إنهاء هذه الحرب الدموية التي تتمخض عن تداعياتها الباهظة الثمن»، معرباً عن شكره لرؤساء روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة على دعمهم للمفاوضات. وتابع بالقول: «سنواصل المساهمة من أجل إحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا»، مشيراً إلى أن أنقرة يمكنها المساعدة في تبادل الأسرى بين البلدين.

توقعات محدودة

واستبق المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الجولة الثالثة بتأكيد أن الجانبين تبادلا مسودات مذكرات تفاهم تتعلق باتفاق سلام، ستتم مناقشتها خلالها، مستبعداً حدوث تقدم كبير أو «معجزات».

وقال وزير الخارجية الأوكراني، أندري سيبيها، إنه وزيلينسكي يعملان على عقد قمة زعماء بمشاركة بوتين والرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والأميركي، دونالد ترمب، وقادة أوروبيين.

إردوغان استقبل يرماك في أنقرة قبل انطلاق جولة المفاوضات الثالثة (الرئاسة التركية)

وقبيل انطلاق الجولة الثالثة، استقبل إردوغان رئيس مكتب رئاسة الوزراء الأوكرانية، أندري يرماك، بالقصر الرئاسي في أنقرة. ونتيجةً لجهود الوساطة التي قام بها إردوغان، التقى الوفدان الروسي والأوكراني مباشرةً في المكتب الرئاسي في قصر «دولما بهشة» في إسطنبول في 29 مارس (آذار) 2022.

وحققت تلك المفاوضات التي عُقدت في بدايات الحرب بين الطرفين تقدماً، إلا أن تدخل القوى الغربية أفسد النتائج التي تحققت لإنهاء الحرب. وبعد أكثر من 3 سنوات، عقد الجانبان أول جولة مفاوضات مباشرة بينهما في 16 مايو (أيار) الماضي، في ظل توتر شديد وهجمات مكثفة متبادلة عشية انعقادها في قصر «دولما بهشة» أيضاً.

واتفق الطرفان، في هذه الجولة، على تبادل ألف سجين من كل جانب، وتقاسما شروط وقف إطلاق النار والسلام، وتم تبادل الأسرى العسكريين بين موسكو وكييف، كما تم الاتفاق عليه خلالها.

جانب من الجولة الثانية من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول في 2 يونيو الماضي (د.ب.أ)

والتقى الوفدان الروسي والأوكراني للمرة الثانية في قصر تشيراغان في إسطنبول في 2 يونيو (حزيران) في إطار الجولة الثانية من المفاوضات، وقدم كل منهما للآخر مسودة مذكرة أُعدت قبل وفي أثناء المفاوضات المباشرة، سعياً إلى وقف إطلاق النار وتحقيق السلام، واتفقا على مواصلة العمل عليهما.

واتفق الطرفان، في هذه الجولة، على أكبر عملية تبادل أسرى منذ بداية الحرب، شملت تبادل جميع الجنود المصابين بأمراض خطيرة والجرحى، بالإضافة إلى جميع الأسرى الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً.

ووعد الجانب الروسي بإعادة جثث 6000 جندي أوكراني، علاوة على ذلك، نوقش وقف إطلاق النار لمدة يومين أو ثلاثة أيام في بعض أجزاء الجبهة لإتاحة الفرصة لتسلم جثث الجنود.

وتم تبادل آلاف الجنود الأسرى في إطار القرارات التي تم التوصل إليها خلال المفاوضات الأخيرة في إسطنبول، على الرغم من عدم الكشف عن عددهم حتى الآن.

وأعلنت روسيا، التي سلمت جثث 7 آلاف جندي أوكراني لكييف، إمكانية إعادة 3 آلاف جثة أخرى، وقد أعادت مؤخراً ألفاً منها.

لقاء بوتين وزيلينسكي

ويترأس الوفد الروسي، كما في الجولتين السابقتين، فلاديمير ميدينسكي، مستشار الرئيس الروسي، ولم يتم تغيير أي عضو في الوفد. بينما يترأس الوفد الأوكراني، رسيم عمروف، الذي ترأس المفاوضات السابقة بصفته وزيراً للدفاع، والذي عين أميناً لمجلس الأمن القومي والدفاع في إطار تعديل وزاري الأسبوع الماضي.

رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين في أثناء دخوله إلى قاعة المفاوضات (إ.ب.أ)

وتشارك تركيا، التي تلعب دور المسهل للمفاوضات بوفد يرأسه هاكان فيدان، ويضم رئيس المخابرات إبراهيم كالين، ورئيس أركان الجيش، الجنرال متين غوراك، ومسؤولين عسكريين ومدنيين.

وقللت موسكو من احتمالات وقوع اختراق أو «معجزة» في مفاوضات إسطنبول، وقال بيسكوف: «ستُناقش مسودات المذكرات والقضايا المتعلقة بمواصلة عملية تبادل أسرى الحرب خلال المفاوضات، وبالطبع، ستُطرح قضايا أخرى عند الضرورة. وسيتخذ رئيسا الوفدين قرارهما بشأن هذه المسائل».

رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميديسكي متحدثاً إلى صحافيين روس لدى وصوله إلى إسطنبول (د.ب.أ)

وأضاف: «علينا أن نرى كيف ستتقدم المفاوضات، بالطبع، لا أحد يتوقع مساراً سهلاً، من المتوقع أن يكون الاجتماع صعباً لأن المذكرات تتناقض مع بعضها». وفيما يتعلق بإمكانية عقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي، قال بيسكوف: «إن كل ما يلزم للتوصل إلى اتفاق بشأن مسودة مذكرة التفاهم هو التحضير للقمة، لا معنى لتحديد موعد القمة دون هذا العمل الشاق».

وفيما يتعلق بالمنتظر من الجولة الثالثة من المفاوضات، قال بيسكوف إن «حل الأزمة الأوكرانية صعبٌ للغاية، لدرجة أن الاتفاقات المتعلقة بتبادل الجنود الأسرى والجثث تُعدّ نجاحات، لذلك، لا داعي لتوقع معجزات من المفاوضات».


مقالات ذات صلة

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

الرئيس الأوكراني: اتفقنا مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع ترمب قريباً

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الجمعة إن وفد بلاده المفاوض اتفق مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع نظيره دونالد ترمب في المستقبل القريب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تستخدم صواريخ «ستورم شادو» البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية

أعلن الجيش الأوكراني أنه استخدم صواريخ ستورم شادو البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية الخميس.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

زيلينسكي يبحث هاتفياً مع ويتكوف وكوشنر «تفاصيل» خطة السلام مع روسيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أنه تحدث هاتفياً مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر 

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

روسيا تدين المحاولات الأوروبية لـ«نسف» تقدم محادثات السلام

روسيا ترى تقدماً «بطيئاً ولكنه ثابت» في محادثات السلام الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن - باريس)

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)

كشف سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن وحدته الجديدة نسبياً المخصصة لمنع حدوث توغلات برية إلى إسرائيل على غرار هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في أعقاب حالة عدم الجاهزية الكاملة التي شهدتها البلاد للقيام بهذا الدور عام 2023.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، على المستوى النظري، تقوم الفكرة على ضرورة إتاحة نشر المروحيات، بعضها في غضون دقائق قليلة وأخرى في غضون ساعة، لسحق وقصف الغزاة، بما يضمن عدم ترك منظومات الدفاع البرية على الحدود دون دعم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.

وتعد الوحدة الجديدة ضمن تحول أوسع يقوده البريجادير جنرال جلعاد بار تال، ويقضي بأن يتم إعادة توجيه مهام رئيسية لوحدات المروحيات في سلاح الجو الإسرائيلي نحو الدفاعات الحدودية.

ويشمل هذا التحول أيضاً زيادة عدد المروحيات والطائرات المسيرة والمقاتلات، التي تكون في حالة جاهزية دائمة للدفاع عن الحدود، مع توسيع نطاق تكليفها بمهام الدفاع الحدودي.

إضافة إلى ذلك، يشمل هذا التحول زيادة أكبر بكثير في عدد مروحيات سلاح الجو القادرة على التدخل خلال دقائق معدودة، وزيادة كمية القنابل التي يمكن لسلاح الجو الإسرائيلي إلقاؤها خلال ساعة واحدة، مقارنة بالسابق.

علاوة على ذلك، تمنح قواعد الاشتباك الخاصة بالمروحيات حالياً هامشاً أوسع بكثير للطيارين لفتح النار استناداً إلى تقدير كل طيار على حدة لطبيعة التهديد على الأرض، مقارنة بما كان معمولاً به قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول).


تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.


إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تلوح بضربة إذا لم يقيد برنامج إيران الباليستي

استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)
استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض في 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

ونقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن المسؤول قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معلومات استخباراتية تتعلق بهذا التهديد، خلال لقاء مرتقب بينهما الاثنين المقبل.

وأشار إلى أن إسرائيل قد تضطر للتحرك إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن التهديد الذي تمثله الصواريخ الباليستية الإيرانية «بالغ الخطورة».

وقال المسؤول إن إطلاق عدد كبير من هذه الصواريخ باتجاه إسرائيل «قد يسبب أضراراً تضاهي تأثير قنبلة نووية صغيرة»، وذلك بعد تقارير أفادت بأن إيران تستعد لإنتاج أعداد كبيرة من الصواريخ، بهدف شن هجمات بمئات الصواريخ في كل مرة لردع إسرائيل في حال تجددت الحرب.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، مضيفاً أنه سيبحث الأنشطة الإيرانية مع الرئيس الأميركي.

وحذر نتنياهو من أن أي تحرك إيراني سيقابَل برد «قاسٍ للغاية»، في ظل قلق إسرائيلي من أن التحركات الصاروخية قد تكون جزءاً من جهود لإعادة ترميم الترسانة الباليستية بعد حرب يونيو (حزيران) التي استمرت 12 يوماً.

وجاءت تصريحات نتنياهو بعدما أفادت تقارير داخل إيران باختبارات أو مناورات صاروخية في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات أو تجارب، وذلك بعد أن نشرت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تقريراً عن رؤية دخان أبيض نُسب إلى مناورات صاروخية في عدة مناطق. وجاء ذلك في وقت عرضت القناة الأولى تقريراً دعائياً عن هجمات يونيو وتوعّدت إسرائيل بـ«الجحيم الصاروخي».

والاثنين، لمح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، إلى احتمال استهداف إيران مجدداً، قائلاً إن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء».

وقال زامير إن الحملة ضد إيران تقف في صميم «أطول وأعقد حرب» في تاريخ إسرائيل، معتبراً أن طهران موّلت وسلّحت أطرافاً طوقت إسرائيل على جبهات متعددة.

صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز)

وفي المقابل، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، الثلاثاء، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو»، مضيفاً أن جزءاً كبيراً منها «لم يستخدم بعد».

وكان تقرير لموقع «أكسيوس» قد أفاد الأحد الماضي بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب خلال عطلة نهاية الأسبوع أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمّل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة».

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه.

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو، وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.