فرنسا تدرس «خطوات تصعيدية» جديدة ضد الجزائر

أبرزها إلغاء اتفاق الهجرة الموقع بين البلدين

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
TT

فرنسا تدرس «خطوات تصعيدية» جديدة ضد الجزائر

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

يتجه اهتمام متابعي التوترات القائمة بين الجزائر وفرنسا، والمستمرة منذ عام، إلى اللقاء المرتقب غداً (الخميس) بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير داخليته برونو ريتايو، الذي سيناقش خطوات تصعيدية جديدة ضد الجزائر، قد تصل إلى إلغاء اتفاق الهجرة، وهو قرار لطالما تحاشاه «الإليزيه»، أملاً في تحسن العلاقات.

إجراءات قاسية

استبق ريتايو الاجتماع بسلسلة من الإجراءات، رأت فيها مصادر جزائرية أنها «قطع طريق أمام أي محاولة لوقف تدهور العلاقات الثنائية». فقد نقلت وسائل إعلام فرنسية، مساء الثلاثاء، عن مجلة «باري ماتش» الشهيرة، أن ريتايو استهدف مسؤولين جزائريين رفيعي المستوى «كانوا قد أساءوا إلى فرنسا»، بواسطة تدابير تهدف إلى «إجبار الجزائر على استعادة رعاياها الخطرين الموجودين بصفة غير قانونية في فرنسا».

التوترات بين الجزائر وفرنسا أخذت منحى تصاعدياً خطيراً في الأسابيع الأخيرة (متداولة)

ويُقصد بـ«الإساءة إلى فرنسا» تلك المواقف الحازمة، التي صدرت عن مسؤولين جزائريين ضد الحكومة الفرنسية خلال الأزمة الراهنة، والتي نقلتها الصحافة الجزائرية دون ذكر أسمائهم.

ووفقاً للمجلة ذاتها، فإن «أعضاء من النخبة الجزائرية- منهم مسؤولون سياسيون، وشخصيات اقتصادية أو عسكرية مؤثرة- لن يتمتعوا بعد الآن بالتسهيلات الدبلوماسية، التي كانت تسمح لهم بالسفر إلى فرنسا، أو الإقامة فيها، أو حتى التنقل داخلها، كالعلاج مثلاً». ونقلت عن أحد «المطلعين على الملف» أن إجراءات ريتايو «تشمل حالياً 44 شخصية، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 80».

سجن الكاتب بوعلام صنصال ظل أحد أهم فصول الأزمة بين الجزائر وباريس (متداولة)

وأكدت «باريس ماتش» أن هذه الترتيبات التصعيدية ضد الجزائر، «تندرج ضمن استراتيجية الرد التدريجي، التي يدافع عنها برونو ريتايو منذ فترة طويلة، مع إمكانية زيادة الضغط إذا لم تغير الجزائر موقفها». ويؤكد «مقربون من الوزير»، وفق المجلة نفسها، أن «هذه مجرد بداية. ويمكننا الذهاب إلى أبعد من ذلك... والمرحلة القصوى ستكون الطعن في اتفاقيات 1968»، بمعنى إلغائها. وهو اتفاق أُفرغ من محتواه، حسب الجزائر.

وتمنح هذه الاتفاقيات الجزائريين وضعاً استثنائياً في الهجرة، يُسهل إقامتهم ولمّ شملهم الأسري، وكذلك حصولهم على المساعدات الاجتماعية. وقد شن اليمين الفرنسي عند بداية التوترات مع الجزائر حملة كبيرة، بغرض دفع الرئاسة الفرنسية إلى إعلان تخليها عن هذه الوثيقة، على أساس أن الوضع الذي تمنحه للجزائريين يعوق سياسة الحد من الهجرة النظامية.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي في 6 أبريل الماضي (الرئاسة الجزائرية)

من جهتها، ترى الجزائر أن فرنسا «أفرغت الاتفاق من مضمونه منذ سنوات»، بحكم أن الإدارات المحلية الفرنسية تعرقل معظم التسهيلات، التي ينص عليها، خصوصاً ما يتعلق بتجديد وثائق الإقامة، وتعطيل مسار لمّ الشمل العائلي، وفقاً للرؤية الجزائرية.

وتوقعت مجلة «باري ماتش» أن يناقش برونو ريتايو هذا الملف بشكل مباشر مع الرئيس إيمانويل ماكرون في اجتماعهما المقرر يوم الخميس في الإليزيه، مبرزة أن الرئيس، بصفته مسؤول الدبلوماسية الفرنسية، هو الوحيد الذي يمكنه اتخاذ قرار إنهاء اتفاقيات دولية.

وظل ماكرون يرفض هذه الخطوة، رغم ضغوط اليمين التقليدي واليمين المتطرف، وإصرار ريتايو على المضي فيها، «اقتناعاً منه بأنها ستقضي على أي إمكانية للعودة إلى مسار حل محتمل للمشكلات الراهنة مع الجزائر»، بحسب وزير جزائري سابق، فضّل عدم الكشف عن هويته. وبعبارة أخرى، لا يريد ماكرون إغلاق الباب أمام انفراجة للعلاقة مع المستعمرة السابقة.

الجزائر ترد على ريتايو

ردّ الجهاز الدبلوماسي الجزائري، الأحد الماضي، على تصريحات حديثة أدلى بها وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو لصحيفة «لوفيغارو». فقد نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن «مصدر مسؤول بوزارة الخارجية» أن «تصريحات ريتايو، لا سيما المتعلقة بمطالبته السلطات الفرنسية بعدم الاعتراف بجوازات السفر التي تصدرها القنصليات الجزائرية، بغرض الحصول على تصاريح الإقامة، كلام لا أساس له من الصحة، ويتسم بالغرابة والانفصال عن الواقع».

وزير الداخلية الفرنسي تصدّر التوترات بين الجزائر وباريس منذ عام (متداولة)

ولفت المصدر ذاته إلى أن «هذه الجوازات حق للمواطنين الجزائريين، وواجب سيادي على الدولة الجزائرية، والاعتراف بها ملزم للدولة الفرنسية بموجب الاتفاقيات الثنائية والقانون الدولي».

كما اعتبر المصدر ذاته أن موقف وزير الداخلية الفرنسي «يعد تعسفاً وتمييزاً وسوء استخدام للسلطة، ويتعارض بشكل مباشر مع القانون الفرنسي ذاته. كما يفتقر إلى أي أساس قانوني، ويشكل انتهاكاً للحقوق الفردية، وخرقاً للالتزامات الثنائية الموقعة بين الجزائر وفرنسا».

واتهم ريتايو في مقابلته مع «لوفيغارو»، التي نُشرت الجمعة الماضي، القنصلية الجزائرية في تولوز (جنوب غربي فرنسا)، بأنها «منحت مئات جوازات السفر لمهاجرين غير شرعيين». وعد هذا التصرف «انتهاكاً لقواعد المعاملة بالمثل بين فرنسا والجزائر، في وقت ترفض فيه الجزائر استعادة رعاياها، الصادر بحقهم أوامر بمغادرة التراب الفرنسي».

وتُعد «أزمة رفض الجزائر استقبال رعاياها المُرحّلين» من أبرز وأشدّ المشكلات تعقيداً بين البلدين، منذ إعلان باريس دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، في نهاية يوليو (تموز) 2024. وقد تصاعدت الأزمة بشكل أكثر حدة في أبريل (نيسان) الماضي، عندما طردت الجزائر عدداً من الموظفين الدبلوماسيين الفرنسيين العاملين على أراضيها، ردّاً على سجن موظف قنصلي جزائري في باريس، بعد اتهامه باختطاف واحتجاز يوتيوبر جزائري معارض. وردّت فرنسا بدورها بطرد عدد مماثل من الدبلوماسيين الجزائريين.


مقالات ذات صلة

«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

شمال افريقيا قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (حقوقيون)

«المسار البحري الجزائري» ابتلع أكثر من ألف مهاجر خلال 2025

فرض المسار البحري الرابط بين السواحل الجزائرية والإسبانية نفسه خلال عام 2025، بوصفه من أشد طرق الهجرة دموية في غرب البحر الأبيض المتوسط.

شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأحد (الرئاسة)

الجزائر: حديث عن «تعديل دستوري فني» يثير جدلاً وحيرةً بين السياسيين

فاجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأوساط السياسية بإعلانه تأجيل دراسة «تعديل دستوري فني»، وذلك بعد ساعات قليلة من تأكيد الرئاسة أن الموضوع مطروح للدراسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير العدل الجزائري لطفي بوجمعة (الوزارة)

الجزائر تُفعّل «التسوية المشروطة» بديلاً لملاحقة المتورطين في قضايا فساد

اعتمدت الجزائر آلية قانونية تتيح تأجيل ملاحقة الشركات المتورطة في ملفات فساد، قضائياً، مقابل استرجاع الأموال المحوَّلة إلى الخارج بطرق غيرمشروعة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا نجل زعيم التنظيم الانفصالي (التلفزيون الجزائري)

الجزائر تضيّق الخناق على «ماك» بعد إعلان «دولة القبائل المستقلة»

خطت السلطات الجزائرية خطوة جديدة في صراعها مع التنظيم الانفصالي «حركة تقرير مصير القبائل»، من خلال تنظيم ظهور إعلامي في التلفزيون الحكومي لنجل فرحات مهني.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تصفيق في البرلمان الجزائري عقب التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

الجزائر: تساؤلات تلف «ملف الذاكرة» مع فرنسا بعد اعتماد قانون تجريم الاستعمار

أعلن الطيف السياسي في الجزائر دعمه القويّ لتصديق البرلمان، الأربعاء، على «قانون تجريم الاستعمار» الفرنسي للجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مجلس الوزراء السوداني يجيز «موازنة 2026 الطارئة» ويصفها بـ«المعجزة»

 مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
TT

مجلس الوزراء السوداني يجيز «موازنة 2026 الطارئة» ويصفها بـ«المعجزة»

 مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)

وصف رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس، مشروع الموازنة الطارئة للعام المالي 2026، التي أقراها مجلس الوزراء يوم أمس (الثلاثاء)، بـ«المعجزة»

مشيداً بضبط وزارة المالية الإنفاق وحسن إدارة موارد الدولة وزيادة الإيرادات في ظل ظروف استثنائية.

وأشار رئيس الوزراء السوداني إلى أن «المعجزة» الأولى هي توقع الموازنة بتحقيق معدل نمو في الناتج المحلي الاجمالي بحوالي 9 في المائة، والثانية خفض متوسط معدل التضخم خلال العام 2026 إلى 65 في المائة.

وأوضح وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم، أن الموازنة تشمل تحسين الأجور وتوفير وظائف في مداخل الخدمة، مشيراً إلى اعتماد توسيع قاعدة الإيرادات على التوسع الأفقي وعدم تحميل المواطن اي أعباء ضريبية جديدة، كما تستهدف الموازنة خفض متوسط معدل التضخم خلال العام 2026 الى 65 في المائة مقارنة بمعدل 101.9 في المائة للعام 2025.

وأبان إبراهيم، أن الموازنة تركز على إصلاح المالية العامة بترتيب أولويات الصرف المحددة والإنفاق العام، وتوفير احتياجات القوات والأجهزة النظامية، ومقابلة الإحتياجات الأساسية للوزارات والوحدات الحكومية، إضافة إلى تحسين أوضاع النازحين واللاجئين السودانيين بدول الجوار ومقابلة تكاليف توفير المساعدات الإنسانية لهم .

وأوضح وزير المالية، أن أداء موازنة العام 2025 جاء فوق التوقعات رغم استمرار تحديات الحرب، حيث حققت الايرادات العامة نسبة اداء 147 في المائة، واستمر الصرف على الاحتياجات الحتمية، مشيراً إلى أن الموازنة التزمت بتهيئة البيئة المناسبة للعودة للخرطوم وتأهيل مطار الخرطوم.


تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».