* في فيلم «قناص أميركي» الذي نشط بين جوائز السينما والعروض الخاصة قبل عام واحد، مقدّمة تصوّر صبيًا وأباه في رحلة صيد. غزال في الغابة. يصوّب الصبي البندقية لكن فعل القتل لا يتم. لا يستطيع الكبس على الزناد. المشاهد مع الغزال. هذا الحيوان له روح كروح الإنسان. تردد الصبي مبرر.
* بعد ذلك ننتقل إلى زمن قريب حيث نجد الصبي وقد أصبح قاتلاً لا يتردد على الإطلاق. بين ذلك التمهيد وتلك النتيجة رسالة واضحة مفادها أن العنف موجود في المجتمع الأميركي يتشربه الصغار من الكبار. فوالد الصبي حذّره من مغبّة أن يتحول إلى مشاهد. عليه أن.. يقتل.
* إثر العملية التي قام بها شاب وفتاة قبل أيام وسقط بسببها 14 قتيلاً و21 جريحًا انبرى المرشح دونالد ترامب مهاجما الإسلام، داعيًا إلى حرمان المسلمين زيارة الولايات المتحدة أساسًا. روبرت مردوخ، الإعلامي المعروف، وافق ضمنًا داعيًا لإيجاد حل جذري للمسألة ينبع من تجميد اللجوء والحد من الهجرة.
* لكن المشكلة الحقيقية، يقول فيديو دعائي جديد صدر قبل يومين، لا علاقة لها بالمسلمين أو سواهم، بل بسهولة الحصول على السلاح لمجرد إبراز هوية أو حتى «غرين كارد». الفيديو يصور الرئيس باراك أوباما والممثلين مايكل ج. فوكس، جنيفر أنيستون، صوفيا فيرغارا، جوليان مور، والمخرج سبايك لي، بالإضافة إلى عدد آخر من سينمائيي هوليوود. عنوان الشريط «نستطيع أن نضع حدًّا لعنف السلاح».
* شيء واحد تتميّز به السينما عن الحياة: أجمل. وهذا الجمال ينضوي على حقائق وتفاصيل كثيرة. من بينها، وعلى سبيل المثال فقط، أن أحدًا لا يموت في الأفلام.
«هذه المدينة لا تتسع لاثنين منا»، يقول أحدهم لآخر وهو يستعد لمنازلته و… يسحب الاثنان مسدسهما. الأسرع يصيب. الأبطأ يقع مقتولاً. الممثل الميّت ليس «البطل» بالتأكيد. ربما يكون مجرد ممثل ثانوي أو «كومبارس». ينهض. ينفض ملابسه. يقبض أجره ويذهب إلى فيلم آخر يموت فيه. لا أحد يموت في الأفلام.
* … ولا أحد يموت مطلقًا في الأفلام. تطالع اليوم فيلما من العشرينات أو ما بعدها. ترقب تشارلي شابلن أو بَستر كيتون أو كلارك غايبل أو محمود المليجي أو مارلين مونرو أو غريتا غاربو أو سبنسر ترايسي أو جان غابان أو أيا من الممثلين الذين تدرك أنهم ماتوا في الحياة الواقعة.. ترقبهم وهم يتحركون أمامك. ترقبهم وقد عادوا للحياة. أليس هذا وحده غريبًا؟
* أبناء الأجيال السابقة كانوا يشاهدون أفلام رعاة البقر والأفلام البوليسية وأفلام العصابات ويحبّذون عنفها، لأنها لم تدّع أنها تماثل الواقع أو الحقيقة. على عكس الأفلام اللاحقة التي تعتقد أن عليها أن تجسد «الواقع»، كانت تلك تتصرّف كما لو أن الخيال هو كل الواقع الذي تريد. الحماسة كانت تلقائية والإعجاب بها كان طبيعيًا.
* رغم ذلك كان هناك من يصدّق ذلك الخيال أو يترجمه إلى قرار بسيط فيقول: أإلى هذا الحد يهوى الأميركيون القتل؟
المشهد: عنف السينما أجمل
المشهد: عنف السينما أجمل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة