اتفاق بغداد وأربيل يدخل التنفيذ بصرف رواتب الكرد

شكوك حول قدرة الطرفين على «الالتزام» في الأشهر المقبلة

مظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
مظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

اتفاق بغداد وأربيل يدخل التنفيذ بصرف رواتب الكرد

مظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
مظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان احتجاجاً على عدم دفع رواتب الموظفين في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

دخل الاتفاق بين بغداد وأربيل حيّز التنفيذ بعد أن بدأت الحكومة المركزية، الثلاثاء، صرف رواتب موظفي إقليم كردستان، الذي أودع بدوره إيرادات داخلية في الخزينة العامة.

وأعلنت حكومة إقليم كردستان عن إيداع ما مجموعه 120 مليار دينار عراقي (نحو 92 مليون دولار) من الإيرادات الداخلية في الإقليم، وباشرت وزارة المالية الاتحادية بصرف رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام في إقليم كردستان لشهر مايو (أيار) الماضي، بعد التزام حكومة الإقليم بتسليم النفط والإيرادات غير النفطية.

وقالت الوزارة في بيان لها، الثلاثاء، إنه: «تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء (550) المتخذ في جلسته الطارئة الخميس 17 يوليو (تموز) 2025، باشرت بصرف رواتب موظفي إقليم كردستان العراق لشهر مايو 2025».

وأوضح البيان أن «صرف المستحقات يأتي بعد التزام حكومة الإقليم بالقرار آنفاً، بتسليم شركة تسويق النفط (سومو) الكميات المنتجة حالياً من الحقول النفطية في الإقليم، واستمرار التسليم تباعاً للكميات المنتجة وصولاً إلى تسليم الكميات المذكورة في القرار آنفاً وقانون الموازنة الاتحادية النافذ، فضلاً عن تسلُّم الإيرادات غير النفطية، الدفعة الأولية والبالغة 120 مليار دينار، والسير في تنفيذ جميع بنود القرار من قبل الجهات المعنية».

وأكدت وزارة المالية أنها «ستواصل تنفيذ التزاماتها القانونية والدستورية تجاه حكومة إقليم كردستان العراق، ما دامت قد استمرت في التزامها بتنفيذ قانون الموازنة الاتحادية وقرارات المحكمة الاتحادية وقرار مجلس الوزراء الأخير».

وكانت وزارة المالية والاقتصاد في إقليم كردستان قد أعلنت، يوم الثلاثاء، إيداع حصة خزينة الدولة العراقية من الإيرادات المالية غير النفطية في الحساب المصرفي لوزارة المالية الاتحادية.

وذكرت الوزارة في بيان لها أن «الإيرادات غير النفطية لإقليم كردستان لشهر مايو من عام 2025، والبالغة 120 مليار دينار (نحو 92 مليون دولار)، قد أُودعت نقداً في الحساب المصرفي لوزارة المالية الاتحادية في فرع أربيل للبنك المركزي العراقي».

وكان رئيس وزراء إقليم كردستان، مسرور بارزاني، قد أعلن مؤخراً توصل حكومته إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية على تسليم 230 ألف برميل من النفط يومياً إلى شركة «سومو»، و120 مليار دينار شهرياً من الإيرادات الداخلية إلى بغداد، مقابل صرف الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام في الإقليم.

رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مستقبلاً رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في بغداد فبراير 2025 (إعلام حكومي)

الإقليم يراقب

وعدّت رئيسة كتلة الحزب «الديمقراطي الكردستاني» في البرلمان العراقي، فيان صبري، ما أقدمت عليه الحكومة الاتحادية «خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، وتستحق التثمين بالتأكيد».

وقالت فيان صبري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إنّ هذا الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم من شأنه أن يهيئ أجواء إيجابية، نأمل من خلالها الاستمرار في تمويل رواتب الأشهر الباقية».

وأكدت فيان صبري: «نحن نثمّن الجدية العالية والمرونة القصوى التي أبداها السيد مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، في تطبيق جميع التزامات حكومة الإقليم بالكامل، ومن أجل مصلحة مواطني كردستان وسعياً للتخفيف من معاناتهم».

وأضافت في الوقت نفسه: «نثمّن دور كل القيادات السياسية في إقليم كردستان بشأن دعمهم حكومة الإقليم في المفاوضات التي أجرتها مع الحكومة الاتحادية، والتي انتهت إلى هذا الاتفاق». كما ثمّنت «دور اللجنة الوزارية في الحكومة الاتحادية في تقريب وجهات النظر ومعالجة المشكلة، فضلاً عن البيان الأخير لـ(الإطار التنسيقي»، والهادف إلى توحيد الجهود الوطنية في دعم الحكومة الاتحادية، للحد من الاعتداءات، ومنع تكرارها، وتأكيد سيادة واستقرار العراق وإقليم كردستان».

اتفاق مشروط

من جهته، أكد مقرر تيار «الموقف الوطني» في كردستان، علي حمه صالح، الثلاثاء، أن رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، محمد شياع السوداني، قرر تمويل رواتب الموظفين في الإقليم لشهر مايو الماضي، مبيّناً أن رواتب ومستحقات الشهر التالي مرهونة بتسليم ما تم الاتفاق عليه بين أربيل وبغداد من إنتاج نفط كردستان إلى شركة (سومو).

وقال حمه صالح، في تصريح أدلى به عبر تسجيل فيديو على موقع «فيسبوك»، إنّ السوداني قرر صرف رواتب مايو الماضي، بعد إيداع الإيرادات غير النفطية للإقليم، في حساب وزارة المالية العراقية.

وأوضح صالح أن تمويل رواتب شهر يونيو (حزيران) الماضي مرهون بتسليم النفط الخام المنتج من حقول الإقليم إلى شركة «سومو»، مشيراً إلى أن الحكومة الاتحادية تعتقد أن الحقول النفطية في إقليم كردستان لم تُلحق بها أضرار جسيمة تؤدي إلى انخفاض الإنتاج إلى 80 ألف برميل يومياً، وأنه يمكن، في غضون نحو أسبوعين، زيادة إنتاج النفط.

لكن صالح بَيّن أن لجنة من بغداد ستتوجه إلى إقليم كردستان لتقييم الأضرار الناجمة عن الهجمات بالطائرات المسيّرة المفخخة، التي استهدفت الحقول النفطية في الإقليم طيلة الأسبوعين الماضيين.

حقل كورمور للغاز بمحافظة السليمانية في كردستان العراق (رويترز)

شكوك حول الالتزام

ويعتقد مراقبون أن استمرار تنفيذ الاتفاق خلال الأشهر المقبلة مرهون باستئناف عمل الشركات النفطية، بعد أن توقفت نتيجة هجمات المسيّرات، كما يستدعي تسوية طلبات تلك الجهات المتعلقة بحقوقها المالية جرّاء العمل في حقول بإقليم كردستان.

وكانت قوى «الإطار التنسيقي» قد أدانت عشية بدء سريان اتفاق «الرواتب مقابل النفط» بين بغداد وأربيل، استهداف الحقول النفطية في إقليم كردستان من قِبل طائرات مسيّرة «مجهولة» الهوية.

ووفقاً لبيان صادر عن الاجتماع الذي عُقد في مكتب هادي العامري، وحضره رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فقد «أدان (الإطار التنسيقي) استمرار القصف الذي يستهدف الشركات النفطية في إقليم كردستان، لما يمثله من تهديد مباشر للثروة الوطنية، والمصالح العامة، وضرب لبيئة الاستثمار، وتعدٍّ سافر على الاستقرار»، داعياً «الحكومة إلى موقف حازم لكشف مَن يقف وراء هذه الاعتداءات ومنع تكرارها».

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

المشرق العربي إنزال الأمن السوري حمولة صواريخ «غراد» بمحافظة حمص في سيارة معدة للتهريب باتجاه الحدود اللبنانية (أرشيفية - الداخلية السورية)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية» الذي يقوده رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال محمد السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة لحسم منصب رئاسة الوزراء».

فاضل النشمي (بغداد)
خاص توني بلير مستقبلاً الملك عبد الله الثاني في لندن قبل لقائهما المذكور في الوثيقة في 25 فبراير 2003 (أ.ف.ب)

خاص الأردن ينفي طرح دور للهاشميين في عراق ما بعد صدام

الأردن ينفي صحة تقارير عن طرح الملك عبد الله الثاني دوراً هاشمياً في عراق ما بعد صدام، مؤكداً أن محاضر لقاء 2003 مع بلير لا تتضمن ذلك.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع مبعوثه الخاص إلى العراق المُعيّن حديثاً مارك سافايا (إكس)

مبعوث ترمب إلى العراق يشترط نزعاً «شاملاً» لسلاح الفصائل

تواصل الولايات المتحدة ضغوطها على القيادات السياسية والفصائلية في العراق لإنهاء ملف نزع سلاح الفصائل، باعتباره أحد أهم الأهداف الرئيسة التي تسعى إلى تحقيقه.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد جولة تفقدية من وزارة النفط العراقية لمشروع استثمار الغاز المصاحب بالناصرية (إكس)

العراق يعتزم بدء تشغيل مشروع غاز الناصرية والغراف في عام 2027

أعلنت وزارة النفط، الاثنين، عن تشغيل مشروع غاز الناصرية والغراف في الربع الأول من 2027.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)

عكستِ الاعتراضات على مشروع قانون استعادة الودائع المجمدة منذ عام 2019 في لبنان، انطلاقةً غير آمنةٍ له، إذ بدأتِ الحكومة بمناقشة المسودة، بالتزامن مع اعتراضات سياسية من قوى ممثلة بالحكومة وخارجها، وانتقادات عميقة من قبل «جمعية المصارف»، فضلاً عن تحركات شعبية نُظمت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أنّه لا يقف مع أي طرف ضدّ آخر، وأنّ النقاش يجب أن يتم تحت قبة البرلمان، فيما دافع رئيس الحكومة نواف سلام عن المسودة، وشدّد على أنَّ مشروع قانون الفجوة المالية واقعي وقابل للتنفيذ، مؤكداً أنَّ أي تأخير في إقراره قد يضر بثقة المواطنين والمجتمع الدولي.

وبرزتِ اعتراضات قانونية على إدراج مواد ذات «مفعول رجعي» لضرائب واقتطاعات وتعديلات في القيم الدفترية للمدخرات المحوّلة بعد عام 2019، والعوائد المحصّلة على الودائع في سنوات سابقة.


مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
TT

مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)

قتل شخصان وأصيب 6 مدنيين بينهم امرأة وطفل بجروح جراء اشتباكات اندلعت في مدينة حلب شمال سوريا بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تزامنت مع زيارة وفد تركي إلى دمشق، في وقت توشك مهلة تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس (آذار) بين «قسد» والسلطات على الانتهاء.

وفي حين تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبّب في اندلاع الاشتباكات، أفادت مصادر في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات لمنع تصعيد يستفيد منه «داعش»، وقوى إقليمية معادية.

واتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي بدمشق ‌بعد محادثات بين وفد تركي رفيع المستوى ‌والرئيس السوري ​أحمد الشرع ‌ووزير الخارجية أسعد الشيباني وآخرين، وقال الشيباني إن دمشق لم تلمس «أي مبادرة أو إرادة جادة» من «قسد» لتنفيذ الاتفاق، لكنها اقترحت في الآونة الأخيرة عليهم طريقة أخرى لدفع العملية قدماً.


ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يعتزم ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يترأسه محمد شياع السوداني، رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، طرحَ «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أمس، أنَّ ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، مشيراً إلى أنَّ تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب.

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية» قصي محبوبة لـ«الشرق الأوسط» إنَّ «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء»، دون ذكر تفاصيل.

من ناحية ثانية، رحب مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى العراق، في تدوينة عبر منصة «إكس» بإعلان بعض الفصائل المسلحة استعدادها لبحث نزع سلاحها، لكنَّه شدّد على «أن يكون نزع السلاح شاملاً، وغير قابل للتراجع».