3 سيناريوهات... كيف أسقطت باكستان طائرات الهند المقاتِلة؟

أرشيفية لطائرات «رافال» تابعة لسلاح الجو الهندي خلال عرض جوي (رويترز)
أرشيفية لطائرات «رافال» تابعة لسلاح الجو الهندي خلال عرض جوي (رويترز)
TT

3 سيناريوهات... كيف أسقطت باكستان طائرات الهند المقاتِلة؟

أرشيفية لطائرات «رافال» تابعة لسلاح الجو الهندي خلال عرض جوي (رويترز)
أرشيفية لطائرات «رافال» تابعة لسلاح الجو الهندي خلال عرض جوي (رويترز)

قفز سكان قرية أكاليا كالان، وهي قرية تقع في شمال الهند، من أَسِرَّتهم، في الساعات الأولى من يوم 7 مايو (أيار) الماضي، بسبب أصوات انفجارات متكررة، في الخارج، رأوا كرة من اللهب تمر فوق رؤوسهم وتصطدم بحقل قريب. كان من الواضح أن الحطام يمكن التعرف عليه على أنه مقاتِلة. لقي اثنان من المارة حتفهما، وفقاً للقرويين. وكان الطياران الهنديان قد قذفا من الطائرة، في وقت سابق، وعُثر عليهما مصابيْن في الحقول القريبة.

لم تؤكد الهند ذلك رسمياً حتى الآن، لكن هذه كانت واحدة من بين عدد من طائراتها المقاتِلة التي فُقدت في صراعٍ استمر أربعة أيام مع باكستان، في مايو، وفقاً لموقع «ذا إيكونوميست».

وتُشكك الحكومة الهندية في ادعاء باكستان أنها أسقطت ست طائرات حربية، بما في ذلك ثلاث من طائراتها الفرنسية الجديدة من طراز «رافال». لكن مسؤولين عسكريين أجانب يعتقدون أن خمس طائرات هندية قد دُمّرت، بما في ذلك طائرة «رافال» واحدة على الأقل. وفي حين يرفض المسؤولون العسكريون الهنود تأكيد الأرقام، إلا أنهم يعترفون بفقدان بعض الطائرات.

هذه الاعترافات مهمة لأن الصين هي أكبر مُورّد للأسلحة لباكستان. وكان هذا أول صراع تستخدم فيه مقاتلات وصواريخ صينية متطورة ضد نظيراتها الغربية والروسية. أميركا وحلفاؤها مهتمون بشدة، حيث يمكن أن تستخدم الصين كثيراً من الأسلحة نفسها في حرب محتملة على تايوان.

وأشارت تقارير أولية إلى أن العامل الحاسم كان تفوق المقاتلات الباكستانية الصينية الصنع من طراز «جيه 10» (J-10)، وصواريخ جو-جو من طراز (PL-15). ويبدو أن الهند قللت من شأنهما.

وربما تكون الصين أيضاً قد رجَّحت كفة الميزان من خلال تزويد باكستان ببيانات الإنذار المبكر وبيانات الاستهداف في الوقت الحقيقي.

لكن بالنظر إلى نجاح الهند، في وقت لاحق من المعركة، ربما كانت المشكلة الكبرى هي كيفية استخدام الهند مقاتِلاتها في تلك الليلة الأولى. جاء أحد أحدث التحولات وأكثرها إثارة للجدل، في يونيو (حزيران) الماضي، عندما بثّت وسائل الإعلام الهندية تسجيلاً للكابتن شيف كومار، ملحق الدفاع الهندي في جاكرتا، وهو يتحدث خلال ندوة، في وقت سابق من الشهر.

وقال إن الهند فقدت بعض الطائرات لأن قيادتها السياسية أمرت قواتها الجوية بعدم ضرب الدفاعات الجوية الباكستانية. وبدلاً من ذلك، استهدفوا مواقع المسلّحين فقط في اليوم الأول. وأضاف كومار: «بعد الخسارة، غيّرنا تكتيكاتنا وتوجهنا إلى منشآتهم العسكرية».

جاء ذلك بعد اعتراف الجنرال أنيل تشوهان، رئيس أركان الدفاع الهندي، في مقابلة تلفزيونية، في نهاية مايو، بأن الهند فقدت بعض الطائرات، في الليلة الأولى من الصراع بسبب «أخطاء تكتيكية».

ومضى يقول إن الهند صححت أخطاءها بعد يومين، وسمحت لجميع مقاتِلاتها بالتحليق مرة أخرى، وضرب أهداف في باكستان من مسافة بعيدة. وقد حققت الهند نجاحاً أكبر، في وقت لاحق من الصراع، عندما تغلبت صواريخها على الدفاعات الجوية الباكستانية، وأصابت عدداً من قواعدها العسكرية.

إحدى النظريات بين المسؤولين الأجانب هي أن الهند، في اليوم الأول، لم تُزوِّد مقاتلاتها من طراز «رافال» بصواريخ جو-جو بعيدة المدى من طراز «ميتيور» (على الأرجح ظناً منها أنها كانت بعيدة عن متناول المقاتلات الباكستانية أو أن الرد الباكستاني الأولي سيكون أقل تصعيداً).

والسبب الآخر هو أن مقاتِلات الهند لم تكن لديها مُعدات التشويش الإلكتروني المناسبة، أو البرمجيات المحدَّثة أو البيانات ذات الصلة لحمايتها من الأسلحة الباكستانية الجديدة.

التفسير الثالث، والأوسع نطاقاً، هو أن الهند تفتقر إلى «بيانات المهمة» اللازمة لفهم كيف يمكن لباكستان تحديد الخطط الهندية، وتمرير البيانات إلى مقاتِلاتها وتوجيه الصواريخ إلى أهدافها.

لكن إذا كانت المقاتِلات قد تعرضت للخطر بسبب أوامر من القادة السياسيين بضرب المقاتلين فقط، كما يقترح الكابتن كومار، فإن المسؤولية تقع بشكل أكبر على عاتق حكومة ناريندرا مودي.

وتُعد «داسو»، الشركة الفرنسية المصنِّعة لطائرات «رافال»، المنافس الرئيسي، إلى جانب شركة «ساب» السويدية، و«بوينغ»، و«لوكهيد مارتن» الأميركية في صفقات التسليح الهندية. إلا أن بعض الشخصيات العسكرية الهندية أشارت إلى أن أداء طائرات «رافال» لم يكن جيداً في الصراع الأخير. ويشكو آخرون من أن شركة «داسو» مترددة في مشاركة الشفرة المصدرية لبرمجيات «رافال»، مما يمنع الهند من تكييف الطائرة لتُناسب احتياجاتها الخاصة.

ومنذ النزاع، يُقال إن الدبلوماسيين الصينيين يقللون من شأن طائرات «رافال» للمشترين المحتملين الآخرين، ويحثّونهم على شراء مقاتلات صينية بدلاً من ذلك.

ويحرص المسؤولون التنفيذيون في شركة «داسو» على طمأنة الدول التي اشترت طائرات «رافال»، بما في ذلك مصر وإندونيسيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى العملاء المحتملين في المستقبل.

ورفض إيريك ترابييه، رئيس مجلس إدارة شركة «داسو» للطيران، ادعاءات باكستان بإسقاط ثلاث طائرات «رافال» بوصفها «ببساطة غير صحيحة».

وأضاف، في مقابلة مع مجلة فرنسية، نُشرت في 11 يونيو (حزيران) الماضي: «عندما تُعرف التفاصيل الكاملة، قد تفاجئ الحقيقة كثيرين». وقال أيضاً إن الرافال «أفضل بكثير من أي شيء تُقدمه الصين حالياً».

وتتعرض الحكومة الفرنسية أيضاً لضغوط لتفسير ما يمكن أن يكون أول خسارة مؤكَّدة لطائرة «رافال» في القتال. وقدَّم مارك شافان، وهو عضو في البرلمان الفرنسي، سؤالاً مكتوباً إلى الحكومة، في أواخر مايو، أعرب فيه عن قلقه من أن نظام الحرب الإلكترونية «سبيكترا» الموجود على طائرات «رافال» الهندية فشل في اكتشاف أو التشويش على صواريخ جو-جو من طراز PL-15 الباكستانية صينية الصنع.


مقالات ذات صلة

3 قتلى في هجوم انتحاري استهدف مقر شرطة الحدود الباكستانية

آسيا أفراد من الجيش يتفقدون موقع الهجوم الانتحاري خارج مقر قوة الحدود في بيشاور حيث قتل ثلاثة أفراد من القوات شبه العسكرية الباكستانية (أ.ف.ب)

3 قتلى في هجوم انتحاري استهدف مقر شرطة الحدود الباكستانية

أسفر تفجير انتحاري عن مقتل ثلاثة عناصر أمن باكستانيين عند مقر شرطة الحدود في مدينة بيشاور بولاية خيبر بختونخوا الحدودية مع أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا الهند: نتعامل مع انفجار نيودلهي على أنه «واقعة إرهاب»

الهند: نتعامل مع انفجار نيودلهي على أنه «واقعة إرهاب»

أكدت الحكومة الهندية، اليوم الأربعاء، أنها تتعامل مع انفجار سيارة في نيودلهي على أنها «واقعة إرهاب»، وتوعدت الجناة بتقديمهم إلى العدالة بأسرع ما يمكن.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رجال أطفاء يخمدون حريقاً بسيارة عقب التفجير خارج مجمع المحاكم في إسلام آباد الثلاثاء (رويترز)

12 قتيلاً و27 جريحاً في هجوم انتحاري بإسلام آباد

حمّل رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، المسؤولية عن تفجير انتحاري في إسلام آباد لـ«عملاء إرهابيين مدعومين من الهند».

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا ترمب ومودي يتصافحان أثناء حضورهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً بالبيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

ترمب يُقلد رئيس الوزراء الهندي... ويصفه مازحاً بـ«القاتل»

وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب مازحاً، خلال خطاب ألقاه في قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) بكوريا الجنوبية، رئيس الوزراء الهندي بأنه «قاتل»

«الشرق الأوسط» (سيول )
آسيا يتصاعد الدخان من موقع أفغاني خلال الاضطرابات على الحدود بين أفغانستان وباكستان في تشامان (أ.ف.ب)

الجيش الباكستاني: مقتل نحو 20 من عناصر «طالبان» في اشتباكات حدودية

الجيش الباكستاني يعلن مقتل نحو 20 من عناصر «طالبان» الأفغانية في اشتباكات حدودية.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد «حانوكا» اليهودي في ملبورن الأسترالية

حضر المشيعون جنازة دان إلكيام الشاب اليهودي الفرنسي البالغ من العمر 27 عاماً الذي هاجر إلى أستراليا وقُتل في حادث إطلاق نار خلال احتفال بعيد الأنوار (حانوكا) على شاطئ بوندي في سيدني بأشدود بإسرائيل 25 ديسمبر 2025 (رويترز)
حضر المشيعون جنازة دان إلكيام الشاب اليهودي الفرنسي البالغ من العمر 27 عاماً الذي هاجر إلى أستراليا وقُتل في حادث إطلاق نار خلال احتفال بعيد الأنوار (حانوكا) على شاطئ بوندي في سيدني بأشدود بإسرائيل 25 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد «حانوكا» اليهودي في ملبورن الأسترالية

حضر المشيعون جنازة دان إلكيام الشاب اليهودي الفرنسي البالغ من العمر 27 عاماً الذي هاجر إلى أستراليا وقُتل في حادث إطلاق نار خلال احتفال بعيد الأنوار (حانوكا) على شاطئ بوندي في سيدني بأشدود بإسرائيل 25 ديسمبر 2025 (رويترز)
حضر المشيعون جنازة دان إلكيام الشاب اليهودي الفرنسي البالغ من العمر 27 عاماً الذي هاجر إلى أستراليا وقُتل في حادث إطلاق نار خلال احتفال بعيد الأنوار (حانوكا) على شاطئ بوندي في سيدني بأشدود بإسرائيل 25 ديسمبر 2025 (رويترز)

تُحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه»، بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في ملبورن، الخميس.

وأُحرقت السيارة الخالية، التي وُضع على سقفها لافتة كُتب عليها «عيد حانوكا سعيد»، بينما كانت متوقفة عند منزل، وفق ما أظهرت صور بثّتها شبكة «إيه بي سي».

آني في الوسط تنعى جثمان ابنها دان إلكيام الشاب اليهودي الفرنسي الذي قُتل في حادث إطلاق النار الجماعي الذي استهدف احتفالاً بعيد حانوكا على شاطئ بوندي بسيدني خلال جنازته في أشدود بإسرائيل الخميس 25 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وذكرت شرطة فيكتوريا، في بيان، أن «الحريق المشبوه» وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس، في ضاحية سانت كيلدا إيست، التابعة لملبورن. وجرى إخلاء المنزل كإجراء احترازي.

وقالت الشرطة إن «المحققين تعرّفوا على شخص قد يكون قادراً على مساعدتهم في تحقيقهم، ويُجرون عمليات بحث بشأن مكانه».

وشددت السلطات الأسترالية القوانين والعقوبات المرتبطة بجرائم الكراهية، بعد إطلاق النار الذي استهدف حفلاً لمناسبة «حانوكا» على شاطئ بونداي في سيدني وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقال الحاخام إيفي بلوك، من كنيس حاباد في سانت كيلدا، إنه من الواضح أن حادثة إحراق السيارة تندرج في إطار الاعتداءات المُعادية للسامية.

وأفاد «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكر الله لأن أحداً لم يتعرض للأذى... لكن ما يجري هو تصعيد متواصل مع تكرار هذه الأحداث».

وأضاف: «لا يشعر أفراد جاليتي اليهودية في سانت كيلدا وملبورن بالأمان في منازلهم وبلدهم».

وذكرت وسائل إعلام أسترالية أنه جرى نقل الحاخام وأسرته إلى مكان آمن. ولم يُصَب أحد بأذى. ونقلت وسائل إعلام أسترالية عن الشرطة القول إنها حددت هوية شخص من الممكن أن يساعد في التحقيقات، دون أن تعلن إلقاء القبض على أحد.


رئيس باكستان ورئيس الوزراء يشيدان بقوات الأمن

تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)
تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)
TT

رئيس باكستان ورئيس الوزراء يشيدان بقوات الأمن

تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)
تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)

أشاد الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، ورئيس الوزراء محمد شهباز شريف، الخميس، بقوات الأمن الباكستانية لنجاحها في تنفيذ عملية استخباراتية ضد مسلحي جماعة «فتنة الهندوستان» المدعومة من جانب الهند.

يقف رجال الشرطة حراسةً خارج كنيسة بينما يحضر أفراد من الأقلية المسيحية قداس عيد الميلاد في مدينة كويتا، باكستان، يوم 25 ديسمبر كانون الأول 2025. يحتفل مليارات الأشخاص حول العالم بعيد الميلاد سنوياً في 25 ديسمبر كانون الأول لإحياء ذكرى ميلاد السيد المسيح (أ.ب.أ )

وأفادت وكالة أنباء «أسوشييتد برس أوف باكستان» الباكستانية بأن العملية وقعت في منطقة كالات بإقليم بلوشستان، وبأن زرداري وشريف وصفاها بأنها «رسالة قوية لأعداء السلام والاستقرار». وفي بيان صادر عن الرئاسة، قال الرئيس الباكستاني إن «القضاء على الإرهابيين المدعومين من الهند يظهر عزم المؤسسات الأمنية الباكستانية على حماية البلاد وشعبها». وفي بيان منفصل صادر عن مكتب رئيس الوزراء، أشاد شريف أيضاً بقوات الأمن لنجاحها في العملية ضد إرهابيي «فتنة الهندوستان». وتأتي هذه العملية في ظل تزايد ملحوظ في الهجمات الإرهابية، خاصة في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان، منذ أن عادت طالبان أفغانستان للسلطة في أفغانستان عام 2021.


بـ«قائمة شرف خاصة»... أستراليا بصدد تكريم مَن واجهوا هجوم سيدني

رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
TT

بـ«قائمة شرف خاصة»... أستراليا بصدد تكريم مَن واجهوا هجوم سيدني

رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الخميس، خططاً لإطلاق وسام وطني للشجاعة و«قائمة شرف» خاصة؛ لتكريم المدنيين وأفراد الاستجابة الأولى الذين واجهوا «أسوأ مظاهر الشر» خلال هجوم إرهابي أسفر عن مقتل 15 شخصاً، وألقى بظلال ثقيلة على موسم الأعياد في البلاد.

وقال ألبانيزي إنه يعتزم إنشاء نظام تكريم خاص لأولئك الذين عرَّضوا أنفسهم للخطر؛ للمساعدة خلال الهجوم الذي استهدف احتفالاً بعيد «الحانوكا» على شاطئ البحر، ومن بينهم أحمد الأحمد، وهو مسلم سوري-أسترالي تمكَّن من تجريد أحد المهاجمين من سلاحه قبل أن يصاب هو نفسه.

ضباط شرطة ينفذون دورية بالقرب من رواد شاطئ بونداي في سيدني يوم عيد الميلاد الخميس (أ.ف.ب)

ويحْيي اليهود عيد «الحانوكا» إحياءً لذكرى انتصار المكابيين (عائلة يهودية) على الإمبراطورية السلوقية عام 165 قبل الميلاد.

وتصدّر اسم المواطن السوري أحمد الأحمد عناوين الصحف الأسترالية، بعد تدخله بشجاعة لوقف الهجوم وانتزاعه سلاح أحد المهاجمين، مما أسهم في الحد من حجم الكارثة.

وتتهم السلطات ساجد أكرم، الذي قُتل برصاص الشرطة خلال الهجوم الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول)، وابنه نافيد أكرم، 24 عاماً، بتنفيذ أسوأ مجزرة تشهدها أستراليا منذ عام 1996.

وفي مؤتمر صحافي أعقب غداء يوم عيد الميلاد في مؤسسة خيرية بمدينة سيدني، وصف ألبانيزي عيد الميلاد هذا العام بأنه محكوم بتباين حاد بين العنف المتطرف و«أفضل ما في الإنسانية».

وقال: «عيد الميلاد هذا مختلف بسبب الهجوم الإرهابي والدوافع المرتبطة بتنظيم (داعش) ومعاداة السامية. لكن في الوقت نفسه، وبينما شهدنا أسوأ ما في الإنسانية، رأينا أيضاً الشجاعة واللطف والتعاطف من أولئك الذين اندفعوا نحو الخطر». وأوضح أن الأوسمة المقترحة ستكرم الأشخاص الذين يجري ترشيحهم والتوصية بمنحهم أوسمة الشجاعة أو الاستحقاق ضمن نظام الأوسمة والجوائز الأسترالية القائم، تقديراً لأفعالهم في أثناء الهجوم وبعده.

وشهد شاطئ بونداي في سيدني، الخميس، احتفالات محدودة بعيد الميلاد في أعقاب هجوم إرهابي قُتل فيه ​15 شخصاً قبل أكثر من أسبوع، إذ يواجه المجتمع تبعات أكثر حوادث إطلاق النار الجماعي دمويةً في البلاد منذ نحو ثلاثة عقود.

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (في الوسط) وزوجته جودي هايدون يستقبلان الضيوف خلال غداء عيد الميلاد الذي استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)

وقامت الشرطة بدوريات على الشاطئ، الذي يعد وجهة تقليدية لاحتفالات عيد الميلاد في المدينة، ‌حيث تجمع ‌مئات الأشخاص. وقال السائح ‌البريطاني ⁠مارك ​كونروي لـ«رويترز»: «‌أعتقد أن الأمر مأساوي، وأن الجميع يحترمون ما حدث ويشعرون بالحزن الشديد لما حدث، وأن الناس هنا على الشاطئ لأن الأمر أشبه بالاحتفال، لكن الجميع يحتفظون به في ذاكرتهم والجميع يحترمون ما ⁠حدث».

ودفع الهجوم المسلح الذي وقع في 14 ‌ديسمبر في احتفال بعيد ‍الأنوار اليهودي (الحانوكا) ‍إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين حمل ‍السلاح واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد معاداة السامية، في حين جرى تشديد قواعد التجمعات العامة في سيدني بموجب قوانين جديدة أُقرت.

وشوهد مرتادو ​الشاطئ وهم يلتقطون الصور بجوار شجرة عيد الميلاد، فيما التقط البعض صوراً ⁠مع رجال الإنقاذ، لكن الطقس العاصف قلل من عدد المحتفلين على ما يبدو.

ضباط الشرطة ينفذون دوريات بالقرب من رواد شاطئ بونداي بسيدني يوم عيد الميلاد الخميس (أ.ف.ب )

ونُكِّست الأعلام خارج مبنى بونداي بافيليون المُدْرَج على قائمة التراث بالقرب من موقع الهجوم، الذي تقول الشرطة إن مرتكبيه أب وابنه استلهما فكر تنظيم داعش.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقعت هجمات على كُنس ‌يهودية ومبانٍ وسيارات مملوكة ليهود في أستراليا. وتُظهر صور من مكان الجريمة في المدينة -التي تعيش فيها أكبر جالية يهودية في أستراليا- لافتة «عيد حانوكا سعيد» على سقف السيارة التي اشتعلت فيها النيران. وكانت السيارة متوقفة في ممر أمام منزل الحاخام بحي سانت «كيلدا إيست» في المدينة الساحلية التي يعيش بها الكثير من اليهود. وذكرت وسائل إعلام أسترالية أنه تم نقل الحاخام وأسرته إلى مكان آمن. ولم يُصَب أحد بأذى، ونقلت وسائل إعلام أسترالية عن الشرطة القول إنها حددت هوية شخص من الممكن أن يساعد في التحقيقات، دون أن تعلن إلقاء القبض على أحد. ولم تتطرق السلطات، بصورة فورية، إلى الدوافع وراء الجريمة.

وعلى صعيد متصل، أفاد المبعوث الأسترالي الخاص لمكافحة معاداة السامية، بارتفاع حوادث معاداة السامية بشكل كبير منذ الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في أكتوبر 2023، وما تلاه من اندلاع حرب غزة.

وعلى الصعيد المحلي، تم الإبلاغ عن أكثر من 2000 حالة معاداة للسامية خلال الاثني عشر شهراً التي تلت الهجوم، وقد شملت تهديدات وترهيباً واعتداءات عنيفة وتخريباً للممتلكات.

وفي ديسمبر 2024، تصدرت حادثة إحراق متعمدة لكنيس يهودي في ملبورن بدوافع معادية للسامية، عناوين الأخبار، حيث اتهمت السلطات الأمنية الأسترالية إيران بالوقوف خلفها. وبعد أقل من أسبوعين من الهجوم الإرهابي الذي استهدف شاطئ بونداي الشهير في مدينة سيدني الأسترالية، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً، معظمهم من اليهود الذين كانوا يحتفلون بعيد «حانوكا» (عيد الأنوار اليهودي)، اشتعلت النيران في سيارة حاخام بمدينة ملبورن، الخميس، في هجوم يُشتبه بأن له علاقة بمعاداة السامية.

في غضون ذلك، قال توني بيرك وزير الشؤون الداخلية في أستراليا، والمعنيّ أيضاً بملف الهجرة، الأربعاء، إن بلاده ألغت تأشيرة بريطاني ​بعد اتهامه بعرض رمز نازيّ محظور، في وقت تكثف فيه أستراليا حملة لمكافحة معاداة السامية عقب إطلاق نار جماعي على شاطئ بونداي.

وقالت الشرطة الاتحادية الأسترالية إن الحكومة ألغت تأشيرة دخول رجل يبلغ من العمر 43 عاماً بعد أن وجهت إليه السلطات في الثامن من ديسمبر اتهامات بعرض ‌رمز نازيّ، والدعوة إلى ‌العنف ⁠ضد اليهود ​عبر منصة ‌«إكس» للتواصل الاجتماعي. وقال بيرك لهيئة الإذاعة الأسترالية: «إذا أتيت إلى أستراليا بتأشيرة دخول، فأنت ضيف هنا... إذا جاء أحدهم إلى هنا لأغراض الكراهية فعليه المغادرة»، في إشارة إلى البريطاني المعنيّ بالأمر.

وأشارت الشرطة الاتحادية إلى أن البريطاني عرض الصليب النازيّ المعقوف وتبنى «آيديولوجية ⁠تؤيد الفكر النازي بكراهية بشكل خاص لليهود» عبر حسابين على ‌«إكس» خلال شهرَي أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني). وذكرت تقارير ‍إعلامية أن البريطاني الذي كان يقيم في ‍ولاية كوينزلاند نُقل إلى مركز احتجاز للمهاجرين بعد إلغاء تأشيرته، وسيتم ترحيله ما لم يغادر البلاد طوعاً أولاً.

Your Premium trial has ended