لم يحتج بورنا سوسا إلى وقت طويل ليُظهر سبب تعاقد كريستال بالاس معه، وذلك بحسب شبكة «The Athletic».
ففي الشوط الأول من الفوز الودي (1 - 0) على ميلوول، في أولى مباريات بالاس التحضيرية للموسم الجديد، نفذ سوسا ركلة ركنية مقوسة أُعيدت إليه، فسيطر عليها بلمسة أنيقة، وأرسل كرة عرضية بوجه القدم الخارجي كادت تُسفر عن هدف لولا أن زميله جيسورون راك - ساكي سددها فوق العارضة.
وفي لقطة أخرى، تلقى آدم وارتون الكرة في وسط الملعب، ومررها باتجاه سوسا الذي كان يتقدم داخل منطقة ميلوول، فرّكز الكرواتي سرعته ورفع كرة عرضية وجدت رأس جان-فيليب ماتيتا الذي وجّهها خارج المرمى.
رغم أن المباراة لم تكن استثنائية في مجرياتها، فإن هاتين اللقطتين كشفتا الكثير عن أحد أبرز عناصر القوة لدى سوسا: الكرات العرضية التي تُعد سلاحه الأساسي في كل فريق لعب له.
تشبيه سوسا بأسطورة إنجلترا ديفيد بيكهام قد يبدو مبالغاً، لكن من السهل فهم السبب، لا سيما حين قال المدير الرياضي السابق لشتوتغارت، سفين ميسلينتات، إن اللاعب الكرواتي هو «بيكهام الجهة اليسرى». قد يكون الشعر الأشقر الطويل وعصابة الرأس ما يعزز الصورة، لكن الأهم من ذلك هو دقّة كراته العرضية، وتميّزه في تنفيذ الكرات الثابتة.
ورغم أن سوسا يفضل القدم اليسرى، على عكس بيكهام، فإن ما يجمعهما حقاً هو القدرة العالية على التمرير، والتمركز الهجومي، وهو ما جعله محط أنظار فرق مثل بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند في فترة سابقة. بالنسبة لكريستال بالاس، قد يكون وصول سوسا حلاً متأخراً لمشكلة عمرها أربع سنوات. فمنذ رحيل باتريك فان أنهولت في صيف 2021، لم يجد النادي بديلاً حقيقياً، أو منافساً في مركز الظهير الأيسر للاعب الأساسي تايريك ميتشل، الذي قدّم أداءً ثابتاً، وتحمل عبء المركز طوال المواسم الماضية.
ميتشيل خاض 37 مباراة في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، ولم يغِب سوى عن ست مباريات فقط خلال أربعة مواسم، لكنه لم يحصل على دعم أو منافسة تفرض عليه تطوير نفسه هجومياً. وحتى استعارة بن تشيلويل من تشيلسي في يناير (كانون الثاني) الماضي لم تغيّر كثيراً من الصورة.
الآن، مع وصول سوسا، سيصبح هناك بديل موثوق، وقد يدفع ميتشيل إلى تقديم المزيد، وهو ما يأمل فيه المدرب أوليفر غلاسنر. كلّف التعاقد مع سوسا النادي مليوني جنيه إسترليني فقط، قادماً من نادي أياكس الهولندي، بعد موسم مخيب أُعير فيه إلى تورينو الإيطالي دون أن يترك انطباعاً كافياً لإتمام الشراء. انخفضت أسهمه كثيراً منذ أن كان هدفاً لعمالقة البوندسليغا، لكنه لا يزال يملك 26 مباراة دولية مع منتخب كرواتيا.
قدومه إلى أياكس لم يتناسب مع أسلوب 4 - 3 - 3 الذي يُحمّله مسؤوليات دفاعية كبيرة، بينما يتفوّق اللاعب عندما يكون له دور هجومي متقدّم، وهذا ما يتوقعه له بالاس.
سوسا يُجيد إرسال العرضيات بمختلف أشكالها، سواء العالية، أو الأرضية، ويميل إلى اللعب العرضي أكثر من اختراق العمق. رغم ذلك، يملك قدرة عالية على خلق المساحات والتمرير الذكي، إلى جانب تميّزه في الكرات الثابتة.
في موسم 2022 - 2023، كان أكثر من أرسل كرات عرضية في الدوري الألماني (255 محاولة)، وأكمل منها 80 كرة، وصنع 25 فرصة مباشرة من العرضيات، متفوّقاً على جميع لاعبي البوندسليغا. فقط توماس مولر وكينغسلي كومان في بايرن ميونيخ حققا معدل تمريرات حاسمة متوقعة أعلى منه.
أما في تورينو، فقد تراجع تأثيره الهجومي، حيث تراجع إلى النسبة المئوية الـ16 فقط بين أظهرة الدوري الإيطالي من حيث الإنتاج الإبداعي.
وفي المقابل، كان تايريك ميتشيل في النسبة المئوية الـ86، لكن هذا لا يُفسَّر بالضرورة بتفوقه، بل ربما بأسلوب لعب كل فريق على حدة. سوسا لا يفضل التقدم بالكرة بنفسه (نسبة التقدم بالحمل في النسبة الـ13 فقط بين أظهرة الدوري الإيطالي)، بل يعتمد على فتح المجال لزملائه، أو إرسال تمريرات دقيقة. على الكرة، يُعد لاعباً موثوقاً من حيث الدقة والقراءة، ويملك قدرة عالية على التمركز، وتمرير الكرة تحت الضغط.
لكن دفاعياً، لا يزال يثير القلق. فهو يواجه صعوبة في إيقاف الخصوم عند اختراقهم، وقد يتأخر في استرجاع موقعه، مما يفتح المساحات خلفه. رغم ذلك، أظهر الموسم الماضي تحسناً في المواجهات الفردية، ونجح بنسبة جيدة في الحد من اختراقات الخصوم.
لكن تبقى نقطة قوته الأبرز هي خبرته السابقة في الضغط العالي، كما أن قدرته على اللعب في مناطق متقدمة ستناسب أسلوب غلاسنر في كريستال بالاس. يُنظر إلى سوسا في كريستال بالاس على أنه لاعب بديل قوي، وليس صفقة نجم. لكنهم يرون أنه يمنحهم مرونة أكبر في التوظيف، ويسمح للنادي بتوجيه الموارد نحو التعاقد مع لاعبين شبان واعدين في مراكز أخرى.
صفقته تُشبه إلى حد كبير صفقة الحارس والتر بينيتيز، القادم مجاناً من آيندهوفن، لتوفير تغطية ضرورية في مركز الحراسة.
وفي حال تمكن سوسا من التكيّف مع الدوري الإنجليزي، واستطاع غلاسنر استعادة أفضل نسخة منه، فإن النادي اللندني قد يكون قد أبرم واحدة من أذكى صفقات الموسم بسعر زهيد.

