«هدنة غزة»: مفاوضات «صعبة» وقضايا عالقة تهدد الاتفاق

مصر والصين تؤكدان ضرورة وقف إطلاق النار

فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين قرب خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين قرب خان يونس (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: مفاوضات «صعبة» وقضايا عالقة تهدد الاتفاق

فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين قرب خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين قرب خان يونس (أ.ف.ب)

رغم الزخم الذي تشهده محادثات الدوحة بشأن وقف إطلاق النار في غزة، تتراجع آمال التوصل لاتفاق هدنة مع حديث من «حماس» عن «مفاوضات صعبة» بالدوحة، ومد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، موعد التوصل لصفقة للأسبوع المقبل بديلاً من الحالي.

ذلك المشهد أرجعته «حماس» إلى «تعنت إسرائيلي»، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» قد يقود المفاوضات لتعثر إذا لم تبد الحركة الفلسطينية أو إسرائيل مقداراً معقولاً من التنازل بشأن القضايا العالقة، مشيرين إلى أن الكرة في ملعب طرفي الحرب، إما أن يختارا نزفاً في الدماء مستمراً عبر استمرار عمليات استنزاف فلسطينية لا تقارن بأهوال إسرائيلية ستجدد على القطاع، وإما هدنة مؤقتة بتنازلات.

ودخلت مفاوضات هدنة غزة يومها الخامس في الدوحة، الخميس، لبحث مقترح قطري يستند إلى مسودة مدعومة من الولايات المتحدة تنص على هدنة أولية لمدة 60 يوماً، وبحسب مسؤول مطلع على المحادثات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن الوسطاء «يتنقلون بين الطرفين لتبادل الأفكار بهدف سد الفجوات المتبقية، والحفاظ على الزخم للتوصل إلى الاتفاق».

هذا التأكيد يأتي بعد ساعات قليلة من إعلان «حماس» في بيان أن «النقاط الجوهرية قيد التفاوض، ويأتي في مقدّمتها: تدفّق المساعدات، وانسحاب الاحتلال من أراضي القطاع، وتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار»، لافتاً إلى أن «المفاوضات صعبة بسبب تعنت الاحتلال (الإسرائيلي)».

نساء فلسطينيات ينعين أحد أقاربهن الذي قُتل في غارة إسرائيلية بمستشفى الشفاء بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتمسكت «حماس» بـ«الاستمرار في المفاوضات بجدّية وبروح إيجابية مع الوسطاء لتجاوز العقبات وإنهاء معاناة شعبنا، وضمان تطلعاته في الحرية والأمن والحياة الكريمة»، مشيرة إلى أنها «تبدي مرونة ووافقت على إطلاق سراح عشرة أسرى».

وجاء تأكيد «حماس» بشأن تلك القضايا بالمخالفة لما قاله المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الثلاثاء، من أن 3 نقاط خلافية من أصل 4 تم حلها خلال المفاوضات غير المباشرة في الدوحة.

وإثر هذا المشهد «التفاوضي الصعب»، أجرى الوسيط المصري عبر وزير خارجيته بدر عبد العاطي اتصالات هاتفية، مع نظرائه في قطر الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، والأردن أيمن الصفدي، والبحرين عبد اللطيف الزياني، والجزائر أحمد عطاف، وعُمان بدر البوسعيدي، والكويت عبد الله اليحيا، والمغرب ناصر بوريطة، وفق بيان للخارجية المصرية الخميس.

وتبادل عبد العاطي «الرؤى مع نظرائه العرب حول مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، والجهود المصرية المشتركة مع قطر والولايات المتحدة لاستئناف وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح عدد من الرهائن والأسرى، وحقن دماء الشعب الفلسطيني، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل عاجل».

كما أكد عبد العاطي خلال لقاء مع جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لـ«حركة فتح» الفلسطينية، بالقاهرة الخميس «أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لوقف التدهور الكارثي للوضع الإنساني في قطاع غزة، ووضع حد للعدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع».

وشدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ عقب لقاء في مصر، على «ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، وأهمية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية»، وفق بيان للرئاسة المصرية الخميس.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل لي تشيانغ رئيس مجلس الدولة الصيني (الرئاسة المصرية)

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات، الدكتور سعيد عكاشة، أكد أن «المفاوضات ليست صعبة فقط، بل قد تذهب لتعثر جديد، خصوصاً أنه ليست هناك تنازلات من طرفي الحرب، وبالتالي ستزداد عقد القضايا العالقة بينهما»، موضحاً أن «حماس» تستخدم تكتيكاً سبق فشله وهو إقحام قضايا الحل النهائي في اتفاق هدنة مؤقت، وإسرائيل تتعنت بشأن الانسحابات والمساعدات، ومصر تدرك هذا الموقف الخطير، وتتحرك سريعاً لتفادي فشل المحادثات.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع، أن نتنياهو يريد تحقيق أفضل المكاسب في اتفاق قد يلحقه الفشل إذا استمر سوء تقدير «حماس» بأنها ستفرض شروطاً جديدة تضمن لها البقاء بغزة، والأجدر بها أن تذهب الآن لصفقة بدلاً من سقوط ضحايا جدد.

في المقابل، لا يزال التفاؤل مخيماً على تصريحات واشنطن وإسرائيل رغم الحديث عن تحديات، وأعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن أمله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، خلال حديثه للصحافيين، الخميس، على هامش اجتماع لدول جنوب شرقي آسيا في كوالالمبور.

وحذّر روبيو من أننا «شهدنا سابقاً فشل المفاوضات في هذه المرحلة (لكن) ربما نكون (الآن) أقرب مما كنا عليه منذ فترة طويلة، ونحن متفائلون، لكننا ندرك أيضاً أن التحديات لا تزال قائمة»، مشيراً إلى «رفض حماس نزع سلاحها».

وبعد لقائه ترمب في واشنطن يومي الاثنين والثلاثاء، قال نتنياهو في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية: «نعم، أعتقد أننا نقترب من التوصل إلى اتفاق. أعتقد أن هناك فرصة جيدة للتوصل إليه»، وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير الأربعاء «توافر الظروف» للمضي لاتفاق في غزة.

فيما قال ترمب، الأربعاء، إن هناك «فرصة جيدة جداً» لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل.

ويرى عكاشة، أنه رغم هذا التفاؤل، فإن عقدة القضايا العالقة لا تزال مستمرة أمام الوسطاء، وهذا الترويج الأميركي والإسرائيلي متعمد لمزيد من الضغط على «حماس» التي لا تفكر حتى الآن بشكل عقلاني، ولا تدرك بعد أن خسائرها ستزداد حال فشل هذا الاتفاق.

ويعتقد مطاوع أن المفاوضات الحالية في الدوحة هي الفرصة الأخيرة للذهاب لاتفاق، وهو ممكن لو أرادت «حماس»، وإلا فإن حكماً عسكرياً إسرائيلياً سيشمل القطاع، ولن يكترث أحد لنداءات «حماس» فيما بعد أو شكواها.

 

 


مقالات ذات صلة

تقرير: نتنياهو فكر في فتح معبر رفح قبل لقاء ترمب لكنه تراجع

المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ) play-circle

تقرير: نتنياهو فكر في فتح معبر رفح قبل لقاء ترمب لكنه تراجع

نقلت صحيفة إسرائيلية، عن مصدر، قوله إن بنيامين نتنياهو عرض فتح معبر رفح بين مصر وغزة في كلا الاتجاهين كبادرة حسن نية قبل اجتماعه مع ترمب، لكنه تراجع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

تسريبات إسرائيلية جديدة تتضمن توسيع وجود قواتها بقطاع غزة من 53 إلى 75 في المائة، وسط جهود للوسطاء من أجل الدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

محمد محمود (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب) play-circle

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

وسط زخم من التقديرات والتسريبات الإسرائيلية عما جرى إعداده في تل أبيب للقاء دونالد ترمب، مع بنيامين نتنياهو، اعتبرت مصادر إسرائيلية أن اللقاء «معركة مصيرية».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية 53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

أظهر تقرير صدر اليوم (الأحد) أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج، ارتفع العام الماضي نتيجة الحرب على غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
تحليل إخباري صبية فلسطينيون ينظرون إلى كهف قُتل فيه 3 شبان على يد القوات الإسرائيلية قرب مدينة جنين بالضفة الغربية أكتوبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري الجيش الإسرائيلي يحذر من «فشل استراتيجي» في مواجهة الهجمات الفلسطينية

في حين تشدد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قبضتها على الضفة الغربية وتمارس أبشع عمليات القمع ضد الفلسطينيين تعلو تحذيرات داخلية بأن هذه سياسة «فاشلة استراتيجياً».

نظير مجلي (تل أبيب)

احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات في الساحل السوري رافقتها صدامات

قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)
قوات الأمن السورية تطوق مظاهرة احتجاجية في اللاذقية بعد وقوع صدامات أمس (إ.ب.أ)

أفادت وسائل إعلام سورية رسمية بعودة الهدوء مساء أمس (الأحد) في مناطق الساحل كافة، بعد التوترات الأمنية التي شهدتها خلال الاحتجاجات التي لبت دعوة غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي المؤسس في فبراير (شباط) الماضي.

وأعلنت وزارة الدفاع السورية، نشر مجموعات من الجيش مدعومة بآليات مصفحة ومدرعات في مراكز مدن اللاذقية وطرطوس بالساحل الغربي للبلاد عقب الهجوم المسلح من فلول النظام البائد على قوات الأمن والمواطنين خلال الاحتجاجات.

وزارة الداخلية من جهتها، قالت إنّ قواتها الأمنية المكلّفة تأمين الاحتجاجات تعرضت «لاعتداءات مباشرة» من قبل مسلحين ملثمين في اللاذقية، مشيرةً إلى وقوع حوادث مشابهة في ريف طرطوس نفذتها مجموعات مرتبطة بفلول النظام السابق. وتوفي 3 أشخاص وأصيب 60 آخرون بين مدنيين وعناصر أمن، جراء الاعتداءات، وأوضحت مديرية الصحة في تصريح لـ«سانا»، أن الإصابات التي وصلت إلى المشافي شملت إصابات بالسلاح الأبيض، والحجارة وطلقات نارية من فلول النظام البائد على عناصر الأمن والمواطنين.

وأصدر وجهاء من «الطائفة الإسلامية العلوية» في منطقة الساحل بسوريا بيانات ترفض دعوات التقسيم وإثارة الفتن، وتؤكد التزامهم القيم التي تدعو إلى «وحدة الصف وبناء سوريا واحدة موحدة».


نعيم قاسم يطالب بتأجيل «حصرية السلاح»

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
TT

نعيم قاسم يطالب بتأجيل «حصرية السلاح»

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

طالب الأمين العام لـ«حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، الحكومة اللبنانية بتأجيل طرح مسألة «حصرية السلاح» التي تقضي بحصر السلاح بيد الدولة، ووصفها بأنها «غير منطقية في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة».

واعتبر قاسم أن نزع سلاح «حزب الله» هو مشروع أميركي - إسرائيلي «حتى لو سمّوه في هذه المرحلة (حصرية السلاح)»، مضيفاً أن هذا المشروع «يهدف إلى إنهاء قدرة لبنان العسكرية وضرب فئة وازنة من الشعب اللبناني»، ومؤكداً أن «الحكومة قدّمت تنازلات مجانية من دون مقابل، بينما لم تلتزم إسرائيل أي اتفاقات».

وأشار قاسم، خلال كلمة له في مناسبة حزبية، إلى أن «البلاد تقف أمام مفصل تاريخي حاسم»، داعياً إلى «إعادة النظر في الخطط المقترحة حالياً»، ومؤكداً أن «المقاومة التزمت الاتفاق أكثر مما التزمته الدولة، في حين واصلت إسرائيل خرق التفاهمات».


مصادر محلية في اللاذقية: ما حصل من عنف خلال الاحتجاجات استغلال لحق التظاهر السلمي

تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
TT

مصادر محلية في اللاذقية: ما حصل من عنف خلال الاحتجاجات استغلال لحق التظاهر السلمي

تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)
تظاهر أفراد من الطائفة العلوية في اللاذقية مطالبين بالفيدرالية وإنهاء ما وصفوه بالقتل والانتهاكات (رويترز)

رأت مصادر محلية في محافظة اللاذقية أن ما حصل من تجاوزات وعنف خلال الاحتجاجات التي دعا لها الشيخ غزال غزال، هو استغلال لما أجازه القانون والدولة السورية، أي (التظاهر السلمي)، وتحويله إلى ما يخالف القانون ويهدد الأمن والاستقرار الداخلي.

وعملت عناصر الشرطة في بداية انطلاق المظاهرات على استيعاب تجاوزات واعتداءات قام بها متظاهرون في مدينتي اللاذقية وبانياس بريف طرطوس، ومنع حصول احتكاكات مع مشاركين في مظاهرات مؤيدة للحكومة.

لكن الأمر تطور لاحقاً إلى إطلاق نار على سيارات عناصر الأمن، ومن ثم على العناصر أنفسهم.

وكشف المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، الأحد، أن مشهد هجوم فلول النظام البائد بوحشية على المتظاهرين السلميين يعد انتصاراً للثورة السورية.

وأكد البابا لـ«الإخبارية» أن قوى الأمن الداخلي تتعامل بقدر عالٍ من الانضباط والأخلاق الكريمة، مبيناً أن الاحتجاجات اليوم هي نتيجة دعوات انفصالية، ومشيراً إلى أن النظام البائد حرم الساحل من الخدمات وحوّل السكان إلى حطب.

إبعاد ضابط شرطة مصاب عن منطقة الاحتجاجات في اللاذقية (أ.ب)

وأوضح أن تحريك الغوغاء للابتزاز السياسي للدولة ومحاولة تحصيل مكاسب سياسية في التفاوض، لن يجدي نفعاً.

وبين أن تفجير المسجد في حمص استهدف عدة مكونات وليس مكوناً واحداً، وهناك رؤوس معينة تحرك ما يجري للإضرار بالشعب السوري في المنطقة الساحلية.

من جهته، اتهم النائب المنتخب في مجلس الشعب عن محافظة اللاذقية، الدكتور أوس فائز عثمان، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى الشيخ غزال غزال وفلول النظام التابعة له، باستغلال تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب، الجمعة الماضي، في حي وادي الذهب ذي الأغلبية العلوية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يريدون الذهاب بالبلاد إلى فتنة».

لقاء الرئيس أحمد الشرع في قصر الشعب بدمشق وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس (سانا)

والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع منتصف ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في قصر الشعب بدمشق، وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس بحضور المحافظين المعنيين، وذلك في إطار جهود القيادة لتعزيز الاستقرار والمشاركة الشعبية في تطوير البلاد.

وذكر عثمان أنه تم التوصل خلال اللقاء إلى اتفاق لإخراج الموقوفين من أبناء المنطقة الساحلية وتسوية شؤون العسكريين وإعادة الموظفين إلى وظائفهم، وقد تمت أول خطوة منذ يومين بإخراج نحو 70 موقوفاً من اللاذقية، واليوم، كان من المقرر أن يخرج 250 آخرون، موضحاً أن الدولة تعمل على تنفيذ التزاماتها تجاه المنطقة الساحلية.

وأوضح: «نحن معتادون على عدم الحديث بالطائفية، فاللغة الطائفية هي اللغة الإيرانية»، لافتاً إلى أن غزال يتواصل مع مجموعة من فلول الأسد ويفتعلون هذه الأحداث.

مداخلة من أحد أعضاء وفد الساحل السوري في لقاء الرئيس أحمد الشرع بدمشق وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس (سانا)

ولفت عثمان إلى قيامه بمحاولات من أجل تهدئة الأمور، حيث أصدر وجهاء وأعيان في مدينة القرداحة بياناً يطالب بالهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة، عقب دعوة غزال. وأكد أن الأغلبية الساحقة في المنطقة الساحلية لا تريد التقسيم ولا الفيدرالية التي يطالب بها غزال وجماعته، وقال «نحن لا نقبل بهذا الأمر».

وذكر النائب أن غزال ومجموعات ما تسمى «سرايا درع الساحل» و«سرايا الجواد» و«سهيل الحسن»، هم من يقومون بهذه الأحداث التي تهدف إلى الفتنة، وأضاف: «يريدون تدمير ما تبقى من سوريا بعد أن دمر بشار الأسد الهارب وجماعته قسماً كبيراً منها»، لافتاً إلى أن الطائفة العلوية دفعت ثمناً غالياً جداً خلال حكمه.

وشدد عثمان على ضرورة أن تأخذ الأجهزة الأمنية دوراً أكثر تشدداً على الأرض باعتقال الرؤوس التي تمول وتدفع إلى هذه الأحداث.

وبعدما وصف أعداد المشاركين في المظاهرات بأنها «متواضعة»، قدر عثمان أعدادهم بما لا يتجاوز العشرين ألفاً على امتداد الساحل الذي يصل عدد سكانه من العلويين إلى نحو 4-5 ملايين؛ أي واحد ونصف في المائة من عدد سكان المنطقة.

وحول نوع الفيدرالية التي يطالب بها غزال وأتباعه، أوضح عثمان: «هم لا يعرفون ماذا تعني الفيدرالية. إذا كانوا يطالبون بفيدرالية سياسية فهي تقسيم. وعندما تسألهم في الشارع عن ذلك لا يعرفون حدودها، وحتى غزال نفسه الذي فر إلى خارج البلاد منذ التحرير لا يعرف ما هو معنى الفيدرالية».