يبدو المثل الشعبي «شر البلية ما يُضحك» مثالياً في أوقات الشدائد بمصر، وهو المنطق الذي يمكن استنتاجه ببساطة على صفحات «السوشيال ميديا» عقب حريق «سنترال رمسيس» بقلب القاهرة، فإلى جانب متابعة المصريين من كثب لهذا الحادث المأساوي بحذر وقلق بالغين، فإن هذه المتابعة لم تخل من حالة من «السخرية» الواسعة من تبعات الحريق التي أثرت على قدرتهم على التعامل مع الإنترنت، وشبكات الاتصالات والبنوك بشكل عام.
وتسبب حريق سنترال «رمسيس»، الذي اندلع مساء (الاثنين)، في عطل واسع أصاب خدمات الاتصالات والإنترنت في القاهرة ومحافظات أخرى قريبة، وصل لذروته بقطع خدمات الإنترنت بشكل كامل عن الجوالات لبعض الوقت قبل أن تتم استعادتها بشكل جزئي، فيما بقيت بعض الاتصالات بين الشبكات غير متاحة حتى ظهر الثلاثاء.

ورغم ذلك؛ فجرت حالة «العزلة» التي تسبب فيها انخفاض كفاءة شبكات المحمول في حالة من النقد الساخر التي تداولها مستخدمو مواقع التواصل، بما في ذلك التفاعل الواسع مع منشور على صفحة الفنان الكوميدي المصري محمد ثروت الذي نشر على صفحته مقطعاً له من مسلسل «لالا لاند»، وهو يؤدي فيه دور موظف في قسم خدمة العملاء بإحدى شركات الاتصالات، ويطلب من أحد الشاكين من ضعف خدمة الانترنت أن: «يُغلق الراوتر ويعيد فتحه من جديد» بوصفها الطريقة الوحيدة لحل مشكلة الإنترنت، وهو المقطع الذي علّق عليه بقوله: «حال المصريين الآن بعد قطع الإنترنت»، وسط مشاهدات تقترب من ثلاثة ملايين مشاهدة للمقطع، وتعليقات تُشارك معه حالهم مع الضعف العام في خدمات الإنترنت.
الفنان محمد ثروت هو اللي منزله على صفحته، وكاتب حال المصريين دلوقتي pic.twitter.com/E0rdeaNGex
— Manalloka (@Manal_Abdelaal) July 7, 2025
ولا ترى الدكتورة فاتن رشاد، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن حالة «السخرية» النابعة من المأساة «غريبة على الشعب المصري» كما تقول لـ«الشرق الأوسط»، وتضيف: «حالة الفوضى التي تسبب فيها حريق مبنى السنترال انعكست بشكل مباشر على الحياة اليومية للناس وجعلت هناك تفاعلاً مباشراً مع الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بأمور حيوية كالاتصالات والتعاملات المالية، ولأن التأثير كان بالنسبة للناس غير مقبول نظراً لأهمية ومركزية المبنى الذي يتحكم في كل الفروع، فكان هناك رد فعل كبير تجاهه، والسخرية هنا تمثيل للعجز عن الفهم أو التصرف في تلك التبعات».
في غياب الميكنة و الانترنتالمصريين من غير فيزا و انستاباي وفودافون كااش pic.twitter.com/okR6G3MJHi
— الزعيـ ـمه (@_i1ijj) July 8, 2025
كما فوجئ العديد من المصريين على مدار (الثلاثاء) بعدم قدرتهم على صرف أموال من البنوك أو من خلال تطبيقات المعاملات المالية، خصوصاً خدمة «إنستاباي» للتحويلات المالية، حيث أدى تعطل خدمات الإنترنت إلى توقف خدمات المدفوعات الإلكترونية بشكل كامل، وعدم القدرة على الوصول إلى أي معاملات مالية، ما عطّل الحركة على مدار اليوم، ووجدت تلك الحيرة لنفسها منفذاً آخر للسخرية من هذه الحال، فانتشر كوميكس ساخر مستوحى من فيلم «الأيدي الناعمة» يُصوّر الفنان أحمد مظهر (في دور الأمير شوكت) الذي يستبد به الإفلاس فيطلب من بائع فقير أن يُطعمه قطعة «بسبوسة» مقابل أن يبيع له نياشينه القيمة، وصاحب الصورة تعليق: «حال المصريين من دون فيزا أو إنستاباي».
ووفق رشاد فإنه: «منذ سنوات أصبحت السوشيال ميديا متنفساً كبيراً لهذا الضغط الاجتماعي من خلال الكوميكس والفيديوهات وغيرها من الوسائل، سواء مع موجات الغلاء أو مع الأزمة التي أحدثها حريق السنترال».
خلال اجتماع لجنة الاتصالات بمجلس النواب،،نائب للحكومة:انستا باي واقع وحال الناس واقف بسبب حريق سنترال رمسيسوزير الشؤون النيابية محمود فوزي:انستا باي شغال وحولت لابني فلوس أهو دلوقتي pic.twitter.com/RGn4aqrXwH
— ENTESAR NASSAR (@EntsarNassar) July 9, 2025
وتداول مستخدمون صورة لوزير الشؤون النيابية المصري محمد فوزي خلال جلسة اجتماع لجنة الاتصالات بمجلس النواب، وهو يُمسك بتليفونه المحمول ويبرز قيامه بعملية تحويل 100 جنيه عبر تطبيق «إنستاباي» لابنه، رداً على انتقاد أحد النواب لتعطّل حركة تداول التحويلات عبر تطبيق «إنستاباي» بعد أزمة سنترال رمسيس.

وفجرت تعبيرات وجه الوزير موجة من التعليقات الساخرة من بينها تعليق للكاتبة الرواية الشابة والصحافية رحاب لؤي على حسابها على فيسبوك: «جوزك وهو بيثبتلك بالآلة الحاسبة إن البيت ممكن يمشي بـ250 جنيهاً لمدة سنة قدام وإنتي اللي مُسرفة».




