اختار رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، مدينة النجف، حاضنة مرجعية الشيعة في العراق، ليوجِّه رسائله إلى فصائل مسلحة كانت قد رفضت نزع السلاح وحصره بيد الدولة.
وقال السوداني، خلال زيارة إلى النجف، الأربعاء، لإطلاق ما سمّاها «مشاريع خدمية»، إن «المرجعية العليا وجَّهت بمبادئ عامة حرصنا عليها في برنامجنا الحكومي، وأهمها ضرورة الحفاظ على الدولة، ومحاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة»، مؤكداً أن «الإرادة والحزم يتوافران في اتخاذ أي قرار للمحافظة على استقرار العراق، وآن الأوان للانشغال بخدمة شعبنا».
وكانت مرجعية علي السيستاني في النجف قد جدَّدت دعوتها إلى «حصر السلاح بيد الدولة»، بعد أيام من إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، نهاية يونيو (حزيران) الماضي، الذي كاد يجرّ فصائل عراقية إلى الانخراط في التصعيد.
وتستعدّ القوى السياسية في البلاد إلى إطلاق دعاية انتخابية يُتوقع أن تكون هي الأكبر والأشرس، منذ أول انتخابات برلمانية عام 2005، وتشهد مشاركة السوداني الذي يقود واحداً من أبرز التكتلات البرلمانية، بهدف الفوز بولاية ثانية.
ورأى مراقبون أن رئيس الحكومة يسعى، في سبيل تعزيز حظوظه الانتخابية، إلى معالجة ملفات عالقة في الداخل والخارج لكي يتفرغ لمعركته الانتخابية، في وقت يسعى فيه خصومه من قوى «الإطار التنسيقي» إلى وضع عراقيل أمام خطواته، وفقاً لمقربين من الحكومة.

رسائل مشفرة
لم يفصح السوداني عن الآلية التي يمكن أن تتبعها حكومته حيال مسألة التصدي للسلاح خارج إطار الدولة، لا سيما بعد دعوة وجَّهها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بشأن «محاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة، والحفاظ على استقلال العراق».
والتزمت الحكومة الصمت حيال دعوة الصدر، وقبلها بنحو أسبوع دعوة ممثل المرجع السيستاني، لكن تصريحاته من مدينة النجف فُسِّرت من قبل مراقبين على أنها استجابة للدعوتين في ملف شائك لم تحسمه حكومات متعاقبة مع جماعات ترفض حصر سلاحها بيد الدولة.
وخلال زيارته لإحدى عشائر مدينة النجف، الأربعاء، قال السوداني إن «دور العشائر مهم، ويمكنها المساعدة في مكافحة المخدرات وحصر السلاح»، معرباً عن ثقته بهم في «الحفاظ على المكتسبات مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، وحثهم على المشاركة في الانتخابات».
واعتاد السوداني توجيه رسائل غير مباشرة إلى شركائه وخصومه، وهي طريقة يلجأ إليها غالبية رؤساء الحكومة في العراق، بسبب توازنات سياسية حرجة، لكن مراقبين يرون أن حديثه المتكرِّر عن نجاح الحكومة في تجنيب العراق مخاطر المواجهة بين إيران وإسرائيل كان يتضمن رسالة بأن بغداد منعت إسرائيل أو الولايات المتحدة من استهداف جماعات عراقية.
وكان المستشار الحكومي، إبراهيم الصميدعي، قد صرَّح، في لقاء تلفزيوني، بأنه تواصل، خلال الحرب، مع رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، و«أبلغه التزام الفصائل المسلحة بتوجيهات الدولة».
واشنطن تعرقل «الحشد»
في السياق، وجَّه أبو آلاء الولائي، الأمين العام لكتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة في العراق، اتهامات للقائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد بالضغط على القوى السياسية من أجل عدم تمرير قانون «الحشد الشعبي».
وحذَّر الولائي، في بيان صحافي، الأربعاء، من إهمال دور مَن وصفهم بـ«صُنّاع الأمان وحملة الأوطان»، مشيراً إلى أن «انحسار خطر الإرهاب وتراجع التهديد الأمني يجب ألا يكونا سبباً للتجاهل».
كما اعتبر الولائي أن تمرير هذا القانون سيكون ردّاً قويّاً على الضغوطات التي تمارسها السفارة الأميركية والقائم بأعمالها على القوى السياسية لمنع إقراره».
ومنذ فبراير (شباط) 2025، تفشل قوى «الإطار التنسيقي» في الاتفاق على تمرير قانون «الحشد الشعبي»، بسبب خلافات تتعلق بسن التقاعد، مما قد يُخرِج رئيس الهيئة وآخرين من مناصبهم، إلى جانب جداول فنية تتعلق بسلّم الرواتب والدرجات الوظيفية.

