في إطار الحملة القضائية التي تستهدف حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة التركية عزلت وزارة الداخلية التركية رئيس بلدية أنطاليا محيي الدين بوجيك من منصبه كما فرضت المحكمة الإقامة الجبرية على رئيس بلدية أديمان عبد الرحمن توتديره.
وفي الوقت ذاته، تتواصل التحقيقات مع رئيس بلدية أضنة زيدان كارالار، الذي قبض عليه مع كل من بوجيك وتوتديره، السبت، في أحدث موجة اعتقالات في صفوف البلديات التابعة لحزب «الشعب الجمهوري»، التي بدأت باعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في 19 مارس (آذار) الماضي، لاتهامات بتشكيل شبكة جريمة منظمة وارتكاب جرائم فساد ورشوة.
وقررت المحكمة الجنائية في إسطنبول عقد أولى جلسات الاستماع في القضية المتهم فيها إمام أوغلو بتزوير شهادته الجامعية التي ألغتها جامعة إسطنبول في 18 مارس، عشية القبض عليه، والتي يواجه فيها حكماً قضائياً قد يصل إلى السجن لمدة 8 سنوات و9 أشهر وفرض حظر على ممارسته العمل السياسي لمدة مماثلة.
تحقيق جديد
في الوقت ذاته، قرر الادعاء العام في إسطنبول، الثلاثاء، فتح تحقيق ضد رئيس فرع حزب «الشعب الجمهوري» في المدينة، أوزغور تشيليك، و8 آخرين على خلفية مزاعم فساد تزوير في الانتخابات التي أجريت في فرع الحزب خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال تشيليك، في تصريحات عقب صدور الأمر بفتح التحقيق، إن حزب «الشعب الجمهوري» يتعرض لهجوم شامل، ونواجه حكومةً تحاول تطويقه من جميع الجهات، ما نشهده ليس بمعزل عن اعتقال مرشحنا لرئاسة الجمهورية، أكرم إمام أوغلو، ولا عن اعتقال رؤساء بلدياتنا، ولا التحقيقات المفتوحة ضد رئيس الحزب، أوزغور أوزيل.
في السياق، هاجم رئيس حزب «الحركة القومية»، المتحالف مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، دولت بهشلي أوزيل بسبب تهديده لإردوغان بدعوة المواطنين للنزول إلى الشوارع، رداً على الحملة التي تتعرض لها بلديات الحزب.
وقال بهشلي، في كلمة أمام اجتماع نواب حزبه بالبرلمان: «أرى أنك تجاوزت الحد، يمكنك السير في الشوارع، لا داعي للتوتر، لا أحد يمنعك، هيا لنرَ ولنقس طولك، إذا دفعك هذا الجنون في الشارع إلى ارتكاب جريمة، فستجد جمهورية تركيا أمامك».

لكن بهشلي أيد، في الوقت ذاته، طلب أوزيل بث محاكمة إمام أوغلو، المحتجز في سجن سيليفري، في بث مباشر على تلفزيون الدولة الرسمي (تي آر تي)، قائلاً: «بما أنه يصر على هذا المطلب، ولأنه يؤيد أن تتابع أمتنا كل شيء على حدة، فإننا نأمل أيضاً أن يقيم هذا التوقع على أنه معقول ومشروع». ورد أوزيل على ما قاله بهشلي، خلال كلمته في اجتماع كتلة حزب «الشعب الجمهوري» بالبرلمان، قائلاً إن دعوته الناس للنزول للشوارع لا تعني الدعوة إلى «الانقلاب»، وإنما من أجل دعم الديمقراطية. وعبّر في الوقت ذاته عن تقديره لتأييد بهشلي إجراء محاكمة إمام أوغلو بتهمة الفساد على الهواء مباشرة.

من ناحية أخرى، قال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية ليل الاثنين - الثلاثاء، تعليقاً على ما يتردد عن محاولات لرفع الحصانة البرلمانية عنه في إطار التحقيقات الجارية ضده بتهمة إهانة إردوغان: «سيكون لذلك ثمن أيضاً، إذا كان يستطيع فليفعل». ويواجه حزب «الشعب الجمهوري» ضغوطاً قضائية متزايدة، حيث يُحتجز حالياً 15 من رؤساء البلديات التابعين له، احتياطياً، من بينهم إمام أوغلو الذي يُعد أقوى منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة البلاد. وتقول المعارضة إن الاعتقالات جاءت لأسباب سياسية؛ لأن حزب «الشعب الجمهوري» كان الحزب الأول في الانتخابات المحلية في 31 مارس 2024، متفوقاً للمرة الأولى على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة إردوغان، وتنفي الحكومة ذلك، وتؤكد أن القضاء في تركيا مستقل.
فرنسا تنتقد
وأعلنت وزارة الخارجية التركية، في بيان، رفضها «القاطع» لبيان صادر عن الحكومة الفرنسية، الاثنين، بشأن الاعتقالات والتحقيقات التي تستهدف رؤساء البلديات المنتخبين من المعارضة.
وجاء في البيان أن «تركيا تضمن إجراءات قضائية عادلة ونزيهة لجميع مواطنيها في إطار سيادة القانون، وأن الإجراءات القضائية تتم من قبل هيئات مستقلة بما يتماشى مع الدستور والتشريعات التركية»، مطالبا فرنسا باحترام القانون الداخلي التركي واستقلال القضاء، وتجنب التصريحات السياسية ضد الدول الأخرى، داعياً إياها إلى التركيز على قضاياها الداخلية.

وأضاف البيان: «إذا أخذنا في الاعتبار صدور حكم بالسجن على زعيم المعارضة الرئيسية في فرنسا ومنعه من المشاركة في الانتخابات بقرار من المحكمة، والقضايا المرفوعة ضد بعض رؤساء البلديات التي لا تزال مستمرة، فمن الواضح أن البيان المذكور يحتوي على معايير مزدوجة».
وأعربت وزارة الخارجية في فرنسا، الاثنين، عن «قلقها العميق» بعد اعتقال 3 رؤساء بلديات جدد من «الشعب الجمهوري»، وعن «أن احترام حقوق المسؤولين المنتخبين ونواب المعارضة والحق في محاكمة عادلة وحرية التظاهر والتعبير، هي حجر الأساس في دولة القانون والديمقراطية».
