استبقت تل أبيب وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت توم براك، بحملة تصعيد عسكري واسع النطاق شمل البقاع والجنوب، حيث أفيد ليلاً عن عمليات توغّل وحفر مترافقة مع سلسلة غارات أدت إلى وقوع عدد من الإصابات، فيما استمرت العمليات خلال يوم الاثنين، وسُجّل تحليق مسيّرة إسرائيلية فوق العاصمة بيروت في الوقت الذي كان فيه براك مجتمعاً مع رئيس الجمهورية جوزيف عون، كما خلال لقاءاته مع رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام.
رسالة إسرائيلية إلى الدولة اللبنانية و«حزب الله»
ويضع الخبير العسكري، العميد المتقاعد حسن جوني، التصعيد الإسرائيلي العسكري في خانة «الرسالة الإسرائيلية» إلى «حزب الله» والدولة اللبنانية، وإلى كل اللبنانيين، حيث أرادت تل أبيب تذكيرهم بأن الأمور ستزداد تعقيداً، وفقاً للجواب الذي سيتسلمه براك، انطلاقاً من أن هذا الجواب محطة أساسية في مسار هذه الحرب التي كانت قائمة وتداعياتها المستمرة، وكيف يمكن أن يكون عليه الوضع إذا لم يتجاوب لبنان». ويربط جوني أيضاً هذا التصعيد بكلام أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم التصعيدي يوم الاثنين، حيث أعلن رفض تسليم السلاح، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أراد الإسرائيلي القول إنه سيذهب أكثر بالتصعيد العسكري»، معتبراً أنه انطلاقاً من المعلومات التي نقلت عن لقاءات المسؤولين مع المبعوث الأميركي، يبدو أن رفع قاسم سقف مواقفه أمام جمهوره في ذكرى عاشوراء، لا يعكس حقيقة الموقف».
ويرى جوني أن «الورقة الأميركية والرد اللبناني هما بمثابة التفاوض غير المباشر بين (حزب الله) وأميركا، وبالتالي في التفاوض دائماً هناك رفع سقوف لحصول كل طرف على ما يريده»، ويقول: «السقوف ترفع من الطرفين، لكن يبدو أن الآلية ماشية بشكل جدي وجيد».
تصعيد عسكري يستبق براك
وقبل ساعات من وصول براك إلى بيروت، شنّت إسرائيل موجة واسعة من الغارات على بعلبك والجنوب، حيث سجّل أيضاً توغل بري، وهو ما استمر أيضاً خلال ساعات الصباح والنهار، وإن بوتيرة منخفضة.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأنه منذ ساعات الصباح الأولى، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي أعمال توسيع وتحصين مركزها العسكري المستحدث على تلة حمامص، الواقعة قبالة بلدة العديسة في الجنوب اللبناني»، مشيرة إلى أنه «تم رصد جرافة وشاحنة عسكرية داخل المركز تقومان بأعمال حفر وتجهيز للبنية التحتيّة، في إطار تعزيز الموقع وتطوير تحصيناته، وسط استنفار ومراقبة من قبل الجيش اللبناني وقوات (اليونيفيل) الدولية بالمنطقة».
ويُعدّ هذا الإجراء امتداداً لسلسلة الخروقات الإسرائيلية المتكررة للخط الأزرق ولقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 1701، ما يزيد من منسوب التوتر الحدودي في وقت يشهد فيه الجنوب حالة ترقب مستمرة.

وكانت قد أقدمت جرافتان تابعتان للجيش الإسرائيلي عند منتصف ليل الاثنين، على اجتياز الجدار الفاصل والخط الأزرق في بلدة كفركلا - قضاء مرجعيون، وقامت الجرافتان بأعمال تجريف وفتح طريق تمتدّ لنحو 100 متر داخل الأراضي اللبنانية، قبل أن تنسحبا عند الساعة الرابعة فجراً.
كذلك شنّ الطيران الحربي 3 غارات استهدفت جرود بلدة بوداي غرب بعلبك، وغارات استهدف بلدات في الجنوب، وأدت إلى وقوع إصابات. وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن الغارة الإسرائيلية على برج رحال قضاء صور، أدت إلى إصابة 9 مواطنين بجروح، كما أدت غارة على بلدة الزرارية قضاء صيدا، إلى إصابة طفلة بجروح بليغة استدعت إدخالها العناية الفائقة.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أعلن أن «جيش الدفاع شن غارات جوية في منطقة البقاع وفي جنوب لبنان، مستهدفاً عدداً من المواقع العسكرية والبنى التحتية لتخزين وإنتاج وسائل قتالية استراتيجية لـ(حزب الله)، بالإضافة إلى موقع لإطلاق قذائف صاروخية».
وتابع عبر منصة «إكس»: «وجود تلك الوسائل القتالية وأنشطة (حزب الله) في المنطقة، يشكلان خرقاً فاضحاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان. سيواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل».
