سبائك الغرقى تجرُّ كاتبة ثمانينية إلى محاكمة في فرنسا

ذهب مسروق من حطام سفينة منذ 1746 يعيد فتح ملف غامض

سبائك منسيّة تخرج من الأعماق (غيتي)
سبائك منسيّة تخرج من الأعماق (غيتي)
TT

سبائك الغرقى تجرُّ كاتبة ثمانينية إلى محاكمة في فرنسا

سبائك منسيّة تخرج من الأعماق (غيتي)
سبائك منسيّة تخرج من الأعماق (غيتي)

تُواجه روائية أميركية تبلغ 80 عاماً، وزوجها، من بين أشخاص آخرين، مُحاكمة مُحتملة في فرنسا بتهمة البيع غير القانوني لسبائك ذهبية نُهبت من حطام سفينة تعود إلى القرن الـ18، بعدما طلب المدّعون العامون الفرنسيون إحالة القضية على المحكمة.

واتُّهمت إليونور «غاي» كورتر، وزوجها فيليب (82 عاماً) بالمساعدة في بيع السبائك عبر الإنترنت لمصلحة غوّاص فرنسي سرقها قبل عقود، لكنهما نفيا علمهما بأيّ مخالفة.

ونقلت «سي بي إس نيوز» عن وزارة الثقافة الفرنسية، أنّ السفينة الفرنسية «لو برينس دو كونتي»، التي كانت تُتاجر مع آسيا، غرقت قبالة سواحل بريتاني خلال ليلة عاصفة في شتاء عام 1746. من بين 229 رجلاً كانوا على متنها، نجا 45 فقط.

اكتُشف حطام السفينة بعد أكثر من قرنين، عام 1974، على عمق 30 إلى 50 قدماً تحت الماء بالقرب من جزيرة «بيل إيل إن مير». ونُهب حطامها عام 1975 بعد اكتشاف سبيكة ذهبية في أثناء مسح الموقع.

واكتشف علماء الآثار في الثمانينات خزفاً صينياً راقياً من القرن الـ18، وبقايا صناديق شاي، و3 سبائك ذهب صينية داخل حطام السفينة وحولها. لكن عاصفة عنيفة عام 1985 شتَّتت بقايا السفينة، ممّا أدى إلى إنهاء أعمال التنقيب الرسمية.

انتهى المطاف ببعض السبائك الذهبية المنهوبة من السفينة بمزاد في سان فرنسيسكو. وفي عام 2018، لاحظ رئيس قسم الآثار البحرية الفرنسي ميشال لور، بيعاً مشبوهاً لـ5 سبائك ذهبية على موقع دار مزادات أميركية. وإذ أبلغ السلطات الأميركية بأنه يعتقد أنها من السفينة «لو برينس دو كونتي» الغارقة، صادرت هذه السلطات الكنز وأعادته إلى فرنسا عام 2022.

قال المسؤول رفيع المستوى في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، ستيف فرنسيس، في ذلك الوقت: «تروي هذه القطع تاريخ فرنسا وتجارتها وشعبها. وتفخر إدارة تحقيقات الأمن الداخلي الأميركية بدورها في ضمان بقاء هذه القطع الأثرية جزءاً من تاريخ فرنسا لمصلحة الأجيال القادمة».

وحدَّد المحقّقون هوية البائعة على أنها إليونور «غاي» كورتر، وهي كاتبة ومنتجة أفلام تقيم في فلوريدا.

تعقُّب الذهب

قالت كورتر إنها حصلت على المعدن الثمين من صديقَيْن فرنسيَّيْن، هما أنيت ماي بيستي، البالغة 78 عاماً، وشريكها جيرارد الذي توفي.

كانت بيستي قد أخبرت برنامجاً تلفزيونياً يُعنَى بالآثار، عام 1999، أنها اكتشفت الذهب خلال الغوص قبالة جزيرة الرأس الأخضر في غرب أفريقيا. غير أنّ المحقّقين استبعدوا هذا الاحتمال وعدّوه غير وارد، وركّزوا بدلاً من ذلك على شقيق زوجها، المُصوّر تحت الماء إيف غلادو، البالغ 77 عاماً.

عام 1983، أدانت محكمة 5 أشخاص بتهمة الاختلاس وتلقّي بضائع مسروقة على خلفية نهب سفينة «لو برينس دو كونتي». ولم يكن غلادو من بينهم.

وخلال احتجازه عام 2022، اعترف بأنه استخرج 16 سبيكة ذهب من السفينة خلال نحو 40 غطسة في الموقع بين عامَي 1976 و1999. وقال إنه باعها جميعاً عام 2006 إلى رجل عسكري متقاعد يعيش في سويسرا. لكنه نفى أنه أعطى أياً منها لأصدقائه الأميركيين من آل كورتر.

ووجد المحقّقون أنه كان يعرف الكاتبة وزوجها منذ الثمانينات، وقد انضمّا إليه في عطلة على قاربه في اليونان عام 2011، وفي منطقة البحر الكاريبي عام 2014، وفي بولينيزيا الفرنسية عام 2015.

احتُجز الزوجان كورتر في المملكة المتحدة عام 2022، ثم وُضعا قيد الإقامة الجبرية. وخلُص المحقّقون الفرنسيون إلى أنه كان بحوزتهما ما لا يقلّ على 23 سبيكة ذهب في المجموع. ووجدوا أنهما باعا 18 سبيكة بأكثر من 192 ألف دولار. لكنَّ الزوجَيْن كورتر ادّعيا أنّ الاتفاق كان دائماً أن تذهب الأموال إلى غلادو.

«إنهم أناس لطيفون جداً»

طلب مدّعٍ عام في مدينة بريست غرب فرنسا محاكمة الزوجين كورتر، وغلادو وأنيت ماي بيستي، وفق وثيقة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولا يزال على قاضي التحقيق أن يقرِّر ما إذا كان سيأمر بإجراء محاكمة من عدمه، لكن المدّعين العامين قالوا إنّ المحاكمة ستُجرى على الأرجح في خريف عام 2026.

وعلَّق غريغوري ليفي، محامي الزوجَين الأميركيَّين، أنهما لم يكونا على علم بما ينتظرهما. وأضاف: «الزوجان كورتر شخصان لطيفان جداً. لم يُدركا الضرر لأنّ اللوائح المُتعلّقة بالذهب في الولايات المتحدة تختلف تماماً عن تلك المعمول بها في فرنسا»، مضيفاً أنهما لم يجنيا أي أرباح من تلك المبيعات.

يُذكر أنّ كورتر ألّفت كتباً خياليةً وواقعيةً، بعضها عن موضوعات بحريّة، وفق موقعها على الإنترنت؛ وأحدها رواية إثارة تدور أحداثها على سفينة سياحية، بينما الآخر هو سرد حقيقي عن تجربتها في أن تكون مُحاصَرةً على سفينة قبالة الساحل الياباني خلال الحجر الصحي؛ بسبب الجائحة عام 2020.


مقالات ذات صلة

أوانٍ فخارية من موقع مليحة

ثقافة وفنون قطع خزفية من موقع مليحة بالشارقة منها زهريتان من الفخار المزجّج

أوانٍ فخارية من موقع مليحة

تتكوّن «مجموعة مليحة» من بضع قطع عُثر عليها ضمن قطع متنوّعة من المنتجات الفخارية... منها ما هو محلّي ومعروف اليوم، ومنها ما هو من خارج الجزيرة

محمود الزيباوي
يوميات الشرق منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع لليونانيين.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق فنية تفحص النسيج (متحف بايو)

الخزانة البريطانية تؤمّن «نسيج بايو» التاريخي بـ800 مليون إسترليني

الخزانة البريطانية تؤمّن نسيج بايو التاريخي بـ800 مليون جنيه إسترليني قبل عرضه في المتحف البريطاني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق التابوت الأخضر من القطع الأثرية النادرة (المتحف المصري بالتحرير)

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

أبرز المتحف المصري في التحرير (وسط القاهرة) التابوت الأخضر «الاستثنائي» الذي يعود إلى الكاهن «عنخ إن ماعت» لمصر، مؤكداً على القيمة الكبيرة لهذا التابوت.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تغريم «ديزني» 10 ملايين دولار بتهمة انتهاك «خصوصية الأطفال»

شعار «ديزني بلس» (رويترز)
شعار «ديزني بلس» (رويترز)
TT

تغريم «ديزني» 10 ملايين دولار بتهمة انتهاك «خصوصية الأطفال»

شعار «ديزني بلس» (رويترز)
شعار «ديزني بلس» (رويترز)

وافقت مجموعة الترفيه والإعلام الأميركية العملاقة «ديزني» على دفع 10 ملايين دولار لتسوية قضية خاصة بجمع بيانات الأطفال، وفقاً لما أعلنته وزارة العدل الأميركية، مساء أمس.

وقالت الوزارة إن محكمة اتحادية أميركية أقرّت اتفاق تسوية نزاع بينها وبين كل من «ديزني» و«ورلد سيرفيسز» و«ديزني إنترتينمنت أوبريشنز».

وبموجب التسوية، ستدفع ديزني 10 ملايين دولار غرامات مدنية لتسوية ادعاءات لجنة التجارة الفيدرالية بأنها انتهكت قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت فيما يتعلق بمحتوى الفيديوهات الخاصة بها على منصة بث الفيديوهات «يوتيوب».

ويحظر قانون حماية خصوصية الأطفال على المنصات الإلكترونية جمع أو استخدام أو الكشف عن المعلومات الشخصية للأطفال دون سن 13 عاماً، دون إخطار الوالدين وموافقتهما.

وزعمت شكوى الحكومة أن «ديزني» لم تصنف محتوى «يوتيوب» الخاص بها بشكل صحيح على أنه موجَّه للأطفال، مما أدى إلى استهداف الإعلانات وجمع بيانات الأطفال بشكل غير قانوني.

وقال بريت شومات، مساعد المدعي العام الأميركي، إن الوزارة «ملتزمة التزاماً راسخاً» بضمان حق الآباء في إبداء رأيهم في كيفية جمع معلومات أطفالهم واستخدامها، مضيفاً: «ستتخذ الوزارة إجراءات سريعة للقضاء على أي انتهاك غير قانوني لحقوق الآباء في حماية خصوصية أطفالهم».

وتُعد فيديوهات «ديزني» من بين الأكثر شعبية على «يوتيوب»، حيث حصدت مليارات المشاهدات في الولايات المتحدة وحدها.

وإلى جانب الغرامة المالية، تمنع التسوية شركة ديزني من العمل على «يوتيوب» بما يخالف قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت، ويُلزمها بوضع برنامج امتثال؛ لضمان التزامها مستقبلاً بحماية خصوصية الأطفال.


مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.