الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته بحثاً عن حل سياسي ــ توافقي لنووي إيران

ماكرون عاود التواصل مع نظيره فلاديمير بوتين بعد انقطاع دام زهاء 3 أعوام

الفرنسي إيمانويل ماكرون يسير برفقة الأمين العام للرئاسة الفرنسية إيمانويل مولان في قصر الإليزيه اليوم (رويترز)
الفرنسي إيمانويل ماكرون يسير برفقة الأمين العام للرئاسة الفرنسية إيمانويل مولان في قصر الإليزيه اليوم (رويترز)
TT

الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته بحثاً عن حل سياسي ــ توافقي لنووي إيران

الفرنسي إيمانويل ماكرون يسير برفقة الأمين العام للرئاسة الفرنسية إيمانويل مولان في قصر الإليزيه اليوم (رويترز)
الفرنسي إيمانويل ماكرون يسير برفقة الأمين العام للرئاسة الفرنسية إيمانويل مولان في قصر الإليزيه اليوم (رويترز)

بعد انقطاع دام 1024 يوماً بين الرئيس الفرنسي ونظيره الروسي على خلفية الحرب الأوكرانية، أجرى إيمانويل ماكرون مكالمة مطولة مع فلاديمير بوتين مساء الثلاثاء.

وأفاد بيان قصر الإليزيه أن الاتصال استمر لأكثر من ساعتين، وتركز على ملفين أساسيين: البرنامج النووي الإيراني، وحرب أوكرانيا. ولم يكن الاتصال مفاجئاً، إذ أعلن ماكرون في 26 يونيو (حزيران) عزمه على التواصل مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، سعياً إلى «مقاربة مشتركة» بشأن الملف النووي الإيراني، انطلاقاً من مسؤولية خاصة تتحملها هذه الدول بصفتها ضامنة لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي.

ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون أغسطس 2019 (د.ب.أ)

شرحت أوساط الإليزيه أن ماكرون تشاور مسبقاً مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي. وبعد اتصاله ببوتين، لم يبقَ أمامه سوى التواصل مع الرئيس الصيني شي جينبينغ لإتمام جولته مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

بالتوازي، يجري ماكرون اتصالات في إطار الترويكا الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا)، وأيضاً مع دول خارجها. ووفق بيان الإليزيه، فقد «ذكّر ماكرون بمسؤوليات الدول الدائمة، ولا سيما فرنسا وروسيا، نحو الملف النووي»، مشدداً على «ضرورة التزام إيران بمعاهدة حظر الانتشار، وتعاونها الكامل مع الوكالة الذرية، بما يسمح باستئناف عمل المفتشين دون تأخير».

كما أعرب ماكرون عن «تصميمه على التوصل إلى حل دبلوماسي دائم ومتشدد بشأن النووي الإيراني، والصواريخ، ودور طهران الإقليمي». وقرر الرئيسان «تنسيق الجهود والتواصل قريباً لمتابعة هذه المسألة». وقد اتفقت باريس وموسكو على الدعوة إلى «حل سياسي-دبلوماسي»، بحسب ما نقلته «روسيا اليوم».

دور جديد

تُبرز مبادرات ماكرون، ومنها اتصالاته بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس بوتين من جهة، وبالقادة الغربيين وعلى رأسهم ترمب من جهة أخرى، رغبته في لعب دور «صلة الوصل بين المعسكرين»، ببوصلة دبلوماسية تهدف إلى حل مستدام للحرب «الإسرائيلية - الأميركية - الإيرانية». وتأتي مبادرته في لحظة «فراغ دبلوماسي»، حيث لم تعقد محادثات ترمب الموعودة مع إيران، ولم تثمر اجتماعات مجلس الأمن عن نتائج.

صورة من قمر «ماكسار» تُظهر منشأة فوردو للتخصيب في إيران الثلاثاء (أ.ب)

كما نبهت مصادر الإليزيه إلى اقتراب انتهاء فاعلية القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي لعام 2015 في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ما يستدعي التشاور حول تفعيل آلية «سناب باك» التي قد تعيد فرض ست حزم عقوبات أقرها مجلس الأمن قبل الاتفاق، وتم تعليقها لاحقاً.

وتنبع أهمية الاتصال ببوتين من علاقاته الجيدة مع السلطات الإيرانية، والروابط الاستراتيجية بين البلدين، ما يمنح موسكو قدرة محتملة على التأثير على موقف طهران، وربما دفعها نحو الليونة في الملف النووي، ورغم اكتفاء روسيا بالتنديد بالهجمات الإسرائيلية والأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، فإنها تدعو لحلول «دبلوماسية – سياسية».

كما يُحتمل أن توافق موسكو على استعادة اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب، وهو محور الخلاف الرئيس في خمس جولات تفاوض بين طهران وواشنطن؛ إذ تصرّ إيران على حقها في التخصيب مع استعدادها لتحديد نسبه، بينما ترفضه الولايات المتحدة كلياً، وفي الأسابيع الأخيرة، تبنت باريس السردية الأميركية بهذا الشأن.

من هنا تأتي أهمية تذكير بوتين بأن «من حق إيران الاحتفاظ ببرنامج نووي مدني»، وفق ما نقلته «روسيا اليوم». ولا ترفض أي من الدول الخمس هذا الحق، لكن التحدي يكمن في تحديد مستواه، وضمان رقابة دولية صارمة قد تتجاوز حدود التفتيش التقليدي.

أولوية التفتيش

منذ أيام، يشدد ماكرون على أمرين: الحؤول دون خروج إيران من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، وضرورة عودة المفتشين الدوليين لممارسة عملهم. وتؤكد باريس الحاجة إلى صورة واضحة حول وضع البرنامج النووي الإيراني، وهي نقطة محورية في محادثته مع بزشكيان قبل يومين. وقد أعلن التلفزيون الإيراني الأربعاء تعليق التعاون مع «الوكالة الذرية» بعد تصويت البرلمان، وموافقة مجلس صيانة الدستور.

وتوجه اتهامات للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها «أساءت» التعامل مع إيران، حيث حمّل وزير الخارجية عباس عراقجي الوكالة ومديرها غروسي «المسؤولية الكاملة» عن الوضع «السيئ» الحالي، ما يعكس فجوة عميقة بين المواقف الغربية وما تصر عليه طهران. وكشف الإليزيه أن بزشكيان عبر خلال اتصاله بماكرون عن «وجود مشكلة» مع الوكالة.

غروسي يصل إلى قصر الإليزيه في باريس... الأربعاء (أ.ف.ب)

أما الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، رغم تلميحات بعض المسؤولين الإيرانيين، فإن الرأي السائد في باريس أن طهران لن تقدم عليه، لكن التخوف الحقيقي مرده لاعتبار أن إيران قد تعمد إلى تطوير إيران برنامجاً نووياً عسكرياً سرياً، وهو ما تملك القدرات لتحقيقه. ولهذا، ترى المصادر الفرنسية أن «عودة المفتشين بصلاحيات أوسع» أمر أساسي، مضيفة: «أولى الأولويات هي عودتهم ميدانياً للحصول على صورة واضحة».

في هذا السياق، تقول المصادر إن بوتين أكد على ثلاثة مبادئ: التمسك بالمعاهدة، وإعادة بناء الثقة بين طهران والوكالة، والاستعداد للحوار مع جميع الأطراف، وهو عرض سبق أن قدّمه خلال حديثه مع ترمب.

وتقول باريس إن هدفها يقوم على التوصل إلى حلّ دبلوماسي يحظى بأوسع قدر من التفاهمات. ويبدو أنها تستشعر ضغط الزمن، وتخشى تصاعد لهجة الحرب من تل أبيب وواشنطن، وتريد إسماع صوت آخر غير الصوت الأميركي المهيمن حتى اليوم في أزمات وحروب العالم راهناً.

لكن، هل الدبلوماسية الفرنسية قادرة على التأثير فعلياً؟ حتى الآن، الجواب سلبي. غير أن ماكرون، الساعي للدفاع عن مصالح بلاده وأوروبا، ينطلق من اعتبارات تتعلّق بالأمن الجماعي، ومسؤولية الدول الخمس دائمة العضوية، ما يجعل مبادراته، ربما، أكثر قبولاً حتى لدى روسيا، رغم وصفه لها بأنّها «التهديد الأكبر للقارة العجوز».


مقالات ذات صلة

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
TT

تركيا: مسيرة ضد المفاوضات مع أوجلان في إطار «عملية السلام»

مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)
مظاهرة في ديار بكر للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (رويترز)

فيما انتقد قيادي في حزب «العمال الكردستاني» خطوات الحكومة والبرلمان والأحزاب في تركيا بشأن «عملية السلام» وحل المشكلة الكردية، خرجت مسيرة حاشدة إلى ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة، رفضاً للمفاوضات مع زعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان.

وتجمّع الآلاف من ممثلي الأحزاب والأكاديميين والصحافيين والعمال والشباب وممثلي الجمعيات العمالية ومختلف شرائح المجتمع التركي أمام ضريح أتاتورك (أنيتكابر)؛ للتعبير عن رفضهم للعملية التي تطلق عليها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب» ويسميها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

رفض الحوار مع أوجلان

أكد المشاركون في المسيرة رفضهم المفاوضات مع أوجلان؛ كونه زعيم «منظمة إرهابية»، في إشارة إلى حزب «العمال الكردستاني»، ولـ«تورط البرلمان، الذي أسسه أتاتورك، في هذه العملية وإرسال وفد للقاء أوجلان في سجن إيمرالي».

وردّد المشاركون في المسيرة، التي انطلقت من ميدان «تان دوغان» إلى ضريح أتاتورك، هتافات من مقولاته، مثل: «كم أنا سعيد لكوني تركياً»، و«الاستقلال أو الموت».

بالتوازي، تقدمت مجموعة من المحامين بطلب إلى ولاية ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، ووزارة الداخلية، ورئاسة الجمهورية، لحظر مسيرة تعتزم منصة «المجتمع الديمقراطي» تنظيمها في المدينة في 4 يناير (كانون الثاني) المقبل، للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان، الذي أمضى 26 عاماً في السجن من محكوميته بالسجن المؤبد المشدد.

ولفت المحامون، في بيان مشترك، السبت، إلى أنه على الرغم من وجود أوجلان في السجن، فإن «نفوذه على المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) لا يزال قائماً»، وأن «أي اجتماع يُعقد تحت قيادته يُعدّ (دعاية لمنظمة إرهابية) و(تمجيداً للجريمة والمجرمين)»، وأن التجمع المزمع يُشكّل «خطراً واضحاً ومباشراً على النظام العام والأمن». وذكروا أنهم إلى جانب طلب الحظر، قدّموا شكوى جنائية لدى مكتب المدعي العام في ديار بكر ضد منظمي التجمع.

انتقادات كردية

في غضون ذلك، انتقد القيادي في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، الحكومة التركية والبرلمان والأحزاب السياسية، قائلاً إن الخطوات التي اتخذوها حتى الآن بشأن عملية السلام ودعوة «القائد آبو» (أوجلان) لحل الحزب ونزع أسلحته وتحقيق السلام والمجتمع الديمقراطي، «لا يمكن وصفها بالإيجابية».

وقال كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلت في تركيا، السبت، إنه «إذا كانت هذه العملية بهذه الأهمية، وإذا كان عمر الجمهورية التركية هو 100 عام، وإذا كان من المقرر حلّ مسألةٍ تتعلق بـ50 عاماً، أي نصف تاريخها، وإذا كان الهدف هو ضمان الأخوة التركية - الكردية، فإن الاعتراف بـ(الزعيم آبو) بوصفه شريكاً في المفاوضات أمر ضروري».

وأضاف: «يجب تهيئة الظروف التي تُمكنه من لعب دور فعّال في هذه العملية، حيث يستطيع العيش والعمل بحرية، هذه مسألة قانونية، منصوص عليها في دستورهم، تتعلق بـ(الحق في الأمل)». وعدّ كاراصو أن السياسة والأحزاب التركية تواجه «اختباراً تاريخياً»، وأن عدم معالجة مشاكل تركيا الجوهرية لا يعني سوى خداع هذه الأحزاب والسياسيين للمجتمع التركي.

وانتقد كاراصو عدم إعداد اللوائح القانونية التي تضمن الإفراج عن السجناء الذين أمضوا 30 سنة في السجن، حتى الآن، رغم إعلان حزب «العمال الكردستاني» حل نفسه وإلقاء أسلحته.

أحد اجتماعات لجنة البرلمان التركي لوضع الأساس القانوني لحل «العمال الكردستاني» (البرلمان التركي - إكس)

وأشار إلى أن البرلمان شكّل لجنة لوضع الأساس القانوني للعملية، عقدت الكثير من الاجتماعات، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن، مضيفاً: «لقد أصبح البرلمان، إلى حدٍّ ما، مجرد إجراء شكلي، تُترك القضايا الجوهرية لغيره؛ كالاقتصاد والتعليم، وحتى هذه القضايا لها حدودها».


الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

نقل تلفزيون «العالم» الإيراني عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله، اليوم (السبت)، إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا، مشيراً إلى أن هذه البلدان لا تريد لإيران النهوض.

وأضاف بزشكيان أن إسرائيل اعتقدت أن عدوانها على إيران سيؤدي إلى انهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز الضغوط والعقوبات.

وأكد الرئيس الإيراني أن الجيش أكثر قوة الآن عما كان عليه قبل الحرب مع إسرائيل، وتعهد بتلقين إسرائيل والولايات المتحدة درساً «أشد قسوة» إذا تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال، يوم الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيُقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنّت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات.


عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

يتوقع أن يزور قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي دمشق خلال أيام للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع لبحث التنفيذ العملي لاتفاق اندماجها في الجيش السوري الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في حلب بين فصائل تابعة لوزارة الدفاع السورية و"قسد"، وسط اتهامات سورية وتركية لها بالمماطلة في تنفيذ اتفاق الاندماج.

ونقلت وسائل إعلام تركية، السبت، تصريحات أدلى بها مصدر في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا لوسائل إعلام كردية، أن عبدي سيزور دمشق في الأيام المقبلة للقاء الشرع.

وبحسب ما ذكرت شبكة «روداو» الإخبارية، يؤكد ممثلو الإدارة الذاتية أن المفاوضات بين الإدارة ودمشق تجاوزت مرحلة «المناقشات النظرية» ودخلت مرحلة التنفيذ العملي لاتفاق 10 مارس، وأنها تتمحور حول نقاط رئيسية تُنبئ بتغييرات جوهرية في البنية العسكرية والاقتصادية والإدارية لسوريا.

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

وأضافت أنه «تماشيًا مع مبدأ (لا جيشين في بلد واحد)، يُخطط لدمج (قسد) في الجيش السوري، وستُقرر لجنة عسكرية مشتركة كيفية توحيد الفصائل المسلحة المختلفة تحت مظلة واحدة».

اتهامات وتحذيرات

في الوقت ذاته، انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.