دمشق تعلن سعيها إلى «تصفير» مشكلاتها الخارجية مع نهاية 2025

مراقبون يرون أن سوريا تغادر المحور المعادي لأميركا والغرب

مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في الرياض... 14 مايو الماضي (أ.ب)
مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في الرياض... 14 مايو الماضي (أ.ب)
TT

دمشق تعلن سعيها إلى «تصفير» مشكلاتها الخارجية مع نهاية 2025

مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في الرياض... 14 مايو الماضي (أ.ب)
مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في الرياض... 14 مايو الماضي (أ.ب)

في سياق ترحيبها بقرار الرئيس الأميركي برفع كامل للعقوبات المفروضة على سوريا، كشفت دمشق عن سعيها إلى تصفير مشكلاتها الخارجية مع نهاية العام الحالي، وذلك على لسان مدير الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، بأن «دمشق تسعى إلى تصفير مشكلاتها الخارجية مع نهاية العام الحالي، والبدء بصفحة جديدة مع المجتمع الدولي»، وذلك في ظل أنباء حول احتمال التوصُّل إلى اتفاق سوري ـ إسرائيلي قبل نهاية العام الحالي.

وفي تصريح للتلفزيون السوري الرسمي، الثلاثاء، قال قتيبة إدلبي إن قرار رفع العقوبات الأميركية جاء استجابةً للجهود التي قادتها الحكومة السورية، عادّاً القرار «بداية طريق سيشهد السوريون نتائجه في حياتهم اليومية قريباً». في حين عدّ وزير المالية السوري محمد يسر برنية، القرار الأميركي «خطوة كبيرة ومهمة ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري»، مؤكداً عزم الحكومة على «الاستفادة من كامل الفرص، ومواصلة تقوية الإدارة المالية، وتعزيز النزاهة». وكذلك علَّق حاكم المصرف المركزي السوري، عبد القادر حصرية، واصفاً قرار الرئيس الأميركي، بأنه «تطور تاريخي وخطوة حاسمة» في استعادة العافية الاقتصادية في سوريا.

ارتفاع معدل عودة اللاجئين خارج سوريا بعد رفع العقوبات الدولية (رويترز)

وبحسب مراقبين في دمشق، فإن الولايات المتحدة الأميركية وجدت في التغيير الجذري الذي حصل في سوريا، تغييراً له انعكاسات كبيرة في المنطقة و«لحظة سانحة، وفرصة تاريخية لا تتكرر»، ما يبرر حماس الرئيس الأميركي لإعادة ترتيب المنطقة، وفق الباحث السياسي ورئيس «مركز النهضة للدراسات والأبحاث» بدمشق، عبد الحميد توفيق، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط». وأوضح أنه مع خروج سوريا من المحور المعادي لأميركا والغرب الذي مكثت فيه أكثر من 5 عقود، بدأت تتحول إلى الرعاية أو المظلة الأميركية. مع الإشارة إلى أن الإدارة الأميركية أدارت الأزمة السورية سواء في أبعادها السياسية قبل الثورة، أو خلال الثورة، وصولاً إلى الواقع الجديد، «بكثير من الحنكة، وقراءة المصالح والتحولات في سوريا، بوصفها معياراً أساسياً في إجراء تحول كامل في الشرق الأوسط عموماً». وأن «إعادة هذه المنطقة بما تكتنزه من أهمية جيوسياسية وجيو استراتيجية إلى الحاضنة الأميركية، تتطلب إنهاء حالة العداء بين سوريا وإسرائيل، أولاً، وبين بعض العواصم العربية الأخرى وإسرائيل».

وأكد الباحث عبد الحميد توفيق، أن القرار الأميركي برفع دائم للعقوبات جاء بعد تفاهمات واضحة وجدية بين الحكومة السورية والإدارة الأميركية، والتجاوب مع الاشتراطات الأميركية المتعلقة بإبعاد إيران عن سوريا، وتقليص الدور الروسي، وإخراج الفصائل الفلسطينية من دمشق، والتحالف لمحاربة التنظيمات المدرجة على قائمة الإرهاب، مثل تنظيم «داعش».

سوريون يحتفلون بعد إعلان الرئيس الأميركي رفع العقوبات عن سوريا مايو الماضي (أ.ب)

لذا، يرى توفيق أن الحماس الأميركي يندرج ضمن المسار الاستراتيجي للسياسة الأميركية في المنطقة، التي تصبُّ في خدمة إسرائيل أولاً وأخيراً، حيث يمكن لقرار الرفع النهائي للعقوبات، أن يكون «نقطة البداية في العملية التفاوضية نحو سلام منشود بين سوريا وإسرائيل»، كون سوريا معياراً أساسياً فيما يتعلق باستقرار الشرق الأوسط عموماً.

وقال: «إذا ما ذهبت سوريا نحو التقدُّم خطوةً باتجاه إسرائيل، سواء بمفاوضات معلنة ورسمية، أو ترتيبات أمنية جديدة تحفظ مصالح الطرفين، أو تجمد الجبهة القائمة، أو تحقيق درجة من التفاهم الأمني، فسينعكس ذلك على الاستقرار في سوريا والمنطقة كلها». ليبقى السؤال الأبرز من وجهة نظر عبد الحميد توفيق: «هل ستكون المفاوضات المقبلة وفق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بتثبيت الجولان أراضي سورية محتلة من قبل إسرائيل وفق القرارين 242 و338، أم سيكون هناك ابتكار جديد في صيغة اتفاق ترعاه الولايات المتحدة الأميركية؟».

وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أعلن في وقت سابق، أن واشنطن تتخذ مزيداً من الإجراءات لدعم سوريا مستقرة وموحدة لتعيش بسلام مع نفسها وجيرانها، وأن العقوبات الأميركية لن تكون عائقاً أمام مستقبل سوريا.

وزير المالية السوري محمد يسر برنية (سانا)

من جهته، رحَّب وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، بقرار الرئيس الأميركي إلغاء الإطار القانوني للعقوبات الأميركية على سوريا. وقال إن القرار «يوجّه وزير الخارجية الأميركي بمراجعة تصنيف سوريا على أنّها دولة راعية للإرهاب، ولا يشمل العقوبات على بشار الأسد وأعوانه» وعبَّر برنية في منشور له على موقع «لينكد إن»، عن شكره للرئيس الأميركي، وإدارة الخزانة الأميركية على «تعاونهما وتفهمهما للتحديات التي تواجهها سوريا».

وأوضح برنية أن القرار الأميركي «بتحويل تجميد العقوبات على سوريا إلى رفع دائم، وإلغاء الأساس القانوني لكثير من العقوبات الصادرة عن الإدارات الأميركية الحالية والسابقة، ألغى 5 قرارات أميركية سابقة شكَّلت الأساس القانوني لكثير من العقوبات التي صدرت على سوريا، كما ألغى أيضاً حالة الطوارئ التي فُرضت عام 2004». وقال: «إن ذلك يُمهد لفك الحصار الاقتصادي على تصدير الخدمات والبضائع الأميركية».

حاكم مصرف سوريا المركزي د.عبد القادر الحصرية (سانا)

بدوره، رحَّب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، بالقرار الأميركي، بوصفه «تطوراً تاريخياً يمثل نقطة تحول إيجابية في استعادة العافية الاقتصادية وتعافي القطاع المالي... وخطوة حاسمة نحو تخفيف القيود الأميركية على تصدير الخدمات والسلع والتقنيات إلى سوريا».

وقال إن المرسوم يوجه «وزارة التجارة الأميركية بمراجعة ورفع القيود التي أعاقت التجارة المالية والمصرفية مع سوريا»، لافتاً إلى أن هذا يعزِّز قدرة سوريا على «الاستفادة من التكنولوجيا في مجال الخدمات المصرفية، بما فيها السويفت». وأوضح أن المرسوم ألغى 6 أوامر تنفيذية كانت تُشكِّل الإطار القانوني لعقوبات مؤثرة على القطاعَين المالي والمصرفي السوريَّين.

مبنى مُدمَّر بجدارية في إدلب شمال سوريا أغسطس 2023 تحيي الذكرى العاشرة للهجوم الكيماوي على الغوطة (د.ب.أ)

وفي هذا الإطار، أعلنت دمشق أنها تتخلص من تبعات النظام السابق في السياسة الخارجية التي حوَّلت سوريا إلى «قوة الابتزاز الأكبر في المنطقة لتحصيل بعض المصالح»، وفق تعبير مدير الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، الذي أكد تعاون دمشق في ملف السلاح الكيماوي بوصفه «لم يجر للشعب السوري سوى الخراب والقتل»، مؤكداً أن سوريا ستشهد خلال الأشهر المقبلة انفراجات كثيرة فيما يتعلق ببرامج العقوبات المفروضة عليها.


مقالات ذات صلة

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

المشرق العربي جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

أعلنت السلطات السورية ليل الأربعاء أنها ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم «داعش» بدمشق بالتنسيق مع التحالف الدولي في عملية «أمنية محكمة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
المشرق العربي نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن الداخلي السوري في السويداء (رويترز) play-circle

مقتل 3 أشخاص في الساحل السوري خلال اشتباكات مع قوات الأمن

قُتل ثلاثة أشخاص، الأربعاء، خلال اشتباكات مع قوات الأمن في محافظة اللاذقية، معقل الأقلية العلوية في غرب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

قوات إسرائيلية تطلق قنابل دخانية على أطفال ونساء في جنوب سوريا

اعتدت قوة إسرائيلية على أطفال ونساء أثناء جمعهم للفطر في المنطقة الواقعة بين قريتي العدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة الشمالي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

خاص كيف غيَّرت قرارات ترمب وجه سوريا؟

بعد سنوات من سياسات أميركية اتسمت بالتردد وتضارب الأجندات، تتجه واشنطن اليوم بخطى ثابتة نحو سياسة أكثر مباشرة و«براغماتية» عنوانها تحقيق النتائج على الأرض.

سلطان الكنج

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

روت عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني، أحمد شكر، تفاصيل جديدة بشأن اختفائه قبل أيام، مشيرة إلى أن مغترباً لبنانياً في كينشاسا يُدعى «ع . م» تواصل مع أحمد لاستئجار شقته في جنوب بيروت، وأنه زار لبنان مراراً.

وقال عبد السلام، شقيق الضابط المختفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغترب طلب لاحقاً من أحمد المساعدة في بيع قطعة أرض في زحلة لِمُتموّل يُدعى سليم كساب، لكن تبين لاحقاً أنه اسم مستعار.

وفي يوم اختفاء أحمد، ذهب لمقابلة المتمول، لكن المغترب اعتذر من عدم الحضور. وأظهرت كاميرات المراقبة تحرك سيارة باتجاه بلدية الصويرة، حيث فُقد أثر أحمد؛ مما أثار الشكوك بشأن تعرضه للاختطاف، من دون وجود أدلة واضحة.

ونفت العائلة أي علاقة لأحمد بملف الطيار الإسرائيلي رون آراد المفقود منذ 1986، وأيَّ علاقة له بالأحزاب.


الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
TT

الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

أفاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأن العلاقات السورية - الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

وقال الشيباني، خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أمس، إن مناقشة العلاقة بين البلدين تجري بقدر أكبر من الصراحة والانفتاح، مشدداً على أن دمشق تتطلع إلى بناء علاقات متوازنة وهادئة مع جميع الدول.

والتقى الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتناول اللقاء سبل تطوير الشراكة العسكرية، بما يعزز القدرات الدفاعية للجيش السوري، ويواكب التطورات الحديثة في الصناعات العسكرية.

وأوردت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن الرئيس الروسي «جدّد موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكّد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».


العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
TT

العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

كثّف العراق ملاحقته القضائية لمواطنين تورطوا في القتال ضمن الحرب الروسية – الأوكرانية، محذّراً من عقوبات بحق من يلتحق بقوات عسكرية أجنبية من دون موافقة رسمية.

وأكد رئيس مجلس القضاء فائق زيدان أن القانون يعاقب بالسجن كل من يشارك في نزاعات خارجية، مشدداً على تجريم شبكات التجنيد والاتجار بالبشر.

جاء ذلك بالتزامن مع عمل لجنة حكومية خاصة بمكافحة تجنيد العراقيين للقتال في أراض أجنبية، وسط تضارب بشأن أعداد المجندين.

وتتحدث تقارير صحافية عن وجود نحو 50 ألف عراقي جُندوا للقتال في صفوف القوات الروسية، في حين تشير إحصاءات غير رسمية إلى نحو 5 آلاف مقاتل يتوزعون بواقع 3 آلاف مع الجيش الروسي، وألفي مقاتل مع الجيش الأوكراني.

وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بالسجن المؤبد بحق مدان بتجنيد مقاتلين للقتال مع روسيا.