سجال انتخابي حول مصير الفصائل العراقية وسلاحها

الحكيم: بغداد أبلغت واشنطن مراراً رغبتها في تحقيق السلام

قوة من «الحشد الشعبي» تجري دورية في صحراء جنوب الموصل في سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
قوة من «الحشد الشعبي» تجري دورية في صحراء جنوب الموصل في سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

سجال انتخابي حول مصير الفصائل العراقية وسلاحها

قوة من «الحشد الشعبي» تجري دورية في صحراء جنوب الموصل في سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
قوة من «الحشد الشعبي» تجري دورية في صحراء جنوب الموصل في سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

انشغلت حملات انتخابية في العراق بملف الفصائل ومصير سلاحها بعد الاقتراع التشريعي المقرر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، وفي حين رفض قادة أحزاب «التورط في النزاعات الإقليمية»، رجّح خبراء تزايد الضغط الدولي لحسم «السلاح خارج الدولة» بالتزامن مع الحرب التي اندلعت بين إيران وإسرائيل.

وأكد رئيس تحالف «قوى الدولة»، عمار الحكيم، وهو أحد قادة تحالف «الإطار التنسيقي» أن العراق أبلغ واشنطن بأنه يسعى إلى السلام ويرفض الانخراط في صراعات المنطقة.

وقال الحكيم، خلال كلمة أمام حشد من أنصاره في بغداد: «العراق أبلغ الإدارة الأميركية مراراً وتكراراً بأنه بلد ذو سيادة، ويسعى إلى تطبيق السلام في المنطقة، ولا يريد أن يكون طرفاً في أي حرب أو نزاع، ولا مصدر تهديد لأحد». وأضاف: «العراق لا يريد أن تُفرض عليه إملاءات من أي جهة تخالف إرادته الوطنية ومصالح شعبه».

حصر السلاح

سلّطت الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل الضوء على هشاشة التسليح في العراق، رغم إنفاق مئات المليارات من الدولارات على المؤسسة العسكرية منذ عام 2003، في حين كشف قصف رادارات عسكرية عن إخفاق جديد في التعامل مع الطائرات الانتحارية المسيّرة التي استهدفت مواقع حساسة.

وتسببت هذه الهجمات في إخراج رادارات منصوبة في قواعد جوية، مثل التاجي شمال بغداد، و«الإمام علي» في محافظة ذي قار، من الخدمة، دون أن تظهر حتى الآن نتائج لجنة التحقيق العليا التي شُكّلت لمعرفة ملابسات ما جرى.

وعاد ملف الفصائل المسلحة بقوة إلى المشهد بعد الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، خصوصاً بعد أن ألقت مرجعية علي السيستاني في النجف بكرة هذا الملف في ملعب الحكومة والقوى السياسية.

وكان عبد المهدي الكربلائي، وهو ممثل السيستاني في مدينة كربلاء، قد دعا المسؤولين العراقيين إلى «حصر السلاح بيد الدولة»، وتجنب «المخاطر التي تحدق بالمنطقة».

ومع دخول البلاد أجواء التحضير للانتخابات، تصبح قبضة الحكومة أضعف حيال الملفات الحساسة، مما يجعل من الصعب حسم هذا الملف قبل تشكيل الحكومة الجديدة.

ومع كل انتخابات تشريعية يعود سلاح الفصائل إلى واجهة السجال الحزبي، لكن دون حسم سياسي أو إجرائي حتى مع تشكُّل حكومات كانت قد وضعت شعار حصر السلاح أحد أركان برامجها التنفيذية.

رئيس الحكومة محمد شياع السوداني يتوسّط رئيس «الحشد» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

ولاية ثانية للسوداني؟

ربط نائب رئيس الوزراء الأسبق، والقيادي السابق في التيار الصدري، بهاء الأعرجي، الذي بات مقرّباً من رئيس الوزراء، في حديث تلفزيوني مساء الجمعة، بين حسم ملف الفصائل المسلحة، وتسلُّم السوداني ولاية ثانية.

وقال الأعرجي: «الوقت الحالي لا يسمح بالتعامل الجاد مع هذا الملف، لأن الجميع، بمن فيهم التحالفات السياسية، بدأوا الدخول في أجواء الانتخابات».

من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي، عقيل عباس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الولايات المتحدة ستضغط على العراق في هذا الصدد، سواء سياسياً أو اقتصادياً أو مالياً، بهدف دفعه نحو الحسم».

وأشار وزير التخطيط الأسبق، الدكتور سلمان الجميلي، إلى أن الحديث عن نزع سلاح الفصائل المسلحة «أصبح أقرب إلى شعارات تُرفع في بيانات سياسية، وليس مشروعاً قابلاً للتطبيق في المدى المنظور».

وأضاف: «مع دخول القوى السياسية أجواء التحضير للانتخابات، تصبح هذه المهمة أكثر تعقيداً، بل ربما مؤجّلة قسراً حتى إشعار آخر».

وأوضح الجميلي أن «الكثير من القوى السياسية الفاعلة تمتلك، بشكل مباشر أو غير مباشر، أجنحة مسلحة، أو ترتبط بفصائل مسلحة تمثل حاضنة انتخابية مهمة وسلة أصوات يصعب الاستغناء عنها».

وبيّن أن هذه الفصائل «لا تملك فقط أدوات ضغط سياسي، بل توفر خدمات انتخابية ميدانية من خلال التأثير على الناخبين أو التحكم بالجغرافيا الانتخابية لصالح قوى بعينها».

ويرى الجميلي أن «مع تزايد الضغط الأميركي، وتداعيات الصراع الإقليمي المتصاعد، خصوصاً بعد المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، تميل الحكومة ومعها القوى السياسية إلى خيارها التقليدي: ترحيل الأزمة وإدارتها بالوعود».

«قلق دائم»

من جانبه، أشار النائب السابق محمد سلمان الطائي إلى أن «سلاح الفصائل في مناطقهم يشكل مصدر قلق دائم، نظراً لغموض مراجعها من جهة، واختلاف سلوكها عن سلوك القوات النظامية من جهة أخرى».

ورجّح الأكاديمي محمد القريشي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون «الاتجاه العام لدى الأميركيين يصب في تقوية الدولة، ولهذا فإنهم يعملون على إعاقة أي دور للفصائل في رسم السياسات الحكومية المقبلة».

وأشار إلى أن «الولايات المتحدة تنظر إلى العراق بوصفه حليفاً قلِق ومُتعب، تمسك بمفاصله الأساسية من السماء إلى الاقتصاد والاتصالات، لكنه يظل بالنسبة لها حليفاً بلا فاعلية».


مقالات ذات صلة

مواقف عراقية متضاربة حول مرشح تسوية لرئاسة الحكومة

المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)

مواقف عراقية متضاربة حول مرشح تسوية لرئاسة الحكومة

قال قيادي في تحالف «الإطار التنسيقي» بالعراق إن القوى الشيعية قطعت مراحل مهمة في التوافق على اختيار رئيس الوزراء المقبل، مع اقتراب انعقاد جلسة البرلمان.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

قضاء العراق «يجرم» المتورطين في الحرب الروسية - الأوكرانية

توعد القضاء العراقي من أسماهم المتورطين في حرب أوكرانيا بالسجن، مشدداً على مكافحة تجنيدهم للقتال على أراضٍ أجنبية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون يرفعون شعار «الحشد الشعبي» خلال تدريبات عسكرية (أرشيفية-الحشد الشعبي)

فصائل عراقية لا تمانع «التطبيع بشروط» مع واشنطن

أكدت مصادر مطلعة على كواليس الفصائل العراقية أنها لا تمانع «صيغة مقبولة» لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن بـ«شروط محددة».

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد علم العراق يرفرف أمام حقل نفطي (رويترز)

العراق يسعى لرفع حصته في «أوبك» 300 ألف برميل يومياً

أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، الثلاثاء، أن العراق يسعى لزيادة حصته من إنتاج النفط ضمن دول «أوبك» بنحو 300 ألف برميل يومياً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي إنزال الأمن السوري حمولة صواريخ «غراد» بمحافظة حمص في سيارة معدة للتهريب باتجاه الحدود اللبنانية (أرشيفية - الداخلية السورية)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».

هبة القدسي (واشنطن)

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح اليوم الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».


14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ندّدت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن، ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وإيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف البيان: «نؤكد مجدداً معارضتنا أي شكل من أشكال الضم، وأي توسيع لسياسة الاستيطان»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودعت الدول إسرائيل إلى «العدول عن هذا القرار، بالإضافة إلى ⁠إلغاء التوسع في ‌المستوطنات».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات ⁠أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يؤجج أيضاً انعدام الاستقرار».