أحكام قضائية ضد قياديين في «جبهة الإنقاذ» الجزائرية

بتهمتي «المسّ بوحدة الوطن» و«استخدام جراح المأساة الوطنية»

محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية (متداولة)
محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية (متداولة)
TT

أحكام قضائية ضد قياديين في «جبهة الإنقاذ» الجزائرية

محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية (متداولة)
محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية (متداولة)

خرج المتعاطفون مع القياديين في حزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائري المحظور، مخذولين من محكمة الجنايات في العاصمة، بعد إدانتهم، مساء الخميس، بالحبس النافذ لمدد تتراوح بين 3 سنوات والمؤبد. وقد اعتقلهم الأمن في عام 2023 إثر نشرهم بياناً على الإنترنت يتعاطى مع الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، رأت فيه السلطات محاولة لبعث الحزب بعد 33 سنة من حلّه.

استمرت محاكمة عناصر «الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة» الـ18 لمدة 10 ساعات كاملة، تخلّلها شعور بالأمل في تبرئتهم من التهم في بدايتها، ويأس عند اقترابها من النهاية، حين التمس ممثل النيابة الحبس 12 سنة مع التنفيذ بحق الموقوفين الـ16، والمصير الأبدي خلف القضبان لشخصين متهمين «هاربين من القضاء»، وفق تقرير النيابة بشأن الملف.

كما ظهرت إشارات إيجابية لفائدة المتهمين عند انطلاق المحاكمة، لما أعلنت هيئة المحكمة التخلي عن التهمة الجنائية «إنشاء تنظيم إرهابي» التي وُجهت لكل القياديين الإسلاميين، وأبقت جنحتي «المسّ بوحدة الوطن» و«استخدام جراح المأساة الوطنية والاعتداد بها». ويُقصد بها «توظيف الآلام التي خلّفها الإرهاب خلال تسعينات القرن الماضي لتحقيق مكاسب سياسية»، حسب المفهوم الذي تتضمنه هذه التهمة في «قانون المصالحة والسلم» الذي أصدرته السلطات عام 2006 لطيّ صفحة الاقتتال الدامي مع الجماعات الإرهابية، الذي ترى أن «جبهة الإنقاذ» هي المتسبّب الوحيد فيه.

أحكام متفاوتة

علي بن حجر (يمين) المتهم الرئيسي في القضية (حسابات ناشطين إسلاميين)

وأنزلت المحكمة عقوبة الحبس 4 سنوات مع التنفيذ ضد 6 من الموقوفين، هم: علي بن حجر، ويوسف بوبراس، وأحمد الزاوي، ونصر الدين تركمان، ومحفوظ رحماني، وبدر الدين قرفة. ودانت بالحبس 3 سنوات مع التنفيذ 9 آخرين، هم: مرزوق خنشالي، ومبروك سعدي، وحشماوي بن يمينة، ومكي سي بلحول، وشمس الدين برحال، وقدور بوتشيش، وكمال كانون، وحمزي مولود، وعيسى محمد.

وشملت الأحكام الحبس النافذ لمدة سنتين ضد الناشط الإسلامي بلقاسم خنشة، والحبس المؤبد غيابياً ضد الناشطين إبراهيم غربي، ولخضر عزيزي.

وأكثر المتهمين شهرةً علي بن حجر، الذي تزعم تنظيماً مسلحاً في أواسط التسعينيات سمّاه «جماعة الدعوة والجهاد»، وأعلن بنفسه حلّه عام 1997 في إطار ما عُرف آنذاك بـ«الهدنة مع الذراع المسلحة لجبهة الإنقاذ»، التي أفضت مطلع عام 2000 إلى عفو عن 6 آلاف مسلّح.

كما يبرز في المجموعة أحمد الزاوي، الذي غادر البلاد في تلك الفترة هارباً من الملاحقة الأمنية، وأمضى سنوات طويلة في الخارج بين لاجئ سياسي ومعتقل. وعاد منذ فترة قصيرة ليقيم بين عائلته في مدينة المدية جنوب العاصمة، حيث يعيش بن حجر أيضاً.

وتعود وقائع القضية إلى أواخر شهر سبتمبر (أيلول) 2023، عندما بثّ بن حجر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تلا فيه بياناً باسم «أطر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة»، وتضمن انتقادات حادّة للأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وطالب برفع القيود المفروضة على النشطاء السياسيين، إلى جانب الإفراج عن نحو 30 سجيناً إسلامياً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد منذ التسعينيات، بتهم تتعلق بـ«الإرهاب»، في أعقاب اندلاع المواجهات بين الإسلاميين المسلحين وقوات الأمن، بعد تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات التي فازت بها «الجبهة» في نهاية عام 1991.

محاولة لإحياء الجبهة

علي بن حاج نائب رئيس جبهة الإنقاذ سابقاً (الشرق الأوسط)

كما طالب البيان بالإفراج عن علي بن حاج، نائب رئيس «الجبهة» السابق، الذي يخضع للإقامة الجبرية منذ أكثر من عام، وكذلك إطلاق سراح حوالي 200 من نشطاء الحراك الشعبي، الذين يعتبرهم الحقوقيون معتقلين سياسيين، بينما تنفي السلطات هذه الصفة عنهم.

وقد قُوبلت هذه الخطوة برد فعل غاضب من السلطات، التي اعتبرتها «محاولة لإحياء نشاط الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. ورأى مراقبون أن سجنهم وإدانتهم قضائياً يشكّلان رسالة تحذير لبقية نشطاء «جبهة الإنقاذ» في حال فكّروا في إطلاق أي مبادرة سياسية مماثلة ميدانياً. بمعنى آخر، تسعى السلطات إلى طيّ صفحة التسعينات ورموزها، وقد نصّ «قانون المصالحة» على عقوبات تُفعّل بحق أي شخص، بمن فيهم الصحافيون، في حال الخوض في المجازر أو الاغتيالات أو حالات الاختفاء القسري التي وقعت خلال تلك المرحلة.

وفي اليوم نفسه كانت المحكمة ذاتها في قاعة أخرى بصدد معالجة «قضية الباحث في التاريخ محمد الأمين بلغيث»، الذي التمست النيابة بحقه 7 سنوات حبساً نافذاً، بناء على تهمتي «نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام والاتصال»، وأيضاً «الترويج المتعمد لمعلومات أو أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالنظام العام، والمساس بالسلامة والوحدة الوطنية».

وأعلن القاضي في ختام المرافعات أنّ الحكم سيصدر في الثالث من يوليو (تموز) المقبل.

وتعود أسباب المشاكل القضائية التي يواجهها الباحث إلى تصريحاته المثيرة للجدل خلال مقابلة مع قناة تلفزيونية، حيث زعم أن اللسان الأمازيغي، الذي يتحدث به ملايين الجزائريين، هو «مشروع آيديولوجي فرنسي صهيوني يهدف إلى تقويض وحدة شعوب المغرب العربي»، وذلك ضمن ما وصفه بـ«تصوّر فرنسي استعماري يسعى إلى خلق مغرب عربي ناطق بالفرنسية».

وقد أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً وانقساماً في الأوساط الحزبية والسياسية؛ فبينما رأى بعض الناشطين أن ما عبّر عنه بلغيث «لا يعدو أن يكون رأياً أكاديمياً لا يستوجب ملاحقة قضائية»، وكان الأجدر الرد عليه بالحوار والحجج في قضايا الهوية والثقافة، اعتبر آخرون أنه «كان يعبّر عن موقف شخصي معادٍ للأمازيغ»، خصوصاً أنه معروف بمواقفه المدافعة بشدة عن عروبة الجزائر.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

فرضت محكمة جزائرية، مساء الخميس، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مخدرات صادرها الجيش الجزائري بالحدود (وزارة الدفاع)

الجزائر: ارتفاع مقلق للوفيات نتيجة الجرعات الزائدة من المخدرات

أكدت بيانات معهد الأدلة الجنائية للدرك الوطني الجزائري حدوث تحول كبير في نمط تعاطي المخدرات، والمؤثرات العقلية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الصحافي الفرنسي كريستوف غليز (أ.ف.ب)

ماكرون يبدي «قلقاً بالغاً» لإدانة صحافي فرنسي في الجزائر

أعلن قصر الإليزيه، الخميس، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تلقى بقلق بالغ نبأ الحكم بالسجن على الصحافي الفرنسي كريستوف غليز في الجزائر».

«الشرق الأوسط» (باربس)
شمال افريقيا الصحافي الفرنسي المسجون في الجزائر (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

محاكمة صحافي تضع التقارب الجزائري - الفرنسي تحت «اختبار عسير»

شهد محيط محكمة مدينة تيزي وزو شرق العاصمة الجزائرية، الأربعاء، أجواء غير عادية بسبب محاكمة صحافي فرنسي تطالب بلاده بالإفراج عنه.


توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
TT

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)

وجَّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ«تشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة»، في خطوة تستهدف ضمان تأمين منظومة الامتحانات مع استحداث نظام «البكالوريا» الذي يتم تطبيقه للمرة الأولى على المرحلة الثانوية هذا العام.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، إن السيسي «شدَّد على ضرورة التعامل بحزم مع حالات الغش في (الثانوية)»، وذلك خلال اجتماع عقده، السبت، مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف.

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة؛ نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق؛ بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات، بعد أن تم عمل محاضر غش لهم خلال أدائهم الامتحانات.

وخلال السنوات الماضية تمكَّنت «جروبات للغش» عبر تطبيقات عدة، من بينها «تلغرام»، من نشر أوراق الامتحانات خلال خوضها أو قبلها، وتعلن «التربية والتعليم» إحالة عدد من الطلاب للتحقيق، في بيانات رسمية تصدرها عقب الانتهاء من كل امتحان.

وفرض قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات» عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية) ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

ويُعاقَب على الشروع في ارتكاب الغش بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهي عقوبات يتم تطبيقها على المشاركين في أعمال الامتحانات وليس الطلاب.

في حين يعاقب القانون الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة وفقاً للنظام المصري دورَين متتاليَين.

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية داخل إحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم)

عضو لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، جيهان البيومي، أكدت أن «تغليظ العقوبات على الطلاب والتأكد من تطبيق القانون يعدّ أمراً مهماً للحد من ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، والمشكلة تبدو على نحو أكبر تجاه اللوائح التنفيذية لقوانين مكافحة الغش، التي يترتب عليها قصور في إحالة أي طالب تورط في الغش للتحقيقات وعمل محضر فوري له».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن التوجيهات الرئاسية تستهدف الحدَّ من السلوكيات السلبية داخل لجان الامتحانات، والتأكيد على ضرورة تفعيل العقوبات مع بدء تطبيق منظومة «البكالوريا» لأول مرة هذا العام.

وبدأت وزارة التربية والتعليم المصرية تطبيق منظومة «البكالوريا» بشكل اختياري على طلاب المرحلة الثانوية هذا العام، وهي نظام تعليمي يمتد لـ3 سنوات يركز على تنويع المسارات التعليمية والتقييم المستمر مع فرص امتحانية متعددة (بما فيها فرص تحسين المجموع).

واستعرض وزير التربية والتعليم خلال لقائه الرئيس السيسي، مزايا منظومة «البكالوريا» مشيراً إلى «أن هذا النظام ينهي امتحان الفرصة الواحدة في نظام الثانوية العامة»، موضحاً «ازدياد إقبال الطلبة على نظام (البكالوريا)، حيث تجاوزت نسبة الالتحاق به في العام الدراسي الحالي 90 في المائة من إجمالي عدد طلاب المرحلة الأولى من الثانوية».

ووجَّه السيسي بـ«فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية، وعدم التهاون في هذا الأمر، مع اتخاذ إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أي تجاوز أو انفلات».

وأكد خبير التعليم والاستشاري في «استراتيجية التعليم والتحول الرقمي»، تامر عبد الحافظ، أن العقوبات التي تقرها وزارة التربية والتعليم بشأن «الغش» تكفي لضبط منظومة الامتحانات، وأن التركيز يمكن أن ينصب بشكل أكبر على إجراءات عقد الامتحانات وتدريب المراقبين والملاحظين على مواجهة أساليب الغش الحديثة، وتدشين حملات توعية وطنية لأولياء الأمور والطلاب بخطورة هذه الممارسات على المجتمع بوجه عام.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود أنظمة إحصائية لمراجعة درجات الطلاب، والتيقن ما إذا كانت نتيجة لمحاولات غش أم بمجهودهم الفردي، يمكن أن تستفيد منها وزارة التربية والتعليم، وفي حال ثبوت «الغش» فإنه يمكن إلغاء الامتحان بوجه عام أو إلغاؤه في بعض اللجان ومعاقبة المتورطين في تلك المخالفات.

وفي كل عام تحدد وزارة التربية والتعليم المصرية قائمة من المحظورات خلال فترة أداء امتحانات الثانوية العامة، ومنها عدم اصطحاب أجهزة التابلت والهواتف المحمولة إلى لجان الامتحانات، وإن كانت مغلقة، وعدم ارتداء ساعات ذكية أو سماعات لاسلكية (بلوتوث).


ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
TT

ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

تشهد عدة مناطق في ليبيا أحوالاً جوية صعبة نتيجة الأمطار الغزيرة، في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات، ضربت مدن الشرق والغرب، فيما أجلت الجهات العسكرية والأمنية والإغاثية عائلات متضررة، وسط دعوات رسمية للمواطنين بتوخي الحذر، والابتعاد عن مجاري السيول.

وأجلت الوحدة البحرية للضفادع البشرية، التابعة للقوات الخاصة بالجيش الوطني، مساء الجمعة، عائلات عالقة في بعض أحياء مدينة بنغازي التي غمرتها مياه الأمطار، بالإضافة إلى فرق مديرية أمن بنغازي وفرق الهلال الأحمر الليبي، التي أجلت أيضاً عدداً من العائلات من منازلها في منطقة الكيش القديم، بعد تسرب مياه الأمطار التي ارتفع منسوبها.

عناصر عسكرية مشاركة فى إجلاء العالقين بسبب أمطار بنغازي (إعلام محلي)

وقال المسئول بجهاز الإسعاف والطوارئ بالمنطقة الشرقية، أنور صالح، إن الجهات الأمنية والإغاثية نقلت الأسر المتضررة إلى أماكن أكثر أماناً، لافتاً إلى إجلاء 6 عائلات من منزل واحد نتيجة ارتفاع منسوب المياه. فيما أعلنت مديرية أمن بنغازي الكبرى إخراج عدد من العائلات من منازلهم إلى مواقع أكثر أماناً، تحسّباً لأي طارئ قد يُهدد سلامتهم، بالتنسيق مع الجهات المختصة وفرق الطوارئ.

وأظهرت مقاطع مصورة متداولة معاناة عدد من العائلات في المنطقة من دخول مياه الأمطار إلى منازلهم؛ حيث شهدت عدة شوارع بمدينة بنغازي ارتفاعاً ملحوظاً في منسوب مياه الأمطار جرّاء التقلبات الجوية. كما استجابت دوريات جهاز الحرس البلدي لبلاغات سكان حي الشعبية بمنطقة توكرة شرق المدينة.

وطبقاً لمسؤول الإعلام بجهاز الحرس البلدي، العقيد صلاح الساحلي، فقد باشرت دوريات الجهاز بالتعاون مع هيئة السلامة الوطنية وشركة المياه والصرف الصحي، التعامل مع مياه الأمطار التي غمرت بعض البيوت والشوارع بالمنطقة، مشيراً إلى إجراء عمليات الشفط للمياه لضمان وصول الخدمات، وتقديم الدعم للعائلات المتضررة.

غرق مناطق في بنغازي (وسائل إعلام محلية)

وبسبب غرق عدد من مناطق مدينة بنغازي، وإغلاق الطرق السريعة، بالإضافة إلى تضرّر مداخل عدد من المدارس وامتلائها بالمياه، بما يعوق دخول الطلبة، أعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة «الاستقرار» تعليق الدراسة، حفاظاً على سلامة الطلبة، وحرصاً على حمايتهم من أي مخاطر صحية أو بيئية.

بدورها، أعلنت وزارة الكهرباء بالحكومة، إعادة التيار الكهربائي إلى 3 مناطق في مدينة بنغازي، بعد انقطاع بسبب العواصف المطرية، التي تسببت في أضرار وأعطال واسعة في الشبكة.

وكررت وزارة الموارد المائية تحذيراتها لمستخدمي الطرق من المخاطر الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدد من المناطق، وما خلّفته من تجمعات كبيرة للمياه وسط الطرق وعلى أطرافها، ولا سيما في الطرق السريعة خارج المدن، وكذلك داخل مدينة بنغازي، مشيرة إلى أنها لاحظت أوضاعاً قد تُشكّل خطورة مباشرة على مستخدمي الطرق.

وطالبت المواطنين بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بالتعليمات، والابتعاد عن مواقع تجمع المياه حفاظًا على سلامتهم. كما دعت الوزارة إلى تجنب الأودية وتقليل السرعة على الطرقات، مشيرة إلى أنه من المتوقع سقوط أمطار متوسطة إلى غزيرة على الساحل من سرت حتى مساعد، حتى يوم الثلاثاء المقبل.

وكانت الوزارة قد حذرت مستخدمي الطرق الممتدة من أجدابيا حتى المخيلي من التقلبات الجوية الشديدة التي قد تترافق مع هطول أمطار غزيرة، وجريان السيول، وانخفاض مستوى الرؤية. لكنها طمأنت المواطنين بأن السدود في المناطق التي تشهد تقلبات جوية آمنة تماماً، ولا تُشكل أي خطر، مؤكدة أن كميات المياه الواردة إليها من الأمطار تحت السيطرة.

ونقلت «وكالة الأنباء الليبية» عن مدير إدارة السدود أن الجريان المسجل في الوديان يقع على الطرق الرئيسية، ولا علاقة له بالسدود.

شفط مياه الأمطار في عدد من أحياء طرابلس (شركة المياه)

بدوره، أعلن «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة»، التابع لحكومة «الاستقرار»، رفع درجة حالة الطوارئ القصوى في جميع الوحدات والأجهزة الأمنية والخدمية، مشيراً إلى تسيير الدوريات وتقديم المساندة والدعم اللوجيستي والتنسيقي لجميع الأجهزة الأمنية والخدمية لضمان حماية المواطنين، وتوفير كل ما يلزم خلال هذه الظروف.

كما رفعت الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية درجة الطوارئ إلى المستويات القصوى في كل فروعها بمختلف المدن، وأكدت أن فرقها الميدانية وفرق الاستجابة السريعة باشرت تنفيذ خطط الطوارئ المعتمدة للتعامل مع أي أضرار محتملة، مع رفع الجاهزية لتقديم الدعم والإغاثة للأسر المتضررة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

ودعت الهيئة المواطنين إلى توخي الحيطة، ومتابعة تعليمات السلامة الصادرة عن الجهات المختصة، مؤكدة استمرارها في متابعة الأوضاع أولاً بأول حتى انتهاء الظروف الجوية الحالية

في المقابل، أصدرت وزارة الموارد المائية بحكومة «الوحدة المؤقتة»، تحذيراً مماثلاً من تقلبات جوية تشهدها البلاد، استناداً إلى توقعات المركز الوطني للأرصاد الجوية. وأوضحت الوزارة أن التوقعات تُشير إلى أجواء باردة على مختلف مناطق البلاد، مع استمرار فرصة هطول أمطار من حين لآخر على مناطق الشمال الغربي، ما قد يؤدي إلى تجمع المياه في الأماكن المنخفضة.

ودعت المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن مجاري الأودية، والمناطق المعرضة لتجمع المياه، واتباع الإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.

وبدأت فرق الشركة العامة للمياه والصرف الصحي إزالة مياه الأمطار المتراكمة في عدد من المناطق بالعاصمة طرابلس، لتحسين الظروف البيئية، والتخفيف من الأضرار الناتجة عن الأمطار الغزيرة.

وأوضحت الشركة أن قسم خدماتها في غرب طرابلس تعامل مع تجمعات المياه في عدة مناطق، بما في ذلك تشغيل مضخة ثابتة لنزح المياه المتراكمة في منطقة السراج، بهدف تسهيل حركة المركبات، وفتح المسارات أمام حركة المرور.

وأظهرت لقطات مصوّرة لوسائل إعلام محلية محاولات قوة العمليات المشتركة إنقاذ الأسر العالقة في سياراتها جرّاء الأمطار الغزيرة، التي أغرقت شوارع مدينة مصراتة بغرب البلاد.


الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، السبت، إنه يقدم مساعدات للفارين من العنف في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان «رغم التحديات الهائلة».

ودعا المكتب الأممي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى توفير إمكانية الوصول الآمن والمستدام لتقديم المساعدات الإنسانية في شتى أنحاء السودان من دون عوائق.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور عقب حصارها مدة 18 شهراً، بينما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.