خريطة الغارات والضحايا تتسع في إيران

إسرائيل تقصف من الجو وطهران ترد بالصواريخ

خريطة الغارات والضحايا تتسع في إيران
TT

خريطة الغارات والضحايا تتسع في إيران

خريطة الغارات والضحايا تتسع في إيران

في يومها الرابع، تصاعدت المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران وإسرائيل، وسط ضربات جوية عنيفة تنذر بانفجار داخلي للطرفين وتحولات استراتيجية في المشهد الإقليمي.

وشنت مقاتلات إسرائيلية غارات عنيفة على مقر التلفزيون الرسمي في المنطقة الثالثة. وبعد هدوء حذر في طهران، تجددت الضربات الإسرائيلية على مواقع عسكرية في غرب طهران، وأصدر الجيش الإسرائيلي إنذاراً لأهالي المنطقة الثالثة في العاصمة طهران بشن غارات وشيكة.

وقبل الهجوم، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الاثنين، بتدمير هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية الإيرانية، بعد دعوة السكان لإخلاء المنطقة المحيطة بمقر هذه الهيئة في شمال شرق طهران تمهيداً لضربها. وقال كاتس في بيان: «بوق الدعاية والتحريض الإيراني على وشك أن يختفي. بدأت عملية إجلاء السكان من المناطق المجاورة».

ورداً على كاتس، قال مصدر مطلع إيراني مطلع: «إذا أقدمت إسرائيل على خطوة إضافية تستهدف المباني السكنية داخل إيران، فلن تبقى للصهاينة أي نقطة آمنة في الأراضي المحتلة»، مضيفاً: «حتى الآن، اقتصرت ضرباتنا على أهداف عسكرية واستراتيجية، سواء كانت معلنة أو سرية. وبفضل تفوقنا الاستخباراتي، أصبنا تلك الأهداف بدقةٍ، وسنواصل ضربها دون هوادة».

وتابع: «رغم كل ما حدث، امتنعت إيران عن استهداف المناطق السكنية في الأراضي المحتلة بشكل مباشر. لكن أي تصعيد متهور من الجانب الإسرائيلي سيُقابل برد يجعلهم عاجزين عن الشعور بالأمان في أي مكان. لقد أثبتنا قدرتنا على ذلك، وسنُثبتها مجدداً إذا لزم الأمر».

وشدد على أن «إسرائيل يجيب عليها أن تدرك، الآن أكثر من أي وقت مضى، أن قواعد اللعبة تغيرت. سرعة ردّنا، حجم ترسانتنا الصاروخية، وضبط النفس الذي تحلينا به... جميعها رسائل واضحة بأننا دخلنا مرحلة جديدة نعيد فيها رسم قواعد الاشتباك».

وختم: «كل ضربة إسرائيلية جديدة لن نقابلها بالمثل فحسب، بل سنصعّد بما يتجاوزها. حماقة نتنياهو والنظام الصهيوني في هذا التوقيت ستُكلفهم ثمناً باهظاً، وقد تكون هذه المواجهة بداية النهاية للكيان الغاصب».

وفجر الاثنين، شنت مقاتلات وطائرات مسيرة إسرائيلية غارات على عدة مواقع تابعة للأجهزة العسكرية في شرق طهران، فيما أشارت وسائل إعلام إيرانية إلى تصدي الدفاعات الجوية لمقذوفات في سماء منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم وسط البلاد، وفي جنوب غرب البلاد، قالت السلطات الإيرانية إنها أحبطت هجوماً بطائرة مسيرة على أكبر مصانع الفولاذ في الأحواز.

كما لحقت أضرار جسيمة بمستشفى الفارابي في كرمانشاه إثر قصف إسرائيلي، ما دفع وزارة الخارجية الإيرانية لوصف ما جرى بأنه «جريمة حرب واضحة». وأفاد إعلام «الحرس الثوري» بتدمير 8 طائرات مسيرة في محافظة إيلام من قبل قوات حرس الحدود، بينها «طائرة متطورة» أُسقطت بعد اختراقها الأجواء الإيرانية في منطقة دشت عباس.

وأعلن «الحرس الثوري» مقتل 8 من عناصره في هجوم صاروخي إسرائيلي على مدينة خمين بمحافظة مركزي وسط البلاد.

وذكر الجيش الإسرائيلي الذي قضى على قيادات نووية وعسكرية إيرانية بغارات جوية أنه قتل أربعة مسؤولين كباراً في الاستخبارات الإيرانية، من بينهم رئيس جهاز استخبارات «الحرس الثوري».

وبدت شوارع العاصمة طهران خالية، صباح الاثنين، وسط إغلاق شبه تام للأسواق والمتاجر، وتحذيرات من هجمات جديدة. وقد خُصصت المساجد ومحطات المترو ملاجئ للمدنيين. وخسرت العملة الإيرانية ما لا يقل عن 10 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية أكبر هجوم على الإطلاق تشنه إسرائيل على خصمها اللدود.

وقال متحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية، مساء الأحد، إن عدد القتلى في الجمهورية الإسلامية وصل إلى 224 على الأقل، وإن 90 بالمائة منهم من المدنيين.

وجاء الرد الإيراني بالتزامن مع إعلان البرلمان عن إعداد مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في خطوة تهدد بإعادة تشكيل الوضع النووي في المنطقة، رغم تأكيد طهران أنها لا تزال تعارض تطوير أسلحة الدمار الشامل.

وفي السياق نفسه، كشف «الحرس الثوري» الإيراني عن اعتقال من وصفهم بـ«عشرات المخربين والجواسيس المرتبطين بإسرائيل»، فيما أعلنت السلطات عن تنفيذ أحكام إعدام بحق متعاونين مع الموساد.

وقالت إيران إن البرلمان يعد مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مضيفة أنها لا تزال تعارض تطوير أسلحة الدمار الشامل. وقد يستغرق التصديق على مشروع القانون عدة أسابيع.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الاثنين، إن بلاده لا تنوي تطوير أسلحة نووية لكنها تسعى للحفاظ على حقها في الطاقة والأبحاث النووية. وأكد بزشكيان في تصريحات نقلتها وكالة «أرنا» على فتوى المرشد علي خامنئي بتحريم استخدام أسلحة الدمار الشامل.

وفي البرلمان، وجه بزشكيان نداءً للوحدة، داعياً كافة القوى السياسية إلى تجاوز الخلافات والتركيز على «العدوان الخارجي». وقال: «كل خلاف، مسألة، أو مشكلة كانت قائمة، يجب أن توضع جانباً اليوم، وعلينا أن نواجه هذا العدوان الإبادي الإجرامي بالوحدة والتماسك».

وهرب آلاف من سكان العاصمة الإيرانية طهران من منازلهم وخزنوا المؤن الأساسية خوفاً من تصعيد حملة القصف الجوي الإسرائيلية على إيران خلال الأيام المقبلة، وفقاً لوكالة «رويترز». ورفضت السلطات الإيرانية هذه الرسائل التي تدعو المواطنين للنزوح ووصفتها بأنها «حرب نفسية»، وحثت السكان على عدم الذعر على الرغم من أن التلفزيون الرسمي بث لقطات لاختناقات مرورية على الطرق المؤدية إلى خارج العاصمة.

أما مستشار «الحرس الثوري» أحمد وحيدي فقد قال إن طهران «لم تستخدم بعد قدراتها الصاروخية الاستراتيجية»، معلناً الاستعداد لحرب طويلة. وقال: «لقد أخذنا في الحسبان جميع الاحتمالات، وجهّزنا أنفسنا لمختلف ظروف الحرب».

وتابع: «الحديث عن تراجع مخزوننا الصاروخي مجرد مزحة؛ فنحن لم نستفد بعد بشكل استراتيجي من كامل قدراتنا الصاروخية، وسندخل تجهيزاتنا الحديثة إلى الميدان عندما نرى ذلك مناسباً، وصواريخ الجيل الجديد ليست سوى جزء منها». وزاد: «ظروف الميدان تتحسن يوماً بعد يوم على جميع المستويات، وقد نلجأ إلى استخدام قدرات أخرى أيضاً».

الرواية الإسرائيلية

في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ أكثر من 50 غارة جوية على مواقع عسكرية في طهران، مدمراً 120 منصة صواريخ ومقرات لـ«فيلق القدس». وأكد مقتل أربعة من كبار مسؤولي استخبارات الحرس الثوري.

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، العميد إيفي ديفرين، أن سلاح الجو «حقق تفوقاً جوياً كاملاً فوق طهران»، ونفذ أكثر من 50 غارة استهدفت مواقع عسكرية إيرانية، بينها 10 مقرات لقيادة «فيلق القدس» وسط العاصمة.

وذكر ديفرين أن أكثر من 120 منصة إطلاق صواريخ إيرانية تم تدميرها، أي ما يعادل ثلث قدرة طهران الصاروخية، وأن الطائرات الإسرائيلية دمّرت عشرات الصواريخ قبل لحظة إطلاقها.

وتعرضت إسرائيل، فجر الاثنين، لأعنف قصف إيراني منذ بدء المواجهة، أسفر عن مقتل 8 مدنيين وإصابة أكثر من 100 آخرين. وطال القصف مناطق في تل أبيب، بيتاح تكفا، بني براك، وحيفا، كما استُهدف محيط القنصلية الأميركية دون إصابات.

واندلعت حرائق في منشآت، بينها محطة كهرباء قرب ميناء حيفا، فيما واصلت فرق الإنقاذ عملها في المناطق المتضررة.

وقال «الحرس الثوري» الإيراني إن الهجوم الأحدث استخدم أسلوباً جديداً جعل أنظمة الدفاع الإسرائيلية متعددة المستويات تستهدف بعضها البعض، وسمح لإيران بقصف العديد من الأهداف بنجاح دون تقديم المزيد من التفاصيل.

الدبلوماسية في ظل الدخان

وسط تصاعد العمليات العسكرية، نشطت الوساطات الدولية لتطويق التصعيد. وأعلن الكرملين أن موسكو لا تزال مستعدة للتوسط بين إيران وإسرائيل، وأعادت طرح مبادرتها السابقة لاستضافة اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب وتحويله إلى وقود مدني.

وفيما دعت الصين الطرفين إلى «تهدئة فورية»، وتجنب زعزعة الاستقرار الإقليمي، قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن روسيا «ترفض أي محاولة لتغيير النظام في إيران»، في تعليق مباشر على تصريحات بنيامين نتنياهو لقناة «فوكس نيوز»، التي لمّح فيها إلى إمكانية أن تؤدي هذه العمليات إلى إسقاط النظام الإيراني.

وقال بزشكيان في اتصال مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان إن «عودة إيران إلى المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة لن تكون ممكنة إلا إذا تم وضع حد لاعتداءات الكيان الصهيوني على دول المنطقة». وعرض إردوغان أداء دور «مسهّل للحل».

و دعت إيران الدول الأوروبية، الاثنين، إلى وقف «العدوان» الإسرائيلي على أراضيها. وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم الاثنين، إن «مكالمة هاتفية واحدة من واشنطن كافية لوقف الحرب الإسرائيلية وتمهيد الطريق نحو العودة إلى المسار الدبلوماسي».

وفي منشور على منصة «إكس»، نوه عراقجي بأن «إيران لم تكن البادئة بالحرب، لكنها مستعدة للقتال حتى اللحظة الأخيرة»، مشدداً على أن الرد الإيراني على إسرائيل سيستمر ما دامت الاعتداءات الإسرائيلية متواصلة.

يتصاعد الدخان لليوم الثاني من مستودع النفط في شهران، شمال غرب طهران (أ.ف.ب)

وحذّر عراقجي من انجرار الولايات المتحدة إلى ساحة المواجهة، مؤكداً أن ذلك سيقضي على أي أمل في التوصل إلى حل تفاوضي، وسيترتب عليه «عواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها، وربما تكون كارثية على الأمن الإقليمي والاقتصاد العالمي».

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في مؤتمر صحافي: «كان ينبغي على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إدانة جرائم الكيان الصهيوني بوضوح تام»، مضيفاً: «نتوقع بطبيعة الحال من الدول الأوروبية العمل على إنهاء العدوان... وإدانة أفعال هذا الكيان ضد المنشآت النووية» الإيرانية.


مقالات ذات صلة

إيران تعرب عن دعمها لفنزويلا في نزاعها مع الولايات المتحدة

شؤون إقليمية صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)

إيران تعرب عن دعمها لفنزويلا في نزاعها مع الولايات المتحدة

أعلنت فنزويلا أن إيران عرضت تعاونها لمكافحة «القرصنة والإرهاب الدولي» اللذين تمارسهما الولايات المتحدة، وذلك خلال مكالمة بين وزيري خارجية البلدين.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
شؤون إقليمية لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)

إيران تنفذ الحكم بإعدام طالب بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل»

أعلنت السلطة القضائية الإيرانية تنفيذ حكم الإعدام بحق عقيل كشاورز، طالب «الهندسة المعمارية» في جامعة شاهرود، بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

تقرير: نتنياهو يعتزم إطلاع ترمب على ضربات جديدة محتملة على إيران

ذكرت شبكة «​إن بي سي نيوز»، اليوم السبت، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيستمع إلى إفادة من ‌رئيس ‌الوزراء ‌الإسرائيلي ⁠بنيامين ​نتنياهو.

«الشرق الأوسط»
آسيا أحد عناصر أمن «طالبان» يقف حارساً على طريق قرب معبر غلام خان الحدودي بين أفغانستان وباكستان (أ.ف.ب)

3 أفغان قضوا من شدة البرد خلال محاولتهم التوجه إلى إيران

قضى 3 أفغان برداً في إقليم هرات، غرب أفغانستان، وهم في طريقهم خلسةً إلى إيران، وفق ما كشف عنه مسؤول محلي في الجيش، السبت.

«الشرق الأوسط» (هرات)
شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

ذكر «معهد العلوم والأمن الدولي» أن السلطات الإيرانية قد تسعى إلى فحص أنقاض ضربة عسكرية في منشأة «نطنز» بعيداً عن أعين المراقبين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إيران تعرب عن دعمها لفنزويلا في نزاعها مع الولايات المتحدة

صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)
صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)
TT

إيران تعرب عن دعمها لفنزويلا في نزاعها مع الولايات المتحدة

صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)
صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)

أعلنت فنزويلا، السبت أن إيران عرضت تعاونها «في جميع المجالات» لمكافحة «القرصنة والإرهاب الدولي» اللذين تمارسهما الولايات المتحدة، وذلك خلال مكالمة هاتفية بين وزيري خارجية البلدين.

وتعد إيران من أبرز حلفاء الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي يتهم واشنطن بتدبير مؤامرة للإطاحة به.

ونشرت الولايات المتحدة أسطولاً عسكرياً ضخماً في منطقة الكاريبي زعمت أن هدفه مكافحة تهريب المخدرات.

ومنذ بداية الشهر، احتجزت القوات الأميركية ناقلتين تحملان نفطا فنزويليا في إطار «حصار شامل» أعلنه الرئيس دونالد ترمب.

وقال وزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل في بيان، إن المحادثة مع نظيره الإيراني ركزت على «الأحداث الأخيرة في منطقة الكاريبي، ولا سيما التهديدات وأعمال القرصنة التي تمارسها الولايات المتحدة وسرقة السفن التي تحمل النفط الفنزويلي».

وأكد خلال المحادثة أن «فنزويلا تلقت دليلاً قاطعاً على تضامن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكامل، فضلا عن عرضها التعاون في جميع المجالات لمكافحة القرصنة والإرهاب الدولي اللذين تسعى الولايات المتحدة إلى فرضهما بالقوة».

وسبق لإيران أن قدمت مساعدات لفنزويلا شملت الوقود والغذاء والدواء.

كما أعربت الصين وروسيا، وهما حليفتان أخريان لفنزويلا، عن تضامنهما مع الرئيس مادورو في مواجهة الانتشار العسكري الأميركي.


إيران تنفذ الحكم بإعدام طالب بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل»

لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

إيران تنفذ الحكم بإعدام طالب بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل»

لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)

أعلنت السلطة القضائية الإيرانية تنفيذ حكم الإعدام بحق عقيل كشاورز، طالب «الهندسة المعمارية» في جامعة شاهرود، بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل».

وأجرت عائلة كشاورز آخر زيارة له يوم الجمعة 19 ديسمبر (كانون الأول) في سجن أرومية.

وذكرت وكالة أنباء «ميزان»، التابعة للسلطة القضائية، أن الإعدام نُفذ، صباح السبت 20 ديسمبر، «بعد تأييد الحكم الصادر عن المحكمة العليا واستكمال الإجراءات القانونية».

وقبل ساعات من تنفيذ الإعدام، أفادت بعض وسائل الإعلام الطلابية والحقوقية بتصاعد المخاوف من تنفيذ حكم الإعدام بحق كشاورز.

ونقلت شبكة حقوق الإنسان في كردستان أن عائلة كشاورز استُدعيت يوم الخميس 18 ديسمبر من أصفهان «لإجراء الزيارة الأخيرة».

وحسب المصدر، حضرت العائلة عصر الخميس أمام سجن أرومية، إلا أنها أُبلغت بأن ابنها نُقل إلى طهران. وأضاف أن العائلة تمكنت أخيراً من إجراء الزيارة الأخيرة ظهر الجمعة 19 ديسمبر، مشيراً إلى أن «الزيارة كانت حضورية، وقد أُغمي على والدته بسبب الضغوط العصبية».

وكان كشاورز قد اعتُقل في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بالتزامن مع حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، وصدر بحقه حكم بالإعدام من قِبل السلطة القضائية الإيرانية بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل».

وفي المقابل، أعلنت وكالة «ميزان» أن تاريخ اعتقال كشاورز يعود إلى شهر مايو (أيار) الماضي، دون تحديد اليوم، وذكرت أنه اعتُقل على يد عناصر دورية الحماية التابعة للجيش الإيراني.

وكانت شبكة حقوق الإنسان في كردستان قد أفادت سابقاً بأن الجهة التي اعتقلت كشاورز هي منظمة استخبارات «الحرس الثوري».

ووصفت وكالة «ميزان» كشاورز بأنه «عميل للموساد (الإسرائيلي)»، واتهمته بـ«التجسس والتواصل والتعاون الاستخباراتي» مع إسرائيل، و«تصوير مواقع عسكرية وأمنية».

وأضافت الوكالة التابعة للسلطة القضائية الإيرانية أن «أفراد عائلته لديهم ميول مؤيدة للنظام الملكي، وأن عمه لديه سوابق عضوية أو تعاطف» مع منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة.

كما ذكرت «ميزان» أن «كشاورز قام في عام 2022 عبر تطبيق (تلغرام) بالتواصل والتعاون مع إحدى المجموعات التابعة لمنظمة (مجاهدي خلق)، وقام بإرسال صور وكتابة شعارات وفق توجيهات مديري تلك المجموعات».

صورة أرشيفية نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة قاتل رجل دين أدين بالإعدام

استجواب وتعذيب

كانت شبكة حقوق الإنسان في كردستان قد أفادت سابقاً بأن كشاورز، وهو طالب عمارة في جامعة شاهرود ومن أهالي أصفهان، تعرّض بعد اعتقاله «لمدة أسبوع» للاستجواب والتعذيب في مركز احتجاز تابع لاستخبارات الحرس الثوري في أرومية «بهدف انتزاع اعتراف قسري بالتجسس لصالح إسرائيل».

وحسب هذا التقرير، فقد نُقل لاحقاً إلى سجن «إيفين» في طهران، وكان موجوداً هناك أثناء قصف السجن من قِبل إسرائيل، خلال الحرب، ثم جرى نقله إلى مركز احتجاز آخر.

وأضافت المنظمة الحقوقية أن كشاورز «نُقل بعد انتهاء مرحلة التحقيق إلى السجن المركزي في أرومية، وصدر بحقه في أواخر الصيف حكم بالإعدام من قِبل الفرع الأول لمحكمة الثورة في أرومية، برئاسة القاضي سجاد دوستي، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل».

وأشار التقرير إلى أنه «بسبب تهديدات المحققين الأمنيين، امتنع هو وعائلته عن الإعلان عن هذه القضية».

وأثار إعلان خبر إعدام كشاورز موجة واسعة من الانتقادات والإدانات من قِبل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.

وكتبت منظمة «هنغاو» المعنية بحقوق الإنسان في إيران، يوم الجمعة 19 ديسمبر، أنه «منذ بداية عام 2025 وحتى الآن، تم إعدام 17 شخصاً في إيران بتهمة التعاون مع إسرائيل، 15 منهم أُعدموا بعد اندلاع الحرب في يونيو الماضي».

وفي السياق نفسه، أعلنت السلطات الإيرانية أنه بعد حرب الـ12 يوماً، جرى اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس أو التعاون مع إسرائيل.

وحسب تقارير حقوقية، يوجد حالياً، إلى جانب سجناء الجرائم العامة، نحو 70 سجيناً بتهم سياسية في السجون الإيرانية يواجهون خطر تأييد أو تنفيذ أحكام الإعدام، كما يواجه أكثر من 100 شخص آخرين، بتهم مشابهة، خطر صدور حكم الإعدام بحقهم.


تركيا: سنفعل ما يلزم لحماية المنشآت الاستراتيجية بالبحر الأسود دون استشارة أحد

السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا: سنفعل ما يلزم لحماية المنشآت الاستراتيجية بالبحر الأسود دون استشارة أحد

السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا اتخاذ تدابير لحماية المنشآت ذات الأهمية الاستراتيجية في البحر الأسود دون التشاور مع أحد، وذلك وسط ارتفاع حدة التوتر في المنطقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، الذي انعكس في هجمات على سفن تركية، وإسقاط مسيّرات دخلت مجالها الجوي في الأيام الأخيرة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر،: «نتخذ التدابير اللازمة لحماية منشآتنا الحيوية السطحية وتحت الماء في البحر الأسود. سفن الحفر التابعة لنا ذات أهمية بالغة، وضعنا ونفذنا تدابير ضد الطائرات المسيّرة التي تنحرف عن مسارها أو تخرج على السيطرة، وضد التهديدات التي قد تأتي من تحت الماء».

وأكد غولر، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية، السبت، لتقييم عمل وزارة الدفاع خلال عام 2025، أن تركيا «ستفعل ما يلزم دون استشارة أحد»، لافتاً إلى أن الطائرات المسيّرة والمركبات المائية غير المأهولة تُستخدم بكثافة من قبل كلا الجانبين في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وأن هذا الوضع يُشكل خطراً كبيراً على السفن التجارية والطائرات المدنية في المنطقة.

إجراءات احترازية

وذكر أنهم اتخذوا على الفور إجراءات احترازية لحركة الطيران عقب إسقاط طائرات «إف-16» التركية طائرة مسيرة «مجهولة حتى الآن» خرجت عن السيطرة في منطقة البحر الأسود في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

غولر متحدثاً خلال لقائه مع الصحافيين الأتراك السبت (الدفاع التركية)

ولفت غولر إلى أن الطائرة كان يصعب رصدها بسبب الأحوال الجوية، وعلى الرغم من ذلك فقد نجحت الطائرات التركية في تتبعها، وأصابتها بصاروخ جو - جو في الموقع الأنسب والأكثر أماناً بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان، وأنه بسبب إصابتها بصاروخ دُمرت بالكامل، ولا تزال جهود البحث عن حطامها جارية، وسيتم إطلاع الجمهور على التفاصيل بعد الانتهاء من فحص الحطام.

وتسبب هذا الحادث في جدل كبير وتساؤلات من جانب المعارضة التركية حول تفعيل نظام الرادارات في البلاد وما إذا كان كافياً لرصد المسيّرات، لافتة إلى أن الطائرة أسقطت بالقرب من قرية «كاراجا أسان، «على مسافة خطوات من منشآت شركة «روكيتسان» للصناعات العسكرية الواقعة خارج العاصمة أنقرة مباشرة، وفق ما أعلن نائب حزب «الشعب الجمهوري» عن مدينة إسطنبول الدبلوماسي السابق، نامق تان، الذي تم تحويل مسار طائرته عندما كان متجهاً من إسطنبول إلى أنقرة بالتزامن مع حادث الطائرة المسيّرة.

ودافع المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية زكي أكتور، خلال إفادة للوزارة الخميس، عن نظام الدفاع الجوي، مؤكداً أنه لم يكن مسؤولاً عن الحادث، وأن الطائرة المسيّرة كان من الصعب رصدها من حيث الارتفاع والسرعة والحجم، داعياً أوكرانيا وروسيا إلى توخي مزيد من الحذر.

حوادث متصاعدة

وفي حادث هو الثاني من نوعه في أقل من أسبوع، أعلنت تركيا، الجمعة، تحطم طائرة مسيرة روسية الصنع من طراز «أورالان-10″ سقطت بمنطقة ريفية بالقرب من مدينة إزميت التابعة لولاية كوجا إيلي، شمال غربي البلاد، على مسافة نحو 30 كيلومتراً جنوب البحر الأسود.

وأفادت وزارة الداخلية التركية التي أعلنت عن فتح تحقيق في هذا الخصوص أنّه يُعتقد أن المسيّرة تُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة وفقاً للنتائج الأولية. تقع تركيا على الضفة الجنوبية من البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا وروسيا، وهما في حالة حرب. والاثنين، أسقطت الدفاعات التركية مسيّرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود في المجال الجوّي التركي، من دون أن تحدّد السلطات مصدرها أو موقع اعتراضها. وأفاد عدّة مراقبين بأن العملية نُفّذت فوق الأراضي التركية وليس البحر الأسود. وبعد هذه الحادثة، دعت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أوكرانيا وروسيا إلى «توخّي مزيد من الحذر».

مواطنون أتراك يلتقطون صوراً لمسيّرة روسية سقطت في شمال غربي تركيا في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

ودخلت تركيا على خط الصراع، بعد تعرض ناقلتي نفط تابعتين لـ«أسطول الظل » الروسي كانتا تبحران في مياهها الإقليمية في البحر الأسود في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لهجمات بالمسيّرات من جانب أوكرانيا.

واستدعت «الخارجية التركية» في 4 ديسمبر السفير الأوكراني والقائم بالأعمال الروسي، لتحذيرهما من التصعيد في منطقة البحر الأسود. وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن «الأحداث تشير إلى تصعيد مقلق في البحر الأسود، لا يمكننا التغاضي عن هذه الهجمات التي تهدد الملاحة والحياة والسلامة البيئية، لا سيما في منطقتنا الاقتصادية الخالصة».

تصاعد النيران والدخان الكثيف من ناقلة النفط «كايروس» التي هاجمتها أوكرانيا في المياة الاقتصادية لتركيا بالبحر الأسود في 28 نوفمبر الماضي (رويترز)

وأعقب ذلك تعرض سفينة تجارية تركية لأضرار في غارة جوية روسية بالقرب من مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية، في 12 ديسمبر بعد ساعات فقط من لقاء بين إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش «منتدى السلام والثقة الدولي» في عشق آباد.

تحذيرات ودعوات للسلام

وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من تركمانستان عقب المشاركة في المنتدى، إنه «لا ينبغي النظر إلى البحر الأسود بوصفه ساحة حرب، مثل هذا الوضع لن يضر سوى روسيا وأوكرانيا، ولن يفيدهما بأي شكل من الأشكال، الجميع بحاجة إلى ملاحة آمنة في البحر الأسود، ويجب ضمان ذلك». وغداة إسقاط الطائرة المسيرة المجهولة، حذر إردوغان، في 16 ديسمبر، مجدداً، من الهجمات في البحر الأسود، لكنه لم يتطرق إلى حادث الطائرة.

جانب من مباحثات إردوغان وبوتين في عشق آباد في 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وتوقع مراقبون ألا تؤدي هذه التطورات، على الرغم من كونها مؤشراً سلبياً على التصعيد في منطقة البحر الأسود، إلى توتر في العلاقات بين تركيا وكل من أوكرانيا وروسيا، لافتين إلى أن العلاقات التركية الروسية مرت باختبار أصعب، عندما أسقطت روسيا طائرة عسكرية تركية على الحدود مع سوريا عام 2014، وتمكنت أنقرة وموسكو من تجاوز الحادث دون تأثير سلبي على العلاقات التي واصلت تطورها بشكل ثابت.

وتواصل تركيا، التي استضافت 3 جولات من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول بين شهرَي مايو (أيار) ويوليو (تموز) الماضيين، لم تسفر عن نتائج ملموسة باستثناء تبادل للأسرى، مساعيها من أجل استئناف المفاوضات بغية التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار، وتحقيق السلام الشامل.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن الأحداث الأخيرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة (الهجمات الأوكرانية على سفن تابعة لأسطول الظل الروسي) وإسقاط الطائرة المسيرة في 15 ديسمبر يظهران أنه حتى لو قللنا الفوضى الأمنية في البحر الأسود، فإن بيئة مستقرة وآمنة تتطلب إرساء سلام دائم».