اتفاق مرحلي لا يلغي المنافسة التجارية المحتدمة بين الصين وأميركا

حربهما الجمركية كشفت نقاط ضعفهما

صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ (أ.ف.ب)
TT

اتفاق مرحلي لا يلغي المنافسة التجارية المحتدمة بين الصين وأميركا

صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ (أ.ف.ب)

يجمع العديد من المراقبين والمحللين على أن النتيجة الرئيسية التي حققتها الولايات المتحدة والصين جراء «المواجهة» التجارية الجارية بينهما، والتي أفضت إلى إعادة تفعيل اتفاقهما لحل خلافهما التجاري الأولي، هي كشف نقاط ضعف كل منهما.

ومع تطور خلافهما حول الرسوم الجمركية، كان من الواضح أن المنافسة بينهما تحولت إلى من يمكنه التحكم بسلاسل التوريد الخاصة بالآخر.

لكن مما لا شك فيه أن مواجهتهما ستترك أثراً على اقتصاد العالم كله، في الوقت الذي يدرك فيه الصينيون، أو على الأقل هكذا يعتقد، أن خسارتهم للسوق الأميركية، سواء بسبب تراجع التبادل التجاري، أو لتراجع الاستهلاك الأميركي، ستكون مدمرة.

اتفاق ينتظر موافقة ترمب وشي

يوم الأربعاء، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب التوصل إلى اتفاق جديد مع بكين، يقضي بتزويد بلاده بالمعادن الأرضية النادرة مقابل تسهيل دخول الطلاب الصينيين إلى الجامعات الأميركية. وكتب في منشور له على منصة «تروث سوشيال»: «سنحصل على رسوم جمركية إجمالية بنسبة 55 في المائة، والصين ستحصل على 10 في المائة. العلاقة ممتازة!»، مضيفاً أن الاتفاق ما زال بانتظار الموافقة النهائية من كلا الطرفين على مستوى الرئاسة.

وفي منشور آخر، قال ترمب إنه سيعمل مع الرئيس الصيني شي جينبينغ بشكل وثيق لفتح الصين أمام التجارة الأميركية، معتبراً أن هذا «مكسب كبير لكلا البلدين».

نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفينغ يصافح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قبل اجتماعهما في لندن (أ.ب)

ومن الجانب الآخر، نقلت «وكالة أنباء الصين الجديدة» (شينخوا) عن نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ قوله، قبل نشر ترمب المنشور، إنه يتعين على الصين والولايات المتحدة تعزيز التوافق والحفاظ على التواصل. ونقلت وكالة «شينخوا» عن هي قوله إنه يتعين على الجانبين استخدام آلية التشاور الخاصة بهما لمواصلة «بناء التوافق، وتقليل سوء الفهم، وتعزيز التعاون»، واصفاً المحادثات بأنها صريحة ومعمقة.

وكانت الصين فرضت قيوداً على الشحنات العالمية من المعادن النادرة الضرورية لصناعة السيارات والصواريخ ومجموعة من المنتجات الإلكترونية. بدورها، أوقفت الولايات المتحدة شحنات المواد الكيميائية والآلات والتكنولوجيا إلى الصين، بما في ذلك البرمجيات والمكونات اللازمة لإنتاج الطاقة النووية والطائرات وأشباه الموصلات.

لا تفاؤل كبيراً

ترى الصين أن نقطة الضعف التي يمكن استخدامها للضغط على الولايات المتحدة، هي المعادن النادرة، وحاولت استخدامها لإلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب. لكن هذه الوسيلة جاءت بنتائج عكسية في نهاية المطاف، حيث كان رد فعل واشنطن فرض المزيد من ضوابط التصدير. وفي حين أن ترمب يأمل في إبرام صفقة تجارية أوسع مع الصين، لكن المسؤولين الأميركيين لا يشعرون بتفاؤل كبير بشأن إمكانية إحراز الجانبين تقدما نحو اتفاق شامل، خاصة مع استمرار النزاع حول سلسلة التوريد.

ويعتقد البعض أنه، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وبكين، والذي بدا أنه مرحلي حتى الآن، ولكن هل تملك بكين بالفعل الأفضلية كما تعتقد في مفاوضاتها التجارية مع واشنطن؟

يقول جاي كيديا، زميل باحث في مركز البدائل النقدية والمالية بمعهد «كاتو» في واشنطن، إن الاتفاق قد يكون مؤقتاً نظراً لنهج الحكومة الأميركية العشوائي في سياستها التجارية. ويضيف كيديا في حديث مع «الشرق الأوسط»: «يعود ذلك إلى سوء فهمها الجوهري للتجارة والعجز التجاري، وعدم توضيح أهدافها من هذه المفاوضات». ويرى أن هذا الأمر «قد أدى إلى سوء تنفيذ السياسات، إلى تقلبات قلّلت من قوة الإدارة التفاوضية».

عندما عادت الصين إلى محادثات التجارة الثلاثاء، كانت ترى من وجهة نظرها أنها تتمتع بموقف قوي، حيث صمد اقتصادها بشكل أفضل مما توقعه الكثيرون، بمن فيهم الرئيس ترمب. لا بل رأت النكسات القانونية التي عانتها إجراءاته الجمركية، مع إطلاق عبارة «تاكو» أو «ترمب دائما يتراجع»، وهو اختصار يشير إلى أن الرئيس غالبا ما يتحدث بلهجة حازمة بشأن الرسوم الجمركية لكنه يتراجع في النهاية. كما رأت الصين أنها تمسك بورقة جيوسياسية رابحة، «السيطرة على 90 في المائة من تصدير المعادن النادرة التي تشتد الحاجة إليها».

صورة لمدينة بكين (إ.ب.أ)

بكين لا تملك كل الأوراق

ورغم كل ما تُبديه الصين من شعور بالقوة، لكنها لا تملك كل الأوراق. فنموها الاقتصادي لا يزال ضعيفاً، حيث أظهرت الإحصاءات المنشورة قبل أيام، انخفاضاً حاداً بنسبة 34 في المائة في الصادرات إلى الولايات المتحدة في خضم حربها التجارية معها، رغم أن زيادة المبيعات إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا أدت إلى ارتفاع إجمالي الصادرات. كما أن الصين لا تزال عرضة لضوابط إدارة ترمب على صادرات التكنولوجيا الفائقة، خاصةً فيما يتعلق بأحدث أشباه الموصلات، اللازمة لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة والتي لم تتمكن الصين من إنتاجها محليا. وفي الأسابيع الأخيرة، حذّرت واشنطن الشركات من استخدام الرقائق الصينية المتقدمة من شركة «هواوي»، قائلة إنها «على الأرجح طُوّرت أو أُنتجت في انتهاك لضوابط التصدير الأميركية». كما أوقفت إدارة ترمب تصدير بعض التقنيات الأميركية المهمة، بما في ذلك تلك المتعلقة بمحركات الطائرات وأشباه الموصلات. وقد تتأثر الصين بشدة من جراء فرض المزيد من ضوابط التصدير في مجال أشباه الموصلات، خصوصا أن هناك الكثير مما يمكن لأميركا قطعه، وقد يلحق المزيد من الضرر بها.

ويرى خبراء أن الفرق بين ضوابط الصين على المعادن النادرة وضوابط الولايات المتحدة على الرقائق يكمن في التوقيت. فالتأثير الفوري لضوابط المعادن النادرة «استثنائي»، حيث يشكو المسؤولون التنفيذيون في صناعة السيارات اليوم من نقص وشيك، ومن عدم القدرة على إكمال صناعة السيارات.

اقتصادها ما زال هشاً

لكن بالمقارنة، إذا فرضت إدارة ترمب المزيد من الضوابط على الرقائق التي يمكن بيعها للصين، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور قدرات الصين وتقييد قدرتها على أن تصبح رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في المستقبل، رغم وجود بعض البدائل والتدابير المؤقتة التي يمكن للصين الاعتماد عليها.

وبحسب ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين، فقد اعتقد الكثيرون في إدارة ترمب أن اقتصاد الصين الهش سيجعلها عرضة للرسوم الجمركية ويجبرها على الرضوخ لمطالبه. فقد كانت بكين حتى قبل الخلافات الجمركية، تعاني من أزمة عقارية وضعف الاستهلاك، وقد تفاخر ترمب بأن الصين «تتعرض لضربة موجعة» جراء الحرب التجارية.

لكن يبدو أن بكين تمكنت من إدارة التداعيات الاقتصادية للاحتكاكات التجارية حتى هذه اللحظة، ويعود ذلك جزئيا إلى التدابير الرامية إلى تحفيز الاقتصاد، وتحفيز الطلب المحلي، وإيجاد أسواق مختلفة لصادرات الشركات الصينية.

ومع ذلك، يقول محللون إنه على الرغم من أن الخلاف يدور الآن حول الهيمنة على السلع الصلبة، كصناعة السيارات، لكن مع اعتماد الشركات على الكثير من المعدات والإضافات على التكنولوجيا، قد يؤدي وقف تصدير المعادن النادرة إلى تأثير مباشر. لكن في حال تراجع الاستهلاك الأميركي، فقد يتأثر الاقتصاد الصيني بقوة، بعدما تجاوز حجم التجارة بين البلدين 580 مليار دولار العام الماضي. وتستورد الولايات المتحدة من الصين أكثر من ثلاثة أضعاف ما يشتريه المستهلكون الصينيون من الأميركيين، وهو ما يندد به ترمب منذ سنوات باعتباره مقياسا للتراجع الصناعي.


مقالات ذات صلة

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة مجمعة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والبرازيلي لولا دا سيلفا (أ.ف.ب)

الرئيس البرازيلي يتوقع مزيداً من تخفيضات الرسوم بعد اتصال مع ترمب

قال الرئيس البرازيلي يوم الأربعاء، إنه يتوقع من نظيره الأميركي أن يُجري قريباً مزيداً من التخفيضات في الرسوم الجمركية على المنتجات البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.