تأهب في «ناسا» والبنتاغون لإلغاء «عقود ماسك»

«سبيس إكس» تلعب دوراً محورياً في تسهيل سياسات ترمب في الفضاء

ماسك وترمب في مركز كيندي للفضاء بعد نجاح «سبيس إكس» في إطلاق «فالكون 9» مايو 2020 (أ.ف.ب)
ماسك وترمب في مركز كيندي للفضاء بعد نجاح «سبيس إكس» في إطلاق «فالكون 9» مايو 2020 (أ.ف.ب)
TT

تأهب في «ناسا» والبنتاغون لإلغاء «عقود ماسك»

ماسك وترمب في مركز كيندي للفضاء بعد نجاح «سبيس إكس» في إطلاق «فالكون 9» مايو 2020 (أ.ف.ب)
ماسك وترمب في مركز كيندي للفضاء بعد نجاح «سبيس إكس» في إطلاق «فالكون 9» مايو 2020 (أ.ف.ب)

لم يتوقّع أحد الانهيار السريع والشرس في علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره المقرّب إيلون ماسك، بعد أيّام من حفل توديع الأخير في البيت الأبيض إثر انتهاء عقده في إدارة كفاءة الحكومة (دوج). وبعدما هدّد ترمب بفسخ العقود الحكومية لشركتي ماسك، «سبيس إكس» و«تسلا»، هدّد الأخير - قبل أن يتراجع لاحقاً - بسحب مركبته «كرو دراغون»، التي تعد الوسيلة الوحيدة الموثوقة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» للوصول إلى محطة الفضاء الدولية.

وكتبت بيثاني ستيفنز، المتحدثة باسم «ناسا»، على موقع «إكس» في وقت متأخر من بعد ظهر الخميس: «ستواصل ناسا تنفيذ رؤية الرئيس لمستقبل الفضاء. سنواصل العمل مع شركائنا في الصناعة لضمان تحقيق أهداف الرئيس في الفضاء».

ويُهدّد تفاقم الخلاف بين إدارة ترمب وماسك بالحدّ من قدرة كلّ من وزارة الدفاع (البنتاغون) و«ناسا»، على تحقيق العديد من الأهداف المتعلقة بالفضاء، والعمليات العسكرية والأمنية، التي تُسهّلها شركة «سبيس إكس». فما طبيعة الأضرار التي تتأهب لها الحكومة الأميركية في حال مضى الرئيس ترمب في تنفيذ تهديده بحق «عقود ماسك»؟

كيف بدأت العلاقة بين الطرفين؟

في عام 2006، فازت شركة صغيرة غير معروفة تُدعى شركة تقنيات استكشاف الفضاء «سبيس إكس»، وهي التي أسّسها إيلون ماسك، بعقد من «ناسا» لنقل البضائع والإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية. في ذلك الوقت، لم تكن «سبيس إكس» قد أطلقت أي مركبة إلى المدار بعد، ولم تنجح في ذلك إلا بعد عامين، حين أطلقت صاروخها الصغير «فالكون 1». ولكن منذ ذلك الحين، أصبحت الشركة ركيزة أساسية لجميع رحلات الفضاء الأميركية؛ المدنية منها والعسكرية.

أميركيون يتابعون إطلاق صاروخ «ستارشيب» التابع لـ«سبيس إكس» في تكساس يوم 27 مايو (أ.ف.ب)

وفي عام 2010، بدأت الشركة بإطلاق أول صاروخ من طراز «فالكون 9». وبحلول عام 2012، كان الصاروخ يُرسل البضائع إلى محطة الفضاء الدولية. وساعدت «ناسا» في تمويل تطوير الصاروخ، لتستغل شركة «سبيس إكس» موافقة الوكالة الحكومية على توقيع عقود مع شركات محلية وخارجية ترغب بإطلاق أقمارها الاصطناعية.

ومنذ ذلك الحين، تحولت «سبيس إكس» إلى أهم ناقل للأقمار الاصطناعية، وبأقلّ سعر من أي منافس آخر. كما فازت خلال إدارتي باراك أوباما، ولاحقاً دونالد ترمب، بعقد لنقل رواد الفضاء إلى المحطة الدولية.

وتذكر صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترمب ألقى خطاباً في «مركز كيندي للفضاء»، بولاية فلوريدا في مايو (أيار) 2020، قائلاً إن «الشراكة الرائدة بين (ناسا) و(سبيس إكس) اليوم، منحت أمتنا هدية قوة لا مثيل لها، مركبة فضائية متطورة لوضع رواد فضاءنا في المدار بجزء بسيط من تكلفة مكوك الفضاء».

وما عزز موقع «سبيس إكس» هو تعثر منافسيها، مما مكنها من الهيمنة على صناعة الفضاء، حيث تعتمد عليها الحكومة الفيدرالية الآن اعتماداً كبيراً. وعلى المدى القريب، لا تملك الحكومة خيارات أخرى تُذكر لإرسال البشر والحمولات إلى المدار وما بعده.

وسيلة موثوقة

وتعد كبسولات «كرو دراغون» الناقل الوحيد الموثوق لرواد الفضاء، والحمولات، إلى محطة الفضاء الدولية لصالح «ناسا». وفي حال توقفها، ستتزايد الشكوك بمستقبل المحطة المتهالكة، التي ستتولى «سبيس إكس» نفسها بناء مركبة لدفعها إلى مدار فوق المحيط الهادئ لتأمين سقوطها بشكل آمن عام 2030، بعد انتهاء مدّة عملها. ورغم أن ماسك قد تراجع عن تهديده بسحب المركبة الراسية الآن في المحطة الدولية، لكن في حال نفّذه، فستكون «ناسا» مجبرة على إعادة رواد الفضاء الأربعة الذين يعتمدون على «كرو دراغون» في رحلة العودة إلى الأرض، من دون أن يكون لديها وسيلة موثوقة أخرى سواها لإرسال رواد فضاء جدد.

وكانت «ناسا» قد استعانت بشركات أخرى لتقديم هذه الخدمات، كبديل في حال حدوث أي مشكلة، بينها شركة «بوينغ»، التي تعاقدت معها لنقل رواد الفضاء إلى المدار. لكن كبسولتها «ستارلاينر» تعرّضت لمشكلات لم تتمكن الشركة من إصلاحها حتى الآن، ما أدى إلى بقاء رائدي فضاء، كانت نقلتهم الكبسولة، في المحطة الدولية لمدة 9 أشهر بدلاً من بضعة أيام، ولم يعودوا إلى الأرض إلّا على متن المركبة «كرو دراغون». وفي غياب أي إعلان من «بوينغ» و«ناسا» عن الموعد الجديد لإطلاق «ستارلاينر» التالي، من غير المتوقع أن يتم تدشين كبسولة جديدة قبل العام المقبل.

كما لدى شركة «نورثروب غرومان» للطيران والفضاء عقد مع «ناسا» لنقل البضائع إلى محطة الفضاء الدولية باستخدام مركبتها الفضائية «سيغنوس». لكن العملية ألغيت بعدما تعرضت المركبة لأضرار خلال شحنها إلى قاعدة الإطلاق في فلوريدا. وتعاقدت «ناسا» مع شركة ثالثة، وهي «سييرا سبيس» بولاية كولورادو، لتسليم البضائع. ولكن مركبتها «دريم تشيسر» الفضائية لم تُجرِ رحلتها الأولى بعد.

«ناسا» قد تعدل خططها

سيكون على «ناسا» مواجهة العديد من التحديات، في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة العودة بقوة إلى الفضاء في مواجهة منافسين على رأسهم الصين، ومواجهة أخطار انتقال سباق التسلح إلى الفضاء، مع نشر بكين وموسكو أقماراً صناعية مسلحة.

جانب من إطلاق صاروخ «فالكون 9» في فلوريدا يناير 2025 (أ.ف.ب)

وعلى المدى القصير، قد تضطر «ناسا» إلى تقليص عدد طاقم محطة الفضاء إلى ثلاثة، في حال قررت العودة للاستعانة بكبسولة «سويوز» الروسية، كما جرى في وقت سابق بعد تقاعد مكوكات الفضاء الأميركية وقبيل بدء رحلات «كرو دراغون». وهو ما قد يسبب إحراجاً سياسياً كبيراً، في ظل الخلافات القائمة بسبب الحرب في أوكرانيا. ومن دون «سبيس إكس»، ستنهار الخطة الحالية لهبوط رواد فضاء أميركيين على سطح القمر في السنوات المقبلة، على متن صاروخ «ستارشيب» العملاق الجديد الذي سينقل رائدي فضاء إلى سطح القمر خلال المهمة الثالثة في برنامج «أرتميس».

ومع أن «ناسا» لديها عقد مع شركة «بلو أوريجين» للصواريخ، وهي الشركة التي أسّسها جيف بيزوس، لإطلاق مركبة هبوط على سطح القمر، فإنه لن يتم ذلك إلّا بعد سنوات عدة خلال مهمة «أرتميس 5».

الأقمار الصناعية العسكرية

وقد يؤدي إلغاء جميع عقود «سبيس إكس»، كما هدّد ترمب، إلى ترك العديد من الحمولات والمعدات العلمية والمدنية والعسكرية للحكومة عالقة على الأرض.

فقد تعاقدت وزارة الدفاع مع «سبيس إكس» لبناء نسخة أكثر أماناً من أقمار «ستارلينك» للإنترنت، لأغراض الاتصالات العسكرية. كما أن خططها لإطلاق أقمار صناعية عسكرية في مواجهة الصين وروسيا قد تتأثر أيضاً، حيث إنها تعتمد على «سبيس إكس» التي تطلق بشكل روتيني أقماراً صناعية عسكرية واستخباراتية أميركية سرية تدور حول الأرض. وفازت «سبيس إكس» بعقود لإطلاق مهمات علمية تابعة لـ«ناسا»، مثل «دراغون فلاي»، وهي مركبة تعمل بالطاقة النووية، ومن المقرر أن تحلّق حول قمر تيتان التابع لكوكب زحل.


مقالات ذات صلة

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

الاقتصاد نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا منصة «إكس»

شريحة دماغية تُمكّن المرضى من تحريك أطراف روبوتية بمجرد التفكير

شريحة «نيورالينك» تُمكّن مرضى الشلل من تحريك أطراف روبوتية بالتفكير فقط، مع استمرار التجارب السريرية وتوسع مشاركة المرضى في التقنية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإيلون ماسك يتحدثان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (أ.ف.ب) play-circle

ترمب لا يزال «معجباً» بماسك بعد أشهر من خلافهما

كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء أنه لا يزال مُعجباً بالملياردير إيلون ماسك «كثيراً» على الرغم من خلافهما البارز في وقت سابق من هذا العام

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
إعلام ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

بعد أكثر من 3 سنوات على استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، تزداد المؤشرات على تراجع المنصة من حيث «التأثير والتفاعل».

إيمان مبروك (القاهرة)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
TT

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

يُتوقع أن يُسلّم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، «جائزة الفيفا للسلام» عند إجراء قرعة كأس العالم، يوم الجمعة.

ومع رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الأسبوع، لمقترح ترمب للسلام في أوكرانيا، ذكر أوكرانيون بارزون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان لصحيفة «تلغراف» البريطانية أن تقديم الجائزة قد يكون قراراً غير حكيم، في حين يواجه إنفانتينو مزاعم بـ«التودُّد» لترمب، فهذا ما يحدث.

ما جائزة «فيفا للسلام»؟

بعد أسابيع من رفض لجنة نوبل منح ترمب جائزة السلام الشهيرة، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن إطلاقه جائزة «الفيفا للسلام - كرة القدم توحِّد العالم».

في بيان نشره إنفانتينو بحسابه على «إنستغرام»، قال: «في عالم يزداد اضطراباً وانقساماً، من الضروري الاعتراف بالمساهمة المتميزة لأولئك الذين يعملون بجد لإنهاء النزاعات، وجمع الناس في روح السلام».

وأعلن «الفيفا» أن الجائزة ستُمنح سنوياً، وسيتم تقديم الجائزة الافتتاحية في قرعة كأس العالم بواشنطن، وستُمنح للأفراد الذين «ساهموا في توحيد شعوب العالم في سلام، وبالتالي يستحقون تقديراً خاصاً وفريداً».

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)

لماذا سيحصل ترمب على الجائزة؟

سيكون هذا بمثابة إهانة كبيرة، إذا لم يكن «ضيف شرف (الفيفا)» يوم الجمعة، هو الفائز.

وشارك ترمب في مقترحات سلام لروسيا وأوكرانيا، لكن يبدو أن الجائزة تُشير، على الأرجح، إلى نجاحه في المساعدة على التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

وأُطلقت الجائزة بعد ثلاثة أسابيع فقط من استنكار البيت الأبيض لتجاهل ترمب لـ«جائزة نوبل»، متهماً اللجنة النرويجية بـ«تفضيل السياسة المكانية على السلام».

وأُشيد بترمب لدفعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على شروط كان قد رفضها سابقاً.

وتتطلب المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام المكونة من 20 نقطة سد الثغرات، في إطار العمل الذي ينص على أن قطاع غزة سيكون منزوع السلاح، ومؤمّناً، وتديره لجنة تضم فلسطينيين.

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

لماذا تُثير الجائزة جدلاً؟

أعرب منتقدو ترمب وجماعات حقوق الإنسان عن غضبهم، وأُثيرت مخاوف بشأن توقيتها نظراً لعدم تبلور خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا بعد.

وقال إيفان ويتفيلد، لاعب الدوري الأميركي السابق رئيس تحالف حقوق الإنسان لكرة القدم ومقره الولايات المتحدة: «كثيرٌ منا، نحن الأميركيين، لا نرى رئيسنا جديراً بجائزة السلام. لا ينبغي لـ(فيفا) أو أي منظمة أخرى أن تُكافئ الرئيس ترمب بأي نوع من جوائز السلام. (فيفا) تُمثل كرة القدم العالمية، وعليها أن تؤدي هذا الدور بصدقٍ وصدقٍ من أجلنا جميعاً، وليس فقط من هم في مناصب نافذة».

وقال ألكسندر رودنيانسكي، المخرج الأوكراني المرشح لجائزة الأوسكار المعارض البارز للكرملين: «سيكون من الرائع لو مُنحت جوائز للإنجازات التي تحققت بالفعل».

وأضاف: «إذا فاز ترمب بهذه الجائزة بالفعل، فسيُنظر إليها على أنها إهانة لمئات الأوكرانيين الذين ما زالوا يموتون يومياً - سواء على خطوط المواجهة أو تحت قصف الصواريخ الروسية في منازلهم. بينما لا تزال الحرب مستعرة، يناقش مبعوث ترمب صفقات مربحة محتملة مع موسكو. من ناحية أخرى، ترمب اليوم هو الشخص الوحيد في العالم الذي يحاول بأي طريقة جادة وقف الحرب في أوكرانيا. لقد حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام مُسبقاً، ونحن نعيش عواقب رئاسته، ومنها هذه الحرب... يستحق ترمب الثناء على غزة، لكن الأمور مع أوكرانيا لم تنتهِ بعد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس «فيفا» جاني إنفانتينو في شرم الشيخ (أ.ف.ب)

وأضاف ابنه ألكسندر، أستاذ الاقتصاد المشارك في كمبردج المستشار الرئاسي لأوكرانيا حتى 2024: «ليس من شأني الحكم على ما إذا كان الوقت قد حان لفوز ترمب بجائزة السلام أم لا. ربما يكون ذلك أكثر ملاءمة، بعد أن نتوصل فعلياً إلى اتفاق في أوكرانيا يُعتبر ناجحاً وترتيباً قابلاً للاستقرار».

كما لاقت الجائزة ردود فعل متباينة داخل «فيفا» نفسها، وهناك اقتراحات تشير إلى عدم استشارة بعض أعضاء اللجنة بشأن خطط إطلاق الجائزة قبل صدور البيان، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومع ذلك، ردّت شخصيات بارزة على المنتقدين، حيث قالت برايان سوانسون، مدير العلاقات الإعلامية في «فيفا»: «لا يمكن انتقاد (فيفا) إلا لتقديرها لمن يريدون السلام العالمي. ومن الواضح أن أعضاء (فيفا) راضون عن أداء إنفانتينو لوظيفته؛ فقد أُعيد انتخابه دون معارضة في عام 2023».

ما العلاقة بين إنفانتينو وترمب؟

يصف إنفانتينو صداقته مع ترمب بأنها «وثيقة». وقال في أكتوبر (تشرين الأول): «أنا محظوظ حقاً»، بعد استضافته في البيت الأبيض في مناسبات قليلة هذا العام وحده.

في منتدى الأعمال الأميركي في ميامي مؤخراً، أشاد إنفانتينو بمزايا سياسات ترمب. وقال: «عندما تكون في ديمقراطية عظيمة كالولايات المتحدة الأميركية، يجب عليك أولاً احترام نتائج الانتخابات، أليس كذلك؟ لقد انتُخب بناءً على برنامج... وهو ينفّذ فقط ما وعد به. أعتقد أنه يجب علينا جميعاً دعم ما يفعله لأنني أعتقد أنه يُبلي بلاءً حسناً».

وكان ترمب، خلال ولايته الأولى في الرئاسة، استضاف إنفانتينو في البيت الأبيض في 2018، لكن المراقبين يقولون إن علاقتهما توطدت في 2020 في حفل عشاء أُقيم ضمن فعاليات القمة الاقتصادية العالمية بدافوس، بالقرب من مقر «فيفا» في زيوريخ، وصف إنفانتينو ترمب في البداية بأنه «صديقي العزيز».


استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، استراتيجية جديدة منتظرة منذ مدة طويلة، تقوم على تحوّل جذري في سياسة الولايات المتحدة الخارجية تنقل تركيز القوة العظمى من الساحة العالمية إلى الجوار الإقليمي، وتنذر بزوال الحضارة الأوروبية، وتضع الحد من الهجرة الجماعية على رأس أولوياتها.

وتعهّدت الاستراتيجية الجديدة التي نُشرت، صباح الجمعة، «تعديل حضورنا العسكري العالمي للتعامل مع التهديدات العاجلة لجزئنا من الكرة الأرضية، والابتعاد عن الميادين التي تراجعت أهميتها النسبية للأمن القومي الأميركي خلال السنوات أو العقود الأخيرة».

اتجاه نحو أميركا اللاتينية

وبناءً على الوثيقة - المؤلَّفة من 33 صفحة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» - تم تحديد رؤية خارجة عن المألوف للعالم، تتصدّر أميركا اللاتينية أجندة الولايات المتحدة في تحوّل جذري عن دعوتها تاريخياً للتركيز على آسيا في مواجهة صعود الصين، مع تسجيل تراجع كبير في اهتمام الإدارة الحالية بالشرق الأوسط.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تمهيد للوثيقة: «في كل ما نفعله، نضع أميركا أولاً».

وفي قطيعة مع عقود من المساعي الرامية إلى الانفراد بموقع القوة العظمى، تؤكد الاستراتيجية أن «الولايات المتحدة ترفض أن تنتهج بنفسها المبدأ المشؤوم للهيمنة على العالم».

وإن كانت تشير إلى أن الولايات المتحدة ستمنع قوى أخرى، لا سيما الصين، من الهيمنة أيضاً، فالاستراتيجية الجديدة تؤكد أن «ذلك لا يعني هدر الدماء والأموال للحد من نفوذ جميع قوى العالم العظمى والمتوسطة».

محاربة الهجرة الجماعية

تسعى الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب لوضع حد للهجرة الجماعية حول العالم، وجعل السيطرة على الحدود «العنصر الأساسي للأمن الأميركي»، حسبما جاء في الوثيقة. وجاء في الوثيقة التي حملت اسم «استراتيجية الأمن القومي»: «يجب أن ينتهي عصر الهجرة الجماعية. أمن الحدود هو أهم عنصر من عناصر الأمن القومي». وأضافت: «يجب أن نحمي بلادنا من الغزو، ليس من الهجرة غير المنضبطة فحسب، بل كذلك من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والمخدرات والتجسس والاتجار بالبشر».

تحذير من المحو الحضاري لأوروبا

وفي لغة غير مألوفة عند مخاطبة حلفاء مقرّبين، تشير الاستراتيجية إلى أن الإدارة الأميركية ستعمل على «تنمية المقاومة لمسار أوروبا الراهن داخل البلدان الأوروبية نفسها». وجاء الرد الألماني سريعاً؛ إذ شددت برلين على أنها ليست بحاجة إلى من يعطيها «نصائح من الخارج». وتشير الاستراتيجية إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، وهو أمر ناجم إلى حد كبير عن صعود الصين وغيرها من القوى، وتقول إن «التراجع الاقتصادي يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحاً يتمثل بالمحو الحضاري... إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون 20 عاماً أو أقل». وفي وقت يسعى ترمب لوضع حد للحرب في أوكرانيا بموجب خطة تمنح روسيا مزيداً من الأراضي، تتّهم الاستراتيجية الأوروبيين بالضعف وتؤكد أن على الولايات المتحدة أن تركّز على «محو الانطباع بأن (الناتو) حلف يتمدّد بلا انقطاع، والحيلولة دون تجسّد ذلك على أرض الواقع».

«مبدأ مونرو»

منذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، أمر ترمب بالحد بشكل كبير من الهجرة بعد مسيرة سياسية تضمنت إثارة المخاوف من تراجع نفوذ ومكانة الأغلبية البيضاء. وتتحدّث الاستراتيجية صراحة عن تعزيز هيمنة الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية؛ حيث تستهدف إدارة ترمب مهرّبي مخدرات مفترضين في البحر، وتتدخل ضد قادة يساريين، وتسعى علناً للسيطرة على موارد رئيسية مثل قناة بنما. وتظهر الاستراتيجية ترمب على أنه يعمل على تحديث «مبدأ مونرو» القائم منذ قرنين والذي أعلنت في إطاره الولايات المتحدة التي كانت حديثة العهد حينذاك أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى المنافسة؛ فهي تقول «سنُعلن ونطبِّق مُلحق ترمب على مبدأ مونرو».

المدمرة التابعة للبحرية الأميركية «يو إس إس غرايفلي» تقترب من «بورت أوف سبين» لإجراء تدريب مشترك مع قوة دفاع ترينيداد وتوباغو لتعزيز الأمن الإقليمي والتعاون العسكري... ترينيداد وتوباغو 26 أكتوبر 2025 (رويترز)

تراجع الاهتمام بالشرق الأوسط

في المقابل، تولي الاستراتيجية اهتماماً أقل بالشرق الأوسط، المنطقة التي كثيراً ما شغلت واشنطن. وتنص الاستراتيجية على أن «هدف أميركا التاريخي للتركيز على الشرق الأوسط سيتراجع». ومع التذكير بأن أمن إسرائيل أولوية بالنسبة لواشنطن، تتجنَّب الوثيقة استخدام اللغة نفسها حيال إسرائيل والتي كانت تُستخدم حتى في إدارة ترمب الأولى. وأما بالنسبة للصين، فتكرر الاستراتيجية الدعوة لتكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ «حرة ومفتوحة» مع التركيز على بكين منافساً اقتصادياً في المقام الأول.

حض الحلفاء على إنفاق أكبر لمواجهة الصين

وبعد تكهّنات عديدة بشأن ما سيكون عليه موقف ترمب من تايوان التي تطالب بها بكين، توضح الاستراتيجية أن الولايات المتحدة تؤيد الوضع القائم منذ عقود، لكنها تدعو حليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية للمساهمة أكثر لضمان قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها أمام الصين.

وجاء في الوثيقة: «علينا حضّ هذين البلدين على زيادة الإنفاق الدفاعي مع التركيز على الإمكانات... اللازمة لردع الأعداء، وحماية سلسلة الجزر الأولى»، في إشارة إلى حاجز طبيعي من الجزر يشمل تايوان شرق الصين. وكما هو متوقع، تركّز الاستراتيجية بدرجة أقل على أفريقيا، قائلة إن على الولايات المتحدة الابتعاد عن «الفكر الليبرالي» و«العلاقة القائمة على المساعدات»، والتأكيد على أهداف على غرار تأمين المعادن الحيوية. يصدر الرؤساء الأميركيون عادة «استراتيجية للأمن القومي» في كل ولاية لهم في البيت الأبيض. ومنحت الأخيرة التي نشرها جو بايدن في 2022 أولوية للتفوّق في المنافسة مع الصين مع كبح جماح روسيا التي وُصفت بأنها «خطيرة».


اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
TT

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

قالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية إن سلطات الهجرة ألقت القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس قبل يوم من عيد الغفران اليهودي.

وألقت إدارة الهجرة والجمارك الأميركية القبض على كارلوس برتغال جوفيا، وهو برازيلي، يوم الأربعاء، بعد أن ألغت وزارة الخارجية الأميركية تأشيرته المؤقتة المخصصة لغير المهاجرين بعد ما وصفته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «واقعة إطلاق نار بدافع معاداة السامية» - وهو ما يتعارض مع وصف السلطات المحلية للقضية، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت وزارة الأمن الداخلي إن جوفيا، وهو أستاذ مشارك في كلية الحقوق بجامعة ساو باولو والذي كان يدرس في جامعة هارفارد خلال فصل الخريف، وافق على مغادرة البلاد. ولم يتسنَّ الوصول إليه بعد للتعليق، ورفضت جامعة هارفارد ومقرها كامبريدج بولاية ماساتشوستس التعليق.

وجاء اعتقال جوفيا في الوقت الذي ضغطت فيه إدارة ترمب على هارفارد للتوصل إلى اتفاق لحل سلسلة من المشكلات، من بينها اتهام هارفارد بأنها لم تفعل ما يكفي لمكافحة معاداة السامية ولحماية الطلاب اليهود في الحرم الجامعي.

وألقت الشرطة في بروكلين بولاية ماساتشوستس القبض على جوفيا في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أن تلقت بلاغاً عن شخص يحمل بندقية بالقرب من الكنيس في الليلة السابقة لعيد الغفران، وذكر تقرير الشرطة أن جوفيا قال إنه كان يستخدم بندقية خرطوش لاصطياد الفئران في مكان قريب.

ووافق الشهر الماضي على الاعتراف بتهمة استخدام بندقية الخرطوش بشكل غير قانوني وقضاء ستة أشهر تحت المراقبة لحين المحاكمة. وتم إسقاط التهم الأخرى التي واجهها، مثل تعكير الصفو العام والسلوك المخل بالنظام وتخريب الممتلكات كجزء من صفقة الإقرار بالذنب.

وقال الكنيس في وقت سابق، إن الشرطة أبلغته بأن جوفيا «لم يكن على علم بأنه يعيش بجوار معبد يهودي وبأنه يطلق بندقية الخرطوش بجواره أو أن هناك عطلة دينية».