تتسارع خطى وزارتي السياحة والداخلية السورية لتهيئة الأماكن السياحية، والساحل السوري في رأس قائمتها، لاستقبال الأعداد المتزايدة من زائري البلاد، سواء من السوريين المغتربين أو الأجانب والعرب، خصوصاً مع اقتراب عيد الأضحى.
وقال مدير العلاقات المحلية والدولية في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، إنه تم الاستعجال بافتتاح معبر العريضة في محافظة طرطوس على الحدود مع لبنان، بسبب الطلبات الكثيرة من السوريين الراغبين بالقدوم إلى سوريا لقضاء عطلة العيد، وقد تم تجهيز المعبر بشكل جيد، وهناك بعض التجهيزات سيجري استكمالها بعد العيد.

في سياق الاستعداد للموسم السياحي، تم تخريج أول دفعة من إدارة «الشرطة السياحية» المستحدثة مؤخراً، في إطار الهيكلة الجديدة لوزارة الداخلية، وتتولى هذه الإدارة تأمين المواقع السياحية وزوارها، كما يدرب أفرادها على إتقان اللغات الأجنبية والتعامل مع الجنسيات المختلفة، وضمت أول دفعة نحو 45 شرطياً سياحياً جرى تدريبهم في إطار التعاون المشترك بين وزارتي الداخلية والسياحة.
يأتي هذا النشاط في مواجهة مخاوف من انكفاء حركة السياحة هذا العام على خلفية التداعيات التي خلفتها الأحداث الأمنية التي شهدتها مناطق الساحل في مارس (آذار) الماضي، إذ تعدُّ المناطق الساحلية في سوريا الوجهة الأبرز لحركة السياحة الصيفية الداخلية وإجازة عيد الأضحى.
وبدأت شركات السياحة بدمشق، قبل عشرة أيام، الإعلان عن رحلات إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس، حسب بلال أحمد، الموظف في إحدى تلك الشركات الذي قال إن مستوى الحجوزات «جيد جداً على رحلات الساحل ومخالف للتوقعات»، لافتاً إلى حركة قدوم كبيرة للمغتربين في الأسبوع الأخير قبل العيد، ومشيراً إلى تراجع المخاوف الأمنية في غالبية مناطق الساحل، ومؤكداً على أن أسواق المدن هناك تشهد حركة كثيفة قبل العيد.

مؤسسة البيئة النظيفة، بالتعاون مع الفرق التطوعية والجمعيات المحلية، قامت بحملة تنظيف وتجميل وزراعة نباتات في مدينة طرطوس استعداداً للعيد والموسم السياحي، فيما قالت مصادر حكومية إن الحكومة تولي اهتماماً كبيراً بتفعيل قطاع السياحة في مناطق الساحل السوري، كجزء من حل المشكلات المعيشية وحالة البطالة، التي خلفتها إجراءات تسريح الموظفين والعسكريين، باعتبار أن معظم السكان هناك يعتمدون على الموسم السياحي مصدر رزق.
ولفتت المصادر إلى أن الحكومة تبذل جهوداً مكثفة لإعادة الأمان وفرض الأمن في المواقع والمنشآت السياحية والأسواق والأماكن المكتظة.

ويوجد في مناطق الساحل 32 منشأة بقدرة استيعابية إجمالية 7000 سرير. وتعمل وزارة السياحة على اتخاذ ما يلزم لضمان جودة الخدمات وضبط الأسعار، وتفعيل الشرطة السياحية لتأمين السائحين والمنشآت بالتعاون مع وزارة الداخلية، وذلك من خلال خطة متكاملة تشمل التنسيق مع الجهات المعنية لصيانة وتأهيل البنى التحتية، والترويج السياحي محلياً وخارجياً.
وزير السياحة مازن الصالحاني عدَّ تشكيل إدارة «الشرطة السياحية» لتدريب شرطة متخصصة بقطاع السياحة «خطوة نوعية لتعزيز أمن الزائرين، وتقديم أعلى مستويات الخدمة». وقال خلال حفل التخريج إن وزارته تواصل جهودها لتطوير القطاع السياحي وتنشيطه في سوريا، مؤكداً على أن نجاح هذه المبادرة يعتمد بشكل كبير على الدعم والتعاون من المجتمعات المحلية، لتكون سوريا وجهة سياحية رائدة، ومؤكداً على أن «تضافر جهود الجهات الحكومية والمجتمعات المحلية هو مفتاح النجاح لتحقيق هذا الهدف».

ويعد قطاع السياحة في سوريا من أكثر القطاعات المتضررة خلال سنوات الحرب، وقدرت الخسائر بنحو 2.3 ترليون دولار منذ عام 2011، وفق أرقام حكومات النظام السابق، وتشمل الخسائر المباشرة، مثل تدمير الفنادق والمواقع الأثرية التاريخية والدينية والأضرار المادية الأخرى؛ بالإضافة إلى الخسائر غير المباشرة، مثل إغلاق الشركات وفقدان الوظائف، عدا عن تراجع واردات قطاع التجارة والخدمات.
وبعد سقوط النظام عادت حركة القادمين تنشط إلى سوريا، وبلغ عدد السوريين العائدين حتى الآن نحو 400 ألف سوري، ناهيك عن آلاف الزائرين من العرب والأجانب. وقال مدير العلاقات العامة في «الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية» السورية مازن علوش، في منشور على منصة «إكس»، الأحد، إن المنافذ الحدودية السورية تشهد ازدحاماً مع توافد آلاف السوريين القادمين من الخارج، سواء في زيارة قصيرة أو للاستقرار النهائي، إضافة إلى دخول متزايد للقادمين العرب والأجانب.

إلا أن التدفق الكثيف للقادمين إلى سوريا يواجه مشاكل عدة؛ أبرزها عدم توفر غرف فندقية مجهزة وكافية لتلبية الاحتياج، حيث لا يتجاوز عدد الفنادق المجهزة في دمشق 65 فندقاً، أغلبها متهالك وبحاجة إلى إعادة تأهيل، فيما وجدت الشركات الفندقية والسياحية نفسها فجأة أمام حركة غير مسبوقة للقادمين إلى سوريا بعد سقوط النظام، وقد وصلت نسبة الإشغال في معظم الفنادق 100 في المائة، ضمن حالة من فوضى الأسعار وتدني جودة الخدمات. ومن المتوقع ازدياد أعداد القادمين مع حلول عيد الأضحى وعطل المدارس وفصل الصيف.
