محادثات التجارة الأميركية - الصينية «متعثرة» وتتطلب تدخلاً من ترمب وشي

بكين مستعدة لتعزيز الحوار بشأن «المعادن النادرة»... وتتأهب للتخلي عن «إنفيديا»

شاحنات تمر بين آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نينغبو شرق الصين (أ.ف.ب)
شاحنات تمر بين آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نينغبو شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

محادثات التجارة الأميركية - الصينية «متعثرة» وتتطلب تدخلاً من ترمب وشي

شاحنات تمر بين آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نينغبو شرق الصين (أ.ف.ب)
شاحنات تمر بين آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نينغبو شرق الصين (أ.ف.ب)

صرّح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يوم الخميس بأن محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين «متعثرة بعض الشيء»، وأن التوصل إلى اتفاق سيتطلب على الأرجح مشاركة مباشرة من الرئيس دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الاختراقية التي قادها بيسنت، والتي أسفرت عن هدنة مؤقتة في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، صرّح بيسنت لشبكة «فوكس نيوز» بأن التقدم منذ ذلك الحين كان بطيئاً، لكنه قال إنه يتوقع المزيد من المحادثات في الأسابيع القليلة المقبلة.

وقال بيسنت: «أعتقد أننا قد نجري في وقت ما مكالمة هاتفية بين الرئيس ترمب والرئيس شي»، وتابع: «بالنظر إلى حجم المحادثات وتعقيدها... سيتطلب هذا من الزعيمين مناقشة الأمر مع بعضهما البعض». تربطهما علاقة جيدة، وأنا واثق من أن الصينيين سيجلسون إلى طاولة المفاوضات عندما يُعلن الرئيس ترمب عن تفضيلاته.

وأدى الاتفاق الأميركي الصيني لخفض الرسوم الجمركية الثلاثية الأرقام لمدة 90 يوماً إلى ارتفاع كبير في أسواق الأسهم العالمية. لكنه لم يُعالج الأسباب الكامنة وراء فرض ترمب رسوماً جمركية على السلع الصينية، والتي تتمثل في شكاوى أميركية قديمة من النموذج الاقتصادي الصيني الذي تُهيمن عليه الدولة ويعتمد على التصدير، تاركاً هذه القضايا لمحادثات مستقبلية.

ومنذ اتفاق منتصف مايو (أيار)، ركزت إدارة ترمب على مفاوضات الرسوم الجمركية مع شركاء تجاريين رئيسيين آخرين، بما في ذلك الهند واليابان والاتحاد الأوروبي. وهدد ترمب الأسبوع الماضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على سلع الاتحاد الأوروبي، لكنه أرجأ هذا التهديد.

وقضت محكمة تجارية أميركية يوم الأربعاء بأن ترمب تجاوز سلطته بفرض الجزء الأكبر من رسومه الجمركية على الواردات من الصين ودول أخرى بموجب قانون صلاحيات الطوارئ. ولكن بعد أقل من 24 ساعة، أعادت محكمة استئناف فيدرالية فرض الرسوم الجمركية، قائلة إنها ستُعلق قرار محكمة التجارة مؤقتاً للنظر في استئناف الحكومة. وأمرت محكمة الاستئناف المدعين بالرد بحلول 5 يونيو (حزيران) المقبل، والإدارة بالرد بحلول 9 يونيو. وصرح بيسنت سابقاً بأن بعض الشركاء التجاريين، ومنهم اليابان، يتفاوضون بحسن نية، وأنه لم يلاحظ أي تغيير في مواقفهم نتيجة لقرار المحكمة التجارية. وقال بيسنت إنه سيلتقي بوفد ياباني يوم الجمعة في واشنطن.

وفي سياق مستقل، قالت الصين إنها لا تزال ملتزمة بالحفاظ على استقرار سلاسل التصنيع والإمداد العالمية، وإنها مستعدة لتعزيز الحوار والتعاون بشأن ضوابطها على تصدير المعادن الأرضية النادرة. وعند سؤال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان عن تدابير الرقابة على تلك الصادرات، قال إن القيود التي تفرضها بكين تتوافق مع الممارسات الدولية الشائعة.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة علقت بعض مبيعات التكنولوجيا المهمة إلى الصين، ردا على القيود التي فرضتها الصين في الآونة الأخيرة على صادرات معادن مهمة إلى الولايات المتحدة.

وفي غضون ذلك، ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» يوم الخميس أن كبرى شركات التكنولوجيا في الصين بدأت عملية للتحول إلى الرقائق المصنعة محليا في ظل تناقص المخزون من معالجات «إنفيديا» وتشديد قيود التصدير الأميركية.

ونقل التقرير عن مسؤولين تنفيذيين في القطاع أن شركات «علي بابا» و«تنسنت» و«بايدو» من بين الشركات التي بدأت اختبار أشباه موصلات بديلة لتلبية تنامي الطلب المحلي على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

ومن جهة أخرى، أفادت رسالة داخلية اطلعت عليها «رويترز» بأن شركة «سينوبسيس»، المتخصصة في برمجيات تصميم أشباه الموصلات، طلبت من موظفيها في الصين وقف خدماتها ومبيعاتها في البلاد والتوقف عن تلقي طلبات جديدة امتثالاً لقيود التصدير الأميركية الجديدة.

وأفادت «رويترز» يوم الأربعاء، نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن الولايات المتحدة أمرت مجموعة واسعة من الشركات بالتوقف عن شحن البضائع إلى الصين دون ترخيص، وألغت التراخيص الممنوحة بالفعل لبعض الموردين. وأضافت أن المنتجات المتأثرة تشمل برمجيات التصميم والمواد الكيميائية لأشباه الموصلات.

وعلّقت «سينوبسيس» يوم الخميس توقعاتها السنوية والربع سنوية بعد أن تلقت خطاباً من مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأميركية، يُبلغها بقيود التصدير الجديدة المتعلقة بالصين. وجاء في الرسالة الداخلية المرسلة إلى الموظفين في الصين يوم الجمعة: «بناءً على تفسيرنا الأولي، تحظر هذه القيود الجديدة على نطاق واسع مبيعات منتجاتنا وخدماتنا في الصين، وهي سارية المفعول اعتباراً من 29 مايو 2025».

ولضمان الامتثال، أعلنت شركة «سينوبسيس» أنها ستمنع المبيعات وتنفيذ الطلبات في الصين، وتوقف الطلبات الجديدة حتى تتلقى توضيحات إضافية. وأضافت الرسالة أن هذه الإجراءات تؤثر على جميع العملاء في الصين، بمن فيهم موظفو العملاء العالميون العاملون في مواقع في الصين، والمستخدمون العسكريون الصينيون أينما كانوا.

وإلى جانب شركتي «كادينس» و«سيمنس إي دي إيه»، تُعد «سينوبسيس» من بين أكبر ثلاث شركات تُهيمن على برمجيات أتمتة التصميم الإلكتروني (EDA) التي يمكن لصانعي الرقائق استخدامها لتصميم أشباه الموصلات المستخدمة في كل شيء، من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر والسيارات. ويشكل تقييد وصول الشركات الصينية إلى تلك الأدوات ضربة موجعة للقطاع، حيث يعتمد عملاء تصميم الرقائق الصينيون بشكل كبير على أفضل البرمجيات الأميركية.

ولا يتوقف الأمر عند حدود التكنولوجيا، إذ تواجه مشتريات الصين من الإيثان الأميركي، وهو مادة خام رئيسية في صناعة البتروكيماويات، حالة من عدم اليقين بعد أن طلبت وزارة التجارة من المصدرين الحصول على تراخيص للتصدير إلى الصين، وفقاً لمصادر تجارية وبيانات شحن.

وأفادت «رويترز» يوم الأربعاء بأن واشنطن أمرت مجموعة واسعة من الشركات بوقف شحن البضائع، بما في ذلك الإيثان والبيوتان، إلى الصين دون ترخيص، وألغت تراخيص مُنحت بالفعل لبعض الموردين. وتُعدّ هذه الخطوة أحدثَ خللٍ في مشتريات الصين من الإيثان الأميركي، والتي بلغت رقماً قياسياً بلغ 492 ألف برميل يومياً في عام 2024، أي ما يُقارب نصف الصادرات الأميركية، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وأظهرت بيانات «كبلر» أن ناقلتي غاز كبيرتين على الأقل كانتا تنتظران في المواني الأميركية لتحميل الإيثان هذا الأسبوع، بينما تتجه 15 ناقلة أخرى إلى ساحل الخليج الأميركي، أو تنتظر انطلاقاً منه، لتحميل حوالي 284 ألف برميل يومياً من الإيثان في يونيو.

وقال متعاملون إن التأثير على الشركات الصينية قد يكون محدوداً على المدى القريب، نظراً لامتلاكها مخزونات كافية.


مقالات ذات صلة

إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي» لتطوير الصناعة في السعودية

الاقتصاد أحد المصانع في السعودية (واس)

إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي» لتطوير الصناعة في السعودية

أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي»، بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست».

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

الصين تتعهد بتحقيق استقرار سوق الإسكان في 2026

ستُسرّع الصين وتيرة التجديد الحضري وجهودها الرامية إلى تحقيق استقرار سوق العقارات في عام 2026، مع بداية خطتها الخمسية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)

الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

يزيد المستثمرون العالميون من رهاناتهم على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، متوقعين نجاح نماذج عدة قادمة على غرار «ديب سيك».

«الشرق الأوسط» (نيويورك-هونغ كونغ)
الاقتصاد رجل يمر بجانب «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أوسع موجة تيسير نقدي عالمي تهز الأسواق في 2025 منذ الأزمة المالية

شهدت البنوك المركزية الكبرى خلال عام 2025 أكبر وأسرع حملة لتيسير نقدي منذ الأزمة المالية العالمية، في حين تصاعدت وتيرة التيسير النقدي بين صناع السياسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

البنوك السعودية تحافظ على زخم النمو في الربع الثالث

سجل القطاع المصرفي السعودي نمواً مستقراً في الإقراض خلال الربع الثالث من عام 2025؛ إذ ارتفع إجمالي القروض والسلف بنسبة 2.5 في المائة على أساس فصلي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مساهمو «إلكترونيك آرتس» يوافقون على صفقة بيع بـ55 مليار دولار لتحالف «الاستثمارات العامة»

مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)
مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)
TT

مساهمو «إلكترونيك آرتس» يوافقون على صفقة بيع بـ55 مليار دولار لتحالف «الاستثمارات العامة»

مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)
مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)

وافق مساهمو شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية - إحدى أبرز شركات ألعاب الفيديو وناشرة سلاسل شهيرة مثل «إي إيه سبورتس إف سي» و«باتلفيلد» - على صفقة الاستحواذ النقدية البالغة 55 مليار دولار، التي يقودها «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي ضمن تحالف استثماري يضم أيضاً شركتَي «سيلفر ليك» و«أفينيتي بارتنرز»، وفقاً لما نقلته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

ووفق ما أعلنته الشركة في وقت سابق، فإن العرض يمنح مساهمي «إلكترونيك آرتس» 210 دولارات نقداً لكل سهم، وهو ما يمثل علاوة مقارنة بسعر السهم قبل الإعلان عن الصفقة، على أن تتحول الشركة إلى كيان خاص بعد إتمام الاستحواذ.

وتُعدّ الصفقة محطة مفصلية في مسيرة «إلكترونيك آرتس» الممتدة على مدار 4 عقود، في وقت يكثف فيه «صندوق الاستثمارات العامة» حضوره في قطاع الألعاب والترفيه التفاعلي ضمن توجهات تنويع الاقتصاد، وبناء منظومة عالمية للألعاب والرياضات الإلكترونية.

وبموجب الاتفاق، فسيستحوذ التحالف على 100 في المائة من أسهم «إلكترونيك آرتس»، مع تدوير «صندوق الاستثمارات العامة» حصته القائمة (9.9 في المائة) ضمن هيكل الملكية الجديد. وتتوقف الصفقة على استكمال الإجراءات المعتادة، في مقدمتها الموافقات التنظيمية، مع توقع إتمامها خلال الربع الأول من السنة المالية 2027.

وكان تركي النويصر، نائب المحافظ رئيس «الإدارة العامة للاستثمارات الدولية» في «صندوق الاستثمارات العامة»، قد قال إن «الصندوق» يتمتع بمكانة ريادية في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية عالمياً عبر بناء منظومات متكاملة، مؤكداً أن الشراكة تستهدف دعم نمو «إلكترونيك آرتس» على المدى الطويل وتحفيز الابتكار في صناعة الألعاب عالمياً.


وزارة الكهرباء العراقية: توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل

وزارة الكهرباء العراقية (إكس)
وزارة الكهرباء العراقية (إكس)
TT

وزارة الكهرباء العراقية: توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل

وزارة الكهرباء العراقية (إكس)
وزارة الكهرباء العراقية (إكس)

ذكرت وكالة الأنباء العراقية أن وزارة الكهرباء أعلنت، ‌اليوم ‌(الثلاثاء)، «‌توقف (⁠إمدادات) الغاز ​الإيراني ‌بالكامل» إلى البلاد، دون الكشف عن أسباب ذلك.

وأوضحت ⁠الوزارة أن ‌انقطاع ‍إمدادات ‍الغاز الإيراني ‍أدى إلى «خسارة المنظومة الكهربائية ما ​بين 4000 و4500 ⁠ميغاواط» من الطاقة الكهربائية في الشبكة.

وأشارت الوزارة إلى اتخاذ إجراءات بديلة لتجاوز الأزمة بمحطات الإنتاج لحين معاودة عملها.

وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، في بيان، إن «ضخ الغاز الإيراني متوقف بالكامل، وخسارة المنظومة الكهربائية ما بين (4000 و4500 ميغاواط)، نتيجة توقف بعض الوحدات التوليدية وتحديد أحمال وحدات أخرى بمحطات الإنتاج، مما أثر على ساعات التجهيز». وأضاف أن «الجانب الإيِراني أرسل برقية أشعر فيها وزارة الكهرباء بتوقف ضخ الغاز بشكل كامل لظروف طارئة»، مبيناً أن «الوزارة لجأت إلى الوقود البديل المحلي بالتنسيق مع وزارة النفط لتجهيز محطات الكهرباء».

وأكد أن «الإنتاج تحت السيطرة، ولا تزال المحطات عاملة رغم تأثر بعضها بنقص الغاز»، موضحاً أن «الكهرباء استعدَّت لذروة الأحمال الشتوية من خلال عمليات الصيانة والتأهيل والتوسعة الجارية في محطات توليد الكهرباء»، فيما أشار إلى أن «هناك تنسيقاً مع وزارة النفط لسد الحاجة المحلية لحين عودة ضخ الغاز المستورد».


جنون الفضة يكسر حاجز 70 دولاراً للأونصة

سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)
سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)
TT

جنون الفضة يكسر حاجز 70 دولاراً للأونصة

سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)
سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)

سجّلت الفضة قفزة تاريخية جديدة، متجاوزة حاجز 70 دولاراً للأونصة يوم الثلاثاء، مدفوعة بمزيج من الطلب القوي من القطاعَين الصناعي والاستثماري، وتراجع المخزونات العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، إلى جانب رهانات متزايدة على مزيد من خفض أسعار الفائدة الأميركية.

وارتفعت الأسعار الفورية للفضة بنسبة 1.5 في المائة لتبلغ 70.06 دولار للأونصة بحلول الساعة 13:14 بتوقيت غرينتش، بعد أن لامست أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 70.18 دولار للأونصة، في إشارة واضحة إلى زخم صعودي قوي في سوق المعادن النفيسة.

الطلب يفوق المعروض

يشير الخبراء إلى أن قيمة الفضة ارتفعت أيضاً نتيجة الطلب القوي من صناعة التكنولوجيا الذي تجاوز المعروض المتاح. وقد ساعد هذا على مضاعفة قيمة الفضة أكثر من مرة خلال هذا العام، إذ تفوقت على المعادن الثمينة الأخرى، بما في ذلك الذهب.

وقال كوزماس ماريناكيس، من جامعة «سنغافورة الإدارية»: «الفضة ليست مجرد أداة استثمارية، بل هي أيضاً مورد مادي»، مضيفاً أن المزيد من الشركات المصنعة بدأت تجد حاجة متزايدة إلى هذه المادة.

ويُستخدم هذا المعدن النفيس الذي يتمتع بقدرة عالية على توصيل الكهرباء أفضل من الذهب أو النحاس، في إنتاج منتجات مثل السيارات الكهربائية (EVs)، والألواح الشمسية.

ويتوقع الخبراء أن تؤدي المبيعات المتزايدة للسيارات الكهربائية إلى زيادة الطلب على الفضة، في حين ستتطلب البطاريات المتقدمة لهذه السيارات كميات أكبر من المعدن. ومع ذلك، من الصعب زيادة معروض الفضة بسرعة، إذ إن أغلب الإنتاج العالمي يأتي بوصفه مُنتَجاً ثانوياً من مناجم تستخرج أساساً معادن أخرى مثل الرصاص أو النحاس أو الذهب.

كما أن سعر الفضة يتعزّز بسبب المخاوف من أن تفرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية عليها، بوصفه جزءاً من سياسات التجارة للرئيس دونالد ترمب.

وقد أدت المخاوف من فرض تعريفات محتملة إلى تخزين كميات كبيرة من الفضة في الولايات المتحدة، مما نتج عنه نقص في المعروض بمناطق أخرى من العالم. وتستورد الولايات المتحدة نحو ثلثَي حاجتها من الفضة التي تُستخدم في التصنيع وكذلك في صناعة المجوهرات والاستثمار.

وأوضح البروفسور ماريناكيس أن الشركات المُصنّعة تتسابق لتأمين الإمدادات لضمان استمرار عملياتها دون انقطاع بسبب النقص، وهو ما أسهم في دفع الأسعار إلى الارتفاع في الأسواق العالمية.

وأضاف أنه يتوقع استمرار ارتفاع أسعار الفضة خلال الأشهر المقبلة، مع بقاء الطلب متفوقاً على المعروض.

هل يمكن للفضة أن تتفوق على الذهب في 2026؟

قفز سعر الفضة الفوري بأكثر من 140 في المائة منذ بداية العام، متجاوزاً مكاسب الذهب التي فاقت 70 في المائة، بدعم من الطلب الاستثماري القوي، وإدراجها ضمن قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الزخم القوي لعمليات الشراء.

ويقول مدير التسويق في بورصة المعادن الثمينة الأميركية، بريت إليوت: «لقد تفوّقت الفضة على الذهب بفارق كبير هذا العام».

ويشير إليوت إلى أنه على الرغم من أن الذهب حقق مكاسب كبيرة منذ بداية العام، فإن ارتفاع الفضة كان أكثر وضوحاً وكبيراً.

ويضيف: «لكي يكرر الذهب أداءه، عليه أن يتجاوز 6300 دولار للأونصة. أما الفضة فيجب أن تصل إلى 86 دولاراً للأونصة. وإذا كان الذهب سينافس الفضة تحت هذه الظروف فسيحتاج حينها إلى تجاوز 7000 دولار للأونصة».

ويُظهر محلل المعادن الثمينة، مؤسس موقع «ذا غولد أدفايزر»، جيف كلارك، تفاؤله تجاه كلا المعدنَين.

ويقول كلارك: «استناداً إلى الاتجاهات التاريخية وأبحاثنا، نحن واثقون بأن أسعار الذهب والفضة سترتفع في 2026. تحديد الأسعار بدقة صعب، وهذا ينطبق على أي أصل. لكن كلا المعدنين يمر حالياً بمرحلة تراكم، وعندما يخرج كل منهما فلن يكون من المفاجئ أن يصل الذهب إلى 5000 دولار والفضة إلى 75 دولاراً. وإذا لم يحدث ذلك في 2026 فقد يكون في 2027».

كما يرى إليوت أن كلا المعدنين قد يواصل الصعود العام المقبل.

ويقول: «يبدو أن احتمال تجاوز الذهب 5000 دولار للأونصة وارد، خصوصاً بعد أن سجل رقماً قياسياً عند 4400 دولار. أما الفضة فمرشحة لتخطي 60 دولاراً وربما تحدي 70 دولاراً، وهو أمر مبرر بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الكلية التي تخلق ندرة وزيادة في الطلب».