هل تؤثر الانتخابات البلدية في لبنان على الاستحقاق التشريعي المقبل؟

«القوات» متقدّماً على «التيار» في الشارع المسيحي

لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)
لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)
TT

هل تؤثر الانتخابات البلدية في لبنان على الاستحقاق التشريعي المقبل؟

لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)
لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)

عاد التنافس الحاد بين الحزبين المسيحيين البارزيْن في لبنان، «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، ليستعر، بعد انتخابات بلدية شهدت معارك قاسية في المناطق ذات الغالبية المسيحية؛ إذ تقاسم الطرفان، إلى جانب قوى وأحزاب أخرى، مئات البلديات، بعد تحالفات بدت «هجينة» في بعض المناطق، فيما كان الانقسام العوني - القواتي واضحاً في مدن أخرى، كجزين (الجنوب) وجونيه (جبل لبنان) وشكا (الشمال) وزحلة (الشرق) وغيرها.

وبدأ الحزبان قراءة متأنية لنتائج الاستحقاق البلدي ليضعا على أساسها خططهما لخوض الانتخابات النيابية، في مايو (أيار) 2026، التي يُرجح أن تشهد معارك شرسة، في ظل الصراع القواتي - العوني للاستحواذ على الأكثرية المسيحية.

وفيما خرج القواتيون مؤخراً، وبالتحديد بعد فوزهم بانتخابات زحلة، ليتحدثوا عن «تسونامي قواتي» انطلق بلدياً وسيُستكمل نيابياً، أكد رئيس «التيار»، النائب جبران باسيل، بعد فوزه بمعركة جزين، أن حزبه «لا يزال القوّة الكبرى، ويتنافس كما دائماً هو و(القوات) على الناخبين»، معتبرا أن الحديث عن «تسونامي قواتي» غير صحيح: «وسيظهر ذلك في الاتحادات. (التيار) لم ينتهِ، بل هو أقوى بكثير».

«القوات» يتقدم مسيحياً

يُعدّ مدير مركز الاستشراف للمعلومات، عباس ضاهر أن «فوز (حزب القوات) في بشري وزحلة، وبلدات أخرى في مختلف المناطق المسيحية، يضع (التيار الوطني الحر) في المرتبة الثانية؛ حيث تقاسم المناطق التي فاز فيها مع شخصيات سياسية، في عكار والبقاع وبلدات في كل أقضية جبل لبنان وجزّين». ولفت ضاهر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «(التيار) أظهر قوته الشعبية، بفعل تكتيك سياسي جديد يتبعه النائب جبران باسيل، عبر صياغة تحالفات مع الزعامات أو الشخصيات المسيحية التقليدية في المناطق».

لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية والاختيارية في النبطية (أ.ب)

ويرى ضاهر أن «(تيار المردة) استعاد بدوره تمثيله التقليدي لقضاء زغرتا، في مشهد يعطيه الاندفاعة من جديد لخوض الانتخابات النيابية بارتياح لم يكن متوافراً له في الانتخابات الماضية»، معتبراً أن «آخر الناجحين في الأحزاب المسيحية نسبياً هو حزب (الكتائب) الذي فشل في معظم المناطق، باستثناء المتن، حيث لم يستطع تأمين نجاح مرشحته لرئاسة اتحاد البلديات». ويوضح ضاهر أن «(حزب الكتائب) لم يتراجع عملياً عما كان عليه أساساً، لكن خطابه السياسي أوحى، خلال الفترة الماضية، بأنه سيحقّق مكاسب شعبية لم تظهر». ويضيف: «توحي كل المعطيات والنتائج في الانتخابات البلدية والاختيارية بأنه لا زعامة واحدة للمسيحيين، وأن التوجُّه هو لبقاء الأحزاب الأربعة المذكورة، إضافة إلى شخصيات وقيادات محلية تستطيع عبر التحالف مع الأحزاب أن تستمر في تمثيل مناطقها. وهنا، تبرز الحاجة المتبادلة بين الأحزاب وتلك الشخصيات، لتحقيق الفوز الانتخابي. وعلى هذا الأساس، يستمر لبنان في لعبة التوازنات القائمة، بحيث لا يستطيع فريق أن يكسر فريقاً، ولا يدّعي وحده تمثيل المسيحيين في لبنان».

التحالفات عامل حاسم نيابياً

ويوافق الخبير الانتخابي، أنطوان مخيبر، على أن «(حزب القوات اللبنانية) أظهر تفوقاً على غيره»، معدِّداً أكثر من سبب لذلك، أبرزها تراجع «التيار الوطني الحر» الذي فقد جزءاً من حضوره الشعبي بعد انتخابات 2022، بسبب أداء قيادته السيئ وتراجع الثقة به لدى المسيحيين وعدم قدرته على نسج تحالفات جيدة، وهذا أعطى مجالاً لـ(القوات) لاختيار تحالفاتها بطريقة مدروسة، مما مكّنها من الفوز بعدد من المعارك في البلديات والمدن الكبرى، كما أن هذا التقدُّم ساعد حلفاءها على العودة إلى الساحة والظهور مجدداً، مثل (الكتائب اللبنانية)».

امرأة تدلي بصوتها في الانتخابات المحلية اللبنانية بمدينة النبطية في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

ويشدد مخيبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أن «ما يجب التنبّه له هو أن التحالفات التي قامت بها بعض القوى لم تكن طبيعية في كثير من المناطق. وقد سعت معظم الأحزاب لانتصارات معنوية، لأن ذلك يخدمها شعبياً قبل أقل من عام على موعد الانتخابات النيابية».

ويرى مخيبر أن «التحالفات في الانتخابات البلدية لن تنسحب بالضرورة على تلك النيابية؛ فهي تتبدل وتتغير، لأن الأداء السياسي يختلف عن الأداءَيْن المحلي والمناطقي».


مقالات ذات صلة

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

المشرق العربي أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تُطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

تقدمت النائبة غادة أيوب بسؤال إلى الحكومة «حول قيام (حزب الله) بإنشاء هذا المجمع خارج أي إجراء رسمي واضح» في وقت لا تزال فيه المعلومات بشأنه ساكنيه غير واضحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.


استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى البرلمان العراقي سريعاً أزمة سياسية، أمس، بعد استكمال انتخاب رئيسه ونائبيه، وذلك بالتصويت للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي، نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت.

جاء الحسم عقب استبدال الحزب الديمقراطي مرشحَه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق خلال جولتين متتاليتين في نيل الأغلبية المطلقة.

واكتمل عقد رئاسة المجلس، بعد انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان بـ208 أصوات، وفوز عدنان فيحان بمنصب النائب الأول بـ177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلَّمتِ الرئاسة الجديدة مهامَّها رسمياً، وأعلن الحلبوسي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية التي تنتهي بمنح الثقة لرئيس الحكومة الذي من المقرر أن يختاره تحالف الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أعلن نفسه، رسمياً، الكتلة الكبرى في البرلمان.


الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل رجلاً حاول دهس مجموعة من الجنود بسيارته في شمال الضفة الغربية المحتلة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش، في بيان: «ورد بلاغ عن إرهابي حاول دهس جنود من الجيش الإسرائيلي كانوا ينفّذون نشاطاً في منطقة عينابوس»، مضيفاً أنه «ردّاً على ذلك، أطلق الجنود النار على الإرهابي وتم تحييده».

ولم يقدّم البيان تفاصيل إضافية عن الحادث الذي وقع بعد أيام من إقدام مهاجم فلسطيني على قتل رجل وامرأة إسرائيليين دهساً وطعناً، قبل أن يُقتل، في الضفة الغربية المحتلة.

وعقب ذلك الحادث، الذي وقع الجمعة، نفّذ الجيش عملية استمرت يومين في بلدة قباطية، التي ينحدر منها المنفّذ، واعتقل عدداً من سكانها، بينهم والده وإخوته.

وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة إثر الهجوم الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومذاك، قُتل ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ بداية الحرب في غزة، قُتل ما لا يقل عن 44 شخصاً، بينهم أجنبيان، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.