«هندستها إسرائيل بالكامل»... شكوك وتحقيق حول «مؤسسة إغاثة غزة»

نشأت فكرتها بعد 7 أكتوبر وهدفها تجاوز آليات الأمم المتحدة... ويقودها ضابط سابق في المخابرات الأميركية

فتاة فلسطينية تبكي أثناء جنازة أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة يوم الأحد (رويترز)
فتاة فلسطينية تبكي أثناء جنازة أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة يوم الأحد (رويترز)
TT

«هندستها إسرائيل بالكامل»... شكوك وتحقيق حول «مؤسسة إغاثة غزة»

فتاة فلسطينية تبكي أثناء جنازة أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة يوم الأحد (رويترز)
فتاة فلسطينية تبكي أثناء جنازة أحد ضحايا الغارات الإسرائيلية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة يوم الأحد (رويترز)

تزايدت الشكوك بشأن «مؤسسة إغاثة غزة»؛ وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وتعتزم تنفيذ خطة توزيع المساعدات في القطاع الفلسطيني، لكن الأمم المتحدة تعارضها، وتقول إنها «ليست نزيهة أو محايدة، وستؤدي إلى المزيد من النزوح وتعريض الآلاف من الناس للأذى».

وفيما قالت السلطات السويسرية، الأحد، إنها تبحث عما إذا كانت ستفتح تحقيقاً قانونياً في أنشطة المؤسسة بعد أن قدمت منظمة غير حكومية طلباً بشأن المؤسسة المسجلة في سويسرا، وما إذ كانت تمتثل للقانون المحلي والقانون الإنساني الدولي.

وفي موازاة ذلك، ألقى تحقيقان نشرا بالتزامن في صحيفتَي «هآرتس» الإسرائيلية، و«نيويورك تايمز» الأميركية، الأحد، بشكوك إضافية على ماهية المؤسسة وأنها إسرائيلية المنشأ، وليست أميركية كما يروج مؤسسوها، بل وأفاد التحقيقان بأن مؤسسيها مرتبطون مباشرة بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

نفي وشكوك وأغراض أمنية

وعلى الرغم من تصريحات السفير الأميركي في تل أبيب، مايك هاكابي، قبل أسبوعين، بأن «من الخطأ التام اعتبار المشروع خطة إسرائيلية»، فقد نقلت «هآرتس» عن مصادر متعددة، بينها مسؤولون إسرائيليون، أن «الخطة هي نتاج هندسة إسرائيلية كاملة من الأساس». وأن وراء الشركات الأميركية التي تولت العمل، تقف شركات وشخصيات إسرائيلية.

ومع أن توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة دخل نسبياً مرحلة التطبيق في هذه الأيام، يتضح، وفق «نيويورك تايمز»، أن الإعداد لها بدأ مع نشوب الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

إسرائيليون يتفقدون أمس بيتاً محروقاً في مستوطنة نير عوز التي هاجمتها «حماس» يوم 7 أكتوبر 2023 (إ.ب.أ)

لكن هذه المدة الطويلة للتحضير لم تمنع مظاهر الضعف الكثيرة من الظهور، إذ تبين أنها تفتقر إلى الخبرة والمهنية، ما يزيد من احتمالات الفشل، ويعزز الشكوك في أن إسرائيل تنوي الإفادة منها في تدفق الناس إلى مراكز التوزيع أيضاً لأغراض أمنية، مثل جمع المعلومات وإلقاء القبض على عناصر «حماس».

وأكدت أن مَن يدير هذه الشركات هم من الشخصيات الأمنية والتجارية الإسرائيلية، وبعضهم مقربون من نتنياهو، وذكر التحقيق الصحافي أن «ملامح مخطط التوزيع وضع بعيداً عن الاعتبارات الإنسانية والتقيد بالقانون الدولي وقواعد الإغاثة، وتمت حياكته بعيداً عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، عبر شخصيات أمنية سابقة ورجال أعمال، وسط تمويل غامض وانتقادات دولية متصاعدة».

كيف بدأت فكرة المؤسسة؟

وفقاً لتحقيق «نيويورك تايمز»، نشأ المشروع في الأسابيع الأولى بعد هجوم السابع من أكتوبر، حين تشكلت شبكة غير رسمية من ضباط الاحتياط، ومستشارين استراتيجيين، ورجال أعمال، توحّدت حول قناعة بأن الحكومة الإسرائيلية والجيش يفتقران إلى رؤية استراتيجية لـ«اليوم التالي للحرب في غزة».

وحمل هذا التجمع اسم «منتدى ميكفيه يسرائيل»، نسبة إلى الكلية الواقعة قرب تل أبيب التي احتضنت اجتماعهم التأسيسي في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2023.

فلسطينيون ينتظرون في طوابير للحصول على حصص غذائية في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم الأحد (د.ب.أ)

وضمّ المنتدى شخصيات بارزة، من بينها يوتام هكوهن، الذي أصبح لاحقاً مساعداً لرومان غوفمان، الذي كان يتولى حينها منصب قائد وحدة تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، ويتولى الآن منصب المستشار العسكري لنتنياهو.

إضافة إلى المستثمر في مجال الهايتك، ليران تنكمان، ورجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي مايكل أيزنبرغ، وقد أدار غوفمان الملف بموازاة عمله في منصبه السابق، حين شغل منصب قائد هيئة التنسيق والارتباط، وعمل مباشرة على ملف المساعدات.

وضمّ فريقه في حينه ضباط احتياط بينهم الرائد في الاحتياط، ليران تنكمان، والنقيب في الاحتياط، يوتام كوهين، وهو نجل الجنرال المتقاعد غيرشون كوهين، الذي يشغل اليوم منصب المدير التنفيذي لشركة «OpenFox» التي تزود أنظمة لإدارة المعلومات لصالح وزارات ومؤسسات حكومية.

تجاوز الأمم المتحدة

ووفقاً لما أوردته «نيويورك تايمز»، عُقدت لقاءات مغلقة في تل أبيب وفي منزل إيزنبرغ بالقدس، وبدأت خلالها تتبلور فكرة إنشاء آلية توزيع موازية للأمم المتحدة؛ تمهيداً لتجاوز المؤسسات الدولية وسيطرة إسرائيل الكاملة على آلية توزيع المساعدات.

فلسطينيون يمرون أمام مبنى مدمر تابع لـ«الأونروا» في مدينة غزة (د.ب.أ)

لكن المشاركين لم يرغبوا بأن تتحمل إسرائيل مسؤولية مباشرة عن مليوني فلسطيني، وهنا نشأت فكرة التعاقد مع شركات خاصة، أجنبية وغير إسرائيلية، لتقديم الأمن، والإشراف على عمليات التوزيع والخدمات، في إطار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

وذكرت مصادر عسكرية في تل أبيب أن الفريق كان يتردد كثيراً على قيادة المنطقة الجنوبية دون تنسيق، وأن الجيش تلقى تعليمات من الحكومة بضرورة السماح للفريق بمواصلة عمله، باعتباره مرتبطاً مباشرةً بمكتب رئيس الحكومة، وتحت إشراف الوزير رون ديرمر.

خلل إداري وفساد

ويكشف التحقيق عما وصفه بـ«تصرفات إدارية تشتم منها رائحة خلل إداري وفساد»، حيث إن الشركات الخاصة بدأت بالتحضير ميدانياً لتولي عملية التفتيش على محور «نتساريم»، دون أن تكون قد وقّعت عقداً رسمياً أو اجتازت إجراءات المنافسة.

وطلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية من الجيش تحويل 3 ملايين شيقل (الدولار يساوي 3.5 شيقل)، للشركة مقابل تحضير عرض، رغم أنها لم تُختر رسمياً.

وقال ضباط كبار في المؤسسة الأمنية إنهم فوجئوا عندما ظهر ممثلو الشركة في إسرائيل دون تجهيزات أو حتى زي موحد، واضطروا لشراء الملابس والمعدات من متجر محلي.

وعند دخول الفريق إلى غزة (أثناء الهدنة المؤقتة التي جرت في فبراير «شباط» الماضي)، تبين أن بعض عناصره من الجنسية المصرية، وفق التحقيق، وكانوا مُكلّفين بالتفتيش الجسدي والاستجواب، لكنهم لم يخضعوا لأي فحص أمني من قبل «الشاباك»، وهو ما وصفته مصادر أمنية بأنه «خلل فادح في الإجراءات».

نقطة تفتيش يتولاها رجال أمن مصريون وأميركيون في شارع صلاح الدين بوسط قطاع غزة فبراير الماضي (أ.ف.ب)

في موازاة هذه التطورات، كانت وزارة الدفاع قد درست مقترحات تقدمت بها شركات أخرى، من بينها شركة لرجل الأعمال الإسرائيلي-الأميركي، موتي كاهانا، الذي شارك في تقديم خدمات لوجيستية للجيش الأميركي في العراق وسوريا.

وفي نهاية 2024، ودون إعلان رسمي أو طرح مناقصة، بدأت شركة «Safe Reach Solutions (SRS)»، بقيادة الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، فيليب رايلي، العمل في غزة.

بعيداً عن الجيش و«الشاباك»

ووفق تحقيق «هآرتس» الذي ركز على العناصر الإسرائيلية فيما يخص نشاط الشركة، فإن اختيار الشركة تم عبر طاقم خاص عيّنه غوفمان، من خارج الأجهزة الأمنية، بعيداً عن علم الجيش الإسرائيلي أو «الشاباك».

وأشارت الصحيفة إلى أن الفريق، الذي ضمّ أيضاً تنكمان وهكوهن، قاد اتصالات مع الشركة داخل إسرائيل وخارجها، بل وتمّ «تحويل ملايين الشواقل لها مقابل أعمال تخطيط، دون أي إجراء قانوني معروف».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، سجّل ممثلو رايلي شركتين في الولايات المتحدة: «SRS» و«GHF» (صندوق غزة الإنساني)، الذي يتولى التمويل.

مَن الرجل الذي يقود المؤسسة؟

ويشير تحقيق «نيويورك تايمز» إلى سيرة حياة فيليب رايلي، ويقول إنها تلفت الانتباه.

ففي الثمانينات درّب قوات الكونترا اليمينية في نيكاراغوا، وفي 2001 كان من أوائل عملاء «CIA» في أفغانستان، قبل أن يُعيّن لاحقاً رئيساً لمحطة الوكالة في كابل، وغادر بعدها للعمل في شركات أمن خاصة، من بينها «Orbis» التي أعدت دراسة في 2024 تقترح نموذجاً مفصلاً لإدارة توزيع الغذاء في غزة عبر شركات خاصة.

وقدّرت وثيقة داخلية من شركة «Orbis» عدد الحراس المسلحين الذين سيشاركون في تنفيذ المشروع بـ1000 عنصر، مع تغطية مساعدات غذائية لـ«مليون فلسطيني»، أي نحو نصف سكان القطاع، إلا أن هوية المموّلين ظلت طي الكتمان.

أفراد أمن في نقطة تفتيش عند ممر «نتساريم» على طريق صلاح الدين وسط غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال رئيس صندوق «GHF»، جاك وود، في مقابلة مع «نيويورك تايمز» إن «المؤسسة تعمل باستقلالية، ولم تتلقَّ تمويلاً إسرائيلياً»، لكنه رفض الكشف عن أسماء المموّلين أو مَن عيّنه على رأس المؤسسة. لاحقاً، ذكرت المؤسسة أن «دولة أوروبية غربية» قدمت أكثر من 100 مليون دولار، لكنها لم تسمّها.

وأضاف وود أن «SRS» ستكون «الشركة الأمنية الرئيسة المكلفة بحماية مواقع توزيع الغذاء في جنوب غزة»، وهي تطبّق عملياً الرؤية التي وضعها هكوهن ورايلي. وقال إن مؤسسته ستقوم بتوظيف الشركة وتوفير التمويل اللازم لتشغيلها؛ ومن اللافت أن محامياً واحداً، جيمس كنديف، تولى تسجيل كل من «SRS» و«GHF» في الولايات المتحدة، وأن المؤسستين كانتا تتشاركان المتحدثة الإعلامية نفسها حتى وقت قريب.

سويسرا تدرس التحقيق

وقالت السلطات السويسرية، الأحد، إنها تبحث عما إذا كانت ستفتح تحقيقاً قانونياً في أنشطة «مؤسسة إغاثة غزة»؛ وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة وتعتزم الإشراف على توزيع المساعدات في القطاع الفلسطيني.

تأتي هذه الخطوة بعد أن قدّمت منظمة «ترايال إنترناشونال»؛ وهي منظمة غير حكومية سويسرية طلباً للتحقيق، يوم الجمعة، في خطة «مؤسسة إغاثة غزة».

وقالت «ترايال إنترناشونال»؛ إنها قدمت مذكرتين قانونيتين تطلبان من السلطات السويسرية التحقيق فيما إذا كانت «مؤسسة إغاثة غزة»، المسجلة في سويسرا، تمتثل للقانون المحلي والقانون الإنساني الدولي.

وقدمت المنظمة، في 20 مايو (أيار) الحالي، طلباً إلى الهيئة الاتحادية السويسرية المعنية بالإشراف على المؤسسات، وفي 21 مايو طلباً آخر إلى وزارة الخارجية الاتحادية.


مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان يتحدث عن معاناة مواطني غزة في أول قداس عيد ميلاد له

أوروبا بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر في أول قداس عيد ميلاد له اليوم (رويترز)

بابا الفاتيكان يتحدث عن معاناة مواطني غزة في أول قداس عيد ميلاد له

تحدث بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر في أول قداس عيد ميلاد له اليوم الخميس عن مواطني غزة «الذين يتعرضون للأمطار والرياح والبرد منذ أسابيع».

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شؤون إقليمية 
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)

تركيا: القبض على عشرات من «داعش» خططوا لهجمات في رأس السنة

عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
TT

تركيا: القبض على عشرات من «داعش» خططوا لهجمات في رأس السنة

عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)

ألقت قوات مكافحة الإرهاب في إسطنبول القبض على 137 من عناصر تنظيم «داعش» كانوا يُخططون ‌لشن هجمات خلال ‌احتفالات ‌عيد ⁠الميلاد ​ورأس ‌السنة الجديدة في تركيا.

وقالت مصادر أمنية، الخميس، إنه جرى القبض على عناصر «داعش» بموجب مذكرة صادرة من مكتب المدعي العام لإسطنبول، بناءً على معلومات حصلت عليها مديرية الأمن تُفيد ⁠بأن أعضاء تنظيم «داعش» الإرهابي ‍خططوا ‍لشن هجمات لاستهداف غير المسلمين، على وجه الخصوص، خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس ​السنة الجديدة.

وفي وقت سابق، ذكر مكتب المدعي العام في إسطنبول، عبر «إكس»، أن قوات الأمن داهمت 124 ⁠موقعاً في المدينة، وألقت القبض على 115 من أصل 137 مشتبهاً بهم، وأنه جرى ضبط عدد من الأسلحة والذخيرة والعديد من الوثائق التنظيمية.

وجاء في البيان أنه في إطار التحقيقات التي أجرتها مديرية مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية شرطة إسطنبول، بتوجيه من مكتب التحقيقات في جرائم الإرهاب التابع للنيابة العامة، وردت معلومات تُفيد بأن تنظيم «داعش» الإرهابي كان يُخطط لشن هجمات تستهدف بلدنا، خصوصاً غير المسلمين، خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية المقبلة.

حملات مكثفة

وأضاف أنه تبين أن هؤلاء الأفراد كانوا على اتصال بمناطق النزاع (في سوريا والعراق) في إطار أنشطة التنظيم الإرهابي، وصدرت بحق بعضهم أوامر اعتقال على المستويين الوطني والدولي بتهم تتعلق بالإرهاب.

وتواصل أجهزة الأمن التركية حملاتها على التنظيم وخلاياه، بشكل منتظم، منذ الهجوم الإرهابي الذي نفذه الداعشي الأوزبكي، عبد القادر مشاريبوف، المُكنى «أبو محمد الخراساني»، في نادي «رينا» الليلي بمنطقة أورتاكوي في إسطنبول خلال احتفالات رأس السنة عام 2017، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة 79 آخرين، غالبيتهم أجانب.

عناصر من قوات الدرك التركية تقتاد أعضاء في «داعش» للتحقيق معهم بعد القبض عليهم (الداخلية التركية)

ورحّلت السلطات التركية، أو منعت من الدخول، الآلاف من عناصر «داعش»، منذ ذلك الوقت، وتقوم بحملات مكثفة على عناصر التنظيم قبل احتفالات رأس السنة كل عام.

ونتيجةً لهذه الجهود والحملات المكثفة ضد التنظيم، الذي أدرجته تركيا على لائحة المنظمات الإرهابية لديها عام 2013، بعد أن أعلن مسؤوليته عن عمليات إرهابية نُفِّذت على أراضيها بين عامي 2015 و2017، وأسفرت عن مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة العشرات، توقّف نشاط التنظيم منذ آخر عملياته في رأس السنة عام 2017.

عودة النشاط

وعاود «داعش» نشاطه الإرهابي، بعد 7 سنوات، بالهجوم على كنيسة «سانتا ماريا» في إسطنبول، مطلع فبراير (شباط) 2024، ما أسفر عن مقتل المواطن التركي تونجر جيهان (52 عاماً).

وعقب الهجوم، جرى القبض على 17 من عناصر «ولاية خراسان» بعد تحديد هويتهم بواسطة المخابرات التركية وشعبة مكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول، وجرى التأكد من صلتهم بالهجوم المسلَّح على الكنيسة والتخطيط لإقامة كيان لتدريب ونشر مسلَّحي «داعش» في دول الشرق الأوسط.

مراسم تأبين مواطن تركي قتل في هجوم نفذه عناصر من تنظيم «ولاية خراسان» التابع لـ«داعش» على كنيسة في إسطنبول خلال فبراير 2024 (إعلام تركي)

وفي إطار ملاحقتها عناصر تنظيم «ولاية خراسان»، التابع لـ«داعش»، نجحت المخابرات التركية بالتنسيق مع نظيرتها الباكستانية، في القبض على التركي محمد غوران، الذي يحمل الاسم الحركي «يحيى»، يوم الاثنين الماضي على الحدود الأفغانية-الباكستانية.

وأفادت معلومات بأن غوران كان يُخطط لتنفيذ عملية انتحارية ضد مدنيين في كل من أفغانستان وباكستان وتركيا وأوروبا، بتكليف من «داعش»، وتبيّن أنه عمل سابقاً مع أوزغور ألطون المُكنى بـ«أبو ياسر التركي»، الذي كان يُعد أرفع مسؤول تركي في تنظيم «ولاية خراسان»، والذي لعب دوراً فعالاً في نقل عناصر من «داعش» من تركيا إلى منطقة الحدود الأفغانية-الباكستانية، وأُلقي القبض عليه في عملية مشتركة مع السلطات الباكستانية على الحدود مع أفغانستان حين كان يستعد لدخول باكستان، وجرى جلبه إلى تركيا مطلع يونيو (حزيران) الماضي.

تفكيك الشبكة المالية

وصعّدت أجهزة الأمن التركية، خلال الأشهر الأخيرة، من وتيرة عملياتها التي تستهدف كوادر التمويل والدعاية والترويج في «داعش»، ضمن حملاتها المستمرة ضد التنظيم، والتي أسفرت عن ضبط عدد من كوادره القيادية، ومسؤولي التسليح والتمويل والتجنيد.

أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)

وألقت قوات الأمن التركية، خلال هذه العمليات، القبض على مئات من عناصر تنظيم «داعش» ممن نشطوا سابقاً في صفوفه بالعراق وسوريا، وقاموا بأنشطة للتمويل، داخل تركيا، في حملات شملت عدداً من الولايات في أنحاء البلاد.

وكانت آخر العمليات في هذا الإطار قد نفذت الأسبوع الماضي، وجرى خلالها القبض على 170 من عناصر التنظيم في عمليات متزامنة في 32 ولاية من ولايات تركيا الـ81.

وتبين أن هذه العناصر التي أُلقي القبض عليها سبق لها العمل ضمن تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقديم الدعم المالي له، وبعضهم قام بتحويل أموال من سوريا إلى نساء من عائلات عناصر «داعش» قدمن إلى تركيا، ويقمن في إسطنبول حالياً.


كاتس: إسرائيل ستقيم شريطاً أمنياً في قطاع غزة لحماية مستوطناتها

جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

كاتس: إسرائيل ستقيم شريطاً أمنياً في قطاع غزة لحماية مستوطناتها

جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، اليوم (الخميس)، خلال حديثه عن حرب غزة: «لقد انتصرنا في غزة». وفيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس»، أشار كاتس إلى أن بلاده «لن تغادر غزة أبداً».

أفاد موقع «واي نت» الإسرائيلي، نقلاً عن كاتس قوله إن إسرائيل ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات.

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي مجدداً أن «حماس» يجب أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها».

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن كاتس، تأكيده مجدداً في «المؤتمر الوطني للتربية» الذي نظمته منظمة «بني عكيفا التعليمية الدينية» و«مركز أولبانوت» وصحيفة «ماكور ريشون»، على أنه إذا لم تتخلَّ حماس عن سلاحها في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب: «فسنقوم نحن بذلك».

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه رغم أن الاتفاق ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، التي سيتم تسلم لاحقاً إلى الفلسطينيين، وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي: «سيكون هناك شريط أمني محيط بقطاع غزة لحماية المستوطنات».

تجدر الإشارة إلى أن الدول الغربية لا تزال تتحدث عما يعرف بحل الدولتين رغم أن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) كان صوَّت رسمياً، في يونيو (حزيران) 2024 لصالح قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن.

ووصف القرار إقامة دولة فلسطينية، في أعقاب أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بأنها «مكافأة للإرهاب»، معتبراً أن «مثل هذه المكافأة لن تؤدي إلا إلى تشجيع حركة (حماس)، التي ستستخدم دولة فلسطين بعد ذلك لشن هجمات على إسرائيل».

كما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعدد من وزرائه من اليمين الديني المتطرف، صرحوا مراراً بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية.


السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
TT

السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

أعلنت السلطات الإسرائيلية، اليوم (الخميس)، توقيف مواطن إسرائيلي بشبهة ارتكاب مخالفات أمنية بتوجيه من عناصر استخبارات إيرانيين، وذلك بعد أيام من إعدام طهران مواطناً إيرانياً متهماً بالتجسس لصالح الدولة العبرية.

تعد الخطوة الأخيرة ضمن سلسلة قضايا وجّهت الدولة العبرية في إطارها اتهامات إلى مواطنين بالتجسس لصالح إيران منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وذكرت السلطات أن فاديم كوبريانوف، وهو في الأربعينات من عمره ومن سكان مدينة ريشون لتسيون، اعتُقل هذا الشهر في عملية مشتركة نفّذتها الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك).

وقال بيان مشترك للشرطة و«الشاباك»: «تبيّن أن المشتبه به التقط صوراً في محيط منزل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف البيان: «في إطار تواصله مع مشغّلين إيرانيين، طُلب منه شراء كاميرا للسيارة (داش كام) من أجل تنفيذ المهمة».

وأوضح البيان أن كوبريانوف نقل صوراً التقطها في المدينة التي يقيم بها وتقع وسط البلاد إلى جانب مواقع أخرى، مقابل مبالغ مالية متفاوتة.

وفي مايو (أيار)، أعلنت إسرائيل اعتقال شاب إسرائيلي يبلغ من العمر (18 عاماً) بشبهة التجسس على بينيت. ولطالما تبادلت إيران وإسرائيل الاتهامات بالتجسس.

وأعلنت إيران الأسبوع الماضي إعدام مواطن إيراني أُدين بالتجسس لصالح إسرائيل.

وفي 13 يونيو (حزيران)، شنّت إسرائيل هجوماً غير مسبوق على إيران، استهدف مواقع عسكرية ونووية إضافةً إلى مناطق سكنية.

وأشعل الهجوم حرباً استمرت 12 يوماً، ردّت خلالها إيران بهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل، قبل أن تنضمّ الولايات المتحدة لاحقاً إلى إسرائيل في استهداف منشآت نووية إيرانية. ودخل وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ في 24 يونيو (حزيران).

وخلال الحرب، اعتقلت السلطات الإسرائيلية مواطنَين اثنين يُشتبه بعملهما لصالح أجهزة الاستخبارات الإيرانية. وتتهم إيران، التي لا تعترف بإسرائيل، الأخيرة منذ زمن طويل بتنفيذ عمليات تخريب ضد منشآتها النووية واغتيال علمائها.