روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تبادل ألفي أسير وبحثتا وقف إطلاق النار

في محادثات مباشرة وقصيرة في إسطنبول بمشاركة تركية

جانب من المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول بمشاركة وفد تركي برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان (أ.ب)
جانب من المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول بمشاركة وفد تركي برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان (أ.ب)
TT

روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تبادل ألفي أسير وبحثتا وقف إطلاق النار

جانب من المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول بمشاركة وفد تركي برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان (أ.ب)
جانب من المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول بمشاركة وفد تركي برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان (أ.ب)

بعد مخاض عسير... عقدت في مدينة إسطنبول التركية أول محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا لبحث وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب المستمرة بينهما لأكثر من 3 سنوات. وجلس مسؤولون من روسيا وأوكرانيا إلى الطاولة وجهاً لوجه، بحضور وفد تركي، في المكتب الرئاسي بقصر دولمه بهشه في إسطنبول، الجمعة، في إعادة لمشهد سابق جمعهما في المكان ذاته في مارس (آذار) 2022 بعد نحو الشهر من انطلاق الحرب بينهما في 24 فبراير (شباط) من العام ذاته.

واتفق الجانبان الروسي والأوكراني، خلال المحادثات، التي استغرقت نحو ساعة و45 دقيقة بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، على تبادل ألفي أسير حرب، وقال الوفد الروسي إنه تمت مناقشة وقف إطلاق النار خلال المحادثات ورغبة الجانب الأوكراني في عقد لقاء بين رئيسي البلدين.

اتفاق على تبادل أسرى

وأعلن وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، أن بلاده توصلت إلى اتفاق مع روسيا على تبادل ألفي أسير خلال محادثات إسطنبول.

جانب من المحاثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول (أ.ب)

وقال عمروف، في مؤتمر صحافي عقد عقب المحادثات، إن الاجتماع ناقش قضايا وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى واجتماع محتمل على مستوى القادة، و«توصلنا إلى اتفاق مع روسيا بشأن تبادل 1000 أسير مقابل 1000 أسير، الآن نحتاج إلى تبادل الأسرى، وسنبلغكم قريباً بالمرحلة التالية».

من جانبه، قال رئيس الوفد الروسي، فلاديمير ميدينسكي، إنهم راضون عن نتائج المفاوضات مع أوكرانيا ومستعدون لمواصلة المحادثات. وأضاف إلى أن المفاوضات المباشرة مع الجانب الأوكراني، التي بدأت بمكالمة من الرئيس فلاديمير بوتين، قد انتهت، وستجرى عملية تبادل واسعة للأسرى تشمل ألف أسير مقابل ألف خلال الأيام المقبلة. وتابع ميدينسكي: «طلب ​​الجانب الأوكراني إجراء محادثات مباشرة على مستوى القادة. وقد سجلنا هذا الطلب، ستقدم روسيا وأوكرانيا وجهات نظرهما بشأن وقف إطلاق النار المحتمل بالتفصيل، ثم ستُستأنف المفاوضات، ونرى هذا منطقياً».

اتهامات أوكرانية

واتهم مسؤول أوكراني، شارك في المحادثات الجانب الروسي بتقديم مطالب جديدة غير مقبولة تتضمن سحب أوكرانيا قواتها من مساحات شاسعة من الأراضي، بحسب ما نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عنه، شريطة عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مصرح له بالإدلاء بتصريحات رسمية. وكما كان الوضع قبل 3 سنوات، لم تحدث مصافحة بين الجانبين قبل بدء المحادثات، التي سبقتها اجتماعات مكثفة من أجل الوصول إلى جلوسهما إلى طاولة المحادثات، بعدما كان ذلك مقرراً أن يحدث في إسطنبول، الخميس، إلا أن التوتر فرض نفسه، وسط مناقشات حادة حول مستوى تمثيل روسيا.

وبينما أعلن الجانب الأوكراني أنه يريد إعلاناً فورياً لوقف إطلاق النار في محادثات إسطنبول، قال الوفد الروسي إن تركيزهم منصب على تحقيق السلام على المدى الطويل.

وكان من المتوقع أن يحضر الجانب الأميركي، بوفد يرأسه وزير الخارجية ماركو روبيو، إلا أن الوفد الروسي طلب من المسؤولين الأميركيين عدم حضور الاجتماع في اللحظة الأخيرة.

اجتماعات مكوكية

وأجرى مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأميركية، مايكل أنتون، محادثات مغلقة، في أحد فنادق إسطنبول، مع المستشار في الكرملين فلاديمير ميدينسكي، الذي يترأس الوفد الروسي في محادثات إسطنبول.

جانب من المحادقات التركية الأميركية الأوكرانية في إسطنبول (الخارجية التركية)

وعلق مسؤول أوكراني بأنهم (الروس)، إذا كانوا يريدون حقاً حل القضايا واتخاذ خطوات نحو السلام، فإنهم كانوا سيرغبون في وجود الأميركيين على طاولة المحادثات.

وقال المسؤول، الذي تحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» شريطة عدم ذكر اسمه: «جئنا لإجراء محادثات جادة بينما يضع الروس مطالب وشروطاً، هذا مؤشر آخر على أن الجانب الروسي يقوض جهود السلام، وهذا يثير شكوكنا فيما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرسلهم لحل المشكلات أم لمجرد تعطيل العملية».

وسبق المحادثات أيضاً لقاء ثلاثي تركي أميركي أوكراني بمشاركة فيدان وكالين ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والسفير الأميركي في أنقرة توم باراك، والمبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوغ، ومن الجانب الأوكراني، كبير موظفي الرئاسة أندريه يرماك، ووزيرا الدفاع والخارجية رستم عمروف وأندريه سيبيغا.

وكتب كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية، أندريه يرماك، على حسابه في «إكس» بعد المحادثات، أنه تمت مناقشة خطوات عملية نحو سلام عادل ودائم في أوكرانيا، وأكدت جميع الأطراف بوضوح أن الحرب يجب أن تنتهي بسلام مستدام وعادل، وأن وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط هو أساس أي قرارات أخرى.

ذكر متحدث باسم الرئاسة الأوكرانية أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أجروا مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة. وأضاف المتحدث للصحافيين أن تفاصيل المكالمة سيتم الإعلان عنها قريباً. وجرت المكالمة بعد انتهاء محادثات بين الوفدين الأوكراني والروسي في إسطنبول.

وأضاف: «يريد الروس ربط محادثات اليوم بعام 2022، لكن ما يربط محادثات اليوم بتلك الفترة هو مدينة إسطنبول، لا أكثر، ستبوء جميع محاولات روسيا لربط اللحظة الراهنة بعام 2022 بالفشل». ولفت إلى أن «أوكرانيا مستعدة للسلام ووقف إطلاق نار دائم وغير مشروط، كما أننا مستعدون للمحادثات والمفاوضات على أعلى مستوى». وفي تدوينة سابقة على حسابه في «تلغرام»، قال يرماك: «يوجد الوفد الأوكراني في إسطنبول لضمان وقف إطلاق نار غير مشروط. هذه هي أولويتنا». وأضاف: «هناك قضية مهمة أخرى وهي اللقاء المباشر (المحتمل) بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم يتمكن لسبب ما من الحضور إلى تركيا».

توقعات محدودة

واتهم مسؤول أوكراني، رفيع المستوى، روسيا بتقديم «مطالب غير مقبولة» خلال محادثات السلام في تركيا.

وقال روبيو، الخميس، إن التوقعات من المحادثات ستكون متواضعة، خصوصاً في ظل مستوى التمثيل الروسي، وتبادل الجانبين الإهانات قبيل المباحثات. وأضاف: «أريد أن أكون صريحاً. لا أعتقد أن لدينا توقعات كبيرة حيال ما سيحدث»، من دون أن يخفي أمله في «أن يحققوا اختراقات هائلة».

فيدان متحدثاً في افتتاح المحادثات الروسية الأوكرانية (الخارجية التركية)

وفي كلمته في افتتاح المحادثات، دعا وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى ضرورة اغتنام فرصة مفاوضات إسطنبول للمضي قدماً على طريق السلام بين روسيا وأوكرانيا.

وقال: «نحن مضطرون إلى اغتنام هذه الفرصة للمضي قدماً على طريق السلام، بدء روسيا وأوكرانيا المحادثات المباشرة جعل هذه المرحلة الحاسمة ممكنة، هناك طريقان لا ثالث لهما: أحدهما سيؤدي إلى السلام والآخر إلى الدمار». وأضاف فيدان أن زيارة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي لأنقرة ولقاءه الرئيس رجب طيب إردوغان، الخميس، شكّلا خطوة مهمة لبدء المحادثات، ومن المهم جداً أن تشكل هذه المحادثات أساساً لاجتماع القادة.

وتابع: «تركيا ستظل دائماً إلى جانبكم في جهود إنهاء الحرب وتحقيق السلام»، مؤكداً «ضرورة تجديد الالتزام بالدبلوماسية، والمضي قدماً في طريق السلام لأن كل يوم تأخير يسفر عن المزيد من الخسائر في الأرواح».

جانب من مباحثات فيدان ورئيس الوفد الروسي في محادثات إسطنبول فلاديمير ميدينسكي الخميس (الخارجية التركية)

وشدد فيدان على أنه بينما تستمر الحرب في إزهاق الأرواح، فإن من الأهمية بمكان تطبيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، قائلاً: «نؤمن إيماناً راسخاً بإمكانية تحقيق السلام من خلال المفاوضات البنّاءة».

أجواء متوترة

وفرضت أجواء التوتر التي أحاطت بالمحادثات تأخير انعقادها لمدة 24 ساعة، حيث حضر الوفد الروسي إلى دولمه بهشه ليل الخميس، فيما لم يكن الوفد الأوكراني تحرك من أنقرة بعد، حتى أعلن زيلينسكي أنه سيرسله إلى إسطنبول، وقطع فيدان مشاركته في اجتماع ثلاثي مع نظيريه الأميركي والسوري في أنطاليا (جنوب تركيا) وتوجه إلى إسطنبول حيث التقى الوفد الروسي.

زيلينسكي وماكون خلال قمة المجموعة الأوروبية في تيرانا الجمعة (إكس)

واتهم زيلينسكي، الخميس، روسيا بعدم الجدية في إجراء محادثات «حقيقية»، مؤكداً أنه ما زال مستعداً لإجراء مباحثات سلام مباشرة مع الرئيس فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب. وأشار إلى أن الوفد الأوكراني سيبقى في إسطنبول حتى الجمعة، وأن هدفه الرئيسي هو التفاوض على وقف إطلاق النار.

وقال زيلينسكي، الجمعة، إنه كان مستعداً لعقد لقاء مباشر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تركيا لحل جميع القضايا الرئيسية في الحرب بين البلدين. وأضاف عبر حسابه في «إكس»، في إشارة إلى محادثات إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب، أن فرصة حقيقية كانت سانحة للتحرك نحو إنهاء الحرب «لو لم يكن بوتين متخوفاً من الذهاب لتركيا.

ولفت إلى أن مستوى الوفد الروسي في إسطنبول منخفض جداً ولا يضم أيّاً من أصحاب القرار»، مشدداً على أن «أولويتنا القصوى هي التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط ويجب أن يحدث هذا فوراً لوقف القتل وإرساء أساس متين للدبلوماسية».

ودعا زيلينسكي إلى «رد فعل قوي» من المجتمع الدولي حال فشلت المحادثات مع روسيا في إسطنبول، مندداً بتغيب الرئيس الروسي عن هذه المفاوضات.

وقال زيلينسكي، خلال قمة المجموعة السياسية الأوروبية في العاصمة الألبانية تيرانا: «إذا تبين أن الوفد الروسي لم يحضر إلا للمظاهر وليس في وسعه التوصّل إلى أيّ نتيجة اليوم، فلا بد للجميع من أن يردّ»، مشدّداً على ضرورة «ردّ فعل قويّ، من خلال العقوبات».

إردوغان متحدثاً في قمة المجموعة السياسية الأوروبية في تيرانا (الرئاسة التركية)

بدوره، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي تستضيف بلاده المحادثات، إن العالم في مرحلة حساسة فيما يتعلق بوقف الحرب الروسية الأوكرانية.

وطالب إردوغان، في كلمة خلال الجلسة العامة للقمة، بضرورة فتح قنوات الاتصال بين أوكرانيا وروسيا، معبراً عن اعتقاده أنه من الممكن الوصول إلى السلام العادل. وشدد على أن المحادثات بين أوكرانيا وروسيا فرصة للوصول إلى السلام الدائم.

تلويح أوروبي بعقوبات على روسيا

وعبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن اعتقاده أن روسيا لا تريد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، مشيراً إلى الحاجة لممارسة «المزيد من الضغوط» لإجبارها على القيام بذلك. ورأى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته أن بوتين أخطأ بإرساله وفداً من «الصف الثاني» إلى المحادثات في إسطنبول. وقال، في تصريح على هامش القمة: «أرى أن بوتين يرتكب خطأ جسيماً، يعلم أن الكرة في ملعبه، وهو يواجه مشكلة، أعتقد أن كل الضغط بات حالياً على بوتين». وعدّ جلوس الأوكرانيون إلى طاولة المفاوضات أمراً جيداً، مضيفاً أنه يتعين الآن على الرئيس الروسي أن يتعاون.

بدورها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي يعمل على حزمة جديدة من العقوبات التي ستستهدف روسيا لزيادة الضغط على بوتين.

وأضافت: «سنزيد الضغط... نعمل على حزمة جديدة من العقوبات، تشمل عقوبات على خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2، وكذلك إدراج المزيد من سفن أسطول الظل بقائمة العقوبات، وخفض سقف أسعار النفط، وأخيراً المزيد من العقوبات على القطاع المالي الروسي».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
أوروبا المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
أوروبا مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

تحليل إخباري انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.