علاج قيادات مسلحة ومسؤولين كبار بالخارج يُثير انتقادات الليبيين

وسط شكاوى مرضى من تجاهل مطالبهم بالسفر لتلقي الخدمات الطبية الضرورية

خلال عودة المنفي من رحلة علاج خارجية (المجلس الرئاسي)
خلال عودة المنفي من رحلة علاج خارجية (المجلس الرئاسي)
TT

علاج قيادات مسلحة ومسؤولين كبار بالخارج يُثير انتقادات الليبيين

خلال عودة المنفي من رحلة علاج خارجية (المجلس الرئاسي)
خلال عودة المنفي من رحلة علاج خارجية (المجلس الرئاسي)

أعادت الرحلة العلاجية لرئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، في الخارج فتح ملف المنظومة الطبية في ليبيا، وعقد مقارنة بين سهولة نقل المسؤولين الكبار إلى مشافي أوروبية للعلاج وما يعانيه المرضى العاديون من «صعوبات» لتلقي العلاج بالداخل.

عماد الطرابلسي المكلف بوزارة الداخلية (أ.ف.ب)

وقبيل ذهاب المنفي الأسبوع الماضي إلى ألمانيا لتلقي العلاج من «تسمم دوائي»، سبقه إلى إيطاليا وزيرا الدولة لشؤون مجلس الوزراء بحكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، عادل جمعة، وعماد الطرابلسي المكلف بوزارة الداخلية.

علاج بالخارج على نفقة الدولة

لم يعد العلاج في الخارج يقتصر على القيادات السياسية فحسب، بل وصل إلى قيادات الأجهزة الأمنية والتشكيلات المسلحة، خصوصاً في أعقاب الاشتباكات التي تشهدها طرابلس، والذي غالباً ما يكون على نفقة الدولة، في حين يشتكي أصحاب أمراض الأورام والكلى من بطء التعاطي مع مطالبهم بالعلاج في الخارج، رغم تقديمهم تقارير معتمدة تُفيد بتعذر علاجهم بالداخل.

وما بين انتقادات ليبيين لهذه الظاهرة، وتوجيه اللوم للسلطات التنفيذية على «عدم النهوض بالقطاع الطبي» منذ رحيل نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، لا يزال قطاع واسع من المرضى يبحثون عن سُبل للعلاج بالخارج، حتى لو اضطرتهم الظروف للاستدانة.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية (الوحدة)

ولم يتردد الشاب الليبي محمد عاشور في التعبير عن شعوره «بالضيق والعجز»، وقال إنه ظلّ يتقدم بأوراقه منذ أكثر من عامين لجهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية، دون أن يتلقى ردّاً لإجراء جراحة دقيقة له بالجهاز الهضمي في إحدى الدول الأوروبية.

يُشار إلى أن «الجهاز» يتبع حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، ويتكفل بتقديم الرعاية للمرضى الليبيين داخل وخارج البلاد.

وأضاف عاشور لـ«الشرق الأوسط» موضحاً أنه اضطر لبيع سيارته، والاستدانة من بعض الأصدقاء في محاولة منه لإجراء تلك الجراحة على نفقته الخاصة بإحدى دول الجوار، إلا أن ارتفاع تكلفتها أجهض هذه المحاولة؛ فعاد لينتظر من جديد، ويلتحق بصفوف طالبي العلاج على نفقة الدولة.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتخذ من العاصمة بالغرب الليبي مقرّاً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب، ويرأسها أسامة حماد.

تحديات تواجه المرضى

ويتحدث المحلل السياسي، محمد محفوظ، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود «تحديات جمّة تواجه المرضى الليبيين داخل البلاد وخارجها، في ظل ما يحيط بقطاع الصحة من أزمات عدة، جرّاء الانقسام السياسي والحكومي الراهن».

وذكّر محفوظ بتعرض عدد من المرضى الليبيين الذين كانوا يتلقون العلاج بالخارج خلال العامين الماضيين في دول الجوار الليبي ودول أخرى بالمنطقة، للطرد من المستشفيات بسبب عدم التزام ليبيا عبر سفاراتها بالخارج بتسديد مستحقات علاجهم. ويرى محفوظ أن الميسورين يسافرون للعلاج على نفقتهم بدول الجوار؛ أو يتلقون الخدمات الطبية بالمستشفيات الخاصة داخل ليبيا؛ في حين «لا يجد محدودو الدخل مفرّاً من التماس العلاج بالمستشفيات الحكومية؛ التي للأسف تفتقر لكثير من المعدات الطبية والأجهزة المساعدة». مشدداً على «أهمية تحقيق الاستقرار السياسي، وإيجاد حكومة موحدة تعمل على مكافحة الفساد، خصوصاً في المؤسسات ذات الصلة بحياة المواطنين؛ وتضع خطة استراتيجية مدعومة بالتشريعات والتسهيلات الفنية والمالية للنهوض بهذا القطاع، وبالعاملين به».

محفوظ أكد أن محدودي الدخل لا يجدون مفراً من التماس العلاج بالمستشفيات الحكومية (أ.ف.ب)

وخلال الأعوام الماضية، أحالت النيابة العامة الليبية عدداً من المسؤولين بالسفارات الليبية للقضاء، بتهم «فساد مالي، واختلاس مبالغ مخصصة لعلاج المرضى والجرحى الليبيين بالخارج».

من جهته، سلّط الناشط الحقوقي الليبي، طارق لملوم، الضوء على ما وصفه بـ«ظاهرة تصوير أرباب أسر مقاطع فيديو»، وهم يناشدون نخباً سياسية وعسكرية بشرق ليبيا وغربها لمساعدتهم في تسهيل سفرهم، أو سفر أبنائهم لتلقي العلاج بالخارج، خصوصاً لدول أوروبية.

ويرى لملوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الاستغاثات الإنسانية تدعم شكاوى البعض من «وجود عشوائية وانتقائية في قرارات العلاج بالخارج على نفقة الدولة بالنسبة للمواطنين العاديين»، وكيف أن هذا العلاج بات مقصوراً في الأغلب على مستشفيات بدول الجوار، دون أن يمتد لعواصم أوروبية.

بدورها، ترى عضو «ملتقى الحوار السياسي»، آمال بوقعيقيص، أن سفر كبار المسؤولين للعلاج بالدول الأوروبية؛ وبعض الميسورين لدول الجوار، أمر متعارف عليه، في ظل تدهور القطاع الصحي بالبلاد منذ حقبة نظام القذافي.

وأشارت بوقعيقيص لـ«الشرق الأوسط» إلى تعرض قطاع كبير من المستشفيات والمرافق الطبية للتدمير خلال الصراعات المسلحة التي شهدتها ليبيا خلال «ثورة 17 فبراير (شباط)، ما أدّى إلى مغادرة عدد كبير من الكوادر الأجنبية، خصوصاً الطواقم الطبية المساعدة». وقالت إن هذا «لا يعني ترك شريحة واسعة من غير القادرين للعلاج بالمستشفيات الحكومية، التي لا يتوفر بعضها أحياناً على أبسط الأدوية، دون العمل على تطويرها، بما يضمن تقديم الخدمة الطبية الجيدة لجميع المرضى».

ونوهت بوقعيقيص بأن «تطوير العلاج بالداخل ليس مستحيلاً، في ظل تمتع الأطباء الليبيين بالكفاءة المطلوبة، ووجود الكثير من الأجهزة ومستلزمات المعامل التي تم استيرادها منذ سنوات، لكنها معطلة عن العمل لعدم وجود خبراء بتشغيلها وصيانتها».


مقالات ذات صلة

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
TT

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تضع فيها واشنطن مواقيتَ أمام طرفي النزاع، الجيش و«قوات الدعم السريع».

وذكر روبيو في تصريحات، الجمعة، أنَّ «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد»، في تكثيف للتحرك الأميركي من أجل الوصول إلى هدنة إنسانية.

وقال إنَّ بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، للدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

وقال روبيو: «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أنَّ العام الجديد والأعياد المقبلة تُمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك».


10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

TT

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية مواقيت زمنية أمام طرفي النزاع؛ الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ إعلان تدخل واشنطن بقوة في هذا الملف.

وذكر روبيو في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد». وقال إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وأكد روبيو في مؤتمر صحافي أن «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد».

وقال روبيو إن كلا الجانبين انتهك التزاماته، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير الجديدة التي تفيد بتعرض قوافل مساعدات إنسانية لهجمات. وأضاف: «ما يحدث هناك مروع، إنه فظيع». وتابع: «سيأتي يوم تُعرف فيه القصة الحقيقية لما حدث هناك، وسيبدو كل من شارك في الأمر بمظهر سيئ».

ضغوط على السودان

وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مطلع لــ«الشرق الأوسط»، إن رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اطلع خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض على دعوة عاجلة للامتثال لخريطة الرباعية للموافقة على تهدئة القتال، وإنه طلب أسبوعاً للرد عليها بعد إجراء مشاورات مع حلفائه في الداخل.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الخطة التي طرحت على البرهان، لا تخرج عن إطار خريطة الرباعية المتفق عليها بين الدول الأربع؛ الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. وفي حين لم يشر وزير الخارجية الأميركي إلى أي خطة جديدة، لكنه ألمح إلى أن الإدارة الأميركية قد تلجأ لممارسة المزيد من الضغوط من أجل الوصول إلى المرحلة الأولى، التي تشمل الهدنة الإنسانية، وربطها في الوقت نفسه بإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

وربط المصدر السوداني حديث روبيو في هذا التوقيت، بزيارة البرهان إلى السعودية، وتزامنها مع وجود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي عاد إلى واشنطن بعد جولة طويلة شملت السعودية والإمارات ومصر.

تدخل سعودي حاسم

وصعد ملف الحرب في السودان إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، بعد التدخل السعودي الحاسم، وطلب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان من الرئيس دونالد ترمب التدخل لوقف الحرب. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، أكد البرهان خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي، حرصه على العمل مع السعودية والرئيس دونالد ترمب ومبعوثه للسلام مسعد بولس لوقف الحرب في السودان.

وبحسب المصدر نفسه، تعكس تصريحات البرهان تحولاً كبيراً في موقف الحكومة السودانية التي سبق أن رفضت مقترح «الآلية الرباعية» بهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، مشيراً إلى أن دول الرباعية أكدت مراراً وتكراراً التزامها بالعمل في إطار هذه المبادرة لوقف الحرب عبر الحل السلمي المتفاوض عليه.

من جهته، قال مستشار «قوات الدعم السريع»، محمد المختار، إن «موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان». وأضاف أن «الدعم السريع وتحالف تأسيس (المرجعية السياسية لحكومة السلام) في نيالا، على اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد... وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد».

التحركات الأميركية

وقال دبلوماسي سوداني سابق، إن الإدارة الأميركية لا تلجأ في العادة لتحديد سقف زمني لأي ملف تتحرك فيه دون مؤشرات واضحة أو حصولها على ضوء أخضر، مضيفاً: «صحيح أن القيد الزمني الذي وضعته ضيق جداً، لكنها قد تنجح في اقتلاع موافقة نهائية من طرفي الحرب بخصوص الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة».

وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن وقف إطلاق النار يتوقف على كلا الجانبين، من حيث الوفاء بالتزاماتهما في تنفيذ المقترح المطروح من قبل «الآلية الرباعية». وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، أن إدارة ترمب تركز في الوقت الحالي على جمع الطرفين في مفاوضات مباشرة للاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة الإنسانية التي تمهد الانتقال إلى مرحلة إيقاف دائم لإطلاق النار، يعقب ذلك تنفيذ الرؤية المضمنة في خريطة الرباعية بخصوص العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني.وتوقع الدبلوماسي أن تتسارع وتيرة تحركات الرباعية بكثافة في الأيام المقبلة، بعد حديث روبيو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع طرفي الصراع للالتزام بتنفيذ الهدنة فوراً دون تأخير.

وتنص خريطة «الرباعية» على التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، وإيقاف فوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتطويره إلى وقف إطلاق نار دائم، ثم البدء في مفاوضات سياسية.

ترحيب إماراتي

من جهته، جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة في السودان.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي (وام)

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل.

كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين إلى الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

إدريس إلى نيويورك

من جهة ثانية، توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة السودانية.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.


مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
TT

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر»، استجابةً لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

وبموجب قرار النائب العام الذي ستجري مخاطبة الجهات المختصة به، سيكون من حق علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية بجانب جنسيته المصرية، القدرة على مغادرة البلاد بعد نحو 3 أشهر من الإفراج عنه بعفو رئاسي استجابة لمناشدات عدة قدمتها أسرته، ومخاطبة قدمها «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر.

وصدر حكم قضائي على علاء عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط، الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع اسم علاء عبد الفتاح من «قوائم الإرهاب» في القضية رقم 1781 لسنة 2019 في يوليو (تموز) الماضي، مستندة إلى التحريات التي أفادت بـ«عدم استمراره في أي نشاط لصالح جماعة إرهابية»، وهو القرار الذي ترتّب عليه إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال وغيرهما من العقوبات.

وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال وجوده في السجن، بعدما تقدمت شقيقتاه بطلب للسلطات البريطانية على خلفية حصول والدته على الجنسية لولادتها هناك، وهو ما جعل موقفه القانوني محل نقاش مستمر بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين خلال السنوات الماضية.