ليبيا: الاشتباكات تتجدد في الخمس... و«الوحدة» تلتزم الصمت

«حراك شباب طرابلس» يحمل «الرئاسي» مسؤولية تحركات عسكرية في العاصمة.

عناصر «جهاز دعم الاستقرار» في الخمس (الجهاز - أرشيفية)
عناصر «جهاز دعم الاستقرار» في الخمس (الجهاز - أرشيفية)
TT

ليبيا: الاشتباكات تتجدد في الخمس... و«الوحدة» تلتزم الصمت

عناصر «جهاز دعم الاستقرار» في الخمس (الجهاز - أرشيفية)
عناصر «جهاز دعم الاستقرار» في الخمس (الجهاز - أرشيفية)

وسط صمت سلطات غرب ليبيا، تجددت الاشتباكات في مدينة الخمس بين عناصر «قوة مصراتة المشتركة» و«جهاز دعم الاستقرار»، التابعين لحكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، ما أسفر عن توتر أمني في المدينة، الواقعة شمال غربي البلاد.

وبحسب وسائل إعلام محلية، مساء الجمعة، فقد تمكنت القوة المشتركة من السيطرة على مقر مكتب «دعم الاستقرار»، فيما لم تصدر أي بيانات رسمية توضح خلفيات الاشتباك أو نتائجه.

عنصران من عناصر الشرطة الليبية وسط العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

وطبقاً لشهود عيان، فقد اقتحمت عناصر مسلحة تابعة لـ«القوة المشتركة»، مقر «جهاز دعم الاستقرار»، التابع لغنيوة الككلي، في الخمس، الواقعة على بُعد 97 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس، واستولت على أسلحة وذخائر وآليات عسكرية، بالإضافة إلى اعتقالها بعض عناصر من الجهاز.

في سياق ذلك، أعلن «حراك شباب طرابلس الكبرى»، رفضه القاطع لمحاولات إشعال الفتنة داخل طرابلس من قِبل أطراف خارجها، وأكد أن شباب العاصمة لن يقفوا موقف المتفرج إزاء محاولات إشعال الفتنة داخلها.

حمل «حراك الشباب» المسؤولية الكاملة للمجلس الرئاسي بشأن التحركات العسكرية التي تقوم بها بعض الأطراف (الوحدة)

وحمل «حراك الشباب»، في بيان، مساء الجمعة، المسؤولية الكاملة لـ«المجلس الرئاسي»، باعتباره القائد الأعلى للجيش، بشأن التحركات العسكرية، التي تقوم بها بعض الأطراف لشن حرب داخل العاصمة، واعتبر أن المساس بأمن العاصمة «خط أحمر»، لافتاً إلى أنه سيقف خلف الأجهزة الأمنية والعسكرية لصد أي محاولات لافتعال أزمات. متعهداً بالضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بالأمن.

في غضون ذلك، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا النساء الليبيات للانضمام إلى «منصة المرأة الليبية»، وهي مساحة حوارية مفتوحة تهدف إلى تبادل الآراء ووجهات النظر حول التحديات التي تواجه المرأة في ليبيا، وبحث الحلول الممكنة لتعزيز مشاركتها الفاعلة في مختلف المجالات.

وأكدت البعثة أن هذه المنصة تلتزم التزاماً كاملاً باحترام القيم والثقافة الليبية، والمبادئ الوطنية، والتشريعات المحلية والدولية ذات الصلة بحقوق المرأة، مشيرة إلى أن الهدف من المبادرة هو تمكين النساء من التعبير عن تطلعاتهن، وتعزيز التواصل بينهن من مختلف مناطق ليبيا.

وتأتي هذه الخطوة في إطار دعم البعثة المستمر لحقوق المرأة، وتعزيز دورها في بناء السلام والمصالحة، وتحقيق التنمية المستدامة في ليبيا.

في سياق ذلك، نظمت بمدينة طرابلس جلسة حوارية ناقشت دور الاتحادات النسائية في دعم وإنجاح العملية الانتخابية في ليبيا. وجاءت برعاية «مركز راصد ليبيا للحوار وبناء السلام»، بمقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وشهدت الجلسة حضور الاتحادات الفرعية المؤسسة للاتحاد النسائي الليبي العام، إلى جانب اللجنة التأسيسية للاتحاد، ومجموعة من السيدات الاستشاريات، وممثلة المرأة في المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

احتضنت طرابلس جلسة حوارية ناقشت دور الاتحادات النسائية في إنجاح العملية الانتخابية بليبيا (مفوضية الانتخابات)

وركزت الجلسة على أهمية تفعيل دور المرأة من خلال الاتحادات النسائية، وضمان تمثيلها الفاعل في مختلف مراحل الاستحقاقات الانتخابية، بما في ذلك التوعية والمراقبة والمشاركة السياسية، كما ناقش المشاركون التحديات التي تواجه الاتحاد النسائي، وضرورة تطوير أدائه بما يتماشى مع المرحلة المقبلة.

وتطرق الحاضرون إلى ضرورة إجراء تعديلات على النظام الأساسي للاتحاد النسائي الليبي العام، مؤكدين أهمية معالجة بعض التفاصيل القانونية والفنية، التي تعيق أداءه المؤسسي، بهدف تمكينه من لعب دور محوري في تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة.

من جهة ثانية، أعلنت بلدية الأصابعة الليبية عودة «الحرائق الغامضة» إليها بشكل محدود، مجدداً، وأشارت إلى تسجيل حادثي حريق، أحدهما في منزل تعرض للحرائق أكثر من مرة، والثاني في شاحنة لمواطن، وفقاً لإحصائية قدمتها، مساء الجمعة، نقلاً عن سجلات غرفة البلاغات بقسم السلامة الوطنية.

ولفتت «البلدية» إلى إخماد المواطنين بعض الحرائق البسيطة في عدد من المنازل، دون الحاجة إلى تدخل فرق الإطفاء، مع مواصلة فرق وأقسام السلامة الوطنية تمركزها في المواقع المحددة لها.

وكررت «البلدية» تعليماتها بمنع إشعال النيران في القمامة أو المخلفات، أو أي مواد قابلة للاشتعال إلا في الأماكن المخصصة لذلك.

ومنذ بداية الأزمة خلال فبراير (شباط) الماضي، احترق نحو 235 منزلاً في الأصابعة، التي تقع في جبل نفوسة (الجبل الغربي) على مسافة 120 كيلومتراً جنوب العاصمة طرابلس.


مقالات ذات صلة

«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

خاص القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)

«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

يرى محلل عسكري ليبي أن مطار الكفرة «منشأة مهمة تُستخدم لدعم القوات الليبية المنتشرة في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي وهو نقطة وصل بين شرق ليبيا وجنوبها»

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا في ليبيا بات كل مواطن يحتفل بـ«ثورته» في مواعيدها (أ.ف.ب)

الليبيون يحتفلون بالذكرى الـ74 للاستقلال على وقع انقسام حاد

بشكل منفصل أعلن كل من رئيسي حكومتي ليبيا الدبيبة وحماد يومي الأربعاء والخميس عطلة رسمية لمناسبة «عيد الاستقلال» في بلد يعاني من تداعيات انقسام سياسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين بدءاً من 2 يناير المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)

اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

قال المجلس الرئاسي الليبي إن رئيسه محمد المنفي اطلع على إحاطة «شاملة ومفصلة» حول الأوضاع الأمنية الراهنة، وسير تنفيذ المهام الموكلة للوحدات العسكرية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)

جدل في ليبيا يستبق تعديلاً وزارياً مرتقباً في «حكومة الوحدة»

تباينت الآراء عقب إعلان رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة عزمه إجراء تعديلات وزارية في حكومته، وسط تساؤلات عن مصير الوزراء الحاليين.

جاكلين زاهر (القاهرة)

استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
TT

استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)

قالت مصادر نقابية تونسية إن نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، ​الذي يحظى بنفوذ كبير في البلاد، قدَّم استقالته، اليوم (الثلاثاء)، وذلك قبل شهر من الإضراب المرتقب على مستوى البلاد؛ بسبب حملة الرئيس قيس سعيد المتصاعدة ضد المعارضة، بحسب ما أورده تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

وقال الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد، سامي الطاهري، في تصريح صحافي، إنّ الطبوبي أودع صباح اليوم (الثلاثاء) استقالته بمكتب الضبط، وقد تسلّمها الأمين العام المساعد المكلّف النظام الداخلي، دون أن يقدِّم تفاصيل بشأن دوافع هذه الخطوة.

وبيَّن الطاهري أنّ الاستقالة لا تُفعَّل بشكل فوري، لأن القانون الداخلي للاتحاد ينصُّ على دعوة المعني بالأمر خلال 15 يوماً للاستفسار عن أسباب استقالته، ومحاولة ثنيه عنها، ثم تصبح نافذةً في حال تمسّكه بها.

وأشار إلى أنّ لقاءات عدة ستعقد خلال الأيام القليلة المقبلة داخل الهياكل النقابية لتدارس الخطوات، التي سيتم اتخاذها تباعاً، في ظلّ التطورات الأخيرة.

وكان الصحافي المختص في الشؤون النقابية، سفيان الأسود، قد أكّد أنّ «استقالة الطبوبي أصبحت رسمية باعتبار أنّه قدّمها لمكتب الضبط المركزي، وهي في انتظار أن تأخذ المجرى القانوني، وتفعيلها بالقبول أو بالرفض»، وفق تعبيره.

وأوضح الأسود، في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، أن استقالة الطبوبي تطور لافت في مسار الأزمة التي يعيشها الاتحاد منذ انعقاد المجلس الوطني الأخير بالمنستير. وختم الأسود تدوينته بالتنبيه إلى أن هذه الخطوة مرشحة لتعقيد الوضع أكثر داخل المنظمة، وقد تسهم في تعميق الخلافات والانقسامات داخل هياكلها القيادية.

يشار إلى أنّ الطبوبي كان قد هدَّد بتقديم استقالته منذ مدّة، وأيضاً بعد الاجتماع الأخير للهيئة الإدارية الوطنية. وقد يؤدي رحيل الطبوبي إلى إضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي ‌يُنظر إليه ‌على نطاق واسع ‌على ⁠أنه ​آخر معقل ‌قوي للمجتمع المدني الديمقراطي في تونس. ولم يصدر «الاتحاد» أي تعليق فوري بعد على ما تردد عن رحيل الطبوبي.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يضم مليون عضو ولعب دوراً رئيسياً ⁠في الانتقال الديمقراطي في تونس بعد عام ‌2011، ينتقد ما يعدّه تحولاً متسارعاً للرئيس قيس سعيد نحو الحكم المتفرد. وقد دعا قبل أيام إلى إضراب في أنحاء البلاد في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، احتجاجاً على حملة الرئيس المتصاعدة ضد منتقديه، والمطالبة بالتفاوض على الأجور. ويقول منتقدو ⁠الرئيس سعيد إن الاعتقالات، التي طالت قادة المعارضة وجماعات المجتمع المدني والصحافيين تؤكد التحول الذي اتخذه الرئيس منذ توليه سلطات استثنائية في 2021 ليحكم بمرسوم. في حين يقول الرئيس سعيد إنه تولى صلاحيات أوسع للقضاء على الفساد المستشري وسوء الإدارة. لكن المعارضة تصف قراراته بأنها «انقلاب». وأدى التضخم المرتفع، ونقص بعض السلع الأساسية، وسوء الخدمات العامة إلى تأجيج الاستياء، ‌واندلاع موجة من الاحتجاجات في الشوارع.


الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
TT

الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)

تزامناً مع إعلان البرلمان الجزائري تنظيم جلسة تصويت، الأربعاء، على نصّين يثيران جدلاً واسعاً، يتعلقان بـ«تجريم الاستعمار» و«سحب الجنسية من المعارضين»، هوَّن مسؤول حكومي رفيع من المخاوف المرتبطة بالنص الثاني، مؤكداً أنه «لا يستهدف أصحاب الرأي المخالف»، بل أولئك الذين «تثبت بحقهم تهمة الخيانة العظمى».

وإذا كان الجدل الدائر بشأن مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830 - 1962) يثير حفيظة قطاع من الطيف السياسي الفرنسي، لا سيما اليمين التقليدي، فإن هناك إجماعاً واسعاً في الجزائر على تسريع وتيرة إصداره، ونشره في الجريدة الرسمية، في خطوة مرتبطة بالتوترات القائمة مع باريس، التي كانت اندلعت صيف عام 2024 على خلفية اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء. وقد شهدت هذه التوترات مع مرور الوقت تصعيداً خطيراً، ظل ملف الاستعمار وما تُعرف بـ«آلام الذاكرة» في صلبه.

البرلمان الجزائري (البرلمان)

وعشية اجتماع مكتب «المجلس الشعبي الوطني» لضبط أجندة التصويت على المقترحَين، سعى وزير العدل، لطفي بوجمعة، في تصريحات أمام النواب، إلى التخفيف من المخاوف المرتبطة بنص تعديل قانون الجنسية الذي تقدم به هشام صيفر، النائب عن حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» المؤيد لسياسات السلطة التنفيذية، حيث شدد على أن «المعارضين أصحاب الرأي المخالف للحكومة الذين يوجدون في الخارج، غير معنيين بإجراءات التجريد من الجنسية» المتضمنة في النص الذي يحظى بتأييد غالبية الكتل البرلمانية.

وقال الوزير إن النص، الذي أثار كثيراً من الانتقادات، «يتضمن ضمانات صارمة تهدف إلى تأطير إجراءات إسقاط الجنسية، من خلال تحديد الحالات التي يمكن فيها تطبيق هذا الإجراء بشكل واضح ودقيق». مؤكداً أن التعديلات المقترحة «تنص على تعزيز الإطار القانوني، إذ تشترط توفر أدلة ملموسة ومعطيات ثابتة تثبت ارتكاب أفعال خطيرة».

كما تتناول، وفق قوله، استحداث «لجنة مختصة»، تتولى دراسة ملفات سحب الجنسية «بطريقة موضوعية ومحايدة»، من دون أن يذكر هوية الأشخاص الذين ستُسند إليهم عضوية هذه «اللجنة». وأوضح الوزير أيضاً أن مقترح تعديل القانون يتضمن تدابير «تتيح للشخص الذي أُسقطت عنه جنسيته إمكانية استرجاعها في ظل شروط معينة، بما يمنحه فرصة ثانية قبل أن يصبح القرار نهائياً».

«نظام إنذار» يسبق إسقاط الجنسية

من جانبه، صرَح النائب هشام صيفر بأن المقترح الذي تقدم به «يحترم بدقة (المادة 36) من الدستور، ولا يتعارض مع القانون الدولي». وتفيد المادة الدستورية بأن «شروط اكتساب الجنسية الجزائرية، والاحتفاظ بها، وفقدانها أو سحبها، تُحدَّد بمقتضى القانون».

ووفق صيفر فإنه لا تطبق إجراءات التجريد من الجنسية «إلا على المواطنين الجزائريين الذين تتوفر بحقهم أدلة قوية ومتماسكة تثبت ارتكابهم خارج التراب الوطني أفعالاً خطيرة محددة قانوناً، واستمرارهم في ارتكابها رغم توجيه إنذار رسمي من قبل الحكومة». وأشار إلى أن النص يشمل «نظام إنذار، وهو آلية تتيح للشخص المعني التراجع عن أفعاله، قبل اتخاذ قرار إسقاط الجنسية؛ مما يشكل ضمانة إضافية لتحقيق العدالة»، وفق تصريحات البرلماني، الذي لفت إلى إدراج شرط في النص يقضي بعدم جواز إسقاط الجنسية الأصلية عن أي شخص لا يحمل جنسية أخرى؛ تفادياً لحالات انعدام الجنسية، مع استثناءات محددة تتعلق بالجرائم الخطيرة، مثل الخيانة والتجسس لمصلحة دولة أجنبية، أو حمل السلاح ضد الجزائر.

رئيس «ماك» فرحات مهني مستهدَف بخطوة سحب الجنسية الجزائرية (ناشطون)

ويتضمن المقترح كذلك إنشاء لجنة خاصة تتكفل الدراسة والبت في ملفات إسقاط الجنسية، على أن يحدَّد تنظيمها، وتشكيلها، وكيفيات عملها، بموجب نص تنظيمي.

وبشأن الآثار المترتبة على الأقارب، فإن إجراء إسقاط الجنسية لا يشمل الزوج ولا الزوجة ولا الأطفال القُصّر. كما يمكن للأطفال المولودين بعد صدور قرار إسقاط الجنسية اكتساب الجنسية الجزائرية تلقائياً عن طريق الأم.

وطُرحت فكرة إسقاط الجنسية أول مرة في مارس (آذار) 2025، بمناسبة هجوم حاد من الرئيس عبد المجيد تبون ضد الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال، بسبب تصريحات صحافية، زعم فيها أن «أجزاء واسعة من الغرب الجزائري اجتزأها الاستعمار الفرنسي من المغرب». وجره هذا الكلام إلى المتابعة القضائية، حيث أدانه القضاء بالسجن 7 سنوات مع التنفيذ، لكن أُفرج عنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بموجب إجراءات عفو رئاسي بناء على التماس من الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير.

الكاتب بوعلام صنصال (حسابات ناشطين متعاطفين معه)

وظلت الفكرة مجرّد اقتراح ذي طابع سياسي تقدّم به النائب صيفر، لكنها عادت بقوة خلال الأيام الأخيرة على خلفية إعلان انفصاليي القبائل الجزائرية من باريس قيام «دولة مستقلة». ويُعتقد أن النص الجديد قد يُطبق ضد عدد كبير منهم، على رأسهم زعيم «حركة تقرير مصير القبائل (ماك)» فرحات مهني.

«أداة للتكميم»

أكدت منظمة «شعاع لحقوق الإنسان»، المهتمة بالأوضاع الحقوقية في الجزائر التي يوجد مقرها في لندن، في بيان، أن التعديل المقترح لقانون الجنسية، «يفتح الباب أمام المساس بحق الجزائريين في جنسيتهم الأصلية، استناداً إلى مفاهيم فضفاضة، من قبيل المسّ بمصالح الدولة أو بالوحدة الوطنية؛ مما يشكل تهديداً مباشراً لحقوق المواطنة، ويكرّس في الوقت ذاته مساراً تشريعياً خطيراً، من شأنه تحويل التجريد من الجنسية إلى أداة لتكميم الأفواه ومعاقبة الرأي المخالف، بدل أن يظل إجراء استثنائياً محكوماً بضوابط صارمة تحمي الحقوق والحريات».

ووفق البيان، «يحوّل المسعى الجنسية من حق أصيل وملازم للشخص، إلى وسيلة ضغط وابتزاز سياسي مشروطة بالولاء للسلطة لا بالانتماء للوطن»، لافتاً إلى أن «تركيز النص على الأفعال المرتكبة خارج التراب الوطني يكشف عن استهداف خاص للجزائريين المقيمين في الخارج، الذين يشكّلون اليوم الفئة الأكثر ممارسة لحقها في انتقاد السلطة، بحكم وجودهم خارج سطوة الاعتقال والسجن، رغم ما يواجهه العديد منهم من متابعات قضائية، وأحكام غيابية قاسية».


«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)
القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)
TT

«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)
القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)

تجاهل «الجيش الوطني الليبي»، برئاسة المشير خليفة حفتر، مجدداً الاتهامات، التي تربطه بتقديم دعم لقوات «الدعم السريع» في السودان، وذلك بعد تقارير تحدثت عن استخدام مهبط للطائرات في مطار الكفرة (جنوب شرقي ليبيا) منصة لوجيستية لتعزيز السيطرة على مدينة الفاشر، في سياق الحرب الأهلية السودانية.

وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع ثلاثة قادة عسكريين بارزين في شرق ليبيا للحصول على تعليق رسمي، إلا أنه لم يتسنَّ الحصول على رد، فيما قال أحدهم إنه «ليس مخولاً بالتحدث سواء بالنفي أو التأكيد».

قوات تابعة للجيش الوطني بقيادة المشير حفتر (الجيش الوطني)

وأشار تقرير لوكالة «رويترز»، الذي قالت إنه يستند إلى «أكثر من اثني عشر مسؤولاً عسكرياً واستخباراتياً ودبلوماسياً»، إلى أن «خط الإمداد عبر الكفرة كان محورياً في تعزيز سيطرة (الدعم السريع) على مدينة الفاشر؛ ما أتاح لها ترسيخ وجودها في دارفور».

وعدّ المحلل العسكري الليبي، محمد الترهوني، المقرب من قيادة «الجيش الوطني»، أن تقرير وكالة «رويترز» «لا يعكس الحقائق على الأرض»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مطار الكفرة «منشأة ليبية مهمة، تُستخدم لدعم القوات الليبية المنتشرة في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي، وهو نقطة وصل بين شرق ليبيا وجنوبها».

مضيفاً أن «القوات الليبية في الجنوب تعمل بحياد كامل، بعيداً عن أي نزاعات داخلية في دول الجوار، وتركز على تأمين العمق والحدود الليبية فقط، دون الانخراط في أي تجاذبات سياسية، أو عسكرية لدعم طرف ضد آخر».

عناصر من قوات «الدعم السريع» (أ.ف.ب)

وأبرز الترهوني أن «الجنوب الليبي ومطار الكفرة كانا عبارة عن مناطق مهملة سابقاً، استُخدمت كأنها ممرات لتنظيمات مسلحة، وتمويل الهجرة غير النظامية، لكنها أُمنت اليوم بشكل كامل لتصبح منطقة مستقرة ومحمية»، وهو ما عده «تجسيداً لنجاح جهود الجيش الوطني في حماية أراضي ليبيا وسيادتها».

ومنذ بداية الحرب الأهلية في السودان في أبريل (نيسان) 2023، تعرض «الجيش الوطني» الليبي لاتهامات متكررة بتقديم الدعم لقوات «الدعم السريع»، إلا أن القيادة العامة سارعت إلى نفي ذلك حينذاك، مؤكدة «استعدادها للوساطة» بين الأطراف السودانية لوقف القتال، وفقاً للناطق باسمها اللواء أحمد المسماري.

وحسب الرواية ذاتها، فقد سجلت بيانات وتتبع رحلات الجوية لما لا يقل عن 105 عمليات هبوط لطائرات شحن بين أبريل ونوفمبر (تشرين الثاني) 2025، نقلت أسلحة ومرتزقة لدعم سيطرتها في دارفور.

ونسبت الوكالة إلى مسؤول أممي، طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن استخدام هذه القناة «غيّر قواعد اللعبة بالكامل في السودان»، وذلك من خلال توفير إمكانات الإمداد والمقاتلين، وهو ما أسهم في تعزيز الحصار الذي استمر 18 شهراً على المدينة.

سودانيون يشاركون في مظاهرة للتنديد بانتهاكات «الدعم السريع» (إ.ب.أ)

وتجدد الجدل حول هذا الملف في يونيو (تموز) الماضي، بعد اتهامات الجيش السوداني لقوات «الجيش الوطني» بـ«تقديم إسناد لقوات (الدعم السريع) في اشتباكات حدودية»، وهو ما نفته وزارة الدفاع التابعة للحكومة المكلفة من البرلمان في شرق ليبيا حينذاك، مؤكدة أن عقيدة القوات المسلحة «ترتكز على السيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».

وتوقع المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أن تستمر «التسريبات» حول الموضوع، وأنها «مرشحة للزيادة» رغم النفي المستمر. ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الأطراف الدولية تحاول تسريب الأخبار لوكالات الأنباء لتحقيق مكاسب سياسية، أو الضغط عبر ورقة الإعلام، وهو أسلوب تقليدي متجدد».

وتعيش ليبيا منذ 2014 حالة من الانقسامين السياسي والعسكري، وتشهد حالياً وجود حكومتين متنازعتين؛ إحداهما في طرابلس (غرباً) برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق برئاسة أسامة حماد ومقرها مدينة بنغازي، وتتمتع بدعم «الجيش الوطني» الليبي، الذي يسيطر على معظم مناطق الشرق والجنوب، بما يشمل حقول النفط الاستراتيجية، ومطارات حيوية مثل مطار الكفرة.