في خضم توترات حرب الرسوم الجمركية والتهديدات الأميركية بالاستحواذ على كندا وجعلها ولاية أميركية، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في البيت الأبيض، مبدياً إصراره على تصريحاته السابقة والتأكيد أن كندا تحتاج إلى الولايات المتحدة وليس العكس.
وبدا اللقاء متوتراً رغم اللهجة الودودة التي أبداها ترمب وضيفه الكندي، لكن خلف التصريحات الودودة كانت التوترات تتصاعد بإصرار ترمب على فكرة جعل كندا الولاية الـ51 والتأكيد أن الولايات المتحدة تدعم كندا، مع رد كارني أن بلاده ليست للبيع وأن وجهة نظر الكنديين بشأن هذا الأمر لن تتغير، ليرد ترمب بابتسامة ساخرة: «الوقت كفيل بإثبات ذلك»، وأضاف: «لقد مررت بالعديد من الأمور التي لم يكن من الممكن القيام بها وانتهى الأمر بأن تكون قابلة للتنفيذ، فقط التنفيذ بطريقة ودية للغاية». كما لم يعط ترمب أي إشارة إلى التراجع عن التعريفات الجمركية الباهظة التي فرضها على كندا.
ولم تؤدِّ هذه التوترات والردود الحادة إلى مشهد مشابه للمشادة بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير (شباط) الماضي، لكن التباعد يبقى كبيراً بين واشنطن وأوتاوا، ومهمة كارني في استمالة ترمب لخفض التعريفات والتخلي عن أفكاره فشلت.
وقد أثنى ترمب في بداية اللقاء على الفوز الكبير الذي حققه كارني في الانتخابات، وأشار إلى ضرورة إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، مبدياً في الوقت نفسه حرصه على العلاقات مع كندا، لكنه أظهر إصراره على ضمها، مطالباً بإزالة الخط الجغرافي «المصطنع» بين البلدين.
وعدّد ترمب المزايا التي ستحصل عليها كندا من الانضمام إلى الولايات المتحدة، وقال: «أعتقد أنه سيكون هناك تخفيض كبير في الضرائب على المواطنين الكنديين، وستحصل كندا على خدمات عسكرية مجانية والكثير من المزايا عندما نتخلص من الخط المرسوم بشكل مصطنع، وجيش مجاني لأننا سنحمي كندا إذا كانت لديكم مشكلة. وسيكون زواجاً رائعاً لأن المكانين يتوافقان والناس يحب بعضهم بعضاً كثيراً».
وهنا قاطع كارني مضيفه قائلاً له، إنه يعرف من سوق العقارات أن بعض الأماكن «لا تطرح أبداً للبيع مثل البيت الأبيض وقصر باكينغهام». وحينما سُئل ترمب عن التنازلات التي يأمل في الحصول عليها من كندا أجاب: «الصداقة. سنكون أصدقاء مع كندا، أنا أحب كندا».
من جانبه، حرص رئيس الوزراء الكندي على استمالة ترمب بالثناء على قيادته للولايات المتحدة واهتمامه بالاقتصاد وتأمين الحدود ومكافحة الاتجار بالمخدرات وتسليط الضوء على العلاقات الثنائية القوية، وأنه يريد إجراء تغييرات جذرية في الأمن تعود بالنفع على الولايات المتحدة. وقال: «تاريخ كندا والولايات المتحدة يؤكد أننا سنكون أقوى عندما نعمل معاً وهناك العديد من الفرص للعمل معاً، وأتطلع لمعالجة بعض القضايا وإيجاد مجالات للتعاون».
ورعد اللقاء، وصف رئيس كارني محادثاته مع ترمب بأنها «بناءة جدا»، وقال إن الحوار بشأن النزاع التجاري القائم سيتواصل في قمة مجموعة السبع الشهر المقبل.وقال «أجرينا ما يمكن أن أصفه بأنها مناقشات واسعة النطاق، وكما قلت قبل لحظات، بناءة جدا. اتفقنا على إجراء مزيد من المحادثات في الأسابيع المقبلة ونتطلع إلى لقاء بيننا في قمة مجموعة السبع في كاناناسكيس في ألبرتا».
لماذا تدعم أميركا كندا؟
قبل اللقاء نشر ترمب تغريدة عبر منصة «تروث سوشيال» أشار فيها إلى أنه يتطلع إلى لقاء رئيس الوزراء الكندي والعمل معه، لكنه قال: «لا أستطيع أن أفهم حقيقة بسيطة واحدة: لماذا تدعم أمريكا كندا بمبلغ 200 مليار دولار سنوياً، بالإضافة إلى منحهم الحماية العسكرية المجانية، والعديد من الأشياء الأخرى؟ نحن لا نحتاج إلى سياراتهم، ولا نحتاج إلى طاقتهم، ولا نحتاج إلى أخشابهم، ولا نحتاج إلى أي شيء يملكونه، باستثناء صداقتهم، التي نأمل أن نحافظ عليها دائماً. وهم، من ناحية أخرى، يحتاجون إلى كل شيء منا!».
وأضاف أنه من المرجح أن يكون هذا هو السؤال الوحيد الذي سيطرحه في لقائه مع كارني.
وقد فاز رئيس الوزراء الكندي بمنصبه بوعود مواجهة موقف ترمب العدواني بجعل كندا الولاية الأميركية رقم 51 وفرض رسوم جمركية باهظة على شريك أساسي في تصنيع السيارات وتوريد النفط والكهرباء وسلع أخرى.
وقد أدى الغضب لدى الكنديين من هجمات ترمب على السيادة الكندية وحربه التجارية المستمرة، إلى تعزيز فرص كارني وتحقيق الحزب الليبرالي فوزاً كبيراً على على حساب حزب المحافظين في الانتخابات أواخر الشهر الماضي.
