تخصيص المحتوى الذكي يعيد تشكيل تجربة التخطيط للسفر

تخصيص المحتوى الذكي يعيد تشكيل تجربة التخطيط للسفر
TT

تخصيص المحتوى الذكي يعيد تشكيل تجربة التخطيط للسفر

تخصيص المحتوى الذكي يعيد تشكيل تجربة التخطيط للسفر

يشهد قطاع السياحة والسفر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحولات لافتة مدفوعة بالتقنيات الحديثة، وسط توقعات بأن يتجاوز حجم السوق 400 مليار دولار بحلول عام 2032. وبينما تعكس هذه الأرقام فرصاً واعدة، تبرز تحديات حقيقية في سد الفجوة بين تطلعات المسافرين وتجربتهم الفعلية عند التخطيط للرحلات.

وفي هذا الإطار، أوضح ماريو الفغالي، رئيس شراكات الأعمال الخاصة بالسياحة والسفر لقسم حلول الأعمال العالمية في «تيك توك» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن «التخصيص الذكي أصبح ضرورة لإحداث نقلة نوعية في تجربة المستخدم، وتحويل الإلهام إلى قرارات حجز فعلية».

وأضاف: «كثيراً ما يحلم الناس بقضاء عطلة مثالية، ولكنهم يجدون أنفسهم أمام بحر من الخيارات والمراجعات ومسارات السفر المقترحة، مما يؤدي إلى حالة من الحيرة والفوضى الرقمية، ويتراجع الحماس الذي بدأوا به رحلة التخطيط».

وأشار إلى أن المسافر العادي يستعين اليوم بنحو 38 مصدراً مختلفاً قبل اتخاذ قرار الحجز، في حين يعبّر نحو 90 في المائة من المسافرين عن معاناتهم مع التعقيد في التخطيط، وهو ما يُبرز الحاجة إلى حلول أكثر سلاسة وتخصصاً.

ولفت الفغالي إلى أن «التحول الرقمي غيّر طبيعة البحث عن السفر؛ إذ لم تعد العملية قائمة على البحث التقليدي النصّي، بل انتقلنا إلى نموذج الاكتشاف أولاً، حيث يصل المحتوى إلى المستخدم بناءً على اهتماماته قبل أن يبدأ بالبحث».

وأوضح أن منصات مثل «تيك توك» باتت تلعب دوراً محورياً في هذا التحول، قائلاً: «أكثر من نصف مستخدمي تيك توك أشاروا إلى أن المحتوى الذي يشاهدونه على المنصة يؤثر بشكل مباشر على قراراتهم المتعلقة بالحجوزات واختيار الوجهات».

وأشار إلى أن المجتمعات الرقمية أصبحت مصدراً موثوقاً للمسافرين الذين يبحثون عن تجارب حقيقية أكثر من الاعتماد على حملات ترويجية تقليدية.

ماريو الفغالي رئيس شراكات الأعمال الخاصة بالسياحة والسفر لقسم حلول الأعمال العالمية في «تيك توك» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

وسلط رئيس شراكات الأعمال الخاصة بالسياحة والسفر لقسم حلول الأعمال العالمية في «تيك توك» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الضوء على تجربة «أكور» العالمية في استخدام إعلانات السفر الديناميكية (DTA) عبر «تيك توك»، حيث نجحت العلامة التجارية في تحقيق نتائج ملموسة تمثلت في خفض تكلفة الحجز بنسبة 50 في المائة ومضاعفة عدد الحجوزات.

وقال: «ما يميز هذه النتائج هو الابتعاد عن الأساليب الإعلانية الموحدة والاعتماد بدلاً من ذلك على تجارب اكتشاف مخصصة تعزز تفاعل المستخدم مع العلامة التجارية». وبيّن أن هذا النموذج يفتح أمام المسوقين فرصاً لتجاوز المفهوم التقليدي للإعلانات، والتركيز على تقديم تجارب تفاعلية تلبي احتياجات المستهلك بشكل أكثر دقة.

وفي تعليقه على أهمية التخصيص، قال: «التخصيص لم يعد مجرد وسيلة لتحسين الاستهداف، بل أصبح ضرورة لتحسين جودة التواصل وتعزيز تجربة المستخدم. في عالم تتزايد فيه الخيارات ويتراجع فيه الانتباه، تصبح الملاءمة هي المفتاح الحقيقي للتميّز».

وأكد أن النجاح في المستقبل سيكون من نصيب العلامات التجارية التي تستطيع دمج التخصيص الذكي مع التفكير الإبداعي، لتقديم تجربة سفر ملهمة ومترابطة مع تطلعات الأفراد.

واختتم ماريو الفغالي حديثه بالتأكيد على أن القطاع يعيش اليوم واحدة من أهم المراحل التحولية في تاريخه، وقال: «لم يعد الهدف يقتصر على جذب النقرات أو إتمام الحجوزات، بل بات يتمثل في بناء لحظات ملهمة تُرسخ الولاء وتعزز الانتماء للعلامة التجارية».

وأضاف: «حين ننجح في الجمع بين التخصيص والتجربة الإنسانية الحقيقية، فإننا لا نكتفي بتسهيل رحلة التخطيط للسفر، بل نعيد ابتكارها بما يجعلها أكثر ارتباطاً وواقعية، لتصبح تجربة يتطلع الجميع للمشاركة فيها».


مقالات ذات صلة

أين تُمضي عطلة الأعياد في لبنان؟

سفر وسياحة يتميز لبنان بزينة شوارعها خلال فترة الاعياد (إنستغرام)

أين تُمضي عطلة الأعياد في لبنان؟

في لبنان، تتحوّل عطلة الأعياد إلى تجربة لا تُنسى، تمتد بين الشمال والجنوب، وبين الساحل والجبال، وتجمع بين الطبيعة والثقافة والتاريخ، والطعام. فلكل منطقة طابعها

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

كيف تقضي احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين؟

بمزيد من التخطيط المبكر والاستفادة من التسهيلات التي تقدمها بعض شركات الطيران، يمكن قضاء احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين استغلالاً لمزايا الترانزيت الطويل ا

أحمد عدلي ( القاهرة)
آسيا الحكومة اليابانية تدرس فرض رسوم على الأجانب الزائرين (أ.ف.ب)

اليابان تدرس فرض رسوم على نظام جديد لفحص ما قبل السفر

أفاد مصدر مطلع في اليابان، الثلاثاء، بأن الحكومة تدرس فرض رسوم تتراوح بين نحو 2000 و3000 ين (13 دولاراً) على الأجانب الزائرين للبلاد.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
سفر وسياحة القاعة البيزنطية (الشرق الأوسط)

«قصر عابدين»... رحلة تاريخيّة في رحاب «مصر الملكية»

في قلب العاصمة المصرية، يتوسط قصر «عابدين» التاريخي واحداً من أشهر ميادين القاهرة والذي يحمل الاسم ذاته «عابدين».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
سفر وسياحة طرق النقل التي تربط بوسان بباقي المدن في كوريا الجنوبية مميزة (نيويورك تايمز)

كيف تقضي رحلة قصيرة في بوسان بكوريا الجنوبية؟

إذا كانت مدينة سيول، عاصمة كوريا الجنوبية، هي المدينة الفاتنة ومحطّ الاهتمام ومحور الانتباه، فمدينة بوسان، ثاني أكبر المدن من حيث عدد السكان، هي المدينة اللطيفة

هانا يون (بوسان)

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»
TT

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

أعلن بنك الجزيرة عن إطلاق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»، في خطوة تعبّر عن امتداد لمسيرة نمو استمرت على مدى خمسين عاماً، شكّلت خلالها محطات التحوّل المتتالية ملامح البنك كما هو اليوم. وتأتي هذه الهوية تتويجاً لمرحلة استراتيجية عزّزت دور البنك ومكانته في القطاع المصرفي السعودي.

وفي إطار هذه المرحلة الجديدة، شمل إطلاق الهوية الجديدة أيضاً هوية شركة «الجزيرة كابيتال»، الذراع الاستثمارية لبنك الجزيرة، بما يعكس وحدة الرؤية والتوجّه الاستراتيجي للمجموعة. وتجسّد الهوية الجديدة لـ«الجزيرة كابيتال» تطورها كشركة استثمارية متخصصة في إدارة الثروات والحلول الاستثمارية، تركّز على تقديم خدمات مصمّمة بعناية تلبي تطلعات المستثمرين، وتعزّز دورها كشريك موثوق في بناء وتنمية المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل، انسجاماً مع التوجه العام للبنك.

كما شمل الإعلان إطلاق هوية جديدة لخدمة فوري، بما ينسجم مع هوية البنك المحدّثة ويعكس التزامه بتقديم خدمات تحويل مالية موثوقة وسلسة ضمن منظومة مالية متقدمة. وفي هذا السياق قال نايف العبدالكريم، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك الجزيرة: «الهوية الجديدة ليست مجرد تغيير بصري، بل هي انعكاس حقيقي لما أصبح عليه البنك اليوم. منذ تحديث استراتيجيتنا في 2023، عملنا على إعادة بناء طريقة عملنا، وتوحيد جهود قطاعات البنك حول هدف واحد، والنتائج التي نراها اليوم في جودة الخدمة وسرعة الإنجاز تؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح».

وتعكس الهوية الجديدة ما أصبح عليه البنك اليوم بعد تحديث استراتيجيته في عام 2023، والتي شكّلت نقطة تحوّل محورية في مسيرته، حيث اشتملت على تطوير منظومة مصرفية متكاملة والتركيز على إدارة الثروات للأفراد، من خلال بناء نموذج مصرفي أكثر مرونة وكفاءة، يقود خدماته رقمياً، ويوازن بين النمو المستدام، وتعزيز محفظة الشركات، والاستثمار في البنية التحتية الرقمية ورأس المال البشري، ورفع كفاءة العمليات التشغيلية.

ومنذ تأسيسه، مرّ بنك الجزيرة بمراحل نمو وتحوّل متعاقبة، انتقل خلالها من بنك تقليدي إلى مؤسسة مالية أكثر ابتكاراً وتخصّصاً، وصولاً إلى موقعه الحالي كبنك يضع إدارة الثروات في صميم أعماله، ويقدّم تجربة مصرفية تقوم على علاقات طويلة الأمد وفهم عميق لتطلعات العملاء المالية.

وبالتوازي مع ذلك، يرسّخ البنك دوره كشريك موثوق لقطاع الأعمال بمختلف فئاته، من الشركات الكبرى إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، عبر حلول مصرفية تدعم النمو والاستدامة، وتسهم في تمكين هذا القطاع الحيوي بما يواكب مستهدفات التنمية الاقتصادية في المملكة.

ويرتكز توجه بنك الجزيرة في مرحلته الحالية على فكرة جوهرية واضحة يجسّدها الشعار الجديد «هنا تنمو الثروات»، والذي يعبّر عن دور البنك كشريك رئيسي في بناء الثروات وتحقيق قيمة مستدامة لعملائه من الأفراد والشركات.


«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة
TT

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

تواصل شركة «روتانا ساينز» تعزيز حضورها في مدينة جدة عبر تنفيذ عقد «جسور جدة الرقمية»، بالتعاون مع أمانة جدة، في خطوة تهدف إلى إعادة صياغة تجربة الإعلانات الخارجية من خلال شبكة حديثة من الجسور الرقمية.

ودخل المشروع مرحلته الأولى من الإنشاءات، حيث تم تركيب 20 لوحة رقمية جديدة على الجسور تقع ضمن أهم المحاور الحيوية في المدينة، من بينها: طريق الملك فهد، شارع صاري، شارع التحلية، طريق الأندلس، وطريق الملك عبد الله، فيما تستمر الأعمال لتنفيذ مواقع إضافية في مناطق استراتيجية أخرى. وتتميز الشاشات الرقمية الجديدة بارتفاع يضمن خط رؤية مباشر وواضح، ومدى بصري طويل دون عوائق تُذكر، ما يمنح العلامات التجارية حضوراً قوياً على أكثر الطرق ازدحاماً في جدة.

ويُنفّذ المشروع على مرحلتين؛ حيث اكتملت المرحلة الأولى بالفعل، فيما ستدخل المرحلة الثانية حيّز التشغيل في بداية عام 2026، بما يعكس التوسع المتسارع لشبكة الإعلانات الرقمية في المدينة ويتيح وصولاً مضاعفاً إلى العلامات التجارية نحو جمهور واسع ومتنوّع.

وبالتوازي مع مشروع الجسور الرقمية، تعمل «روتانا ساينز» على توسيع انتشارها في جدة من خلال شبكة من الواجهات الإعلانية (اليونيبولات) ضمن عقد «يونيبول جدة» بالشراكة مع أمانة جدة، إذ أنجزت الشركة المرحلة الأولى التي تضمنت تركيب 30 يونيبول و60 واجهة إعلانية في وسط وجنوب وشمال المدينة، لا سيما ضمن المناطق العمرانية والأحياء الحديثة التي تشهد نمواً سكانياً متسارعاً وتحتاج إلى حلول إعلانية متطورة.

ومن المقرر أن تنطلق المرحلة الثانية من المشروع مطلع عام 2026، لتضيف مجموعة جديدة من الواجهات الضخمة المزوّدة بأحدث تقنيات العرض، ما يعزّز تكاملها مع شبكة الجسور الرقمية والمنشآت الإعلانية الحديثة، مما يدفع «روتانا ساينز» للاقتراب من تغطية أكثر من 50 في المائة من حجم الإعلانات الخارجية في جدة.

وقال حسن زيني، نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات في «روتانا ساينز»: «يمثل مشروع جسور جدة الرقمية خطوة استراتيجية في توسيع شبكة الإعلانات الرقمية في المملكة، ويمنح العلامات التجارية ظهوراً مباشراً على مدار الساعة أمام جمهور واسع».

وأضاف: «نحن ملتزمون بتقديم حلول مبتكرة تواكب التحول الرقمي للمدن وتعزّز تجربة الإعلان الخارجي. كما تشكل شبكة شاشات اليونيبول عنصراً محورياً في هذا التوسع، إذ توفر حضوراً قوياً عبر واجهات تغطي محاور جديدة في جدة. وقد أصبحت (روتانا ساينز) أول جهة تتيح للعلامات التجارية الظهور في مواقع مميزة في شمال وشرق المدينة، بما يثري المنظومة الإعلانية ويوسّع خيارات العلامات التجارية ومساحات تأثيرها ضمن بيئة متنامية وحيوية».

ويجسّد هذا التوسع المتواصل التزام «روتانا ساينز» بتقديم صيغ إعلانية عالية التأثير في مواقع تصنع الفارق، حيث تلتقي العلامات التجارية بسكان جدة وزوارها وسياحها في لحظات أعلى انتباهاً، بما ينسجم مع رؤية الشركة لإعادة تعريف تجربة الإعلان الخارجي وتقديم حلول مبتكرة وفعّالة.


«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية
TT

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

أكّد ديمتري فولكوف، الرئيس التنفيذي لدى «غروب آي بي» أن مشهد الأمن السيبراني في السعودية يتسارع مع تسارع التحول الرقمي، مشيراً إلى أنه مع اتساع الاعتماد والتحول إلى الخدمات الرقمية يضع أهمية كبرى لحماية ذلك التحول.

وشدد فولكوف على أن المعادلة لم تعد تقتصر على امتلاك أدوات دفاعية تقليدية، بل باتت تتطلب «نهجاً استباقياً» يعتمد على فهم الخصوم وتتبّع سلوكهم، إلى جانب تعاون حقيقي بين أطراف المنظومة لتقليص أثر الاحتيال والهجمات قبل وقوعها.

وأوضح فولكوف، خلال مشاركة الشركة هذا العام في مؤتمر «بلاك هات»، أن التركيز كان على استعراض كيفية استفادة المؤسسات من أحدث حلول «استشعار التهديدات» عبر ما وصفه بـ«نهج يركّز على الخصوم». يتيح هذا النهج تتبع الجهات الفاعلة في التهديدات من زوايا متعددة، وتزويد العملاء بالأدوات التي تساعدهم على توقع المخاطر المستقبلية والاستعداد لها، بدل الاكتفاء بإدارة الأزمات بعد وقوعها.

وحسب فولكوف، كان إطلاق منصة «استشعار الاحتيال السيبراني» (CFIP)، التي تقوم على مبدأ الدفاع الجماعي داخل السوق المالية. ووفقاً لحديثه، تتيح المنصة تبادل المعلومات في الوقت الفعلي بين البنوك وتجار التجزئة والهيئات التنظيمية، بما يُعزز قدرة الجهات المختلفة على رصد الأنشطة الاحتيالية ومواجهتها بصورة أكثر تنسيقاً، ويقوّي في المحصلة «النظام المالي الأوسع».

ويرى فولكوف أن المنصات التقليدية لمكافحة الاحتيال -سواء تلك القائمة على تحليل السلوك أو على متابعة المعاملات- أصبحت أقل كفاءة بمفردها أمام تطور أساليب المحتالين، مشيراً إلى أن الحل يبدأ عندما تتحول مكافحة الاحتيال من جزر معزولة إلى منظومة تتشارك الإشارات والتحذيرات بسرعة.

وعن أبرز التهديدات التي تواجه المؤسسات السعودية حالياً، يضع فولكوف حماية البنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية في صدارة الأولويات، خصوصاً مع تنامي الاعتماد على الرقمنة في مختلف القطاعات.

كما لفت إلى استمرار خطورة «برامج الفدية» والجرائم السيبرانية ذات الدوافع المالية، نظراً لقدرتها على تعطيل العمليات والتأثير على استمرارية الأعمال.

وخصّ فولكوف قطاع الاتصالات باهتمام متزايد، واصفاً إياه بقطاع محوري لتمكين الاتصال الوطني والخدمات الرقمية، لكنه في الوقت ذاته يُدير بنى تحتية «ضخمة ومعقدة ومترابطة»، ما يجعله هدفاً مغرياً، ويجعل تعزيز أمنه السيبراني أولوية لا تقبل التأجيل.

وفي شرح لكيفية إحداث منصة «CFIP» نقلةً نوعية في كشف الاحتيال، أكد فولكوف أن جوهرها هو تمكين المؤسسات المالية من تبادل المعلومات لحظياً دون الكشف عن البيانات الحساسة، وهو ما يعالج معضلتين لطالما قيّدتا التعاون: السرية والتشارك.

وحسب رؤيته، تستطيع البنوك عبر المنصة تحديد البنى التحتية الاحتيالية وتعطيل حسابات المحتالين، وكذلك التنبؤ بكيفية استغلالهم للأدوات التي يعتمدون عليها، مع الحفاظ على خصوصية البيانات داخل كل مؤسسة.

ديمتري فولكوف الرئيس التنفيذي لدى «غروب آي بي».

وتحدّث فولكوف عن اتجاهات تتكرر مع توسع الرقمنة مثل تصاعد المخاطر المتطورة ضد المؤسسات الكبيرة والخدمات الأساسية، ما يرفع الحاجة إلى أمن متقدم ومراقبة مستمرة.

كما أشار إلى اتساع دائرة «الاحتيال السيبراني» التي تستهدف المستهلكين وعملاء البنوك، وأحياناً الشركات، إلى جانب استمرار تهديد الفدية بوصفه عاملاً قادراً على إحداث شلل فوري للعمليات.

وأخيراً، لفت إلى بروز نشاط سيبراني مدفوع بآيديولوجيات معينة عالمياً، يستخدم القنوات الرقمية للتضخيم أو محاولة إحداث اضطراب.

وفيما يتعلق بالتعاون مع الجهات الحكومية والتنظيمية السعودية، شدد فولكوف على التزام «غروب آي بي» بالعمل مع الحكومة والشركات والهيئات التنظيمية، مؤكداً أن الشركة تبنّت مسار «الاندماج في البيئة المحلية» عبر تشكيل فريق من الخبراء التقنيين داخل المملكة لتحليل التهديدات المحلية وتقديم رؤى عملية للمجتمع السيبراني، إلى جانب أولوية التثقيف وبناء القدرات.

وأضاف أن الشركة نشرت بنية تقنية تشغيلية داخل السعودية لضمان وجود قدرات محلية تستطيع التعامل مع التحديات الخاصة بالمملكة، وبما يدعم تعزيز التعاون واستمرار الاستثمار في تطوير منظومة الأمن السيبراني.

وقدّم فولكوف رسالة مباشرة للمسؤولين التنفيذيين السعوديين الحاضرين في «بلاك هات» أن الدفاع التعاوني والأمن الاستباقي لم يعودا خياراً ثانوياً، فالمشهد المتشابك للتهديدات -وفق قوله- يثبت أن المؤسسة لا تستطيع حماية نفسها بمعزل عن غيرها، وأن الانتقال من رد الفعل إلى التنبؤ هو ما يصنع الفارق.

كما لفت إلى أن الحدود بين «الهجمات السيبرانية» و«الاحتيال السيبراني» باتت أكثر تداخلاً، في حين تعمل القطاعات المعنية غالباً بشكل منفصل.

ويدعو فولكوف إلى دمج جهود الأمن السيبراني ومنع الاحتيال ضمن استراتيجية واحدة متماسكة، بوصفها الطريق الأسرع لبناء دفاع «أقوى وأكثر مرونة» يتناسب مع طموحات السعودية الرقمية.