تصاعدت الضربات الأميركية في الأسبوع الخامس لها على مواقع الجماعة الحوثية في مأرب (شرق صنعاء) وامتدت إلى معقلها الرئيسي في صعدة شمالاً، وصولاً إلى الحديدة غرباً والبيضاء في الجنوب الشرقي، استمراراً لحملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الحوثيين في اليمن.
ووسط تكتم الجماعة المدعومة من إيران على خسائرها على مستوى العناصر والعتاد، لا تلوح في الأفق أي تهدئة قريبة للحملة الأميركية، في ظل إصرار الجماعة على ربط تهديدها للملاحة وهجماتها باتجاه إسرائيل بمزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.
وحسبما أورده إعلام الجماعة، ضربت 9 غارات أميركية، فجر الأحد، مديرية صرواح غربي مأرب، دون تفاصيل عن طبيعة المواقع المستهدفة أو الخسائر، في حين يتوقع مراقبون أنها ضربت تحصينات الجماعة ومستودعات الأسلحة والذخائر، في المحافظة النفطية التي تسعى الجماعة للسيطرة عليها منذ سنوات.
ترمب أمر الجيش في 15 مارس (آذار) الماضي ببدء الحملة الجديدة ضد الحوثيين، متوعداً بـ«القضاء التام» عليهم، في مسعى لوقف تهديدهم المتصاعد للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ولوقف استهدافهم لإسرائيل بالصواريخ والطائرات المُسيَّرة.
USS Carl Vinson (CVN 70) living up to its motto: "Vis Per Mare," which means “Strength from the Sea” in the U.S. Central Command area of responsibility... pic.twitter.com/4t964ihhbg
— U.S. Central Command (@CENTCOM) April 12, 2025
وجاءت الضربات في مأرب لتضاف إلى 25 غارة أخرى ضربت خلال الأيام الأخيرة مديريات العبدية وحريب والجوبة ومجزر، وجميعها مناطق قريبة من خطوط التماس مع قوات الجيش اليمني الذي يدافع عن معاقل الحكومة في المحافظة من 3 اتجاهات.
ولا يستبعد بعض المراقبين أن يكون تركيز الضربات الأميركية على مواقع التماس مع القوات الحكومية، في سياق السعي لإضعاف قدرات الجماعة الحوثية في الخطوط الأمامية لتهيئة أي عملية برية محتملة يقوم بها الجيش اليمني.
إلى ذلك، اعترف إعلام الجماعة الحوثية بتلقي غارتين استهدفتا مديرية المنيرة شمالي الحديدة، وهي من المناطق الساحلية التي استغلتها الجماعة لتخزين الأسلحة وشن الهجمات البحرية في الأشهر الماضية.
صعدة والبيضاء
في صعدة؛ حيث المعقل الرئيسي للجماعة التي كانت استقبلت خلال الأسابيع الأربعة الماضية أقوى الضربات وأكثفها، اعترف الإعلام الحوثي باستقبال 3 غارات استهدفت منطقة السهلين في عزلة آل سالم التابعة لمديرية كتاف.
ولم يتطرق الإعلام الحوثي إلى طبيعة الأهداف المقصوفة، وسط تقديرات بأنها استهدفت مخابئ جبلية محصنة لتخزين الصواريخ والطائرات المُسيَّرة، كما لم ترد أي تعليقات للجيش الأميركي تبين طبيعة هذه الأهداف.

وتحدث الإعلام الحوثي عن 5 غارات ضربت مساء السبت موقعاً في مديرية الصومعة التابعة لمحافظة البيضاء، وقال إن الضربات استهدفت مبنى المعهد المهني، وسط توقعات بأنها استهدفت مخازن أسلحة وذخائر كدستها الجماعة في المبنى.
وتكون الجماعة الحوثية مع هذه الضربات قد تلقت منذ منتصف مارس الماضي نحو 430 ضربة جوية وبحرية، تركزت بدرجة أساسية على المخابئ المحصنة؛ خصوصاً في صعدة وصنعاء وعمران والحديدة، وكذلك على قدرات الجماعة عند خطوط التماس، ولا سيما في مأرب والجوف.
وطالت الضربات -بدرجة أقل- مواقع وتحصينات ومستودعات وقدرات عسكرية متنوعة في محافظات حجة، والبيضاء، وذمار، وإب، وسط تكتم من الجماعة المدعومة من إيران على حجم خسائرها، مكتفية بذكر أرقام لضحايا تزعم أنهم من المدنيين.
إنهاك القدرات
يقدر مراقبون يمنيون أن الحملة الأميركية التي أطلقها ترمب ضد الحوثيين أدت حتى الآن إلى إضعاف قدرة الجماعة وإنهاكها بشكل واضح؛ إذ لم تتمكن الجماعة سوى من إطلاق 10 صواريخ باتجاه إسرائيل في أول أسبوعين، وخلال الأسبوعين الأخيرين توقفت الصواريخ تماماً، واكتفت الجماعة بتبني هجومين بالمُسيَّرات.
ويزعم الحوثيون بشكل شبه يومي أنهم يواصلون مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها بالصواريخ والمُسيَّرات؛ لكنهم لا يقدمون أي دليل يثبت مزاعمهم، بينما يؤكد الجيش الأميركي من خلال التصريحات ومقاطع الفيديو أن الحاملة تواصل مهامها في ضرب قدرات الجماعة دون توقف.

يشار إلى أن ضربات ترمب تضاف إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية كانت الجماعة قد تلقتها خلال عام كامل من إدارة بايدن، ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، وحتى توقيع هدنة غزة بين «حماس» وإسرائيل في 19 يناير الماضي.
ويجزم مراقبون يمنيون بأن الحملة الجوية لن تكون كافية لإنهاء تهديد الحوثيين، وأنه لا بد من عمل بري على الأرض تقوم به القوات الحكومية، لاستعادة الحديدة وصنعاء وبقية المناطق اليمنية المختطفة من قبل الجماعة.
وكان الحوثيون قد دخلوا خط التصعيد الإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ حيث أطلقوا نحو مائتي صاروخ وطائرة مُسيَّرة باتجاه إسرائيل، دون تأثير عسكري كبير، باستثناء مقتل شخص واحد في تل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي.
كما تبنَّت الجماعة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وحتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، ما أدى إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة.