​بكين تتحدى منطق واشنطن التصعيدي... بأدوات القوة الصامتة

اليوان وسندات الخزانة... مفاتيح الصين في معركة كسر العظم الاقتصادية

علمان أميركي وصيني أمام ورقتي دولار ويوان تحمل كل منهما صورة بنجامين فرنكلين وماو تسي تونغ (رويترز)
علمان أميركي وصيني أمام ورقتي دولار ويوان تحمل كل منهما صورة بنجامين فرنكلين وماو تسي تونغ (رويترز)
TT

​بكين تتحدى منطق واشنطن التصعيدي... بأدوات القوة الصامتة

علمان أميركي وصيني أمام ورقتي دولار ويوان تحمل كل منهما صورة بنجامين فرنكلين وماو تسي تونغ (رويترز)
علمان أميركي وصيني أمام ورقتي دولار ويوان تحمل كل منهما صورة بنجامين فرنكلين وماو تسي تونغ (رويترز)

منذ أن أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب شرارة الحرب التجارية ضد الصين في عام 2018، شهد العالم تصاعداً مستمراً في التوترات الاقتصادية بين أكبر قوتين اقتصاديتين. ومع عودته إلى الحلبة السياسية في حملته الانتخابية لعام 2025، تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 في المائة على الواردات الصينية في حال فوزه. جاء الرد الصيني سريعاً عبر وسائل الإعلام الحكومية، محذراً من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى «حرب تجارية شاملة»، وستقابل بإجراءات مماثلة. هذه التصريحات لم تكن مجرد تهديدات إعلامية، بل كانت تعكس استعداداً استراتيجياً من بكين لمواجهة أسوأ السيناريوهات.

لكن ما بدأ بتهديدات مبطنة تحوّل إلى واقع قاسٍ من الرسوم الجمركية المتبادلة، وبلغ ذروته مؤخراً بإعلان ترمب رفع الرسوم على الواردات الصينية إلى مستويات غير مسبوقة تصل إلى 125 في المائة. هذه الخطوة، التي جاءت رداً على ما عدّه ترمب «عدم احترام» الصين، التي ترافقت مع رفع بكين لرسومها على البضائع الأميركية إلى 84 في المائة، تنذر بتصعيد خطير قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى حافة الهاوية.

في هذا المشهد المعقد، لا تقف الصين مكتوفة الأيدي. فقد أدركت مبكراً مخاطر الاعتماد المفرط على السوق الأميركية، وعملت على تنويع شركائها التجاريين وتقليل تبعيتها لواشنطن.

دونالد ترمب ورئيس الصين شي جينبينغ يصافحان بعضهما بعضاً قبل اجتماعهما الثنائي خلال قمة «قادة مجموعة العشرين» في أوساكا يونيو 2019 (أرشيفية - رويترز)

ومع ذلك، لا يزال حجم التبادل التجاري بين البلدين ضخماً، حيث بلغ نحو 585 مليار دولار في عام 2024. وتستورد الولايات المتحدة من الصين سلعاً بقيمة 440 مليار دولار، بينما تصدر إليها ما قيمته 145 مليار دولار، مما يخلق عجزاً تجارياً كبيراً لصالح بكين يقدر بنحو 295 مليار دولار. ورغم أن هذا العجز قد يكون أقل من الرقم التريليوني الذي يروج له ترمب، فإنه يمثل نحو واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

وفي مواجهة هذا الضغط الزائد، تمتلك الصين مجموعة متنوعة من الأدوات الاقتصادية والسياسية للرد على الإجراءات الأميركية. فبكين، كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: «لن تتراجع أبداً عندما تواجه التحدي»، وقد توعدت باتخاذ «تدابير مضادة إضافية». ورغم أن القيادة الصينية تدرك أن العودة إلى المواجهة لن تكون سهلة، لا اقتصادياً ولا سياسياً، خصوصاً في ظل التحديات الداخلية مثل أزمة سوق العقارات وتباطؤ الاستهلاك، فإن الصين اليوم أكثر استعداداً من أي وقت مضى. فهي أكثر ثقة بقدرتها على امتصاص الصدمات، وأكثر حزماً في الدفاع عن مصالحها.

أعلام الولايات المتحدة والصين في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

الأدوات الاقتصادية للصين في المواجهة

1. الرسوم الجمركية المتبادلة: كما فعلت في الرد على تصعيد ترمب، رفعت الصين رسومها على الواردات الأميركية إلى 84 في المائة، ويمكنها التصعيد بشكل أكبر، مستهدفة قطاعات حيوية للصادرات الأميركية، مثل المنتجات الزراعية والمواد الصناعية. ورغم أن الولايات المتحدة تصدر إلى الصين أقل مما تستورد منها، فإن هذه الصادرات تمثل سوقاً مهمة للمنتجين الأميركيين، خصوصاً المزارعين الذين شهدوا بالفعل تقلصاً في حصتهم السوقية بالصين منذ بداية الحرب التجارية.

2. سندات الخزانة الأميركية: راكمت الصين بشكل مستمر سندات الخزانة الأميركية على مدار العقود الأخيرة، حيث بلغ حجم احتياطيات البنك المركزي الصيني نحو 3.2 تريليون دولار بحلول يناير (كانون الثاني) 2025، ومع تريليونات الدولارات الأميركية، وجدت الصين أن سندات الخزانة الأميركية تشكل الخيار الأكثر أماناً لاحتياطياتها من العملات الأجنبية. وبحلول ديسمبر (كانون الأول) 2024 كانت الصين تمتلك 759 مليار دولار من سندات الخزانة، وهي تعد الشكل الرئيس للديون الأميركية التي تمتلكها. ويخشى بعض المحللين والمستثمرين أن تلجأ الصين إلى بيع هذه السندات انتقاماً، وأن يؤدي استخدام هذا الاحتياطي بوصفه سلاحاً إلى زيادة أسعار الفائدة، مما قد يضر بالنمو الاقتصادي العالمي.

3. اليوان الضعيف: تقوم الصين بتوجيه اليوان نحو الانخفاض بوتيرة مدروسة، حيث يسعى البنك المركزي إلى تقليل بعض التأثيرات الاقتصادية الناتجة عن الحرب التجارية دون الإضرار باستقرار الأسواق المالية. تسعى هذه الاستراتيجية إلى الحفاظ على النمو القائم على التصدير، مما يتيح للصين خلق فرص عمل وزيادة الإنتاجية. من أجل ذلك، تحتاج الصين إلى إبقاء اليوان ضعيفاً مقارنة بالدولار الأميركي، وهو ما يسهم جزئياً في تعويض تأثير الرسوم الجمركية المفروضة من قبل ترمب. على سبيل المثال، يقوم المصدرون الصينيون ببيع الدولارات التي يتلقونها من الصادرات للحصول على اليوان، مما يعزز من الطلب على العملة الصينية ويزيد من عرض الدولار الأميركي. وإذا توقف بنك الشعب الصيني عن التدخل في هذه العملية، فإن اليوان سيتصحح تلقائياً ويعزز، مما يجعل الصادرات الصينية أكثر تكلفة، ويؤدي إلى أزمة كبيرة في البطالة بسبب فقدان الأعمال التصديرية.

تُظهر هذه الصورة التوضيحية أوراقاً نقدية صينية 100 يوان وأميركية 100 دولار في بكين (أ.ف.ب)

4. المعادن النادرة: تعدّ الصين أكبر مورد عالمي لهذه المعادن، التي تضم 17 عنصراً في الجدول الدوري، والتي تستخدم على نطاق واسع في التصنيع عالي التقنية من المركبات الكهربائية إلى الأسلحة. وتُمثل ما يقرب من 70 في المائة من إنتاج العالم من المعادن النادرة، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية. وبالتالي فإن فرض رسوم على هذه المعادن يهدد بإحداث هزة في الإمدادات العالمية من المواد الرئيسة.

5. الأبعاد السياسية والاستراتيجية: منذ بداية الحرب التجارية، عملت الصين على تعزيز علاقاتها التجارية مع دول أخرى، خاصة في الجنوب العالمي. ومن خلال تقديم القروض والإعفاءات من الديون، تمكنت الصين من توسيع أسواقها، وتخفيف الضغط الناتج عن القيود الأميركية. ورغم التحديات، ترى بكين اليوم أنها أكثر استعداداً للرد، مستفيدة من تجارب الماضي في عام 2018 عندما تلقى الاقتصاد الصيني صدمة كبيرة، ولكنه سرعان ما امتص الضربة بفضل سلسلة من الإجراءات التحفيزية والدعم المحلي. وفي ظل تباطؤ اقتصادي عالمي وبيئة دولية مشحونة، تراهن الصين على توازن القوى المتغير، ورغبة العالم في الابتعاد عن هيمنة الولايات المتحدة.

تداعيات اقتصادية وخيمة

رغم هذه الأدوات الاستراتيجية، فإن الحرب التجارية المتصاعدة سيكون لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الصيني. فقد أشارت «سيتي» في مذكرة لها إلى أن الرسوم الجمركية المرتفعة قد تؤدي إلى سحب نمو الصين إلى الوراء بمقدار 1.5 نقطة مئوية على أساس سنوي، مع تأثير إضافي قدره 0.6 نقطة مئوية في عام 2025. كما خفض «غولدمان ساكس» توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 4 في المائة في عام 2025 و3.5 في المائة في عام 2026، بعد أن كانت قد توقعت 4.5 في المائة و4 في المائة سابقاً، بسبب تأثيرات الرسوم الجمركية.

شاحنات بمحطة الحاويات بميناء تشينغداو في مقاطعة شاندونغ بالصين (رويترز)

استراتيجية ترمب

تتبنى إدارة ترمب منطق «التفوق في التصعيد»، معتقدة أن الولايات المتحدة، بفضل اعتمادها الأقل على الصادرات الصينية، ستخرج منتصرة. لكن هذا المنطق يتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على واردات صينية حيوية مثل الإلكترونيات الاستهلاكية والأدوية والمكونات الصناعية الأساسية، وسيؤدي ارتفاع أسعار هذه السلع حتماً إلى زيادة التضخم، وإلحاق الضرر بالمستهلك الأميركي. صحيح أن ترمب لا يخفي ميوله القومية الاقتصادية، لكنه قد يواجه عواقب غير متوقعة، خصوصاً أن نتائج الحرب التجارية لم تكن دائماً لصالح الولايات المتحدة. فقد أظهرت تقارير اقتصادية أن الشركات الأميركية والمستهلكين هم من تحملوا الجزء الأكبر من تكلفة الرسوم، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا والصناعة. ومع ذلك، يراهن ترمب على أن تصعيده الجديد سيمنحه ورقة ضغط قوية في مفاوضاته المحتملة مع الصين.

اقتصاد العالم بين نموذجين

منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، شهد العالم فترة من التكامل التجاري الهائل، ولكن هذا النموذج بدأ يتآكل مع وصول ترمب إلى الحكم في 2016. اليوم، وفي ظل تصارع القوى بين واشنطن وبكين، تتكشف معركة تتجاوز الرسوم الجمركية لتطاول الأسس العميقة للنظام الاقتصادي العالمي. إنها مواجهة بين نموذجين: أميركي يسعى إلى إعادة فرض الهيمنة عبر الضغط والتقييد، وصيني يراهن على التوسع الصبور وإعادة تشكيل موازين القوى. ومع كل جولة من التصعيد، يتسارع الانقسام بين عالم يسعى فيه ترمب إلى فرض قواعد لعب جديدة لصالح الولايات المتحدة، وآخر يتقدمه الصين بثقة، حاملة رؤيتها لعالم متعدد الأقطاب.

وفي ظل هذا المشهد المشحون، فإن ما يُرسم في الكواليس قد يحدد ملامح الاقتصاد العالمي لعقود قادمة، حيث لا مكان للحياد، وكل قرار يحمل وزنه في ميزان الهيمنة المقبلة.


مقالات ذات صلة

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة مجمعة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والبرازيلي لولا دا سيلفا (أ.ف.ب)

الرئيس البرازيلي يتوقع مزيداً من تخفيضات الرسوم بعد اتصال مع ترمب

قال الرئيس البرازيلي يوم الأربعاء، إنه يتوقع من نظيره الأميركي أن يُجري قريباً مزيداً من التخفيضات في الرسوم الجمركية على المنتجات البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.