شاشة الناقد: أفلامٌ عن الوحدة والفن وشهرزاد

«يونان» (ريد بالون فيلم)
«يونان» (ريد بالون فيلم)
TT
20

شاشة الناقد: أفلامٌ عن الوحدة والفن وشهرزاد

«يونان» (ريد بالون فيلم)
«يونان» (ريد بالون فيلم)

YUNAN

(جيد)

إخراج: أمير فخر الدين‬

* ألمانيا | دراما

* عروض مهرجان برلين (2025).

في مشهد أول من هذا الفيلم، يفحص الطبيب مريضه منير الذي جاء يشكو من وجع في صدره. يُخبره ألَّا علَّة فيه. «لكن ما هذا الألم الذي أشعر به؟»، يسأله منير؛ بيد أن الطبيب لا يستطيع تشخيص ما لم يعثر عليه. ينصحه بالراحة. بترك المدينة والذهاب إلى الريف لهواء نقي قد يساعد حالته.

منير (يؤديه اللبناني جورج خبّاز)، يفعل ذلك بصحبة مُسدس لأنه قرر الانتحار في مكان بعيد عن مدينة هامبورغ حيث يعيش. يُهاتف شقيقته وأمه، ومن ثم يلتقط حقيبته ويمضي. هو كاتبٌ لا نراه يكتب. ليس هناك إلهام، بل حزن ساحق. ليس هناك من طموح، بل معايشة واقع لا يريد له الاستمرار.

يحلُّ في جزيرة تقع بشمالي ألمانيا. يمشي إلى نزلٍ تُديره امرأة (الألمانية هانا شيغولا)، تشعر معه من دون أن تسأله ما به. يُمسك مسدسه كما لو كان سيستخدمه منتحراً ولا يفعل. سيعيش منير أياماً من العزلة تعصف به كالعواصف التي يستعرضها الفيلم في عدد من مشاهده في تصوير يحمل قتامة الطبيعة حين يغيب جمالها.

سبق للمخرج فخر الدين أن عرج على موضوع العزلة الناتجة عن هجرة قصرية (كحاله حين هاجر والداه من الجولان المحتل إلى كييف ومنها إلى ألمانيا) في فيلمه الأول «الغريب» (2021)، ويُكرر الرغبة في التعامل مع هذا الموضوع بقصَّة جديدة. كما الفيلم الأول هناك الإيقاع المتأني والمشاهد البعيدة المتأملة. في الفيلم مشاهد عديدة من تلك التي تقع فوق تلك المنطقة النائية حيث تعيش حفنة من الناس سعداء، سيحاول منير أن يحذو حذوهم فهل يستطيع؟

يتداخل حاضره بقصَّة روتها له أمه (نضال الأشقر)، ذات مرّة وهو صغير، نرى فيها راعي غنم (الفلسطيني علي سليمان) تصفه القصّة بأنه بلا فم أو أنف أو أذنين. لكننا لا نرى الراعي على هذا النحو، وتكرار المشاهد التي يتخيَّلها منير لذلك الراعي، غير مبرَّرٍ. هي لوصف حالة منير المتداعية وسَعي لجمع ذكرياته مع لوعة الفراق عن والدته. يُحيطه المخرج بعناية، ويؤدِّيه خبّاز بدراية ونجاح. اللقاء الموازي يقع بين منير والطبيعة القاسية من حوله. الماء التي تغمر الأرض. الرياح التي تشتد من حوله والأمطار التي تسقط عليه.

فيلم يحتاج إلى صبر لمتابعته. بعض ما يعرضه غير كافٍ أو تنقصه صلة أفضل، مثل، أن ابن صاحبة النزل يكرهه من دون أن نعرف السبب، إلا من بعد مشاهد عدّة، في حين كان يمكن تذليل غرابتها باكراً، لنتمكَّن من الإحاطة الكاملة مع تلك المواقف.

من «1001 صورة» (ديستورتد بيكتشرز)
من «1001 صورة» (ديستورتد بيكتشرز)

FRAMES 1001

(وسط)

إخراج: مهرنوش عليا

* إيران/ الولايات المتحدة | دراما

* عروض مهرجان برلين (2025).

في «1001 إطار» مُخرج لا نراه إلا للحظات يجلس في مكتبه ليمتحن ممثلات لدور شهرزاد في فيلم ينوي تحقيقه عن «ألف ليلة وليلة». يبدأ وينتهي بتلك المقابلات مع ممثلات شابات (باستثناء اثنتين أو ثلاث أكبر سناً) يواجهن المخرج الذي يطرح عليهن أسئلة من نوع «لماذا تريدين التمثيل؟». الردود عليه لا ترتقي إلى أي نوع من الكشف الذاتي. المقابلات نفسها ليست في مضمار التعرف على الشخصية المناسبة بل استجوابها بحدَّة، ويتضح ذلك عندما يبدأ المخرج طرح أسئلة شخصية. هذا شخص لديه مآرب أخرى ومن الواضح أنه لا يكترث ليطلب من أي فتاة تمثيلَ مشهدٍ ما. المرجَّح أن لديه نوايا مختلفة عمّا يدَّعي أو يعتقد أن أسلوبه هو الذي سيمنحه حسن الاختيار.

الحال تنتقل من التورية إلى الوضوح عندما يبدأ المخرج داخل الفيلم إهانة الفتيات ودفع بعضهن إلى الخوف منه أو البكاء. شيء من تأطير المشاهد يشي بأن المخرجة عليا (التي تعيش وتعمل في أميركا) تدفع باتجاه إدانة الرجل. لا بأس بذلك لو أنه لا يُلبي هذه الرغبة. من المحتمل أنها تريد أن ترسم خطاً موازياً بين هذا المخرج وشهريار الذي كان يقتل ضحاياه إلى أن اصطدم بشهرزاد، بيد أنه هنا لن يقتل أحداً ولن يصطدم بأحد. الناتج ليس جيداً، والطريقة المتَّبعة لسرد الفيلم تمرُّ بسلسلة من تكرار الوجوه والمواقف والحوارات مع القليل من فن توليف كل شيء.

«قياس للجنازة» (مهرجان غوتنبرغ)‬
«قياس للجنازة» (مهرجان غوتنبرغ)‬

MEASURES FOR A FUNERAL

(وسط)

إخراج: صوفيا بوهدانفيتش

* كندا | دراما

* عروض مهرجان غوتنبرغ (2025).

«كيف حال أمّك؟»، تسأل الممثلة ممثلة أخرى فترد عليها «إنها بخير. أقصد ليست بخير لكن بخير». مع مِثل هذه الحوارات وهي كثيرة، سوى أن المقصود ليس بخير بدوره.

لكن الحوار المشتَّت عن قصد أو من دون قصد ليس المشكلة الوحيدة. في «إجراءات الجنازة» هناك التمثيل بلا فن أداء. الغاية هنا هي إدارة الممثلين بلا أداءٍ درامي على الرغم من أن الفيلم في أحداثه وسياقه درامي جداً. استبعاد التفاعل في الأداء يتركنا أمام شخصيات تتكلم كما لو كانت تقرأ، وتُخرج من الحناجر أصواتها من دون عاطفة أو تفاعل.

تلعب أودري بيناك دور باحثة في تاريخ عازفة كمان اسمها كاثلين، تحاول إكمال أطروحتها التي كلّما غاصت فيها ازدادت تعقيدات حياتها الخاصة، وفتحت نوافذ كانت مغلقة حول علاقاتها العائلية والعاطفية. بذا يمتزج تاريخها الشخصي بتاريخ العازفة.

الفيلم يحظى بتصوير جيد لكن هناك سبل أفضل لتحقيق حكاية في ذاتها مثيرة للاهتمام. ما يُعرقل مساعيها هو تكلّف واضح في تنفيذ كل مشهد وبالتالي الفيلم بأسره.


مقالات ذات صلة

مصر: 4 أفلام تحجز مواقعها مبكراً في سباق موسم «الصيف»

يوميات الشرق كريم عبد العزيز وإياد نصار بأحد مشاهد فيلم «المشروع x» (الشركة المنتجة)

مصر: 4 أفلام تحجز مواقعها مبكراً في سباق موسم «الصيف»

أعلنت شركات إنتاج مصرية عن مواعيد طرح أحدث أفلامها في موسم عيد الأضحى والصيف، ومن أبرزها فيلم «المشروع x» للنجم كريم عبد العزيز.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق عصام عمر وأحمد مالك وطه دسوقي وأحمد داش خلال العرض الخاص للفيلم (فيسبوك - طه دسوقي)

«سيكو سيكو»... سينما الشباب تحقِّق طفرة في «شباك التذاكر» بمصر

حقق فيلم «سيكو سيكو» طفرة كبيرة في «شباك التذاكر» بمصر، بعد حصوله على إيرادات تجاوزت 130 مليون جنيه، منذ بداية عرضه قبل 22 يوماً.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

يحافظ الفيلم الكوميدي السعودي «شباب البومب 2» على تصدّر شباك التذاكر السعودي، محققاً إيرادات تجاوزت 2.77 مليون ريال.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق بعد توقيع اتفاقية التعاون بين الجامعة والأكاديمية (أكاديمية الفنون المصرية)

جامعة عفت السعودية تتعاون مع أكاديمية الفنون المصرية في صناعة السينما

وقّعت جامعة عفت السعودية بروتوكول تعاون مع  أكاديمية الفنون المصرية للتبادل العلمي والتدريب في مجال الفنون السينمائية وصناعة الأفلام، في مدينة جدة، الجمعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة السورية سلاف فواخرجي (إنستغرام)

مهرجان مصري يتضامن مع سلاف فواخرجي ويُكرّمها

تضامن مهرجان «همسة الدولي للآداب والفنون» مع الفنانة السورية سلاف فواخرجي، وقرر تكريمها ضمن فعاليات نسخته الثالثة عشرة، المقرر أن تُقام خلال شهر سبتمبر (أيلول).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
TT
20

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)

في الوقت الذي يحافظ فيه الفيلم الكوميدي السعودي «شباب البومب 2» على تصدّر شباك التذاكر السعودي، محققاً إيرادات تجاوزت 2.77 مليون ريال، وذلك بعد شهر من بدء عرضه، تشهد الدورة الحادية عشرة من «مهرجان أفلام السعودية» إقبالاً لافتاً على عروض أفلام كوميدية سعودية، في مؤشر يلفت إلى الحضور المتنامي لهذا النوع من الأعمال بين صنّاع الأفلام والجمهور على حد سواء.

ورصدت «الشرق الأوسط» حضوراً جماهيرياً مكثفاً في عروض فيلمين كوميديين هما «إسعاف» و«فخر السويدي»؛ إذ امتلأت صالات العرض، واصطفت الجماهير في طوابير طويلة، معظمهم من فئة الشباب وصغار السن، وهي الفئة التي يستهدفها فيلم «شباب البومب 2»؛ ما يعكس توجه الجمهور المحلي بشكل واضح نحو الكوميديا.

والمشترك بين هذه الأفلام الثلاثة، على تفاوت مستوياتها الفنية، أنها لا تتعامل مع الكوميديا بوصفها هامشاً، بل تقدمها كلغة للتواصل مع الجمهور ومعايشة واقعه ومفارقاته اليومية.

فريق فيلم «إسعاف» مع المخرج كولين توج (الشركة المنتجة)
فريق فيلم «إسعاف» مع المخرج كولين توج (الشركة المنتجة)

«إسعاف»... مغامرة خطرة

فيلم «إسعاف»، إخراج كولين توج، وبطولة: إبراهيم الحجاج، ومحمد القحطاني، وفيصل الدوخي، وفهد البتيري، ونرمين محسن، ومطلق مطر، ومهند الصالح، وسعيد صالح، وحسن عسيري، ولطيفة المجرن، ونجوم آخرين، تتناول قصته شابين يعملان مسعفَين؛ الأول مستهتر والثاني جاد، وكلاهما يتورطان مع مجرم يلاحقهما بشكل مريب (فيصل الدوخي)، ويحاولان الهرب منه، ولكن يقعان في ورطة كوميدية، تفاعل معها الحضور في قاعة المهرجان بالضحك والتصفيق طيلة مدة الفيلم الذي تمكن من تحقيق المركز الرابع في قائمة شباك التذاكر السعودي، في أسبوعه الأول، بإيرادات تجاوزت 1.8 مليون ريال.

حضور كثيف شهده فيلم «فخر السويدي» أثناء عرضه في المهرجان (تصوير: إيمان الخطاف)
حضور كثيف شهده فيلم «فخر السويدي» أثناء عرضه في المهرجان (تصوير: إيمان الخطاف)

«فخر السويدي»... كوميديا مدرسية

أما فيلم «فخر السويدي» الذي تدور أحداثه داخل مدرسة ثانوية للبنين في حي السويدي بمدينة الرياض، فيتناول قصة مدير المدرسة «شاهين» (فهد المطيري) الذي يخترع فصلاً دراسياً جديداً للطلاب باسم «الفصل الشرعي»؛ ما يعرضه للكثير من المتاعب مع أخيه مالك المدرسة، وكذلك مع الطلاب والمعلمين الذين يحاولون الخروج عن المألوف لتحقيق مطالب المدير «شاهين».

وقد حظي الفيلم كذلك بحضور جماهيري كبير، وتفاعل الجمهور بالضحكات على المواقف الكوميدية التي يمتلئ بها الفيلم، علماً بأنه من المنتظر عرضه في صالات السينما السعودية يوم 8 مايو (أيار) المقبل.

ويضم «فخر السويدي» مجموعة من الممثلين، على رأسهم: فهد المطيري، وفيصل الأحمدي، وسعيد القحطاني، ويزيد الموسى، وياسين غزاوي، وصلاح الدالي، إضافة إلى محمد علي، ومهند الصالح، وعبد الله أحمد، وأسامة صالح، ونايف الفواز، وعبد العزيز المبدل، وأسامة القس. وهو فيلم من تأليف يزيد الموسى، ومن إخراج هشام فتحي وعبد الله بامجبور وأسامة صالح.

وبشكل عام، استطاع مهرجان أفلام السعودية الذي تُنظمه «جمعية السينما»، بالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ودعم هيئة الأفلام، أن يجذب شريحة جديدة من فئة الشباب الذين تستهويهم الأفلام الكوميدية، خاصة مع كثافتها في الدورة الحادية عشرة التي يُسدل الستار على فعالياتها مساء الأربعاء المقبل، في حفل كبير يُقام في مسرح «إثراء»، ويتخلله تتويج عدد من الأفلام الفائزة ضمن عدة مسارات.