تخوض دوائر مقربة من الحكومة العراقية سجالاً مع خصومها السياسيين حول كيفية الاستعداد لحرب محتملة بين الولايات المتحدة وإيران.
ويرجح مسؤولون وسياسيون أن العراق سيكون البلد الأكثر تأثراً إذا اندلعت مواجهة في المنطقة، لكن قوى سياسية ترى أن تهويل آثار الحرب يغذي حملات انتخابية تحضيراً للاقتراع العام نهاية عام 2025.
ومع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران على خلفية البرنامج النووي الإيراني، واستمرار الضربات الأميركية على الحوثيين، أرسل البنتاغون تعزيزات إضافية إلى الشرق الأوسط، تشمل حاملةً وسرباً من الطائرات المقاتلة.
لكن المرشد الإيراني علي خامنئي، استبعد «حدوث أي عدوان خارجي»، لكنه حذَّر الولايات المتحدة من «صفعة قوية».
«خلية أزمة... وطوارئ»
في العراق، برزت دعوات لتشكيل «خلية أزمة حكومية» مهمتها القيام بالتدابير اللازمة في حال نشوب مواجهات قد تصل إلى إغلاق مضيق هرمز، كما هدد الإيرانيون في وقت سابق.
وتخشى دوائر حكومية أن يؤدي إغلاق المضيق إلى توقف إمداد سلع أساسية عبر ساحل البصرة، من ضمنها أدوية وأغذية.
إلا أن الدعوة لتشكيل «خلية أزمة» سرعان ما تطورت لاحقاً إلى نقاشات سياسية لتشكيل «حكومة طوارئ» وتأجيل انتخابات، وهو أمر أثار غضب قوى في «الإطار التنسيقي».
وقال إياد السماوي، وهو كاتب مقرب من حكومة السوداني، إن «استعداد واشنطن للحرب الشاملة، لم يعد مزحة أو مجرّد تهديد فارغ».
وأوضح السماوي في منشور على «إكس»، أن «العراق سيكون في قلب الحرب، ولن ينجو منها ما لم يتّم اتخاذ القرار الصحيح».

ومن وجهة نظر السماوي، فإن هذا القرار «يتمثل في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة والضرورية لتجنب آثار الحرب، ولعلّ في مقدّمة هذه الإجراءات تشكيل (حكومة طوارئ)، وتأجيل موعد الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها عام 2025 إلى وقت آخر يتحدّد بعد إحلال الأمن والسلام في المنطقة».
وعدَّ السماوي أن «القوى السياسية العراقية جميعاً بما فيها (الإطار التنسيقي)، غير مكترثة للتهديدات، وما يدور حول العراق من تغيرات».
وعلَّق أمين حزب «المؤتمر الوطني»، أراس حبيب، بالقول: «الخطر قادم، والصراع هائل، ولا أحد يريد أن يفهم».
وحدَّد الدستور العراقي طبيعة «حكومة الطوارئ» بأنها «المُنتخبة والمُصوَّت عليها من قبل مجلس النواب، ولكن حدثت حالة طارئة في البلاد تستدعي منحها صلاحيات إضافية، لا سيما في أوقات الحرب، أو الزلازل أو الفوضى، أو تفشي مرض».
وطبقاً للدستور العراقي لسنة 2005، فإن آليات «حكومة الطوارئ» تشترط تقديم طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء إلى مجلس النواب، على أن تتم موافقة المجلس بأغلبية الثلثين.
وبعد حصول موافقة 220 نائباً، تُعلن حالة الطوارئ في البلاد لمدة 30 يوماً قابلة للتمديد، على أن تتم موافقة مجلس النواب في كل تمديد.

«إثارة الخوف والهلع»
وأثارت الدعوة إلى تأجيل الانتخابات ردود أفعال غاضبة من قوى في «الإطار التنسيقي»، وقال النائب رائد حمدان، عن «ائتلاف دولة القانون»، إن «مستشاري الحكومة ومقربيها يعملون على إثارة مخاوف الشعب وتهويل الأخطار لإخضاع أي مسار للتغيير نحو الأفضل»، على حد قوله.
وقال عباس الموسوي، وهو مستشار لزعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، إن مَن وصفهم بـ«وعاظ السلاطين» -في إشارة إلى المقربين من السوداني- «يقفون وراء دعوات تأجيل الانتخابات، وتشكيل (حكومة طوارئ)».
ولم تعلق الحكومة العراقية على السجال السياسي الدائر حول «حكومة الطوارئ»، إلا أن إياد السماوي نفى تلقيه أي إشارة من الحكومة حول الدعوة إلى تأجيل الانتخابات، وأكد أنه «لا يعمل مستشاراً» لديها.
إلى ذلك، بحث رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، مع القائم بأعمال سفير واشنطن لدى بغداد، دانيال روبنستين، تعزيز العلاقات الثنائية في المجالين السياسي والاقتصادي، إلى جانب مناقشة الاستقرار الأمني وانعكاسه على الانتخابات المقبلة.
وسعى العراق خلال الأسابيع الماضية إلى النأي عن الصراع الأميركي - الإيراني، وفي تصريح نادر أعلن وزير الخارجية العراقي أن بغداد ليست جزءاً من «محور المقاومة»، وترفض مبدأ «وحدة الساحات».