حليف إردوغان يلوّح بـ«مواجهة شعبية» مع المحتجين على اعتقال إمام أوغلو

زيارة جديدة لأوجلان في محبسه... وهبوط شعبية «العدالة والتنمية»

تركيا عاشت على وقع احتجاجات واسعة عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (د.ب.أ)
تركيا عاشت على وقع احتجاجات واسعة عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (د.ب.أ)
TT

حليف إردوغان يلوّح بـ«مواجهة شعبية» مع المحتجين على اعتقال إمام أوغلو

تركيا عاشت على وقع احتجاجات واسعة عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (د.ب.أ)
تركيا عاشت على وقع احتجاجات واسعة عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (د.ب.أ)

لوّح رئيسُ حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، الحليفُ الرئيسي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بإطلاق مؤيدي حزبه وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، في الشوارع لمواجهة احتجاجات المعارضة على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو. وفي المقابل، وجه إمام أوغلو، من محبسه، «رسالة إلى الشباب؛ للاستمرار في المطالبة بالحقوق والعدالة والديمقراطية من أجل مستقبل أفضل».

ولمح بهشلي إلى خروج موجة مضادة تشبه تصدي أنصار الحكومة لمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016. وقال: «إذا وقف آخرون ضد المدعوين إلى الشوارع، كما حدث في 15 يوليو 2016، فكيف سيُمنع الصراع الحتمي وكيف ستُمنع الحوادث؟... هناك دعوة مفتوحة لخلق الفوضى في البلاد».

دولت بهشلي (موقع حزب الحركة القومية)

ووصف بهشلي، الذي لم يظهر علناً منذ أكثر من شهر بسبب خضوعه لجراحة جديدة في القلب، في تصريحات نُقلت عنه الثلاثاء، الاحتجاجات الحاشدة على اعتقال إمام أوغلو، الذي يعدّ المنافس الأقوى لإردوغان على رئاسة تركيا، بأنها «عدم وعي».

وأضاف: «المظاهرات التي ينظمها (حزب الشعب الجمهوري) في الشوارع مثال كبير على اللاوعي وعدم التسامح، وتشير إلى أن تركيا تنجرّ إلى عملية خطيرة للغاية».

وتابع أن «هذه الدعوة تهدف إلى الإخلال بالنظام العام؛ لأنها تهدد السلم الاجتماعي. (حزب الشعب الجمهوري) يتسبب في الفوضى والاضطراب، ويفتح جبهة شر وعنف ضد تركيا». وعدّ أن «الشوارع ليست حلاً».

ودعا بهشلي إلى فرض رقابة مشددة على وسائل الإعلام المعارضة، قائلاً: «من الضروري منع وسائل الإعلام التي لديها القدرة على توجيه المجتمع، من إصدار منشورات هدامة لا يمكن تفسيرها فقط بحرية الصحافة».

وقال إنه «في حين ينبغي على وسائل الإعلام أن تكون منصة لتعزيز السلام والوحدة والمنطق السليم، فإن استخدامها نبرة استفزازية وخطاباً من شأنه أن يهز ثقة المجتمع وسلامته، يعدّ جريمة تتجاوز المبادئ الأخلاقية».

الشرطة التركية واجهت الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو بعنف (أ.ف.ب)

وفرض «المجلس الأعلى للإعلام»، الذي يعدّ أعلى هيئة رقابية على وسائل الإعلام في تركيا، الأسبوع الماضي، عقوبات مغلظة على قنوات معارضة للحكومة، وقرر وقف بث قناة «سوزجو» لمدة 10 أيام، ومعاقبة قنوات أخرى معارضة ومستقلة، مثل «خلق تي في» و«خبر 13» و«ناو» بوقف برامج، أو فرض خصم بنسب تتراوح بين 3 و5 في المائة من حصيلة الإعلانات على شاشاتها.

نداء من إمام أوغلو

في المقابل، وجه إمام أوغلو نداء إلى الشباب من محبسه في سجن «سيليفري» دعا فيه إلى «استمرار النضال من أجل الحقوق والعدالة والديمقراطية ومستقبل أفضل لتركيا».

وقال في رسالة عبر حسابه على «إكس»: «أيها الشباب الأعزاء؛ لقد كنت أول من اخترق جدران الخوف، وأول من ثار على العقل الذي سرق مستقبلكم وآمالكم وتجاهل إرادتكم ولم يحترمكم... روح العصر تدعوكم، بفضل ذكائكم وإخلاصكم وحسكم العالي بالعدالة، وروحكم التي تحطم الأحكام المسبقة، وتضامنكم، ستحتضنون الجميع وتُخرجون هذا البلد الجميل، الذي سيكون ملكاً لكم، إلى النور في المستقبل القريب».

وأكد وقوفه «مرفوع الهامة في (سيليفري)»، وأن «المؤامرات والأكاذيب والخداع» لا تؤثر عليه على الإطلاق، داعياً الشباب إلى «عدم التأثر بذلك أيضاً».

وقال إن «الشباب الذين اعتُقلوا واحتُجزوا خلال هذه العملية هم شبابنا، وفخرنا، وسنمنع معاً أي ضرر مقصود أن يحدث لهم، وسنحميهم وعائلاتهم حتى النهاية».

وختم: «لا تنسوا... لدينا طريق طويلة. حماسنا مرتفع. نحن شباب. نحن الشباب التركي المتعطش للعدالة. لن نستسلم أبداً.. الأمة عظيمة».

ومع استمرار إمام أوغلو في توجيه الرسائل عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي، تحرك عدد من الموالين للحكومة لإغلاق هذه الحسابات.

لقاء لإمام أوغلو مع مجموعة من طلاب الجامعات في إسطنبول قبل اعتقاله حيث يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الشباب (حسابه على إكس)

وأعلن المحامي، بوراك بكير أوغلو، التقدم بطلب إلى «محكمة الصلح والجزاء»، لحظر الوصول إلى حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالمرشح الرئاسي عن «حزب الشعب الجمهوري» رئيس بلدية إسطنبول المعتقل، حتى انتهاء محاكمته في قضية الفساد المحتجز بسببها.

وقال المحامي بكير أوغلو إنه «نظراً إلى أنه جرى تحديد أن المشتبه فيه أكرم إمام أوغلو حاول تعطيل اقتصادنا من خلال الدعوة إلى مقاطعة الشركات المحلية العاملة في بلدنا عبر السماح باستخدام حسابه في (إكس) من قبل أطراف ثالثة بما يتماشى مع أهداف ومبادئ المنظمة الإجرامية المزعومة، وفي الوقت نفسه، حاول الضغط على القضاء عبر نشر معلومات مضللة للجمهور علناً بما يتماشى مع مصالحه الخاصة، فقد أُرسلَ طلب إلى محكمة الصلح والجزاء في إسطنبول لإغلاق حسابه في (إكس) ومنع الوصول إليه من تركيا حتى انتهاء محاكمته».

استطلاع رأي

في الوقت ذاته، كشف استطلاع للرأي، أجرته شركة «أو آر سي» خلال المدة من 25 إلى 27 مارس (آذار) الماضي في 26 ولاية تركية، عن استمرار ارتفاع شعبية «حزب الشعب الجمهوري»، مقابل تراجع شعبية حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحليفه حزب «الحركة القومية».

ورداً على سؤال وُجّه إلى المشاركين في الاستطلاع، عن «الحزب» الذي سيصوتون له حال إجراء انتخابات مبكرة، حصل «الشعب الجمهوري» على 30.2 في المائة من الأصوات، في حين حصل «العدالة والتنمية» على 28.1 في المائة، وهبطت أصوات «الحركة القومية» بشدة؛ بسبب الدعوة إلى الحوار مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، إلى 8 في المائة، في حين ارتفعت أصوات حزب «النصر» القومي إلى 5.1 في المائة بسبب اعتقال رئيسه، أوميت أوزداغ، منذ أكثر من شهرين من دون محاكمة، كما تراجعت شعبية حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد الذي يقود الاتصالات مع أوجلان بناء على مبادرة بهشلي، إلى 7.5 في المائة.

زيارة عائلية لأوجلان

ومنحت وزارة العدل التركية إذناً لمحمد شقيق أوجلان، وابن شقيقه عمر أوجلان، نائب دائرة شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا عن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، بزيارته وسياسيين أكراد آخرين، في سجن «إيمرالي» جنوب بحر مرمرة، غرب تركيا، حيث يقضي عقوبة السجن مدى الحياة منذ 26 عاماً.

وهذه هي الزيارة الثانية من عائلة أوجلان له في «إيمرالي» منذ إطلاق بهشلي دعوته إليه لتوجيه نداء لحل «حزب العمال الكردستاني»، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث زاره ابن شقيه عمر أوجلان في اليوم التالي مباشرة، بعد وقف الزيارات لأكثر من 4 سنوات.

أوجلان وجه نداء من محبسه بسجن «إيمرالي» في 27 فبراير الماضي لحل «حزب العمال الكردستاني»... (إ.ب.أ)

وبناء على هذه المبادرة، وجه أوجلان، يوم 27 فبراير (شباط) الماضي، نداء إلى «حزب العمال الكردستاني»، لحل نفسه وإلقاء أسلحته، بعنوان: «دعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي».

ونقل عمر أوجلان عن عمه، عبر حسابه في «إكس»، قوله خلال الزيارة: «أحيي شعبنا لاحتضانه دعوة السلام والمجتمع الديمقراطي بحماس كبير في عيد النوروز (يوافق 31 مارس/ آذار من كل عام). مرة أخرى أهنئ شعبنا بعيد النوروز وعيد الفطر السعيد».


مقالات ذات صلة

تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)

تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

أكد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزيل استمرار المسيرات التي انطلقت عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو 19 مارس الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء الأولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)

تركيا: القبض على عشرات من «داعش» خططوا لهجمات في رأس السنة

ألقت قوات مكافحة الإرهاب في إسطنبول القبض على 137 من عناصر تنظيم «داعش»، كانوا يخططون ‌لشن هجمات خلال ‌احتفالات ‌عيد ⁠الميلاد ​ورأس ‌السنة الجديدة في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تركيا أعلنت أنه لا تغيير على وضع منظومة «إس - 400» الروسية في ظل مفاوضاتها مع أميركا (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تتمسك بمنظومة «إس 400» الروسية

أكدت تركيا عدم حدوث تغيير بشأن اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400»، رغم استمرار مفاوضاتها مع أميركا للعودة إلى برنامج إنتاج مقاتلات «إف - 35».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية زلزال مرمرة المدمر في 1999 خلّف 17 ألف قتيل بينهم ألف في إسطنبول إلى جانب دمار واسع (أرشيفية - إعلام تركي)

شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة... إسطنبول مهدَّدة بكارثة

هناك شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة في تركيا. الصدع الموجود تحت هذا الحوض المائي الداخلي يشهد زلازل تتزايد في القوة، تتحرك تدريجياً نحو الشرق.

روبن جورج أندروز

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
TT

احتجاجات إيران تنتقل من البازار إلى الجامعات

صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران
صورة نشرها حساب الخارجية الأميركية الناطق بالفارسية تُظهر انتشار قوات مكافحة الشغب الإيرانية وسط طهران

اتسعت الاحتجاجات في إيران لليوم الثالث على التوالي، مع انتقالها من الأسواق التجارية في طهران إلى جامعات ومدن أخرى، في وقت تزامن فيه الحراك مع إجراءات أمنية وتحذيرات رسمية، وخطوات حكومية اقتصادية طارئة وإعلانات عن تعطيل مؤسسات عامة.

وبينما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الإنصات للمحتجين عبر الحوار، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من محاولات استغلال التطورات، وسط تفاعلات داخلية وخارجية رافقت أحدث موجة من الاحتجاجات، عكست حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد.

وفي تطور لافت، برز انضمام طلاب الجامعات إلى الحراك الاحتجاجي. وأفادت وكالة «إيلنا» الإصلاحية بأن مظاهرات طلابية نُظّمت في عدد من الجامعات بطهران، إضافة إلى مدينة أصفهان وسط البلاد. وحسب الوكالة، شملت التحركات جامعات «بهشتي، وخواجة نصير، وشريف، وأمير كبير، وجامعة العلوم والثقافة، وجامعة العلوم والتكنولوجيا» في طهران، إلى جانب جامعة التكنولوجيا في أصفهان.

كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة تجمعات ومسيرات طلابية تضامناً مع الاحتجاجات على الغلاء والأزمة الاقتصادية، فيما رددت شعارات احتجاجية مناهضة لنظام الحكم، في بعض الجامعات، وفق ما نقلته قنوات طلابية على تطبيق «تلغرام». وفي مقطع فيديو نُشر من تجمع احتجاجي في شارع ملاصدرا بطهران، يظهر محتجون يرددون شعار: «لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران».

طهران تستعد للذكرى السادسة لمقتل الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية يناير 2020 في بغداد (إ.ب.أ)

وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في طهران بأن معظم المتاجر والمقاهي في العاصمة كانت مفتوحة كالمعتاد، صباح الثلاثاء، على امتداد جادة ولي عصر، التي تمتد لمسافة 18 كيلومتراً من شمال العاصمة إلى جنوبها، رغم استمرار الاحتجاجات في مناطق أخرى. وأضافت الوكالة أن شرطة مكافحة الشغب كانت تراقب الساحات الرئيسية في وسط المدينة، من دون الإشارة إلى مواجهات واسعة النطاق خلال ساعات النهار.

في المقابل، أظهرت صور ومقاطع فيديو من مناطق أخرى، من بينها ميدان شوش، استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين، إضافة إلى دخول قوات أمنية إلى بعض الأسواق وتهديد التجار بإعادة فتح محالهم.

إلى جانب طهران وأصفهان، أفادت تقارير إعلامية بوقوع تجمعات احتجاجية في مدن أخرى، من بينها كرمانشاه، وشيراز، ويزد، وهمدان وأراك، فضلاً عن كرج وملارد وقشم خلال اليومين السابقين. وفي سياق امتداد التحركات إلى مدن أخرى، أظهرت الصور وجوداً كثيفاً لقوات الأمن ومكافحة الشغب في مشهد، ثاني كبريات المدن في البلاد، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية وشبكات اجتماعية.

بالتزامن مع الاحتجاجات، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن مدارس ومصارف ومؤسسات عامة ستغلق في طهران و19 محافظة أخرى، الأربعاء، بسبب موجة البرد ولتوفير الطاقة. وأوضحت السلطات أن هذا القرار لا يرتبط بالاحتجاجات، مشيرة إلى أن المراكز الطبية والإغاثية، والوحدات الأمنية، وفروع البنوك المناوبة، مستثناة من التعطيل.

حسب مصادر محلية، جاءت الاحتجاجات رداً على الغلاء المتزايد، والتضخم المرتفع، وتراجع القدرة المعيشية. وسجل الريال الإيراني، وفق سعر السوق السوداء غير الرسمي، مستوى قياسياً جديداً مقابل الدولار، الأحد، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 1.4 مليون ريال، مقارنة بنحو 820 ألف ريال قبل عام، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

إيرانية تمر من دار صرافة بينما تظهر أسعار العملة الثلاثاء (رويترز)

ورغم تسجيل تحسُّن طفيف في قيمة العملة، الاثنين، فإن تقلبات سعر الصرف المستمرة أدت إلى تضخم مرتفع وتقلبات حادة في الأسعار، حيث ترتفع بعض أسعار السلع من يوم لآخر.

انطلقت التحركات، الأحد الماضي، من أكبر أسواق الهواتف المحمولة في طهران، حيث أغلق تجار محالهم بشكل عفوي احتجاجاً على الركود الاقتصادي وتدهور القدرة الشرائية، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وتوسعت الاحتجاجات لتشمل مناطق أوسع من وسط العاصمة، حيث واصل التجار إغلاق محالهم ونظموا تجمعات محدودة، تعبيراً عن استيائهم من الانخفاض السريع لقيمة الريال تحت وطأة العقوبات الغربية.

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن عدداً من التجار فضلوا تعليق أنشطتهم «لتجنب خسائر محتملة»، في وقت ترددت فيه شعارات احتجاجية داخل بعض الأسواق.

وفق مركز الإحصاء الإيراني الرسمي، بلغ معدل التضخم في ديسمبر (كانون الأول) نحو 52 في المائة على أساس سنوي. غير أن وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة «اعتماد»، أشارت إلى أن هذه النسبة لا تعكس بالكامل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين قوله: «لم يدعمنا أي مسؤول أو يسعَ لفهم كيف يؤثر سعر صرف الدولار على حياتنا»، مضيفاً: «كان يجب أن نظهر استياءنا».

الحكومة وخيار الحوار

في وقت متأخر الاثنين، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للاستماع إلى «المطالب المشروعة» للمتظاهرين. وقال بزشكيان، في منشور على منصة «إكس» نقلته وكالة «إرنا»: «طلبت من وزير الداخلية الاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من التصرف بمسؤولية وبكل ما أوتيت من قوة لحل المشاكل والاستجابة لها».

كما أشار إلى أن «معيشة الناس» تشكل هاجسه اليومي، مؤكداً أن الحكومة تضع «إجراءات أساسية لإصلاح النظام النقدي والمصرفي والحفاظ على القوة الشرائية» على جدول أعمالها.

وقالت المتحدثة باسم ‌الحكومة، ⁠فاطمة ​مهاجراني، إنه ‌سيتم إطلاق آلية حوار تشمل إجراء محادثات مع قادة الاحتجاجات.

وحسب وكالة «مهر» شبه الرسمية، التقى بزشكيان، الثلاثاء، مسؤولين نقابيين، واقترح عدداً من الإجراءات الضريبية المؤقتة التي يفترض أن تساعد الشركات لمدة عام، في محاولة لتخفيف الضغوط الاقتصادية.

ولم تورد الوكالة تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه الإجراءات أو آلية تنفيذها.

وقالت مهاجراني، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إن الحكومة «ستستمع بصبر حتى لو واجهت أصواتاً حادة». ونقلت «رويترز» قولها في هذا الصدد: «نتفهم الاحتجاجات... نسمع أصواتهم وندرك أن هذا نابع من الضغط الطبيعي الناجم عن الضغوط المعيشية على الناس». وأضافت أن الحكومة «تعترف بالاحتجاجات»، وتؤكد «حق التجمعات السلمية المعترف به في دستور الجمهورية الإسلامية».

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» من ثاني أيام احتجاجات البازار (أ.ب)

وكانت إيران قد شهدت خلال الأعوام الماضية احتجاجات واسعة لأسباب اقتصادية واجتماعية، من بينها موجة 2022 التي اندلعت عقب وفاة مهسا أميني، وتعاملت معها السلطات بإجراءات أمنية مشددة.

وأشارت مهاجراني إلى أن الحكومة تعمل على «إعداد برنامج للظروف الطارئة»، موضحة أن اجتماعاً للفريق الاقتصادي عُقد لوضع برنامج لإدارة الوضع الاقتصادي على المدى القصير، ضمن إطار زمني يقارب 15 شهراً، بهدف تحقيق الاستقرار.

وكانت الحكومة قد أعلنت، الاثنين، استبدال حاكم البنك المركزي. وقال مهدي طباطبائي، مسؤول الإعلام في الرئاسة الإيرانية، في منشور على منصة «إكس»: «بقرار من الرئيس، سيتم تعيين عبد الناصر همتي حاكماً للبنك المركزي».

ويعود همتي إلى هذا المنصب بعد أن كان البرلمان قد عزله في مارس (آذار) الماضي من منصبه كوزير للاقتصاد، بسبب فشله في معالجة المشاكل الاقتصادية في ظل الانخفاض الحاد لقيمة الريال، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

يواجه الاقتصاد الإيراني صعوبات متراكمة جراء عقود من العقوبات الغربية، التي ازدادت وطأتها بعد إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب انهيار الترتيبات المرتبطة بالاتفاق النووي. وحسب تقارير اقتصادية، ساهمت هذه العقوبات في تقييد التجارة الخارجية، والضغط على العملة الوطنية، ورفع معدلات التضخم.

تحذيرات البرلمان

في المقابل، حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من مخاطر «استغلال التظاهرات لبث الفوضى والاضطرابات».

وأعلن قاليباف أن النواب عقدوا اجتماعاً مغلقاً لبحث التطورات الأخيرة، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول جدول الأعمال أو مخرجات الجلسة.

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» تعكس جانباً من احتجاجات طلاب جامعات طهران الثلاثاء

وقال قاليباف، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، إن «الأعداء» يسعون إلى جر مطالب الناس إلى الفوضى، مضيفاً أن الشعب «سيمنع انحراف الاحتجاجات».

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الاقتصادية في البرلمان، النائبة فاطمة مقصودي، لوكالة «إيلنا» إن تقلبات سوق العملة والذهب ترتبط أساساً بالأجواء السياسية وتصريحات قادة دوليين ومحليين، لا بتطورات اقتصادية فعلية، مؤكدة أن تصاعد الحديث عن الحرب أو صدور خبر واحد كفيل بدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وأضافت مقصودي: «يكفي أن يقول ترمب لنتنياهو: تعال نشرب قهوة، حتى ترتفع أسعار العملات فجأة. إذا تحدث نتنياهو بكلمة واحدة، فترتفع الأسعار».

في الداخل، أفاد عدد من مستخدمي الهواتف المحمولة بتلقي رسائل نصية تحذيرية من جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني، تحذرهم من المشاركة في تجمعات وصفت بأنها «غير قانونية»، حسبما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي.

ردود داخلية وخارجية

على الصعيد السياسي، أصدر حزب «نهضت آزادى (حركة الحرية)» رسالة مفتوحة انتقد فيها أداء الحكومة، معتبرة أن «تجاوز التحديات من دون إصلاح بنيوي لن يكون سوى وهم». وقالت الحركة إن سجل الحكومة خلال العام ونصف العام الماضيين «غير قابل للدفاع عنه إلى حد كبير، ولا ينسجم مع مطالب الشعب».

كما وصف مصطفى تاج زاده، السجين السياسي ونائب وزير الداخلية السابق، الاحتجاجات بأنها «حق» للمواطنين، معتبراً أن جذور الأزمة تعود إلى «البنية السياسية الحاكمة»، حسبما نقلت منصات إعلامية معارضة.

في الخارج، عبّر رضا بهلوي، نجل آخر شاه لإيران، عن دعمه العلني للاحتجاجات، معتبراً أن تدهور الأوضاع الاقتصادية سيستمر «ما دام هذا النظام في السلطة». وفي رسالة نشرها على منصة «إكس»، دعا بهلوي مختلف فئات المجتمع إلى الانضمام للاحتجاجات، كما وجه نداءً إلى القوات الأمنية والعسكرية بعدم الوقوف في وجه المحتجين، لصالح «نظام في طور الانهيار».

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، عبر حسابها الناطق بالفارسية على منصة «إكس»، دعمها لما وصفته بـ«صوت الشعب الإيراني»، معتبرة أن الاحتجاجات تعكس حالة السخط الواسع من «السياسات الفاشلة وسوء الإدارة الاقتصادية».

ودعت الوزارة السلطات الإيرانية إلى احترام الحقوق الأساسية للمواطنين والاستجابة لمطالبهم المشروعة، مؤكدة أن الولايات المتحدة تتابع التطورات عن كثب. وفي منشورات لاحقة، نشرت الخارجية الأميركية مقاطع مصورة من مدن إيرانية عدة، مشددة على أن موقف واشنطن ينسجم مع دعمها المعلن لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وقال مايك والتز، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الشعب الإيراني يريد الحرية وقد عانى سنوات من حكم رجال الدين.

في إسرائيل، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت على الاحتجاجات الجارية في إيران عبر رسالة مصوّرة نشرها على منصة «إكس»، قال فيها إن المتظاهرين الإيرانيين يستحقون «مستقبلاً أفضل» و«شرق أوسط أكثر استقراراً». واعتبر بينيت أن ما يجري يعكس، على حد تعبيره، فشل السياسات الاقتصادية والسياسية في طهران، موجهاً حديثه مباشرة إلى المحتجين.


إردوغان: قرار إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال غير مقبول وغير مشروع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
TT

إردوغان: قرار إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال غير مقبول وغير مشروع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

كشف ​الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الثلاثاء، أن قرار إسرائيل الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض ‌الصومال المعلَنة ‌من ‌جانب ⁠واحد ​خطوة ‌غير مشروعة وغير مقبولة، مضيفاً أنها تسعى إلى جرّ منطقة القرن الأفريقي إلى ⁠حالة من عدم ‌الاستقرار.

وفي مؤتمر صحافي ‍مع ‍نظيره الصومالي ‍حسن شيخ محمود في إسطنبول، قال إردوغان أيضاً إن ​تركيا تخطط لبدء عمليات تنقيب عن ⁠مصادر الطاقة في البحر قبالة سواحل الصومال عام 2026، بموجب اتفاقية ثنائية، مضيفاً أنها تعتزم إضافة سفينتيْ حفر جديدتين ‌إلى أسطولها.


صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
TT

صحيفة: إسرائيل ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية بدعوى «صلتها بالإرهاب»

موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)
موظف يرتدي سترة منظمة «أطباء بلا حدود» (رويترز)

نقلت صحيفة «هآرتس» عن الحكومة الإسرائيلية قولها، الثلاثاء، إنها تعتزم سحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد» و«أوكسفام» بدعوى «صلتها بالإرهاب».

وقالت وزارة شؤون الشتات الإسرائيلية في بيان نشرته الصحيفة إن الحكومة ستسحب تراخيص هذه المنظمات الإنسانية بسبب ما وصفتها بأنها «انتهاكات لمعايير الأمن والشفافية». وأضاف البيان: «التحريات الأمنية كشفت عن تورط موظفين ببعض المنظمات في أنشطة إرهابية... لا سيما منظمة (أطباء بلا حدود)».