حزمة «اتفاقات إيجابية» في إقرار مصالحة بين الجزائر وفرنسا

توقع عودة السفير الجزائري إلى منصبه... وحسم «قضية صنصال» خلال زيارتين لوزيرين فرنسيين

مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)
مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)
TT
20

حزمة «اتفاقات إيجابية» في إقرار مصالحة بين الجزائر وفرنسا

مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)
مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)

يرتقب عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين، إثر محادثات هاتفية بين الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، الاثنين.

وعاشت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تجربة في غاية التعقيد منذ الصيف الماضي، بعد إعلان باريس دعمها الحل المغربي لمشكلة الصحراء.

تضمن بيان مشترك أصدرته الرئاستان الجزائرية والفرنسية، بخصوص الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، اتفاقات إيجابية، أهمها إنهاء وقف التعاون في مجالات عدة دام ثمانية أشهر، يأتي على رأسها ما يعرف بـ«الاشتغال على ملف الذاكرة»، الذي بدأ في 2022 بهدف تسوية «ملف آلام الماضي الاستعماري» للتوجه نحو بناء علاقات تقوم على تبادل المنافع.

فريق المؤرخين الجزائريين المكلف بقضية الذاكرة مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)
فريق المؤرخين الجزائريين المكلف بقضية الذاكرة مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

وأطلق الرئيسان إثر زيارة ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022 «لجنتان»؛ إحداهما تضم 6 باحثين جزائريين في التاريخ، والثانية فرنسية تتكون من نفس العدد من الخبراء في الميدان نفسه، وتم تكليفهم بالتسوية التاريخية، بهدف الوصول إلى «مصالحة بين الذاكرتين» وفق تعبير الرئيس الفرنسي.

وقد أثمرت اجتماعات هؤلاء الخبراء إنجازات عديدة؛ خصوصاً ما تعلق بطلب الجزائر استرجاع أرشيف ثورة التحرير (1954 - 1962)، وإعادة رفات رموز المقاومة الشعبية ضد الغزو الفرنسي خلال القرن الـ19، التي تم الاحتفاظ بها في متاحف باريسية، فيما وقع خلاف بشأن نقل أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، قائد أكبر هذه المقاومات، من قصر بفرنسا؛ حيث قضى فترة أسره (1848 - 1852) إلى الجزائر، الذي أثار جدلاً عشية زيارة كانت ستقود تبون إلى باريس في الخريف الماضي، لكن تم إلغاؤها بعد سحب سفير الجزائر من فرنسا، سعيد موسي، في رد فعل على دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.

وتحدث البيان المشترك، الذي أقر عودة الهدوء إلى العلاقات الثنائية، عن اتفاق الرئيسين على «إطلاق حوار مبني على المساواة»، من دون توضيح ما يقصد بذلك، مؤكداً أن هذا الاتفاق «ضرورة تفرضها قوة الروابط، لا سيما الإنسانية، التي تجمع بين الجزائر وفرنسا، والمصالح الاستراتيجية والأمنية للبلدين، فضلاً عن التحديات والأزمات التي تواجهها أوروبا ومنطقة الحوض المتوسط – أفريقيا».

ويقصد بـ«الروابط الإنسانية» ملايين الجزائريين المقيمين بفرنسا، وملايين المواطنين بها، الذين يحملون جنسية مزدوجة، وآلاف الكوادر الفرنسيين المنتسبين لنحو ألفي شركة فرنسية تعمل في الجزائر. وقد لخص البيان المشترك أهمية هذا العنصر في العلاقات الثنائية، بحديثه عن «ضرورة العمل بروح الصداقة لإضفاء طموح جديد على هذه العلاقات».

كما تم الاتفاق على «استئناف التعاون فوراً في مجال الأمن بين البلدين»، الذي تمثل طيلة السنوات الماضية بتبادل المعلومات، والتنسيق في إطار محاربة الإرهاب في الساحل، خاصة حول مشكلة الفرنسيين الذين التحقوا بالجماعات الجهادية في سوريا والعراق، بعضهم يملك أصولاً جزائرية. وقد عرفت الجزائر كما فرنسا، عودة بعضهم بعد القضاء على «داعش» والتنظيمات الموالية له في المشرق العربي، ونقل الكثير منهم أنشطتهم إلى المنطقة جنوب الصحراء خصوصا مالي.

وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (أ.ب)
وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (أ.ب)

وشمل الاتفاق أيضاً «استئناف التعاون الفوري والموثوق والسلس والفعّال في مجال الهجرة، بما يسمح بمعالجة جميع جوانب حركة الأشخاص بين البلدين، وفقاً لمنهج يركز على النتائج التي تلبي اهتمامات البلدين». ويفهم من ذلك، إنهاء الجزائر رفض تعاونها القنصلي مع محافظات فرنسية، أبعدت عدداً كبيراً من المهاجرين الجزائريين غير النظاميين، وهي قضية تسببت في تصاعد التوترات بين البلدين؛ خصوصاً مع إصرار وزير الداخلية، برونو ريتايو، على إعداد «قوائم» تضم المئات منهم لترحيلهم. كما رفضت الجزائر دخول العشرات من رعاياها المهاجرين النظاميين، الذين سعى ريتايو إلى إبعادهم بحجة «التحريض على قتل معارضي النظام الجزائري»، وتم اتهامهم بـ«تقويض الأمن في فرنسا»، ومن أشهر هؤلاء «المؤثر» بوعلام نعمان، الشهير بـ«دوالمن»، الذي رحّلته فرنسا مرتين وأعادته الجزائر من مطار عاصمتها في نفس الطائرة التي أقلته.

المؤثر بوعلام نعمان (إ.ب.أ)
المؤثر بوعلام نعمان (إ.ب.أ)

كما تضمنت «حزمة الاتفاقات» تعهداً من الرئيس الفرنسي بدعم موقف الجزائر في المفاوضات، التي بدأتها مطلع العام مع مفوضية الاتحاد الأوروبي، حول «اتفاق الشراكة» مع دول الاتحاد، إذ ترى الجزائر أنها تضررت كثيراً منذ تطبيقه عام 2005، وأنه جلب المنفعة أكثر إلى أوروبا التي احتجت من جهتها على وقف الجزائر استيراد الكثير من السلع والمواد منذ 2022 على أساس أن هذا القرار «يخل بالتزاماتها الواردة في الاتفاق».

وينتظر أن يتم ترسيم هذه الاتفاقات خلال زيارتين لوزير الخارجية والعدل الفرنسيين، جان نويل بارو، وجيرالد دارمانان إلى الجزائر في بداية الشهر الحالي؛ حيث من المرتقب أيضاً بحث «حالة الكاتب بوعلام صنصال»، الذي ناشد ماكرون نظيره الفرنسي لتمكينه من عفو رئاسي «نظراً لسنّه وحالته الصحية»، حسبما ورد في البيان الذي تناول محادثاتهما.

الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال الذي فاقمت قضيته حدة الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ب)
الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال الذي فاقمت قضيته حدة الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ب)

وبقي الموقف الفرنسي من الصحراء «الحلقة المغيبة» في مجموعة هذه الاتفاقات. فمنشأ التوترات، حسبما هو معلوم، كان خروج باريس عن حيادها من هذا النزاع القديم، وعدم إثارته في البيان يدعو إلى الاعتقاد بأن لا شيء سيتغير فيه، علماً بأن الجزائر سحبت سفيرها من إسبانيا عام 2022، وعلقت التجارة معها بسبب الدعم نفسه الذي قدمته مدريد لمخطط الحكم الذاتي المغربي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، عاد السفير الجزائري إلى موقعه، ورفع التجميد عن الأنشطة التجارية، من دون أن يحيد الإسبان عن موقفهم، الذي خلف استياء الشريك التجاري الكبير في شمال أفريقيا.



بعد تجول السيسي وماكرون فيه... ماذا نعرف عن سوق «خان الخليلي» بالقاهرة؟

الرئيسان المصري والفرنسي في «خان الخليلي» (رويترز)
الرئيسان المصري والفرنسي في «خان الخليلي» (رويترز)
TT
20

بعد تجول السيسي وماكرون فيه... ماذا نعرف عن سوق «خان الخليلي» بالقاهرة؟

الرئيسان المصري والفرنسي في «خان الخليلي» (رويترز)
الرئيسان المصري والفرنسي في «خان الخليلي» (رويترز)

وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أمس (الأحد) إلى القاهرة في زيارة رسمية تركز على إنهاء الحرب في غزة.

واصطحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره ماكرون لتناول العشاء في سوق خان الخليلي التاريخي وتجولا وسط الحشود التي استقبلتهما بحرارة والتقطت الصور التذكارية معهما، في لقطات تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها الكثيرون رسالة تأكيد على تمتع مصر بالأمن والأمان والاستقرار.

السيسي وماكرون في «خان الخليلي» (أ.ف.ب)
السيسي وماكرون في «خان الخليلي» (أ.ف.ب)

فماذا نعرف عن «خان الخليلي»؟

يعد سوق «خان الخليلي» من أقدم وأعرق أسواق القاهرة والشرق الأوسط؛ فعمره يزيد على 600 عام، وسُمي بهذا الاسم نسبة لمؤسسه الأمير جركس الخليلي من مدينة الخليل بفلسطين، وهو أحد الأمراء المماليك.

ويعد هذا السوق واحداً من 38 سوقاً كانت موزعة أيام المماليك على محاور القاهرة.

مصرية تصافح السيسي أثناء تجوله مع ماكرون في «خان الخليلي» (رويترز)
مصرية تصافح السيسي أثناء تجوله مع ماكرون في «خان الخليلي» (رويترز)

ويعتبر السوق من أبرز مناطق الجذب السياحي في القاهرة، وهو معروف بازدحامه الشديد في أغلب الأوقات، وهو عبارة عن أزقَّة ضيقة تصطف على جانبيها بازارات لبيع التحف والمشغولات النحاسية والفضية واليدوية، ومحلات العطور، والتوابل، والبرديات، والأكسسوارات ذات الطابع الفرعوني، والمطاعم الشعبية.

وتشتهر المنطقة بالعديد من المقاهي، أشهرها «مقهى الفيشاوي» التاريخي الشهير الذي لا يغلق أبوابه على مدار الـ24 ساعة.

كما يقع السوق بالقرب من جامع الأزهر ومسجد الحسين.

ماكرون يحمل طفلة مصرية أثناء تجوله في «خان الخليلي» (رويترز)
ماكرون يحمل طفلة مصرية أثناء تجوله في «خان الخليلي» (رويترز)

وكانت المنطقة مصدر إلهام للكثير من الكتّاب والأدباء، أبرزهم نجيب محفوظ الذي تحمل إحدى رواياته اسم «خان الخليلي»، والتي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي.

وقد تناول السيسي وماكرون العشاء في مطعم راقٍ شهير يحمل اسم «نجيب محفوظ».

رد فعل ماكرون

نشر الرئيس الفرنسي على حسابه بموقع «إكس» مقطع فيديو قصيراً يُظهر لقطات من زيارته للسوق بصحبة السيسي، مع خلفية لأغنية «حلوة يا بلدي» للمطربة الراحلة داليدا، وعلق عليه بقوله: «شكراً لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وللشعب المصري على هذا الاستقبال الحار. هذه الحماسة، وهذه الأعلام، وهذه الطاقة التي تليق بخان الخليلي: تحية نابضة للصداقة التي تجمع بين مصر وفرنسا».

وتداول الآلاف من رواد مواقع التواصل مقطع الفيديو، مشيدين بتجول الرئيسين بأمان في منطقة من أزحم مناطق القاهرة.