طائرات من دون طيار تحلق من دون نظام تحديد المواقع العالمي

الحرب الإلكترونية الحديثة تشوش إشاراته

البرنامج يتيح التعرف على المواقع والتضاريس الأرضية
البرنامج يتيح التعرف على المواقع والتضاريس الأرضية
TT
20

طائرات من دون طيار تحلق من دون نظام تحديد المواقع العالمي

البرنامج يتيح التعرف على المواقع والتضاريس الأرضية
البرنامج يتيح التعرف على المواقع والتضاريس الأرضية

قبل ظهور نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وخاصةً في البحر، كانت الملاحة تعني تحديد موقعك بالنظر إلى النجوم. أما اليوم، فمع تعطل نظام تحديد المواقع العالمي أو تشويشه بسبب الحرب الإلكترونية، تتعلم الطائرات من دون طيار القيام بشيء مماثل، حيث تُوجّه نفسها... بالنظر إلى الأرض، كما كتب أليكس باستيرناك(*).

يُشكّل هذا المفهوم أساساً لموجة متنامية من الجهود المبذولة لاستخدام الكاميرات وأجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي لإبقاء الطائرات من دون طيار «على دراية» بمحيطها، مما يسمح لها بإكمال مهامها أو متابعة أهدافها دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي، أو حتى أية إشارة اتصال.

البرنامج يربط نظم التصوير الجوية بالبيانات الأرضية المختزنة إلكترونياً
البرنامج يربط نظم التصوير الجوية بالبيانات الأرضية المختزنة إلكترونياً

برنامج «رابتور»: التصوير والمطابقة

هذا الأسبوع، دخلت شركة ماكسار العملاقة للأقمار الاصطناعية هذا المجال ببرنامج رابتور Raptor، وهو مجموعة برامج تُمكّن من تحديد موقع الطائرة من دون طيار على الكوكب من خلال مطابقة بث الكاميرا مع مجموعة الشركة الضخمة من بيانات الأرض ثلاثية الأبعاد.

يقول بيتر ويلتشينسكي، كبير مسؤولي المنتجات في شركة ماكسار إنتليجنس، إن النظام بدأ يتبلور قبل عام تقريباً. ويضيف أنه بحلول ذلك الوقت، «بلغ الأمر ذروته لدرجة أن العاملين في مجال الدفاع أدركوا فجأةً أن جميع هذه الأنظمة المصممة بنظام تحديد المواقع العالمي لن تعمل في ساحة المعركة الحديثة».

ظهرت في السنوات الأخيرة مجموعة من تقنيات الملاحة الذاتية وتحديد المواقع البديلة، مدفوعةً بظهور الطائرات من دون طيار والكاميرات وأجهزة الاستشعار والرقائق الأرخص والأكثر قوة. ولكن حتى مع استفادة شركات أخرى من الصور ثنائية وثلاثية الأبعاد للملاحة دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي، إلا أنها لم تكن تستفيد من وفرة بيانات الأقمار الاصطناعية التي كانت لدى ماكسار.

مزايا الرصد في الارتفاعات المنخفضة

مقارنةً بالخرائط الأساسية التي تستخدمها أنظمة تحديد المواقع الأخرى القائمة على الرؤية، يقول ويلتشينسكي إن أساس رابتور ثلاثي الأبعاد أنه يوفر مزايا خاصة على الارتفاعات المنخفضة، وخلال العمليات الليلية، وخاصةً مع كاميرات الأشعة تحت الحمراء، وفي التضاريس المعقدة، بدقة تبلغ نحو ثلاثة أمتار.

ويغطي مجسم الكرة الأرضية ثلاثي الأبعاد من ماكسار، الذي يبلغ حجمه الإجمالي 125 بيتابايت، الآن مساحة تزيد عن 90 مليون كيلومتر مربع، مع إضافة نحو ثلاثة ملايين كيلومتر مربع شهرياً.

وتأتي الصور من وحدة الفضاء التابعة لماكسار، التي تُشغل كوكبة من 10 أقمار اصطناعية لرصد الأرض، تُوفر صوراً لعملاء الدفاع والاستخبارات والحكومة والصناعة.

في العام الماضي، أضافت الشركة أسطول WorldView Legion، وهو أسطول من ستة أقمار اصطناعية عالية الأداء، مما وسّع قدرته على إعادة زيارة المناطق الأكثر تغيراً على الأرض بسرعة أكبر.

والمعروف أن بعض التقارير العامة المبكرة عن الحشد العسكري الروسي على طول حدود أوكرانيا عام 2022 قد جاءت من صور ماكسار غير السرية، وقد وفرت أقمارها الاصطناعية معلومات استخباراتية أساسية للعمليات الهجومية والدفاعية للبلاد. ويقول ويلتشينسكي إن الحرب «أكدت على أهمية هذه التقنيات».

حرب أوكرانيا

مع عبور الأقمار الاصطناعية للأرض بعيداً فوق أوكرانيا، ملأت الطائرات من دون طيار سماءها، إلى جانب الموجات الراديوية التي تهدف إلى تعطيل أنظمة الملاحة أو الاتصالات الخاصة بها. كانت بعض أنظمة مكافحة الأقمار الاصطناعية الروسية قوية جداً لدرجة أنها أدت إلى تدهور الإشارات المشفرة التي تستخدمها كوكبة أقمار GPS الأمريكية. بينما يسعى كلا الجانبين إلى أنظمة يمكنها الصمود في وجه مثل هذه الهجمات، كانت الوحدات العسكرية الروسية والأوكرانية تحلق بطائرات من دون طيار متصلة بوحدات التحكم الخاصة بها بواسطة كابلات الألياف الضوئية التي يبلغ طولها أميالاً؛ من دون أي إشارات لاسلكية، لا يمكن التغلب عليها بالتشويش الإلكتروني.

نظام تصوير ملاحي

صُمم نظام ماكسار للعمل مع كاميرات الطائرات المسيَّرة الحالية ووحدات الملاحة بالقصور الذاتي المدمجة. يتطلب إجراء مطابقة الصور الفورية أثناء الطيران وحدة معالجة رسومية (GPU)، إما مثبتة على جهاز كمبيوتر في محطة أرضية أو مدمجة في الطائرة المسيرة نفسها، مما يسمح لها بالعمل دون اتصال بالإنترنت.

بالإضافة إلى المساعدة في توفير تحديد المواقع للمركبات، يمكن للمشغلين عن بُعد الذين يعملون جنباً إلى جنب مع وحدات تحكم الطائرات المسيرة استخدام البرنامج على أجهزة الكمبيوتر المحمولة التجارية لاستخراج إحداثيات الأرض المستهدفة في الوقت الفعلي من موجزات الفيديو الجوي كاملة الحركة للطائرات المسيرة. وكما هو الحال مع بيانات صور ماكسار، صُمم النظام للتكامل مع سير العمل في أنظمة القيادة والتحكم القائمة على الخرائط.

ويمثل «رابتور» تحولاً كبيراً لشركة ماكسار، من رسم الخرائط ثنائية الأبعاد إلى ثلاثية الأبعاد، واستراتيجية عمل جديدة تتجاوز التصوير الجوي والبيانات. رفض ويلتشينسكي ذكر أسماء عملاء رابتور، لكنه قال إن الشركة بدأت بالفعل في إجراء اختبارات تشغيلية مع مصنعي الطائرات من دون طيار «في مناطق النزاع»، وتخطط للعمل مع كبار مسؤولي الدفاع في أوروبا والولايات المتحدة لتحديث التقنيات الحالية غير المتوافقة مع نظام تحديد المواقع العالمي.

طرق أخرى للطيران من دون «جي بي إس»

في أوكرانيا، حيث يمكن أن تنتج صناعة الطائرات من دون طيار المحلية ثلاثة ملايين طائرة من دون طيار هذا العام، أصبح التحكم الذاتي محور تركيز رئيسي. وصرح مسؤولون حكوميون بأن المزيد من الطائرات من دون طيار ذاتية التشغيل المزودة باستهداف الذكاء الاصطناعي ستصل إلى ساحة المعركة في عام 2025، مما قد يفسح المجال «لاستخدامات أسراب الطائرات من دون طيار الحقيقية».

كما تعمل الشركات الناشئة الأميركية على تطوير برمجيات وأجهزة استشعار لمساعدة الطائرات من دون طيار على الطيران بشكل مستقل، دون إشارة اتصالات أو مع تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي، والعثور على الأهداف الأرضية والطائرات من دون طيار الأخرى ومهاجمتها، وكذلك على تطوير طائرات من دون طيار جديدة ذاتية القيادة للملاحة في سماء محرومة من نظام تحديد المواقع العالمي.

كما يُطور الباحثون طرقاً أكثر غرابة لتزويد الطائرات من دون طيار بوعي جغرافي مكاني. في العام الماضي، قدمت شركة NILEQ، التابعة لشركة MBDA البريطانية لصناعة الصواريخ، نظام ملاحة بصرية منخفض الطاقة يعتمد على كاميرات عصبية الشكل، والتي، بدلاً من معالجة صورة كاملة، يمكنها العمل بكفاءة أكبر من خلال قياس الاختلافات بين وحدات البكسل في صورة متحركة.

لا تزال النجوم مفيدة أيضاً. ففي العام الماضي، استعرض مهندسون في جامعة جنوب أستراليا نموذجاً أولياً جديداً منخفض التكلفة لنظام يدمج الحوسبة الخوارزمية القائمة على الرؤية مع التثليث السماوي للطائرات من دون طيار التي تحلق ليلاً. ولا تزال الدقة تُشكل تحدياً.

هيمنة الخرائط «ثلاثية الأبعاد»

وتعمل شركة ماكسار حالياً على تطوير أساليب لاستخدام صور الأقمار الاصطناعية ثنائية الأبعاد ومقاطع الفيديو من الطائرات من دون طيار لتحديث خريطتها المرجعية ثلاثية الأبعاد بسرعة أكبر، مما يتيح خرائط أكثر تحديثاً، لا سيما في المناطق سريعة التغير. ويُعد تحسين الدقة أيضاً أولوية، لا سيما على الارتفاعات المنخفضة؛ وفي نهاية المطاف، يمكن أن يحل رابتور محل نظام تحديد المواقع العالمي للمركبات ذاتية القيادة الأرضية أيضاً.

إلى جانب تحديد المواقع والملاحة، يمثل رابتور رؤية أوسع نطاقاً لشركة ماكسار لـ«كرة أرضية حية» مشتركة وديناميكية، كما يقول ويلتشينسكي، قادرة على ربط الأنظمة المختلفة وبيانات الاستشعار في الوقت الفعلي تقريباً. كان هذا المشروع قيد التنفيذ منذ عام 2015 على الأقل، عندما دخلت شركة ديجيتال غلوب، الشركة السابقة لشركة ماكسار، في مشروع مشترك مع شركة ساب لتصنيع المعدات الدفاعية لإنتاج نماذج ارتفاع رقمية ثلاثية الأبعاد واقعية للصور للمؤسسات. ويقول ويلتشينسكي: «ننقل بيانات الطائرات من دون طيار، وبيانات الأقمار الاصطناعية ثنائية الأبعاد إلى عالم ثلاثي الأبعاد».

ومن بين أكبر عملائها لبيانات الأرض ثلاثية الأبعاد الجيش الأمريكي، الذي يدفع لشركة ماكسار لتشغيل برنامج One World Terrain (OWT)، وهو بيئة محاكاة عالمية تُستخدم في التدريب العسكري. ويضيف ويلتشينسكي: «لدينا اعتقاد بأن رسم الخرائط خلال السنوات العشر المقبلة سيتحول من هيمنة ثنائية الأبعاد إلى هيمنة ثلاثية الأبعاد».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: صينيون يعملون بموقع إنتاج طائرات مسيّرة في روسيا

أوروبا صورة ملتقطة في 23 فبراير 2025 في العاصمة الأوكرانية كييف، تظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال حفل تكريم الجنود الأوكرانيين الذين سقطوا في الحرب (د.ب.أ)

زيلينسكي: صينيون يعملون بموقع إنتاج طائرات مسيّرة في روسيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، إن مواطنين صينيين يعملون في موقع لإنتاج طائرات مسيّرة في روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الملك البريطاني تشارلز يتجول في حديقة خارجية خلال زيارته الأخيرة إلى روما (رويترز)

فرض قيود على الطيران فوق قصر ساندرينغهام الملكي ببريطانيا

فرض الفريق الأمني للملك البريطاني تشارلز قيوداً على الطيران فوق قصر ساندرينغهام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم ​«الشمس الطائرة»... مسيّرة تحول سماء الليل المظلمة إلى نهار

​«الشمس الطائرة»... مسيّرة تحول سماء الليل المظلمة إلى نهار

تؤمن تحليقاً متواصلاً

جيسوس دياز (واشنطن)
العالم العربي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)

أول مصنع إثيوبي للمسيّرات... «رسائل ردع» بمنطقة القرن الأفريقي المأزومة

إعلان إثيوبيا افتتاح شركة لتصنيع الطائرات من دون طيار للاستخدام المدني والعسكري، جاء وسط أتون صراع أهلي متكرر، وخلافات مع جيران بمنطقة القرن الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أشخاص يسيرون وسط الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على رفح جنوب قطاع غزة... 24 فبراير 2025 (أ.ب)

مقتل شخص بقصف من مسيّرة إسرائيلية في جنوب قطاع غزة

أفادت «إذاعة الأقصى» الفلسطينية، اليوم (الجمعة)، بمقتل شخص في قصف من طائرة مسيّرة إسرائيلية في وسط مدينة رفح الواقعة في جنوب قطاع غزة.


شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء

شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء
TT
20

شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء

شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء

يتمنى ريموند وارد، وهو ممثل جمهوري في ولاية يوتا الأميركية، رؤية ألواح شمسية تُغطي كل شرفة في الولايات المتحدة. ولا يفهم سبب عدم حدوث ذلك.

تقنيات سهلة التركيب

التكنولوجيا في غاية السهولة في الاستخدام - ما عليك سوى تعليق لوح أو لوحين على درابزين وتوصيلهما بمقبس كهربائي. توفر هذه الأجهزة ما يصل إلى قدرة 800 واط؛ وهو ما يكفي لشحن جهاز كمبيوتر محمول أو تشغيل ثلاجة صغيرة.

وتحظى هذه الأجهزة بشعبية كبيرة في ألمانيا، حيث يُشيد بها الجميع، من المستأجرين إلى نشطاء المناخ إلى مُحبي الأجهزة الإلكترونية، بصفتها وسيلة رخيصة وسهلة لتوليد الكهرباء.

ملايين الألواح الشمسية

سجّل الألمان أكثر من 780 ألف جهاز لدى هيئة تنظيم المرافق في البلاد حتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كما ركَّبوا ملايين أخرى دون إبلاغ الحكومة. هنا في الولايات المتحدة، لا توجد سوق للطاقة الشمسية للشرفات.

وريموند وارد الذي اطلع على هذه التقنية العام الماضي، يريد تغيير هذا الوضع. من وجهة نظره، يُعد هذا حلاً بديهياً للطلب المتزايد على الطاقة. قال لصحيفة «غريست»: «تنظر إلى هناك وتقول: (حسناً، هذا النظام ناجح). إذن، ما الذي يمنعنا من استخدامه هنا؟».

تسهيل التحول إلى الطاقة الشمسية

يتفق زملاؤه معه. في الشهر الماضي، أقرَّ المجلس التشريعي بالإجماع مشروع قانون رعاه لتعزيز هذه التقنية، ووقَّع عليه الحاكم الجمهوري سبنسر كوكس. ويُعفي مشروع القانون رقم 340 أجهزة الطاقة الشمسية المحمولة من لوائح الولاية التي تُلزم مالكي ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح وأنظمة توليد الطاقة الأخرى بتوقيع اتفاقات للربط مع شركات المرافق المحلية. وهذه الصفقات، وغيرها من «التكاليف غير المباشرة» يمكنها أن تُضاعف الإنفاق على كل من يريد التحول إلى الطاقة الشمسية.

وأكد مؤيدو هذه التقنية أن التغلب على هذه التحديات سيستغرق وقتاً وجهداً، لكنها ليست مستعصية. حتى الآن، يعمل فريق من رواد الأعمال وعلماء الأبحاث، بدعم من التمويل الفيدرالي، على وضع هذه المعايير.

ريادة ألمانيا

يعكس عملهم ما حدث في ألمانيا قبل ما يقرب من عقد من الزمان، عندما بدأ مؤيدو الطاقة النظيفة والشركات في الضغط على هيئة اعتماد الكهرباء في البلاد لتعديل لوائح السلامة وتقنين أنظمة الطاقة الشمسية للشرفات.

في عام 2017، أصدرت جمعية Verband der Elektrotechnik، أو VDE، وهي هيئة اعتماد ألمانية تُصدر معايير المنتج والسلامة للمنتجات الكهربائية، أول دليل إرشادي يسمح بأنظمة الطاقة الشمسية للشرفات. وبينما كانت مثل هذه الأنظمة موجودة قبل أن تتخذ VDE هذه الخطوة، فإن المعيار الذي وضعته سمح للمصنعين ببيعها على نطاق واسع؛ ما أدى إلى ازدهار الصناعة.

قال كريستيان أوفينهوسل، مؤسس شركة EmpowerSource، وهي شركة مقرّها برلين تعمل على الترويج للطاقة الشمسية للشرفات، إن «الأفراد الدؤوبين» كانوا مفتاح تحقيق ذلك.

وقد قضى أعضاء جمعية صناعة الطاقة الشمسية الألمانية سنوات في الدعوة إلى هذه التقنية، وعملوا مع VDE لتمهيد الطريق نحو توحيد أنظمة الطاقة الشمسية للشرفات. وتبع المعيار الأولي إصدارات منقحة في عامي 2018 و2019 حددت المتطلبات الفنية بشكل أكبر.

واصل الهيكل التنظيمي تطوره. فقد عمل أوفينهوسل مع دعاة آخرين لتعديل معايير سلامة الشبكة، وإنشاء تسجيل بسيط عبر الإنترنت للأجهزة الموصولة بالكهرباء، وترسيخ حق المستأجرين في الطاقة الشمسية للشرفات. دعم السياسيون هذه الجهود؛ لأنهم يرون أن هذه التقنية تخفف من اعتماد البلاد على الغاز الطبيعي الروسي.

برلين وميونيخ تقدم الدعم للسكان

قدمت مدن مثل برلين وميونيخ ملايين من اليورو دعماً لمساعدة الأسر على شراء هذه الأنظمة، وتعمل البلاد على وضع معيار أمان للبطاريات القادرة على تخزين الطاقة لاستخدامها لاحقاً.

في الوقت نفسه، لم تتخذ الولايات المتحدة بَعدُ الخطوة الأولى لوضع معيار أمان لهذه التقنية. لا تضع الإرشادات الكهربائية الأميركية في الحسبان إمكانية توصيل جهاز توليد الطاقة بمقبس كهربائي منزلي. كما تعمل البلاد بنظام مختلف يمنع ببساطة نسخ ولصق القواعد الألمانية. على سبيل المثال، تعمل شبكة الكهرباء الأميركية بفرق جهد كهربائي يبلغ 120 فولت، بينما تعمل شبكة الكهرباء في ألمانيا بفرق جهد 230 فولت.

مخاطر نشر الألواح من دون معايير

ومن دون معايير مناسبة، قد يُشكّل نظام الطاقة الشمسية للشرفات الكثير من المخاطر. أحد هذه المخاطر ظاهرة تُسمى «حجب القاطع» (breaker masking). داخل المنزل، يُمكن لدائرة واحدة أن تُوفّر الطاقة لمنافذ عدة. كل دائرة مُزوّدة بقاطع دائرة، وهو جهاز أمان داخل اللوحة الكهربائية يُوقف الطاقة في حال زيادة الحمل على هذه الدائرة، وهو ما يحدث عندما تحاول الكثير من الأجهزة سحب كمية كبيرة من الكهرباء في الوقت نفسه. وهذا يمنع ارتفاع درجة الحرارة أو نشوب حريق.

عندما يُرسل جهاز الطاقة الشمسية للشرفات الطاقة إلى دائرة بينما تسحب الأجهزة الأخرى الطاقة منها، لا يستطيع القاطع اكتشاف مصدر الطاقة الإضافي هذا. وإذا زادت الطاقة المُحمّلة على الدائرة - تخيّل تشغيل جهاز التلفزيون أثناء تشغيل مُدفأة منزلية وشحن الكمبيوتر المحمول، وكل ذلك في الغرفة نفسها - فقد يفشل قاطع الدائرة في العمل السريع.

كان هذا مصدر قلق في ألمانيا؛ لذلك وُضعت معايير تُحدّد وحدات الطاقة الشمسية للشرفات بـ800 واط فقط، أي نحو نصف الكمية التي يستخدمها مُجفف الشعر.

تركيبات آمنة

وقال سيباستيان مولر، رئيس جمعية الطاقة الشمسية للشرفات الألمانية، وهي مجموعة تثقيفية ومناصرة للمستهلكين، إن هذه العتبة تعدّ منخفضة بما يكفي بحيث يمكن للأسلاك، حتى في أقدم منازل البلاد، أن تتحمل الحرارة التي تحدث حتى في أسوأ السيناريوهات. ونتيجة لذلك؛ قال أوفينهوسل إنه لم تكن هناك أي حالات لحوادث بسبب هذه المخاطر تسببت في حدوث ضرر.

في الواقع، مع تركيب ملايين الأجهزة في جميع أنحاء البلاد، لم تشهد ألمانيا بعد أي مشكلات تتعلق بالسلامة بخلاف حالات قليلة قام فيها شخص ما بالتلاعب بالأجهزة لإضافة بطارية سيارة أو أجهزة أخرى غير مناسبة، على حد قوله.

* باختصار. مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»