أوروبا في سباق مع الوقت للتوافق على مواصلة دعم أوكرانيا

«قمة باريس» الخميس لبحث التدابير العملية... وتصريحات بريطانية تثير التساؤلات

الرئيس الفرنسي  إيمانويل ماكرون يتحدث لمجموعة من العسكريين  خلال زيارته لقاعدة لوكسويل سان سوفور الجوية شمال شرقي فرنسا يوم 18 مارس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث لمجموعة من العسكريين خلال زيارته لقاعدة لوكسويل سان سوفور الجوية شمال شرقي فرنسا يوم 18 مارس (أ.ف.ب)
TT
20

أوروبا في سباق مع الوقت للتوافق على مواصلة دعم أوكرانيا

الرئيس الفرنسي  إيمانويل ماكرون يتحدث لمجموعة من العسكريين  خلال زيارته لقاعدة لوكسويل سان سوفور الجوية شمال شرقي فرنسا يوم 18 مارس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث لمجموعة من العسكريين خلال زيارته لقاعدة لوكسويل سان سوفور الجوية شمال شرقي فرنسا يوم 18 مارس (أ.ف.ب)

تستضيف باريس الخميس المقبل قمة لما يسمى «تحالف الراغبين» أو «تحالف الإرادات الطيبة» للدول الراغبة في مواصلة دعم أوكرانيا وبشكل خاص، توفير الضمانات الأمنية لأي اتفاق هدنة أو اتفاق سلام بين كييف وروسيا. وتندرج هذه الجهود في إطار استجابة الأوروبيين وغيرهم لتمسك أوكرانيا بالحصول على «ضمانات أمنية» صلبة من شأنها أن تجعلها مطمئنة لعدم تعرضها لهجمات روسية مستقبلية.

قمة الإليزيه

تأتي القمة المرتقبة التي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويحضرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد أسبوع واحد من قمة مماثلة استضافتها لندن، ما يبين، وفق مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس، ثلاثة أمور: الأول، أن مجموعة من الدول الأوروبية - الأطلسية متمسكة بأن تلعب دورا في المحادثات الجارية بشأن الحرب في أوكرانيا والتي استبعدت منها حتى اليوم، وهي ترى، في ملف الضمانات، الباب الذي سيفتح لها الطريق لتكون طرفا فاعلا في المفاوضات، والثاني، إعادة التأكيد على وقوفها إلى جانب كييف في الوقت الذي تكثف فيه الإدارة الأميركية جهودها من أجل التوصل إلى اختراق رئيسي عبر الجولة الجديدة من محادثات الرياض التي حل فيها للمرة الأولى وفي وقت واحد، الوفدان الروسي والأوكراني بوجود «الوسيط» الأميركي، والثالث، وجود تعاون وتنسيق وثيقين بين فرنسا وبريطانيا اللتين تبدوان، اليوم، الأكثر انخراطا في الملف الأوكراني والأكثر اندفاعا لتوفير الدعم العسكري والضمانات المطلوبة أوكرانيا.

وتندرج الزيارة التي يقوم بها، منذ الاثنين، رئيس الأركان الفرنسي تييري بوركهارد إلى لندن للقاء نظيره البريطاني باتريك ساندرز قبل أن ينضم إليهما، ما بين الثلاثاء والخميس، قادة جيوش الدول الأخرى في إطار «تحالف الراغبين». وتجدر الإشارة إلى أن الاجتماعات المماثلة التي استضافتها باريس ولندن جمعت ما لا يقل عن ثلاثين دولة، بينها كندا وتركيا وأستراليا ونيوزيلندا. ولخص ماكرون غرض اجتماع الخميس المقبل بتغريدة على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي جاء فيها: «سنستكمل عملنا لدعم الجيش الأوكراني وبناء نموذج عسكري مستدام ومرن لمنع أي غزو روسي في المستقبل». وأضاف الرئيس الفرنسي: «سنحدد أيضا الضمانات الأمنية التي يمكن أن توفرها القوات الأوروبية، إذ إن حماية السلام هو ما نريده». وبحسب باريس، فإن أوكرانيا تحتاج إلى دعم موثوق لضمان صمود أي وقف محتمل لإطلاق النار ومن أجل تعزيز موقفها في المفاوضات.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز يتحدثان إلى الإعلام بعد مفاوضات مع الوفد الأوكراني في جدة يوم 11 مارس (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز يتحدثان إلى الإعلام بعد مفاوضات مع الوفد الأوكراني في جدة يوم 11 مارس (رويترز)

«شبكة أمان» أميركية

حقيقة الأمر أن باريس ولندن، بعد مجموعة من الاجتماعات والمباحثات في الأسابيع السابقة، ترغبان في الدخول في صلب المواضيع التي تتم مناقشتها، أي الذهاب إلى الترتيبات العملية ومعرفة ما يستطيع كل طرف من الدول المعنية تقديمه.

وحتى اليوم، ترى العاصمتان اللتان تعدان الأقدر على توفير وحدات عسكرية يمكن نشرها ميدانيا، باعتبارهما الدولتين النوويتين الوحيدتين أوروبيا، أن قوة لا تقل عن ثلاثين ألف رجل تبدو ضرورية لمراقبة وقف النار أو ضمان اتفاق سلام. بيد أن أمرا كهذا يبدو مرتهنا لأمرين: الأول: رفض روسي جذري لأن يتم نشر أي قوة تتضمن وحدات أوروبية - أطلسية على الأراضي الأوكرانية، والثاني، أن الدول الأوروبية بما فيها فرنسا وبريطانيا، تتمسك بحصولها على تعهد أميركي بتوفير ما يمكن تسميته «شبكة أمان» تلتزم واشنطن، بموجبه، ردع روسيا عن استهداف قوة السلام أو قوة مراقبة الهدنة.

والحال، أنه رغم الإصرار الفرنسي - البريطاني والمناقشات التي أجراها في البيت الأبيض الرئيس ماكرون وبعده رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فإن الرئيس دونالد ترمب لم يقدم أي تعهد بهذا الشأن. كما أنه رفض تقديم تعهد مماثل للطرف الأوكراني. وآخر ما صدر عن ترمب وعن الناطقة باسمه في البيت الأبيض، أن أفضل ضمانة أمنية لأوكرانيا تكمن في أن تحوز واشنطن إن على محطات توليد الكهرباء الأوكرانية أو على «الأراضي النادرة» التي تم تحضير اتفاق بشأنها بين واشنطن وكييف. إلا أنه بقي، حتى اليوم، من غير توقيع.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ووزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر خلال زيارة لأحد معامل الميكانيك المحلية في كمبردج الاثنين (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ووزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر خلال زيارة لأحد معامل الميكانيك المحلية في كمبردج الاثنين (أ.ف.ب)

تردد ستارمر

نهاية الأسبوع الماضي، قال ماكرون إن نشر قوات أوروبية في أوكرانيا لأغراض غير قتالية لا يحتاج لموافقة روسية باعتبار أن أوكرانيا «دولة مستقلة ذات سيادة». بيد أن تصريحا لستارمر الخميس الماضي، أثار بعض اللغط، حيث قال بعد زيارة لموقع للغواصات البريطانية: «خططنا تركز على إبقاء السماء آمنة، والبحر آمنا، والحدود آمنة، والأمن في أوكرانيا، والعمل مع الأوكرانيين». وأضاف: «نعمل بوتيرة سريعة، لأننا لا نعرف ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق. أتمنى بالطبع ذلك، لكن من الأهمية بمكان أن نتمكن من التحرك فورا في حالة التوصل إلى اتفاق».

لكن اللافت أن ستارمر رأى الخميس أن الأولوية تكمن في «توفير المساعدة لكييف حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها، إذ إنها تمتلك الإمكانات والأسلحة والخبرات». وتوقف مراقبون عند غياب أي إشارة، في كلام ستارمر، لنشر قوة بريطانية أرضية في أوكرانيا، علما أنه كان من الأوائل الذين قدموا التزاما صريحا بهذا الشأن. ودفع هذا الأمر بوزير الطاقة إيد ميليباند إلى توضيح أن «بعض الأشخاص يبالغون في تفسير ما قاله رئيس الوزراء»، مضيفا أن «العمل يجرى بشكل واضح بشأن بنود وقف إطلاق النار ولحمايته ولحماية شعب أوكرانيا. هذا التخطيط العملياتي والعسكري متواصل».

بيد أن تطمينات ميليباند لا تبدو كافية لتبديد الجدل، إذ إن صحيفة «ديلي تلغراف» نقلت عن مصادر في لندن أن بريطانيا اقترحت، في إطار «تحالف الراغبين»، توفير الحماية للأجواء الأوكرانية من خلال أسطولها الجوي وطائرات «تيفون» و«إف35».

ونقلت عن مصدر في القوات الجوية قوله: «لن نرسل أبدا قوات أرضية دون توفير حماية جوية لها». وكتبت صحيفة «لو موند» في عددها ليوم الاثنين أن الأوروبيين يفكرون في حل بديل يوفر الالتفاف على رفض روسيا لوجود عناصر أطلسية على الأراضي الأوكرانية. وبحسب الصحيفة المذكورة، فإن الأوروبيين طرحوا خلال اجتماعاتهم يومي الخميس والجمعة الماضيين، اقتراحا يقضي بنشر قوة دولية في أوكرانيا من دول غير أوروبية وغير أطلسية. وعرض الاقتراح على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي كان موجودا في بروكسل. لكن الأخير أوضح أن تطورا كهذا يتطلب موافقة الفريقين (الروسي والأوكراني) وصدور قرار من مجلس الأمن الدولي، ما يضع مصير قوة كهذه بين يدي موسكو المتمتعة بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.

خلاصة الأمر أن الأوروبيين يبدون حائرين وهم في حالة سباق مع الوقت ومع ما يمكن أن تنتجه مفاوضات الرياض والوساطة الأميركية. ووفق «بلومبرغ»، فإن إدارة ترمب تريد وقفا لإطلاق النار قبل عيد الفصح الذي يحل في العشرين من أبريل (نيسان)، ما يشكل بحد ذاته عامل ضغط على الأوروبيين القلقين من تحلل الرئيس الأميركي من الدفاع عن أوروبا وتراخي الأواصر الأطلسية فيما يسعون لتعزيز دفاعاتهم الخاصة، وهم يرون أن خط الدفاع الأول هو أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

مقتل أربعة أشخاص في أوكرانيا جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة

أوروبا رجال شرطة أوكرانيون في موقع تعرض لهجوم روسي بطائرات مُسيّرة  يوم أمس (إ.ب.أ)

مقتل أربعة أشخاص في أوكرانيا جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة

قتل أربعة أشخاص على الأقل وأصيب 19 في مدينة دنيبرو بشرق أوكرانيا جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة ألحق أضرارا بمبان وأدى إلى اندلاع حرائق، وفق ما أفاد مسؤولون.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجل يقف بجوار حفرة انفجار في موقع غارة بطائرة مسيّرة في خاركوف (أ.ف.ب) play-circle

روسيا تتّهم أوكرانيا باستهداف منشآت طاقة

اتّهمت روسيا، الخميس، أوكرانيا بإطلاق مسيّرات استهدفت مواقع للطاقة تابعة لها في منطقة بريانسك الحدودية والقرم التي ضمتها موسكو.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)

«حلفاء أوكرانيا» يبحثون في باريس ضمانات أمنية دعماً لكييف

يشارك 31 رئيس دولة وحكومة في «قمة السلام والأمن لأوكرانيا»، التي تستضيفها باريس الخميس، بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون وبالتنسيق مع رئيس الوزراء البريطاني.

ميشال أبونجم (باريس)
خاص محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)

خاص «الخارجية» الأميركية: مفاوضات الرياض جعلتنا أقرب إلى السلام

شدّد مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط» على نجاح مفاوضات الرياض في تحقيق اختراق، مقدراً الدور السعودي في دفع جهود الدبلوماسية المستمرة.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
أوروبا إيغور جوفكفا (أ.ف.ب)

كبير المفاوضين الأوكرانيين: نحتاج إلى قوات أوروبية «جاهزة للقتال» لا لقوات حفظ سلام

أفاد مستشار رفيع للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم بأن بلاده تحتاج من الاتحاد الأوروبي إلى القيام بمساهمة «جديّة» عبر تأمين قوات جاهزة للقتال.

«الشرق الأوسط» (باريس)

زيلينسكي يتهم بوتين بالسعي إلى إطالة الحرب عبر طرح «إدارة انتقالية» في أوكرانيا

مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)
مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)
TT
20

زيلينسكي يتهم بوتين بالسعي إلى إطالة الحرب عبر طرح «إدارة انتقالية» في أوكرانيا

مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)
مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا عبر طرحه فكرة «إدارة انتقالية» لكييف برعاية الأمم المتحدة، فيما تبادلت روسيا وأوكرانيا اتهامات مجدداً باستهداف منشآت للطاقة في كلا الجانبين، في انتهاك لاتفاق هش أعلنته واشنطن هذا الأسبوع ويهدف إلى وقف الضربات على مواقع الطاقة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

واتهمت وزارة الدفاع الروسية، السبت، أوكرانيا بمهاجمة منشآت للطاقة في البلاد خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، رغم اتفاق وقف تبادل الهجمات على البنية التحتية للطاقة. وقالت الوزارة إن أوكرانيا هاجمت شبكات الكهرباء في منطقة بيلغورود عدة مرات مما أدى إلى حرمان نحو تسعة آلاف من السكان من التيار الكهربائي.

وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في كييف: «كل ما يقوم به (بوتين) يؤخر أي احتمال (...) للتفاوض» بهدف «وضع حد للحرب». وطرح الرئيس الروسي في وقت سابق الجمعة فكرة «إدارة انتقالية» برعاية الأمم المتحدة في أوكرانيا، في اقتراح يتضمّن رحيل فولوديمير زيلينسكي، قبل إجراء مفاوضات بشأن اتفاق سلام بين البلدين.

وقال بوتين خلال زيارة لمدينة مورمانسك في شمال غربي روسيا «يمكننا بالطبع أن نبحث مع الولايات المتحدة وحتى مع الدول الأوروبية، وبالطبع مع شركائنا وأصدقائنا، برعاية الأمم المتحدة، في احتمال تشكيل إدارة انتقالية في أوكرانيا».

خدمات الطوارئ الأوكرانية تقوم بإخماد النيران بعد هجوم روسي في خاركيف (أ.ب)
خدمات الطوارئ الأوكرانية تقوم بإخماد النيران بعد هجوم روسي في خاركيف (أ.ب)

وهذه المرة الأولى التي يعرض فيها بوتين فكرة «إدارة انتقالية» قال إنّها ستقوم بـ«تنظيم انتخابات رئاسية ديمقراطية من شأنها أن توصل إلى السلطة حكومة تحوز ثقة الشعب، ومن ثمّ نبدأ مع هذه السلطات مفاوضات بشأن اتفاق سلام». غير أنّ الأحكام العرفية المطبّقة في أوكرانيا منذ بداية النزاع، تحظر إجراء انتخابات في وقت تتعرّض البلاد لعمليات قصف بشكل يومي.

كما أشار الرئيس الروسي إلى أنّ قواته تحافظ على «المبادرة الاستراتيجية» على خط المواجهة في أوكرانيا. وأعلنت روسيا السبت السيطرة على قريتين في شمال وجنوب أوكرانيا، مواصِلة تقدّمها على الخطوط الأمامية، في ظل تعثّر الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار يسعى إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ أسابيع. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها سيطرت على قرية شتشبراكي في منطقة زابوريجيا (جنوب) وقرية بانتيليمونيفكا في منطقة دونيتسك (شرق).

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يزور صفوف القتال الأمامية في منطقة دونيتسك يوم 22 مارس (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يزور صفوف القتال الأمامية في منطقة دونيتسك يوم 22 مارس (إ.ب.أ)

أعلنت السلطات الأوكرانية السبت أن ما لا يقل عن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب 21 آخرون في هجوم بطائرة مسيرة روسية استهدف مدينة دنيبرو بوسط أوكرانيا.

وأشار الحاكم العسكري لمنطقة دنيبروبتروفسك، سيرهي ليساك، إلى وقوع انفجارات واندلاع عدة حرائق ووقوع أضرار جسيمة في المدينة. ونشر ليساك صور الدمار على قناته في «تلغرام»، وكتب: «لقد كانت ليلة صعبة».

وقالت السلطات الأوكرانية إنه في الحادث الأخير في دنيبرو قامت موسكو بشن 24 هجوماً بطائرات مسيرة، تم إسقاط معظمها. وقال ليساك إن 13 شخصاً احتاجوا للعلاج في المستشفى من إصاباتهم، كما دمرت الحرائق عدة منازل. ولحقت أضرار بأبراج ومبان عامة، كما اندلع حريق في مجمع مطاعم. وأضاف أنه «تم تدمير عشرات السيارات». وتتعرض مدينة دنيبرو الصناعية لغارات جوية روسية على نحو متكرر.

من جانبه، أفاد الرئيس الأوكراني بأنّ روسيا أطلقت أكثر من 170 مسيّرة على أوكرانيا خلال الليل، وضربت أهدافاً في مناطق دنيبروبيتروفسك وكييف وسومي وخاركيف وخميلنيتسكي. وقال زيلينسكي إنّ «روسيا تستخف بجهود حفظ السلام التي يتم العمل عليها عالمياً. إنها تطيل أمد الحرب وتنشر الرعب لأنّها لا تشعر بأي ضغط حقيقي».

ومنذ أسابيع، تتفاوض الولايات المتحدة مع كييف وموسكو بشكل منفصل، في سبيل التوصل إلى إطلاق نار في البحر الأسود ووقف الضربات التي تستهدف البنى التحتية للطاقة في روسيا وأوكرانيا. ورغم أنّ البلدين وافقا على الهدنة من حيث المبدأ، إلا أن تنفيذها لا يزال غير واضح، في وقت تتبادل كييف وموسكو الاتهامات بمحاولة إفشالها.

جندي أوكراني يطلق قذيفة صاروخية خلال تدريبات للواء الميكانيكي الـ24 في مكان غير محدد بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
جندي أوكراني يطلق قذيفة صاروخية خلال تدريبات للواء الميكانيكي الـ24 في مكان غير محدد بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الجمعة إلى إنهاء «المعاناة المروعة» التي تتسبب بها الهجمات على المدنيين في أوكرانيا. وقال فولكر تورك لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: «شهدت الأسابيع الأخيرة نشاطاً مكثفاً حول إمكانية التوصل لوقف لإطلاق النار في أوكرانيا، وهو أمر سيكون موضع ترحيب كبير».

أضاف أن «وقف إطلاق النار المحدود الذي يحمي ممرات الشحن والبنى التحتية خطوة مرحب بها إلى الأمام. الأمر الأكثر إلحاحاً الآن هو إنهاء المعاناة المروعة التي تتعرض لها أوكرانيا يومياً». وقال تورك: «ومع ذلك، وبالتوازي مع هذه المحادثات، يشتد القتال في أوكرانيا ويقتل ويصيب المزيد من المدنيين».

وارتفعت أعداد الضحايا في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام بنسبة 30 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضاف: «بينما تستمر الحرب في الاشتعال، أدعو مجدداً إلى وقف الهجمات على المدنيين واستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان. يجب اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين». وأشار تورك كما نقلت عنه «الوكالة الألمانية» إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين هم من الأوكرانيين الذين قُتلوا وجُرحوا على يد القوات الروسية.

وقال: «أشعر بالقلق إزاء تزايد استخدام الطائرات المسيرة القتالية قصيرة المدى من قبل طرفي النزاع. هذه الأجهزة الجديدة قتلت وأصابت مدنيين بما يفوق أي سلاح آخر منذ ديسمبر (كانون الأول)».

وشدد على أن «السلام (...) هو الآن أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى»، مضيفاً: «هذا يعني عودة جميع أسرى الحرب والإفراج عن المدنيين المعتقلين تعسفياً (...) بمن فيهم أولئك المعارضون للحرب في روسيا (...) وعودة الأطفال الذين نقلهم الاتحاد الروسي». وأكد تورك أن الشعب الأوكراني بحاجة إلى أن يكون «في صميم جميع النقاشات حول السلام».