حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

كندا ترى أن الأميركيين سيعانون أيضاً من الرسوم الجمركية

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT
20

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)

قد تشهدُ أزمة الرسوم الجمركية التي تتوسع بشكل مفرط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تهدئة نسبية خلال أيام، بعد أن ألمح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأسبوع الماضي، إلى معدل مقترح للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعار الشركاء التجاريين الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية.

ويبدو أن الإدارة الكندية الجديدة قررت أن تبني على هذه التصريحات، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات الاقتصادية المحتملة على اقتصادات الدول الموقع عليها الرسوم الجمركية، بما فيها أميركا نفسها، وهو ما قد يفتح مجالاً للنقاش والتفاوض قد يفضي إلى حل، أو على الأقل عدم فرط العقد بشأن التوسع الفوضوي في الرسوم الجمركية، وهو الأمر نفسه الذي أشار إليه بيسنت، عندما قال إن هناك فرصةً للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وقال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، في هذا الشأن، إن الرئيس دونالد ترمب سيحترم في نهاية المطاف سيادة كندا، وسيكون مستعداً لإجراء محادثات تجارية شاملة لأن الأميركيين سيعانون من حرب ترمب التجارية.

وأضاف كارني أن المحادثات مع ترمب لن تحدث «حتى نحصل على الاحترام الذي نستحقه كدولة ذات سيادة».

وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركيةً بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسكيك، وبنسبة 10 في المائة على الصين، ودخلت حيز التنفيذ بعض الرسوم في حين سيدخل بعضها في بداية أبريل (نيسان) المقبل. وردت الدول الثلاث على الفور برسوم انتقامية.

وتبلغ قيمة الرسوم الانتقامية من كندا 29.8 مليار دولار كندي (20.67 مليار دولار). وتُعدّ أكبر مصدر للصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة.

ويستهدف رد كندا منتجات الصلب بقيمة 12.6 مليار دولار كندي، ومنتجات الألمنيوم بقيمة 3 مليارات دولار كندي، بالإضافة إلى سلع أميركية مستوردة أخرى بقيمة 14.2 مليار دولار كندي، ليصل إجمالي المبلغ إلى 29.8 مليار دولار كندي.

كان كارني قد صرّح يوم الاثنين بأنه لا يستطيع التحدث مع ترمب حتى يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للوزراء، بينما كرّر ترمب عبر مواقع التواصل الاجتماعي رغبته في أن تصبح كندا «ولايتنا الـ51 العزيزة». وقال الرئيس الأميركي الجمعة: «عندما أقول إنهم يجب أن يكونوا ولاية (أميركية)، أنا أعني ذلك».

تأتي هذه التطورات بعد تصريحات لوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الثلاثاء، قال فيها إن إدارة ترمب ستُقدّم للدول الشريكة تجارياً في الثاني من أبريل (نيسان) معدلاً مقترحاً للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعارها الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية، وعوامل أخرى، إلى جانب فرصة للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وصرح بيسنت لشبكة «فوكس»: «في الثاني من أبريل، ستحصل كل دولة على رقم نعتقد أنه يُمثّل رسومها الجمركية». وأضاف: «قد يكون الرقم منخفضاً جداً بالنسبة لبعض الدول، وقد يكون مرتفعاً جداً بالنسبة لبعضها الآخر».

وكان ترمب قد صرّح بأن «الرسوم الجمركية المتبادلة» التي فرضها، بهدف رفع الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستويات الدول الأخرى، وتعويض الممارسات التجارية التي تعدها إدارته غير عادلة، ستدخل حيز التنفيذ في الثاني من أبريل. إلا أن تعليقات بيسنت تُشير إلى أنه قد تكون هناك فترة من المفاوضات قبل بدء تحصيل رسوم الاستيراد الجديدة.

وقال بيسنت عن شركائه التجاريين: «سنذهب إليهم ونقول لهم: انظروا، إليكم ما نعتقده بشأن مستويات التعريفات الجمركية: حواجز غير جمركية، وتلاعب بالعملة، وتمويل غير عادل، وقمع للعمالة، وإذا أوقفتم هذا، فلن نبني جدار التعريفات الجمركية». وأضاف أن الدول التي تفشل في خفض حواجزها التجارية ستواجه تعريفات جمركية أعلى تهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي وعماله وصناعاته.

تباطؤ اقتصادي

تصريحات كارني وبيسنت مبنية على أن الاقتصاد الأميركي مهدد بتباطؤ مثله مثل كندا والمكسيك، إذ توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين الماضي، أن تؤدي الزيادات في الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب إلى تباطؤ النمو في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، مع ارتفاع التضخم. كما خفضت المنظمة توقعاتها للاقتصاد العالمي، محذرةً من أن تصعيد الحرب التجارية قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في النمو الاقتصادي.

وفي حال حدوث صدمة تجارية شاملة، لن تدفع الأسر الأميركية الثمن المباشر فقط، بل قد يتكبد الاقتصاد الأميركي خسائر تفوق الإيرادات التي من المتوقع أن تولدها الرسوم الجمركية، وفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في توقعاتها المؤقتة.

وأشارت المنظمة إلى أن النمو العالمي من المتوقع أن يتباطأ قليلاً من 3.2 في المائة في عام 2024 إلى 3.1 في المائة في 2025، ثم 3 في المائة في 2026 بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 3.3 في المائة للعامين الحالي والمقبل في تقريرها السابق الصادر في ديسمبر (كانون الأول).

وتوقعت أن يتباطأ النمو الاقتصادي الأميركي إلى 2.2 في المائة هذا العام، مع فقدان مزيدٍ من الزخم في العام التالي ليصل إلى 1.6 في المائة فقط، بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 2.4 في المائة و2.1 في المائة على التوالي.

كما سيشهد الاقتصاد الكندي تباطؤاً في النمو ليصل إلى 0.7 في المائة هذا العام والعام المقبل، وهو أقل بكثير من نسبة 2 في المائة المتوقعة سابقاً لكلا العامين.

ونتيجة لذلك، قال رئيس الوزراء الجديد في كندا إنه يريد مناقشة شاملة حول التجارة والأمن مع الأميركيين وليس مناقشة واحدة بشأن التعريفات الجمركية.


مقالات ذات صلة

تحذير «فيدرالي»... ارتفاع توقعات التضخم في سوق السندات «إشارة خطيرة»

الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

تحذير «فيدرالي»... ارتفاع توقعات التضخم في سوق السندات «إشارة خطيرة»

حذّر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بشيكاغو، أوستن غولسبي، من أن ارتفاع توقعات التضخم في سوق السندات الأميركية يُشكل «إشارة خطيرة».

«الشرق الأوسط» (شيكاغو)
الاقتصاد يمر الناس أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي» في طوكيو (أ ب)

الأسهم الآسيوية تواصل ارتفاعها وسط تذبذب الدولار

سجَّلت الأسهم الآسيوية مكاسب يوم الأربعاء بينما شهد الدولار الأميركي تذبذباً؛ إذ يترقب المستثمرون وضوح الرؤية بشأن السياسة التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سبائك الذهب في متجر للمجوهرات الذهبية بمدينة شانديغار شمال الهند (رويترز)

الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار وسط مخاوف بشأن خطط ترمب للرسوم الجمركية

انخفضت أسعار الذهب يوم الأربعاء مع ارتفاع الدولار الأميركي، بينما يستعد المتعاملون في السوق لخطط ترمب الشاملة للرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفينة «أكواتيكا» تحمل النفط الروسي وهي تنتظر تفريغ حمولتها في ميناء بانياس في سوريا (رويترز)

النفط يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع بفعل مخاوف حول الإمدادات

ارتفعت أسعار النفط يوم الأربعاء، بفعل مخاوف حول الإمدادات، مع تكثيف الولايات المتحدة جهودها للحد من صادرات النفط الفنزويلية والإيرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد بورصة نيويورك في حي المال في مانهاتن (رويترز)

«موديز»: القوة المالية الأميركية في تراجع مستمر بسبب العجز المالي وارتفاع الديون

قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، إن القوة المالية الأميركية في طريقها للاستمرار في التراجع على مدى عدة سنوات، مع اتساع عجز الموازنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تحذير «فيدرالي»... ارتفاع توقعات التضخم في سوق السندات «إشارة خطيرة»

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT
20

تحذير «فيدرالي»... ارتفاع توقعات التضخم في سوق السندات «إشارة خطيرة»

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

حذّر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو وعضو لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، أوستن غولسبي، من أن ارتفاع توقعات التضخم في سوق السندات الأميركية يُشكل «إشارة خطيرة» قد تقلب خطط السياسة النقدية رأساً على عقب.

جاءت تصريحات غولسبي بعد أيام من صدور استطلاع رأيٍ أجرته جامعة ميشيغان أظهر أن توقعات الأُسر الأميركية للتضخم طويل الأجل بلغت أعلى مستوى لها منذ عام 1993.

وقال غولسبي، لصحيفة «فاينانشال تايمز»: «إذا بدأت توقعات التضخم طويلة الأجل القائمة على السوق التصرف بالطريقة التي شهدناها في هذه المسوحات، خلال الشهرين الماضيين، فسيكون ذلك مؤشراً خطيراً يثير القلق».

ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي توقعاته للتضخم مؤخراً، وخفّض توقعاته للنمو، بالتزامن مع اتساع نطاق الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على الاقتصاد الأميركي. ومع ذلك، عبّر رئيس «الفيدرالي» جيروم باول عن ثقته في بقاء التوقعات تحت السيطرة، مستشهداً بتوقعات الأسواق المنخفضة. وبلغ معدل التضخم المتوقع على مدى خمس سنوات 2.2 في المائة، في حين أشار استطلاع جامعة ميشيغان إلى أن المستهلكين يتوقعون 3.9 في المائة.

وأوضح غولسبي، الذي شغل سابقاً منصب كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس باراك أوباما، أن تقارب توقعات المستثمرين مع توقعات الأُسر الأميركية يستدعي تدخل «الفيدرالي»، مضيفاً: «بغضّ النظر عن الظروف، يجب التعامل مع ذلك».

ويرى صُناع السياسة النقدية أن الحفاظ على استقرار توقعات التضخم يُعدّ ركيزة أساسية، إذ قد يؤدي فقدان الثقة إلى حلقة مفرغة من ارتفاع الأجور والأسعار. وتزداد أهمية ضبط التوقعات في الوقت الراهن، بينما يكافح «الفيدرالي» لإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة، بعد موجة ارتفاع الأسعار التي أعقبت جائحة كورونا. وبلغ مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو أحد مقاييس التضخم المفضلة لدى «الفيدرالي»، 2.5 في المائة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأشار غولسبي إلى أن «الفيدرالي» لم يعد في «المسار الذهبي» الذي شهده عاميْ 2023 و2024، حين كان التضخم يتراجع دون التأثير على النمو أو التوظيف، بل دخل «مرحلة مختلفة» تتسم بالغموض.

وقد أدى عدم اليقين الاقتصادي، الذي أثاره ترمب، إلى تعقيد خطط «الفيدرالي» لخفض أسعار الفائدة من مستواها الحالي البالغ 4.25 - 4.5 في المائة. ورغم استمرار التوقعات بإجراء خفضين للفائدة، هذا العام، فقد أبقى البنك المركزي تكاليف الاقتراض ثابتة، في اجتماعه الأخير.

وأقرّ باول بأن تقدم جهود خفض التضخم قد يتباطأ، هذا العام، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية الجديدة. بينما توقّع غولسبي أن تكون تكاليف الاقتراض «أقلّ بكثير»، في غضون 12 إلى 18 شهراً، لكنه حذّر من أن التخفيض المقبل قد يتأخر بسبب حالة عدم اليقين.

وأضاف: «عندما يكون الغبار في الهواء، فإن أفضل نهج هو الانتظار والترقب، لكن لهذا النهج تكلفة؛ فهو يمنحك الوقت لجمع معلومات جديدة، لكنه يحدّ من قدرتك على اتخاذ خطوات تدريجية».

وأضاف غولسبي، الذي تُغطي منطقته ولاية ميشيغان، موطن عدد من كبرى شركات صناعة السيارات الأميركية، أن الأسابيع الثلاثة إلى الستة المقبلة ستكون «فترة حاسمة سنواجه خلالها سلسلة من أوجه عدم اليقين السياسي»، حيث تترقب الأسواق تداعيات «يوم التحرير» الذي يعتزم ترمب فرضه، في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل، عندما يبدأ تطبيق رسوم «متبادلة» على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

وقال: «عندما أتحدث إلى التنفيذيين في المنطقة، يشيرون إلى 2 أبريل بوصفه نقطة رئيسية في حالة عدم اليقين التي يواجهونها»، موضحاً أن الشركات لا تزال تجهل تفاصيل الرسوم الجمركية، ومدى تأثيرها على قطاع السيارات، خاصةً في ظل ترابطه العميق مع كندا والمكسيك.