استقرار الأجور وسوق العمل في بريطانيا قبيل قرار «بنك إنجلترا»

عامل يمر أمام لافتة تعلن عن وظائف أثناء تسليم طلبية في لندن (رويترز)
عامل يمر أمام لافتة تعلن عن وظائف أثناء تسليم طلبية في لندن (رويترز)
TT
20

استقرار الأجور وسوق العمل في بريطانيا قبيل قرار «بنك إنجلترا»

عامل يمر أمام لافتة تعلن عن وظائف أثناء تسليم طلبية في لندن (رويترز)
عامل يمر أمام لافتة تعلن عن وظائف أثناء تسليم طلبية في لندن (رويترز)

أظهرت بيانات رسمية، نُشرت قبل قرار متوقع بالإبقاء على أسعار الفائدة من قِبَل بنك إنجلترا دون تغيير، أن وتيرة نمو الأجور في بريطانيا لم تشهد تغيراً يُذكر، مع ظهور مؤشرات على استقرار سوق العمل.

وبحسب البيانات الصادرة يوم الخميس، ارتفعت أجور القطاع الخاص، باستثناء المكافآت، بنسبة 6.1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يناير (كانون الثاني) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو تباطؤ طفيف عن معدل النمو البالغ 6.2 في المائة المسجّل في نهاية عام 2024. كما أشار مكتب الإحصاء الوطني إلى أن نمو الأجور في الاقتصاد ككل، باستثناء المكافآت، ظل ثابتاً عند 5.9 في المائة، بينما تراجع المعدل مع احتساب المكافآت إلى 5.8 في المائة مقارنة بـ6.1 في المائة في يناير. وتطابقت هذه الأرقام مع توقعات استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين.

وقال لوك بارثولوميو، نائب كبير الاقتصاديين في «أبردين»، إن هذه البيانات لا تحمل ما يستدعي تغيير رؤية بنك إنجلترا للاقتصاد، مشيراً إلى أن «الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير اليوم يبدو شبه مؤكد».

ويسعى بنك إنجلترا إلى تقييم مدى تراجع ضغوط التضخم في سوق العمل، لتحديد ما إذا كان الوقت مناسباً لخفض أسعار الفائدة، حيث يُتوقع أن يُبقي البنك سعر الفائدة عند 4.5 في المائة في وقت لاحق من اليوم.

ولم تشهد أسعار الجنيه الإسترليني والسندات الحكومية تغيراً ملحوظاً مقابل الدولار عقب صدور البيانات.

ويُتوقع أن يؤدي ارتفاع مساهمات الضمان الاجتماعي التي يدفعها أصحاب العمل، اعتباراً من أبريل (نيسان)، إلى تباطؤ نمو الأجور، إلى جانب ضعف التوظيف. وقد كشفت بيانات نُشرت يوم الأربعاء أن تسويات الأجور التي قدّمها أصحاب العمل البريطانيون سجلت أول تراجع متماشٍ مع التضخم منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفيما يتعلق بالتوظيف، أظهرت بيانات مستقلة أن عدد الموظفين ارتفع بمقدار 21 ألفاً في فبراير (شباط)، متجاوزاً الزيادة المعدلة البالغة 9 آلاف في يناير، ما يعكس مؤشرات إيجابية على استقرار سوق العمل.

كما شهدت الفترة الممتدة من ديسمبر (كانون الأول) إلى فبراير تسجيل 816 ألف وظيفة شاغرة، وهي أول زيادة تُسجّل عند مقارنة فترة ثلاثة أشهر بالفترة السابقة منذ أبريل 2022، مما يُشير إلى استقرار الطلب على العمالة.

أما معدل البطالة في بريطانيا، وفقاً لمسح مكتب الإحصاء الوطني الذي لم يعد يُعتبر مقياساً دقيقاً، فقد استقر عند 4.4 في المائة.

من جانبها، حذرت يائيل سيلفين، كبيرة الاقتصاديين في شركة «كيه بي إم جي» في المملكة المتحدة، من أن تصاعد التوترات التجارية العالمية، نتيجة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، قد يهدد الاستقرار النسبي لسوق العمل البريطانية. وأشارت إلى أنه «إذا تصاعدت التوترات التجارية العالمية في الأشهر المقبلة، فقد يتدهور الشعور العام بشكل أكبر، مما يؤدي إلى استمرار انخفاض نوايا التوظيف وارتفاع معدلات البطالة».


مقالات ذات صلة

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

الاقتصاد مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة يوم الجمعة، متماشياً مع التوقعات، مع الإشارة إلى إمكانية رفع الفائدة مجدداً مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

البنوك المركزية تتبنى الحذر وسط اضطرابات الاقتصاد العالمي

تتجه البنوك المركزية الكبرى في الأسواق المتقدمة إلى مزيد من الحذر بعد سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة، مع تصاعد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مظاهرات عارمة تجتاح تركيا احتجاجاً على اعتقال أكرم إمام أوغلو الذي أحدث هزة عنيفة في الأسواق التركية (إ.ب.أ)

«المركزي التركي» يجري معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة

أعلن «البنك المركزي التركي» أنه سيبدأ معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة التركية، على خلفية صدمة الأسواق التي أحدثها اعتقال أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا» يبقي الفائدة ثابتة وسط عدم يقين اقتصادي عالمي

أبقى بنك إنجلترا أسعار الفائدة عند 4.5 في المائة، محذراً من الافتراضات المتعلقة بخفضها خلال الاجتماعات المقبلة، في ظل حالة من عدم اليقين العميق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية تتراجع بفعل خسائر البنوك وتوقعات اقتصادية ضعيفة

تراجعت الأسهم الأوروبية عن مكاسبها المبكرة، الخميس، متأثرةً بخسائر البنوك، بينما يتابع المستثمرون سلسلة قرارات أسعار الفائدة التي اتخذتها البنوك المركزية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
TT
20

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)

وافق المجلس الاتحادي الألماني (البوندسرات) يوم الجمعة على خطة إنفاق ضخمة تهدف إلى إنعاش النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز الجيش، متجاوزاً العقبة الأخيرة في مسار التحول السياسي التاريخي.

وتنهي التشريعات الجديدة عقوداً من المحافظة المالية في ألمانيا؛ إذ أنشأت صندوقاً بقيمة 500 مليار يورو (546 مليار دولار) لتمويل مشاريع البنية التحتية، مع تخفيف القواعد الصارمة للاقتراض للسماح بزيادة الإنفاق على الدفاع، وفق «رويترز».

ونجح الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي، اللذان يجريان محادثات ائتلافية بعد انتخابات الشهر الماضي، في تمرير الحزمة في البرلمان المنتهية ولايته لتجنب معارضة المشرعين من أقصى اليسار واليمين في «البوندستاغ» الجديد الذي يبدأ عمله في 25 مارس (آذار).

ودافع الزعيم المقبل، فريدريش مرتس، عن الجدول الزمني الضيق الذي أغضب الأحزاب المعارضة المتطرفة، بالإشارة إلى الوضع الجيوسياسي المتغير بسرعة.

ويخشى قادة الاتحاد الأوروبي من أن التحولات في السياسة الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب قد تعرض القارة لهجوم متزايد من روسيا والصين المتزايدتين قوة.

وقال ماركوس سويدير، رئيس وزراء بافاريا: «التهديد من الشرق، من موسكو، لا يزال قائماً، في حين أن الدعم من الغرب لم يعد كما اعتدنا عليه». وأضاف: «العلاقة مع الولايات المتحدة قد اهتزت عميقاً بالنسبة لي ولعديد من الآخرين. الألمان قلقون».

«خطة مارشال» الألمانية

تشكل هذه الإصلاحات تراجعاً كبيراً عن «قاعدة الديون» التي تم فرضها بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، والتي تعرضت لانتقادات عديدة باعتبارها قديمة وتضع ألمانيا في قيد مالي.

وقال رئيس بلدية برلين، كاي فيغنر: «دعونا نكن صرحاء: ألمانيا قد أُهملت جزئياً على مر العقود». وأضاف: «لقد تم إدارة بنيتنا التحتية في السنوات الأخيرة أكثر من أن يتم تطويرها بشكل فعّال».

ووصف سويدير الحزمة بأنها «خطة مارشال»، في إشارة إلى المساعدات الاقتصادية الأميركية التي ساعدت في إنعاش الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية.

ومع ذلك، يرى الاقتصاديون أن الأمر سيستغرق وقتاً قبل أن تبدأ التحفيزات في التأثير إيجابياً على الاقتصاد الذي انكمش على مدى عامين متتاليين.

وقال الاقتصادي في بنك «بيرنبرغ»، سالومون فيدلر: «ربما يستغرق الأمر حتى منتصف العام قبل أن تتمكن الحكومة الجديدة من تمرير موازنة عادية لعام 2025». وأضاف أنه لن يكون قبل وقت لاحق من هذا العام حتى يبدأ الإنفاق الجديد في التأثير بشكل فعلي.

انطلاقة قوية لمرتس؟

تمنح موافقة البرلمان على التشريعات مرتس الذي فاز حزبه في الانتخابات الشهر الماضي، انتصاراً كبيراً قبل أن يؤدي اليمين مستشاراً. ومع ذلك، فقد كلفه ذلك بعض الدعم؛ إذ وعد مرتس خلال حملته الانتخابية بعدم فتح صنابير الإنفاق بشكل فوري، ليعلن بعدها بفترة قصيرة عن تحول كبير في السياسة المالية.

واتهمه البعض، بما في ذلك داخل معسكره، بأنه خدع الناخبين. وأظهر استطلاع للرأي أجرته قناة «زد دي إف» يوم الجمعة أن 73 في المائة من المشاركين يشعرون بالخذلان منه، بما في ذلك 44 في المائة من ناخبي الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي.

وأظهر الاستطلاع أيضاً انخفاض دعم الحزب إلى 27 في المائة، في حين ارتفع دعم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف إلى 22 في المائة.

وقال مرتس يوم الجمعة إنه يشعر بالقلق من هذه الاتهامات، لكنه فهمها إلى حدٍّ ما، مشيراً إلى أنه كان عليه أن يتصرف بسرعة بسبب التغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية.

وأضاف في حدث في فرنكفورت: «أعلم أنني قد استنفدت مصداقيتي بشكل كبير، بما في ذلك مصداقيتي الشخصية».