إذا كنت تبحث عن مكان هادئ وبعيد عن صخب المدن المصرية، امضِ إجازتك القادمة في جزيرة «طغاغين».
في هذه الجزيرة الواقعة عند مدخل واحة سيوة (جنوب غربي القاهرة)، ستكون لديك فرصة للاستمتاع بوقتك وسط الطبيعة الساحرة، فضلاً عن استكشاف اختيارات متعددة من النشاطات.
تقع جزيرة «طغاغين» التي تعني «الأحجار» بالأمازيغية على بُعد 13 كيلومتراً من وسط مدينة سيوة، وتتوسط بحيرتها الكبرى بمساحة تصل إلى 38 ألف كيلومتر، لا يصلها بالصحراء سوى طريق واحد، يقطع ماء البحيرة، بطول كيلومترين، لينقل الزوار إلى داخل الجزيرة.

تُعد الجزيرة وجهة لا بد من زيارتها لأولئك الذين يبحثون عن الجمال والهدوء، ففيها تمتزج المناظر الخلابة مع التجارب الثقافية، والمشي لمسافات طويلة، والجولات التاريخية، والمأكولات الرائعة، وبالطبع المياه والرمال.
وكلما بدأت يومك في وقت مبكر، طالت مدته؛ فإذا كنت تبحث عن الاستمتاع بالمياه الهادئة، وقضاء ساعة أو ساعتين من الهدوء بمفردك، أو الاستمتاع بشروق الشمس، والتواصل مع الحياة، فمن المؤكد أن الأمر يستحق الاستيقاظ قبل الساعة 6 صباحاً.
حين تشعر بالرغبة في الاسترخاء قليلاً، أنصحك باختيار أرجوحة خشبية بجانب الماء، واستمتع بقراءة كتاب جيد، أو تبادل الحديث الرومانسي مع شريكك، إذا كنت قد قررت قضاء شهر العسل هناك.
بالتأكيد لن تفوتك متعة تأمّل سحر بحيرة الماء المالح بالجزيرة، وتكوينات الملح الأبيض الموجودة على حوافها، وسيكون أمامك امتداد من المياه النقية، الذي ينتهي بجبلَيْن حين تغرب الشمس بينهما كل ليلة، تشكل منظراً رائعاً، يساعدك على الإحساس بالهدوء والراحة النفسية الغامرة.

عند اختيار وجهة لقضاء الإجازة، تختار الكثير من العائلات الفنادق الفاخرة وحدها، لكن هل جرّبت أن تنزل مع عائلتك في منتجع يوفّر لك الإقامة في أكواخ فاخرة أيضاً؟
هناك عدة أسباب تجعل العطلة العائلية في كوخ صغير في مكان بعيد خياراً أفضل لقضاء إجازتك، فيما يُعرف بـ«سياحة الأكواخ» التي ازداد انتشارها في مصر مؤخراً، وأصبحت هناك وجهات متعددة لها.
ذلك ما يوفره لك منتجع «طغاغين» بالجزيرة، الذي استلهم البيوت البيئية التي تشتهر بها في إنشاء أكواخ توفر لك كل ما تحتاج إليه عبر وسيلة مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية، بل ربما يمنحك قدراً أكبر من الإحساس بالرفاهية، رغم بساطة الحياة داخله؛ لأنك ببساطة ستشعر لأول مرة أن الطبيعة بين يدَيْك، ورهن إشارتك.
يوفر مكان الإقامة الكثير من الخيارات لضمان شعور الضيوف بالاسترخاء، بدءاً من النوافذ الكبيرة المطلة على المناظر الخلابة، والوصول المباشر إلى البحر، ووصولاً إلى الكثير من مسارات المشي لمسافات طويلة، وحمامات السباحة.
استمتع بالاسترخاء في إحدى غرف النوم غير التقليدية، وقم بإعداد وجبات عائلية في المطبخ المجهّز بالكامل، الذي يحتوي أيضاً على ماكينة صنع قهوة إسبرسو وغير ذلك، وللمفاجأة يُسمح في هذه الأكواخ باصطحاب الحيوانات الأليفة؛ حتى تكتمل متعتك.
للحظات من الاسترخاء الخالصة، أو لإراحة عضلاتك المؤلمة، لا تفوّت فرصة الاستحمام في الينابيع الساخنة الطبيعية في سيوة، ومنها «عين كليوباترا»، والمعروفة باسم «عين الشمس». ويتم ملؤه بالمياه الطبيعية من الينابيع الساخنة، وبالطبع ستستمع إلى حكايات مشوّقة متداولة حول هذه العين؛ أبرزها أن «الملكة كليوباترا» زارتها، ونزلت مياهها؛ لذلك عُرفت بهذا الاسم.

ولا تقل شهرة وأهمية عنها «عين كيغار» التي تشتهر باستخدامها في العلاج الطبيعي، بسبب احتواء مياهها على العناصر المعدنية والكبريتية التي تُستخدم في علاج الصدفية وأمراض الروماتيزم.
وإذا أردت الاستمتاع بالمياه في أثناء تأملك جمال الطبيعة، فسيكون اختيارك الأفضل هو «عين فطناس» التي يحيط بها النخيل من كل جانب.
وما لم يكن لديك مانع أن تبتعد قليلاً، لكن تستمتع بعين كبريتية ساخنة؛ فلا تتردد في التوجه إلى «بئر بحر الرمال الأعظم»، الواقعة على بُعد 10 كيلومترات غرب الواحة.
يعتقد الكثيرون أن «طغاغين» هي مجرد وجهة للاستجمام، لكن ذلك ليس صحيحاً، لا أنكر أنني كنت أعتقد ذلك أيضاً، لكن بعد زيارتها اكتشفت أنها وجهة للسياحة الثقافية أيضاً.
فالجزيرة الواقعة في قلب «سيوة» تتيح لك التعرف على جانب آخر من التاريخ المصري، والمناطق الأثرية التي تسرد لك الكثير من حكاياته.

ومن أشهر المزارات التاريخية بواحة سيوة، هي «قلعة شالي»، وتعني المدينة، ويعود تاريخ تأسيس قرية شالي إلى القرن السادس الهجري، وتتميّز بأسلوب عمارتها الفريد من نوعه؛ إذ إنها مبنية من مادة «الكرشيف»، وهو الطين المشبع بالملح، الذي يصبح مثل الأسمنت في صلابته، حين يجف.
وتبهرك الأسوار والأبواب المنيعة للحصن؛ حيث يحيط بالقلعة سور متين البناء له مدخل يُسمّى «الباب إنشال» بمعنى باب المدينة. ومن الجهة الجنوبية من السور باب سُمي «باب أثرات»، أي «الباب الجديد» كان يُستخدم للاطمئنان لدفاعات المدينة في حال حصارها، وكان يعرفه فقط أهل المدينة للخروج والدخول في هذه الحالة.
بُني باب ثانٍ للذين لم يرغبوا في المرور أمام رؤساء العائلات، وكان يُطلق عليهم «الأجواد»، وبُني باب ثالث للنساء فقط حيث يُمنع الاختلاط.
وستتيح لك زيارة «شالي» التعرف على التراث السيوي الفريد، وفنونها اليدوية؛ لأنك ستجد عند سفح القلعة مجموعة متاجر عتيقة، تبيع منتجات التراث السيوي للزوار.
متعة أخرى يتيحها لك «معبد التنبؤات»، وهو من أشهر الأماكن الأثرية والسياحية الموجودة في واحة سيوة، فبجانب ما يكشفه هذا عن الحضارة المصرية القديمة، فإنك حين تصعد إلى الطابق العلوي، ستتمكّن من مشاهدة مشهد كامل للواحة بجبالها، ومنازلها، ومزارع النخيل التي تحيطها.
ويعرف أيضاً هذا المعبد الذي أنشأه أحمس الثاني باسم «معبد الوحي»، و«معبد آمون»، ويقع فوق هضبة «أغورمي» التي ترتفع 30 متراً عن سطح الأرض؛ لذلك هناك ستستمع بالهواء والطقس اللطيف.
تُعد رحلات السفاري من أبرز الأنشطة التي يمكن القيام بها في «طغاغين»؛ حيث يمكنك استكشاف الصحراء المحيطة، برفقة مرشدين محليين، مما يتيح لك فرصة التفاعل مع الثقافات المختلفة.