امتناع كامل لـ«حزب الله» عن الرد على الاغتيالات والخروقات الإسرائيلية... وتمسك بالسلاح

لهجتان في خطاب الحزب: شدّ عصب بيئته وتفادي المواجهة الداخلية والخارجية

تشييع جماعي لمقاتلين من «حزب الله» في بلدة كفركلا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
تشييع جماعي لمقاتلين من «حزب الله» في بلدة كفركلا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT
20

امتناع كامل لـ«حزب الله» عن الرد على الاغتيالات والخروقات الإسرائيلية... وتمسك بالسلاح

تشييع جماعي لمقاتلين من «حزب الله» في بلدة كفركلا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
تشييع جماعي لمقاتلين من «حزب الله» في بلدة كفركلا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

ينتهج «حزب الله» سياسة «الفصل بين الخطابين»؛ خطاب موجّه إلى الداخل وتحديداً إلى بيئته، وخطاب موجّه إلى الدولة اللبنانية ومن خلفها الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي لم يجد طريقه إلى التنفيذ لو لم يوافق عليه الحزب بنفسه.

من هنا تعكس مواقف مسؤولي «حزب الله» ما يمكن وصفه بـ«لهجتين»؛ لهجة تصعيدية وتهديدية من جهة؛ حيث الاستمرار بالمقاومة والاحتفاظ بالسلاح، ولهجة «العودة إلى كنف الدولة» من جهة أخرى، وهو ما يظهر في خطابات أمين عام الحزب، نعيم قاسم، وما يصدر على ألسنة نواب الحزب.

إذ في حين شارك «حزب الله» في حكومة نواف سلام عبر تسمية وزراء له، وكان أول مانحي الثقة لها موافقاً على بيانها الوزاري الذي أسقط للمرة الأولى بند المقاومة وأكد حصرية السلاح بيد الدولة، لا يزال مسؤولوه يهّددون بالاستمرار بالمقاومة متحدثين عن «فرصة يمنحونها للدولة» في ظل الخروقات الإسرائيلية المستمرة في جنوب لبنان والتي تطال مخازن أسلحة وعملية اغتيال لقياديين في صفوفه.

رئيس الحكومة نواف سلام يستمع إلى شرح من الجيش في بلدة الخيام الحدودية جنوب لبنان (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة نواف سلام يستمع إلى شرح من الجيش في بلدة الخيام الحدودية جنوب لبنان (إ.ب.أ)

وفي آخر إطلالة تلفزيونية له، قبل أيام، قال أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم: «نعطي الدولة الفرصة في العمل السياسي لكي نثبت للعالم كله أنّ إسرائيل لا تنسحب بالسياسة بل بالمقاومة»، متوجّهاً إلى جمهور الحزب بالقول: «اطمئنوا، قيادتكم ومقاومتكم والمقاومون موجودون وقادرون على التصرف في الوقت المناسب».

وتحدث في الوقت عينه عن حصرية السلاح، قائلاً: «نحن نقول أيضاً بحصريّة السّلاح لقوى الأمن الدّاخلي والجيش لضبط الأمن في لبنان وللدّفاع، ولسنا ضد أن يكونوا مسؤولين، ونرفض منطق الميليشيات، وأن يشارك أحد الدّولة في حماية أمنها، لكننا مقاومة ضدّ العدو الإسرائيلي، ونعتبر أنّ من حقّ المقاومة أن تستمر».

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال مقابلة تلفزيونية مساء الأحد (إعلام الحزب)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال مقابلة تلفزيونية مساء الأحد (إعلام الحزب)

وأتى ذلك بعدما كان قاسم قد هدّد في 4 يناير (كانون الثاني) بالرد على الخروقات الإسرائيلية المستمرة؛ أي قبل نحو ثلاثة أسابيع من مهلة الانسحاب الأولى، (قبل أن يتم تمديدها إلى 18 فبراير «شباط»)، وقال: «لا يوجد جدول زمني يحدد ما تقوم به المقاومة، لا بالاتفاق ولا بعد انتهاء الـ60 يوماً للاتفاق، قلنا إننا نعطي فرصة لمنع الخروقات الإسرائيلية وتطبيق الاتفاق»، مضيفاً: «قيادة المقاومة هي التي تقرر متى وكيف ترد على الجيش الإسرائيلي، وصبرنا قد ينفد قبل انتهاء مهلة الـ60 يوماً».

مع العلم أنه لا يسجل حتى الآن، منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) أي رد من قبل «حزب الله» الذي قال أمينه العام في آخر مقابلة له إن الخروقات الإسرائيلية بلغت 2000 خرق في الجنوب والبقاع.

في المقابل، كان قد أكد عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله، قبل أسبوع، أنهم سيكونون شركاء حقيقيين وفعليين في الدولة ومؤسساتها، «ونحن أقوياء بشعبنا ووحدتنا وثباتنا وحضورنا وقوانا السياسية ووجودنا في داخل مؤسسات الدولة، وسنتجاوز هذه المرحلة الصعبة، ولن يستطيع أحد أن يمنعنا من إعادة الإعمار لقرانا وبلداتنا ومدننا، أو من الدفاع عن بلدنا، ولا من شراكتنا الفعلية في وطننا».

ويتحدث أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، عماد سلامة، عن اعتماد «حزب الله» على خطابين متناقضين لأسباب استراتيجية تتعلق بالحفاظ على موقعه السياسي والعسكري في مرحلة حساسة، حيث الظروف الإقليمية والمحلية ليست لصالحه.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «يرفع الحزب سقف خطابه أمام قاعدته الشعبية، متحدثاً عن التمسك بالمقاومة والسلاح والتصدي للمؤامرات الداخلية والخارجية، عبر خطاب ضروري لشدّ العصب الداخلي، خاصة مع تزايد النقمة الشعبية ضده، وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، وتحدياته في سوريا التي أصبحت عبئاً استراتيجياً بدل أن تكون ورقة قوة»، موضحاً: «الحزب يدرك أن أي تفكك في قاعدته قد يشكل تهديداً وجودياً له في ظل تراجع الدعم الإيراني المباشر، وبالتالي، يلجأ إلى خطاب تعبوي يعزز وحدتها».

ويضيف سلامة: «في المقابل، يتبنى الحزب خطاباً مختلفاً تجاه الدولة اللبنانية، حيث يظهر انفتاحاً على المشاركة في مؤسساتها ودعمها ظاهرياً، رغم أن سياسات الدولة في كثير من الأحيان تتناقض مع مواقفه، والهدف من هذا الخطاب هو تجنب التصادم المباشر مع أي طرف داخلي أو خارجي في ظل التوازنات الحالية، حيث يسعى الحزب إلى تمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة. كما يدرك أن الظروف السياسية والاقتصادية تتطلب منه إبقاء قنواته مفتوحة مع الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي لتفادي عزلة خانقة أو إجراءات قد تهدد وجوده على المدى البعيد».

من هنا، يرى سلامة أن «المعادلة التي يتبعها الحزب هي المناورة السياسية للحفاظ على نفوذه الداخلي، مع إبقاء قبضته محكمة على قاعدته الشعبية من خلال خطاب تعبوي حاد.


مقالات ذات صلة

«رويترز»: الولايات المتحدة تدرس اختيار حاكم مصرف لبنان المركزي المقبل

الاقتصاد مصرف لبنان (المركزي) في بيروت (رويترز)

«رويترز»: الولايات المتحدة تدرس اختيار حاكم مصرف لبنان المركزي المقبل

قالت 5 مصادر مطلعة إن الولايات المتحدة تناقش مع الحكومة اللبنانية اختيار حاكم البنك المركزي المقبل في محاولة للحد من الفساد والتمويل لـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن، بيروت)
المشرق العربي أشخاص يُخمدون نيران سيارة تضررت بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle

مقتل شخص في قصف إسرائيلي على سيارة بجنوب لبنان

قُتل شخص في ضربة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب لبنان، في وقت مبكر الأحد، على ما أعلنت وزارة الصحة، رغم سريان وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقومون بدورية قرب الحدود مع لبنان (رويترز)

الوكالة اللبنانية: قوات إسرائيلية تتوغل في بلدة عديسة

أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام اليوم السبت بأن قوات إسرائيلية توغلت في بلدة عديسة قضاء مرجعيون بمحافظة النبطية الواقعة في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يخمدون نيراناً اشتعلت في سيارة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تستغل قيود «حزب الله» وتطبّق حرباً أمنية وحزاماً عازلاً

تمضي إسرائيل في حرب أمنية ضد «حزب الله» في لبنان، حددت فيها حزاماً أمنياً جديداً تفرضه بالنار، وتنفذ الاغتيالات في جنوب الليطاني وشماله

نذير رضا (بيروت)

غزة: 14 قتيلاً وانتشال 15 جثة خلال 24 ساعة

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة خلال شهر رمضان المبارك في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة خلال شهر رمضان المبارك في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT
20

غزة: 14 قتيلاً وانتشال 15 جثة خلال 24 ساعة

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة خلال شهر رمضان المبارك في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة خلال شهر رمضان المبارك في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم (الأحد) وصول 29 قتيلاً، و51 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ24 ساعة الماضية.

وقالت الوزارة -في بيان نشرته على صفحتها بموقع «فيسبوك» اليوم- إن «بين الشهداء 15 جرى انتشالهم، و14 شهيداً جديداً، جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي».

وأكدت ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 48 ألفاً و572 قتيلاً، و112 ألفاً و32 مصاباً، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023.

وأشارت إلى أنه لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.