رئيس وزراء كندا: لن نكون أبداً جزءاً من أميركا وحققنا تقدماً مع ترمب

قال إن التصدي للرسوم الجمركية التي تفرضها واشنطن سيكون أولوية

رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني (أ.ف.ب)
TT
20

رئيس وزراء كندا: لن نكون أبداً جزءاً من أميركا وحققنا تقدماً مع ترمب

رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني (أ.ف.ب)

أعرب رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، اليوم الجمعة، عن تطلعه للتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب «في الوقت المناسب»، مشدداً، في الوقت نفسه، على أن بلاده «لن تكون أبداً، وبأي شكل من الأشكال، جزءاً من الولايات المتحدة».

وأكد كارني، في كلمةٍ له عقب أدائه اليمين الدستورية، أنه «يحترم ما يسعى ترمب إلى تحقيقه... وحققنا تقدماً مع ترمب، وسنجد حلاً للخلافات القائمة»، لكنه وصف الحديث بأن تكون كندا الولاية الـ51 في الولايات المتحدة بأنه «أمر جنونيّ»، كما أن «وجهة النظر هذه جنونية».

أدى مارك كارني اليمين الدستورية رئيساً للوزراء الرابع والعشرين لكندا بقاعة ريدو (أ.ف.ب)
أدى مارك كارني اليمين الدستورية رئيساً للوزراء الرابع والعشرين لكندا بقاعة ريدو (أ.ف.ب)

جاء هذا التصريح رداً على تعليق وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، للصحافيين، عقب اجتماع مجموعة السبع الذي تستضيفه كندا.

وقال روبيو إن ترمب «يَعدّ أن انضمام كندا إلى الولايات المتحدة سيكون أفضل»، مشيراً إلى وجود «خلاف بين موقف الرئيس وموقف الحكومة الكندية».

وبُعَيد أداء اليمين الدستورية بصفته رئيس الحكومة الـ24 لكندا، خَلفاً لجاستن ترودو، الذي شغل المنصب منذ عام 2015، قال كارني إن التصدي للرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب سيكون أولوية. وأبدى أمله بأن تتمكّن حكومته وواشنطن، يوماً ما، من «العمل معاً» لخدمة مصالح البلدين.

وتُواجه أوتاوا علاقات متدهورة مع جارتها الجنوبية منذ عودة ترمب إلى سُدة الرئاسة الأميركية في يناير (كانون الثاني) الماضي، وشنّه حرباً تجارية وحضّه كندا على التنازل عن استقلالها.

وفرضت أوتاوا رسوماً جمركية، رداً على تلك التي فرضها ترمب، في حين يعبّر الرأي العام الكندي عن غضب كبير حيال إصرار الرئيس الأميركي على إلغاء الحدود الفاصلة بين البلدين.

ووصف كارني إدارة ترمب بأنها أكبر تحدٍّ تواجهه كندا منذ جيل من الزمن.

وكارني (59 عاماً) هو محافظ سابق للبنك المركزي وحديث العهد في السياسة، وقد انتُخب، الأحد، بأغلبية ساحقة زعيماً للحزب الليبرالي، خَلفاً لترودو الذي أعلن استقالته، مطلع يناير بعد ما يقرب من عشر سنوات قضاها في السلطة.

وقد لا يبقى كارني في منصبه لفترة طويلة، إذ يتعيّن على كندا إجراء انتخابات بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على أبعد تقدير، حتى إنّ بعض المحلّلين يتوقّعون أن تنطلق الحملة الانتخابية في غضون أسابيع.

وأعلن أنه سيتوجه إلى باريس ولندن، الأسبوع المقبل، في جولةٍ ترمي إلى تعزيز التحالفات الخارجية لكندا، في خِضم تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.

وكارني خبير اقتصادي تخرَّج في جامعتيْ هارفارد بالولايات المتحدة، وأكسفورد بالمملكة المتحدة، وحقق ثروته بصفته مصرفياً في بنك غولدمان ساكس، قبل أن يصبح حاكماً لبنك كندا، ثم بنك إنجلترا.

وهو يسعى لتقديم نفسه على أنه الأفضل لقيادة البلاد، خلال حرب تجارية مع الولايات المتحدة التي كانت حتى الأمس القريب أقرب حليف لكندا التي «لم تعد تثق بها»، وفق تعبير كارني.

وفي الوقت الراهن، يتقدّم في نيات التصويت حزب المحافظين بقيادة بيار بوالييفر.

وتراجعت، بشكل ملحوظ، شعبية الليبراليين، الذين يُحمّلهم الكنديون المسؤولية عن مشكلات عدة، خصوصاً زيادة التضخم وأزمة السكن.


مقالات ذات صلة

قرارات ترمب التنفيذية تحيي الجدل حول «مشروع 2025» المحافظ

الولايات المتحدة​ ترمب يوقع على أوامر تنفيذية في البيت الأبيض في 13 فبراير 2025 (رويترز)

قرارات ترمب التنفيذية تحيي الجدل حول «مشروع 2025» المحافظ

عاد «مشروع 2025» الجمهوري المحافظ إلى الواجهة في الولايات المتحدة، بعد نحو شهرين من وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يوقع أمراً يقلص موظفي مؤسسة «صوت أميركا» و6 وكالات أخرى

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمراً تنفيذياً يستهدف تقليص الوكالة الأم لمؤسسة «صوت أميركا» الإعلامية الممولة من الحكومة، وست وكالات اتحادية أخرى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب)

مجلس الشيوخ الأميركي يوافق على مشروع قانون لتجنب الإغلاق الحكومي

وافق مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون إنفاق مؤقت لتجنب إغلاق حكومي جزئي بعد تراجع الديمقراطيين عن موقفهم في أزمة نابعة من غضبهم بسبب حملة تقليص الموظفين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يصعد على متن مروحية «مارين وان» في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض برفقة إكس نجل إيلون ماسك (إ.ب.أ)

شاهد... ترمب يصطحب نجل إيلون ماسك على متن المروحية «مارين وان»

أمضى الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقتاً ممتعاً مع نجل إيلون ماسك، إكس، في أثناء صعودهما معاً على متن مروحية «مارين وان».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)

هل تخشى بكين خسارة الحرب التجارية مع ترمب؟

يزداد قلق المسؤولين في بكين من أن تكون رسوم دونالد ترمب الجمركية الجديدة بداية حرب تجارية كبيرة يمكن أن تخسرها في نهاية المطاف.

إيلي يوسف (واشنطن)

قرارات ترمب التنفيذية تحيي الجدل حول «مشروع 2025» المحافظ

ترمب يوقع على أوامر تنفيذية في البيت الأبيض في 13 فبراير 2025 (رويترز)
ترمب يوقع على أوامر تنفيذية في البيت الأبيض في 13 فبراير 2025 (رويترز)
TT
20

قرارات ترمب التنفيذية تحيي الجدل حول «مشروع 2025» المحافظ

ترمب يوقع على أوامر تنفيذية في البيت الأبيض في 13 فبراير 2025 (رويترز)
ترمب يوقع على أوامر تنفيذية في البيت الأبيض في 13 فبراير 2025 (رويترز)

عاد «مشروع 2025» إلى الواجهة في الولايات المتحدة، بعد نحو شهرين من وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ففي سلسلة القرارات التنفيذية المتلاحقة التي أقرها حتى الساعة، بنود كثيرة تتطابق مع توصيات المشروع المحافظ الذي أعدته مؤسسة «هيرتاج» رغم نفي الرئيس الأميركي ذلك خلال الموسم الانتخابي.

ترمب يتحدث في المكتب البيضاوي في 13 مارس 2025 (إ.ب.أ)
ترمب يتحدث في المكتب البيضاوي في 13 مارس 2025 (إ.ب.أ)

ويقول البعض إن ترمب تبنّى المشروع ويطبقه، محيطاً نفسه بفريق متكامل يضمّ شخصيات ساهمت في كتابته، وهو يهدف بشكل أساسي لتغيير هيكلية النظام الأميركي وتحويله إلى نظام محافظ يعكس قيمهم وسياساتهم.

ومن الصحيح أن إصدار توصيات من قبل مؤسسات كـ«هيرتاج» ليس أمراً جديداً، فقد دأبت المنظمات على هذا التقليد منذ عهد رونالد ريغان، لكن الجديد هو عدد القرارات التنفيذية الهائل الذي صدر عن الرئيس الأميركي في شهره الأول، مقارنة ببقية الرؤساء، في استراتيجية مدروسة قد تكون مقصودة لتشتيت الانتباه وإغراق واشنطن والولايات بكم هائل من القضايا التي سيكون من المستحيل التصدي لها كلها، ما أدى إلى تطبيق معظم هذه القرارات باستثناءات بسيطة.

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، أبرز قرارات ترمب التي تتطابق مع المشروع، وأسباب التحذيرات من خطورة بنود المشروع المحافظ، وتأثيره على هيكلية النظام الأميركي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

قرارات ترمب وتوصيات المشروع

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك يتحدثان إلى الصحافيين في أثناء جلوسهما في سيارة «تسلا» في حديقة البيت الأبيض 11 مارس (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك يتحدثان إلى الصحافيين في أثناء جلوسهما في سيارة «تسلا» في حديقة البيت الأبيض 11 مارس (أ.ب)

يقول جيمس غودوين، مدير السياسات في مركز «Progressive reform»، إن هناك تداخلاً كبيراً بين توصيات «مشروع 2025» والقرارات التنفيذية التي يقرها ترمب. ويعتبر أن المشروع المذكور وضع خطة مفصلة لتحويل المكتب التنفيذي للرئيس الأميركي إلى سلطة مركزية، كما يضمّ توصيات محددة خاصة بمسائل ثقافية، مثل التنوّع والشمول والمساواة وحقوق المتحوّلين جنسياً، وهي تنعكس جميعها تقريباً بطريقة أو بأخرى في القرارات التنفيذية، على حد قوله.

لكن ريتشارد مينيتر، الصحافي الاستقصائي والمدير التنفيذي لموقع «Zenger News» الإلكتروني، يذكر بأن بنود المشروع ليست جديدة، بل هي أمر يكرره المحافظون «منذ أواخر سبعينات القرن الماضي»، كما يشير إلى لجنة «غور» لإعادة ابتكار الحكومة، والتي قدمت توصيات مماثلة للديمقراطيين في تسعينات القرن الماضي.

ورغم هذه المقارنات، يُسلّط مينيتر الضوء على ما هو مختلف في إدارة ترمب الثانية، وهو فريق (دوج) برئاسة إيلون ماسك، مشيراً إلى أنه فريق مُطّلع على التكنولوجيا بشكل كبير، ويمكنه البحث في قواعد البيانات العميقة لملاحقة المدفوعات الفردية. ويضيف قائلاً: «إذاً، وللمرة الأولى، لا يقتصر الأمر على الخطابات والمذكرات والوثائق المكتوبة فحسب، بل يمكنهم تتبع كل مسألة. ونتيجة لذلك، هم قادرون على فرض إرادتهم للمرة الأولى عبر الفرع التنفيذي».

ويتحدث مينيتر عن اعتماد الكثير من المؤسسات الفيدرالية الأميركية على تكنولوجيا قديمة، ما يجعل المعاملات بغاية البطء، معتبراً أن التحديث الذي يفكر فيه ماسك سيؤدي إلى إنهاء العمليات التي كانت تستغرق شهوراً في غضون ثوانٍ. وعقّب: «هذا يعني بالطبع أن وظائف عديدة لن تعود ضرورية بعد ذلك، لكن الأمور ستتم بسرعة أكبر وستكون أقل كلفة وبطريقة أكثر كفاءة، وتجربة الخدمات الحكومية ستصبح أفضل بكثير».

ماسك في البيت الأبيض في 9 مارس 2025 (أ.ب)
ماسك في البيت الأبيض في 9 مارس 2025 (أ.ب)

وفي ظلّ هذه التصريحات الإيجابية حيال «مشروع 2025»، يتساءل البعض: لماذا نأى ترمب بنفسه عن المشروع إذاً؟ ويجيب ديريك هنتر، الباحث السابق في مؤسسة «هيرتاج» والمتحدث باسم السيناتور الجمهوري السابق كونراد بورنز، عن ذلك قائلاً إن السبب يعود لأن ترمب لم يبادر في المشروع، وأنه عادة ما يقوم بذلك في أمور عدة كي يتم نسب الفضل إليه وليس إلى أفراد أو مؤسسات أخرى.

وتحدّث هنتر عن تجربته في المؤسسة، قائلاً إنها تضع البنود نفسها كل أربع سنوات خلال فترة الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أنه في عام 2023، قام الرئيس الجديد للمؤسسة، كيفن روبرتس، بإعادة تسمية وابتكار البنود تحت شعار «مشروع 2025». ويُوجّه هنتر انتقادات حادة للأشخاص الذين يهاجمون بنود المشروع، مشيراً إلى أنهم لا ينظرون في التفاصيل، ويعطي مثالاً على ذلك في توجه ترمب لإلغاء وزارة التعليم فيقول: «إن فكرة التخلّص من وزارة التعليم على سبيل المثال هي فكرة بدأها جيمي كارتر. وإذا ما قارنّا بين نتائج الاختبارات والنتائج التعليمية في الفترة منذ تأسيس وزارة التعليم وتدخل الحكومة الفيدرالية في هذا الأمر وما قبل ذلك، نرى تراجعاً في التعليم. والأشخاص من اليمين، ومن ضمنهم أنا، ينظرون إلى تلك الأرقام ويقولون: عندما نقوم بأمر خطأ لمدة 50 عاماً، يجب أن نقوم بأمر مختلف».

ويردّ هنتر على اتهامات غودوين لترمب بمحاولة تحويل البيت الأبيض إلى سلطة مركزية، بالقول إنه يسعى لإعطاء السلطة للولايات في أمور مثل التعليم مثلاً، على عكس ما يدعي البعض. ويضيف: «هناك الكثير على المحك مع الوضع الراهن، بينما تكتشف إدارة الكفاءة الحكومية أنه يمكن الحصول على مال من الحكومة لدراسة أي شيء تقريباً إذا ما تم تصنيفه تحت مبادرات التغيّر المناخي أو التنوع والشمول والمساواة... نحن بحاجة إلى وضع حد لذلك».

موظفون فيدراليون يحتجون على طردهم أمام الكونغرس بمشاركة النائب الديمقراطي ستيني هوير في 11 مارس 2025 (أ.ب)
موظفون فيدراليون يحتجون على طردهم أمام الكونغرس بمشاركة النائب الديمقراطي ستيني هوير في 11 مارس 2025 (أ.ب)

لكن غودوين، الذي يوافق على وجود مشاكل في الحكومة الفيدرالية، يعارض الحلول المطروحة، معتبراً أن «مشروع 2025» أخطأ في تشخيص المشاكل، وأن بعض الحلول المقترحة ستؤدي إلى تفاقم تلك المشاكل بدلاً من حلّها. ويعطي أمثلة على ذلك، فيشير إلى أن المشروع يضم مقترحات «لاستغلال الثغرات في القانون الإداري للدولة»، ويفسر: «في إطار الدستور، من المفترض أن يلعب الكونغرس دوراً مهماً في الإشراف على السلطة التنفيذية. ويتضمن مشروع 2025 العديد من التوصيات الهادفة إلى إفشال ذلك». ويضيف: «ما يفعله مشروع 2025 بشكل أساسي هو توفير لائحة من الخيارات إلى مختلف الوكالات في السلطة التنفيذية لتفادي أدوات الرقابة».

وكالة التنمية والصين

متظاهرون يحتجون على تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أمام مكاتبها في العاصمة واشنطن في 3 فبراير 2025 (رويترز)
متظاهرون يحتجون على تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أمام مكاتبها في العاصمة واشنطن في 3 فبراير 2025 (رويترز)

من القرارات الجدلية التي اعتمدها ترمب، قرار تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهو قرار لا يتطابق بالكامل مع توصيات المشروع الذي دعا إلى إصلاح الوكالة، وليس تفكيكها. وفي هذا الإطار، يشير مينيتر إلى بعض الإخفاقات التي واجهتها الوكالة، فيقول: «لسنوات، قامت منظمة USAID الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي ذراع حكومية تبلغ ميزانيتها 50 مليار دولار أي أكبر من الناتج المحلي لعدد من الدول، بصرف تلك الأموال لتمويل منظمات المثليين وغيرها من البرامج الليبرالية التي لم تعجب الدول المضيفة مثل أفغانستان أو العالم العربي أو دول أخرى إسلامية مثل إندونيسيا».

ويرى مينيتر أن برامج من هذا النوع أساءت إلى الجهود الدبلوماسية الأميركية، وزادت من التحديات في العلاقة بين أميركا والدول ذات الأغلبية المسلمة. وأضاف: «مع وضع حد لهذا التمويل، يجب أن نرى علاقة أفضل بين الولايات المتحدة والعالم المسلم؛ لأن أميركا توقّفت عن تمويل المنظمات التي تهين قيمهم. وبدلاً من ذلك، سنقوم بتمويل المبادرات مثل مشروع للبنية التحتية أو لتوليد الكهرباء وغيرها من المشاريع المهمة».

ويحذّر البعض من أن غياب المساعدات الأميركية، أو تراجعها، سيعزز من النفوذ الصيني في أفريقيا والشرق الأوسط، ما يتناقض مع أبرز بنود مشروع 2025 على صعيد السياسة الخارجية، والذي يحذر من المنافسة الصينية، ويدعو الإدارة إلى التصدي لها. وهنا يستبعد هنتر أن تتراجع الإدارة عن مشاريع مهمة للوقوف بوجه هذه المنافسة، كتلك المتعلقة بالديمقراطية والبنية التحتية ومعالجة المياه، مضيفاً: «نحن لا نتراجع عن هذه المسائل، بل نلغي مبادرات أخرى لا تَلقى شعبية هناك أو غير ضرورية».

ويتحدث هنتر أيضاً عن البيروقراطية في المنظمات غير الربحية، مشيراً إلى مرور المنح والمساعدات بأكثر من منظمة قبل وصولها إلى هدفها. ويقول: «يمكن التفكير بالأمر وكأنه الشراء مباشرة من تاجر الجملة وليس تاجر التجزئة. وهذا ما سيوفر المال على المدى الطويل، وسينتهي الأمر بتحقيق معظم الأمور، مقابل مبالغ أقل بكثير، مع تحديد كل الأمور غير المهمة والتخلّص منها».

نظام المساءلة والمحاسبة

يرجح الكثيرون وصول قرارات ترمب إلى المحكمة العليا للبت فيها قانونياً (رويترز)
يرجح الكثيرون وصول قرارات ترمب إلى المحكمة العليا للبت فيها قانونياً (رويترز)

لكن غودوين ينتقد هذه المقاربة، مُذكّراً بأن النظام الأميركي بُني على أساس المساءلة والمحاسبة، وأن هذا يؤدي في بعض الأحيان للتأخير في تنفيذ بعض المبادرات بهدف التدقيق بها، والحرص على عدم وجود هدر أو فساد. ويقول: «هذا يعني أنه لا يوجد الكثير من الهدر والاحتيال بالطريقة التي يصفها الناس؛ لأن أي شيء يصعب تنفيذه إلى هذا الحد سيتم تصفيته قبل الوصول إلى تلك النقطة». ويشير غودوين إلى أن (دوج) لم تتمكن حتى الساعة من توفير أمثلة ملموسة عن الهدر والفساد.

من جهة أخرى، يعرب غودوين عن تخوفه من عدم التزام ترمب وفريقه بالقوانين، في ظل الدعاوى القضائية التي تواجه قراراته التنفيذية المثيرة للجدل. وقد أصدرت المحاكم عدداً من القرارات التي تنقض قرارات الرئيس، آخرها كان وجوب إعادة توظيف الموظفين الفيدراليين الذين تم طردهم بناء على توصيات (دوج). فقال: «إنهم يتهربون من أوامر المحكمة، ويتجاهلونها. وأعتقد أن المشكلة تتعدى الحجم الهائل للأفعال غير القانونية التي يقوم بها ترمب، المشكلة هي أنه عندما تحال هذه القرارات إلى المحكمة ويتم نقضها، يصبح تطبيقها هو المشكلة الحقيقية. والقضاء غير مؤهل لمواجهة هذه المشاكل؛ لأنه لطالما كانت القاعدة أنه عندما نخسر في المحكمة، نتقبل النتيجة وننتقل إلى أمر آخر». ويضيف بلهجة تحذيرية: «نحن ندخل في عالم المجهول، ولا نعلم ما ستكون عليه النتيجة. لأنه حتى الآن، أظهر ترمب وإدارته بأنهم ليسوا مهتمين باتباع قرارات المحكمة إن لم تتوافق معهم».