الأسهم الهندية تتكبد خسائر تاريخية بقيمة تريليون دولار

وسط موجة تراجع هائلة تهدد إنفاق المستهلكين ونمو الاقتصاد

يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)
يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)
TT

الأسهم الهندية تتكبد خسائر تاريخية بقيمة تريليون دولار

يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)
يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)

تشهد سوق الأسهم الهندية أطول موجة تراجع منذ ما يقرب من 3 عقود، ما أدى إلى فقدان ما يقارب تريليون دولار من القيمة السوقية. وقد انعكست هذه الخسائر بشكل مباشر على مستثمري التجزئة، الأمر الذي يُلقي بظلاله على إنفاق المستهلكين ويهدد بإبطاء نمو خامس أكبر اقتصاد في العالم.

ويحذر المحللون من أن المستثمرين الباحثين عن الاستقرار قد يضطرون إلى انتظار فترة أطول حتى تنحسر موجة البيع. فالضبابية التي تكتنف تداعيات سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب على النمو العالمي، إلى جانب ضعف الأرباح المحلية واستمرار تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الخارج، تُفاقم من حالة القلق في الأسواق، وفق «رويترز».

ويتوقع الاقتصاديون أن يتباطأ النمو الاقتصادي الهندي إلى أدنى مستوياته في 4 سنوات خلال السنة المالية الحالية، بسبب تراجع الطلب في المناطق الحضرية. ويُشكل الإنفاق الاستهلاكي، الذي يعاني بالفعل من تباطؤ نمو الدخل وارتفاع معدلات التضخم، ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي للهند.

وقالت غورا سين غوبتا، الخبيرة الاقتصادية في بنك «آي دي إف سي فيرست»: «قد يؤدي تصحيح سوق الأسهم إلى تقليص الاستثمار الأسري وتراجع الطلب الاستهلاكي في المدن، مما قد يضر بالنمو الاقتصادي».

وأيّد هذا الرأي محللو بنك «نومورا»، مشيرين إلى أن «ضغوط الدخل والمخاوف المتعلقة بالميزانيات الشخصية ستؤثر سلباً على الاستهلاك والنمو في المناطق الحضرية».

ضغوط على المستثمرين الأفراد

وتفاقمت الأزمة بالنسبة للعديد من المستثمرين، بمَن فيهم فيلاس سهاي، البالغ من العمر 31 عاماً والمقيم في مومباي، الذي شهد انخفاضاً حاداً في قيمة استثماراته. ومع خسارة مؤشر «إن إس إي نيفتي 50» ومؤشر «بي إس إي سينسكس» نحو 14 في المائة منذ سبتمبر (أيلول)، وانخفاض مؤشرات الشركات الصغيرة والمتوسطة بأكثر من 20 في المائة، انزلقت شركة «ساي» إلى حالة من الركود المالي.

وكان سهاي قد انضم إلى موجة الاستثمار التي شهدت دخول نحو 100 مليون مستثمر جديد إلى الأسواق، مستفيدين من الطفرة التي تضاعفت خلالها قيمة المؤشرات القياسية منذ جائحة «كوفيد – 19» وحتى أواخر العام الماضي. ومع ذلك، بعدما قادته الأرباح السريعة إلى اللجوء إلى الاقتراض للاستثمار في تداول الخيارات، وجد نفسه غارقاً في الخسائر عند تراجع السوق.

«المشكلة في تداول الخيارات أن المكاسب قد تكون هائلة، لكنني لم أكن مستعداً لمواجهة الخسائر»، قال سهاي، الذي اضطر إلى تقليص إنفاقه هو وعائلته إلى الحد الأدنى.

تأثير مباشر على الاستهلاك والاستثمارات

عبّرت «رويترز» عن قلق المستثمرين الأفراد في عدة مدن رئيسية، مثل مومباي وتشيناي ونيودلهي؛ حيث أكد معظمهم أنهم يخططون لخفض أو إيقاف إنفاقهم مؤقتاً، بما في ذلك تقليل استثماراتهم في الأسواق المالية.

على سبيل المثال، اضطر بونيت غويال، البالغ من العمر 36 عاماً من أودايبور في ولاية راجستان، إلى تأجيل شراء منزل كان ينوي تمويله من أرباحه السوقية. إذ تسببت التراجعات الأخيرة في خسارته نحو 14 في المائة من محفظته الاستثمارية، أي ما يعادل مليوني روبية، مما دفعه إلى إعادة النظر في قراراته المالية.

ويبدو أن التأثير السلبي لتراجع سوق الأسهم بدأ ينعكس على قطاع السيارات؛ حيث أظهرت بيانات رسمية انخفاض مبيعات الدراجات النارية بنسبة 9 في المائة في فبراير (شباط)، بينما نمت مبيعات سيارات الركاب بنسبة متواضعة بلغت 2 في المائة فقط.

وعزا محللو «نومورا» هذا التباطؤ جزئياً إلى تراجع ثقة المستهلكين بسبب تقلبات السوق، في حين أشار سي إس فيجنيشوار، رئيس قطاع التجار في كبرى شركات السيارات الهندية، إلى أن اضطراب الأسواق المالية يؤثر بشكل واضح على قرارات الشراء في المناطق الحضرية؛ حيث أصبح العملاء أكثر حذراً في إنفاقهم.

وقد يُفاقم هذا التباطؤ أزمة الاقتصاد الهندي، إذ تسهم صناعة السيارات بنسبة 7.1 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفقاً لمؤسسة «إنديا براند إكويتي» الحكومية.

تراجع اهتمام المستثمرين الأفراد بالأسواق

مع استمرار ركود الأسواق، يُحذّر مديرو صناديق الاستثمار من أن التدفقات المالية التي عززت صمود الأسهم الهندية أمام موجات البيع الأجنبية قد تتراجع. فقد ارتفعت ملكية المستثمرين الأفراد إلى 18.2 في المائة من إجمالي الشركات المدرجة في بورصة «إن إس إي»، متجاوزة المستثمرين الأجانب لأول مرة منذ عام 2006.

لكن مع تصاعد المخاوف، بدأ العديد من المستثمرين يعيدون النظر في استثماراتهم.

«أفكر جدياً في إيقاف استثماراتي مؤقتاً أو تحويلها إلى أصول أكثر أماناً، مثل الذهب»، قال منصور خان، البالغ من العمر 29 عاماً، الذي بدأ الاستثمار في 2019.

ووفقاً لمحللين في «سيتي ريسيرش» و«إتش إس بي سي»، فقد شهدت التدفقات المالية عبر آليات الاستثمار المنهجي التي ضخت 1.8 مليار دولار شهرياً في الأسواق خلال السنوات الأربع الماضية، تباطؤاً ملحوظاً مؤخراً، وهو ما قد يزيد الضغوط على الأسواق إذا استمر الاتجاه الهابط.

الأسواق على حافة الهاوية؟

كشفت بيانات يوم الأربعاء أن صافي التدفقات المالية إلى الأسواق انخفض إلى أدنى مستوى له في 10 أشهر في فبراير، كما تراجع عدد المستثمرين الأفراد النشطين في سوق النقد إلى أدنى مستوى له في 9 أشهر.

«إذا لم تحقق الأسواق أداءً جيداً خلال العام المقبل، فقد تتراجع مشاركة المستثمرين الأفراد بشكل أكبر»، قال أجاي تياغي، رئيس استثمارات الأسهم في شركة «يو تي آي» لإدارة الأصول، التي تدير أصولاً بقيمة 240 مليار دولار.

وأضاف تياغي: «عندما تسود موجة صعود، يعتقد المستثمرون أنهم قادرون على بناء ثروات بسرعة عبر سوق الأسهم، لكن مع تحقيق معظم القطاعات عوائد سلبية، يدرك الكثيرون أن هذه ليست طريقة مضمونة لكسب المال كل عام».


مقالات ذات صلة

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)

آسيا تتجه نحو طفرة في صفقات الأسهم مع طروحات بارزة للصين والهند

من المتوقع أن تشهد صفقات الأسهم الآسيوية طفرة قوية خلال العام المقبل، مدفوعة بطروحات عامة أولية بارزة لشركات في الصين والهند.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ، مومباي )
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني داكس في بورصة فرانكفورت (رويترز)

استقرار الأسهم الأوروبية بعد 3 أيام من المكاسب

استقرت الأسهم الأوروبية يوم الجمعة بعد ثلاث جلسات متتالية من المكاسب، ما وضع المؤشرات على مسار تحقيق ارتفاع أسبوعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد امرأة تمسك بورقة نقدية فئة 500 روبية في الأحياء القديمة لدلهي (رويترز)

الروبية الهندية تصل لمستوى قياسي جديد مع انسحاب المستثمرين الأجانب

هبطت الروبية الهندية، يوم الخميس، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزةً حاجز 90 روبية للدولار، مع استمرار انسحاب المستثمرين الأجانب من الأسهم المحلية.

«الشرق الأوسط» (مومباي )
الاقتصاد متداولون يعملون أمام شاشات المراقبة ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

الأسهم الآسيوية تتباين وسط توقعات خفض الفائدة الأميركية

افتتحت الأسهم الآسيوية تداولات يوم الخميس بأداء متباين، بعد أن دعمت البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع توقعات خفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

سوق الإسكان البريطاني يواصل التباطؤ في نوفمبر قبل إعلان الموازنة

صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)
صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)
TT

سوق الإسكان البريطاني يواصل التباطؤ في نوفمبر قبل إعلان الموازنة

صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)
صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)

أظهرت بيانات صادرة عن «بنك هاليفاكس» للتمويل العقاري، يوم الجمعة، أن سوق الإسكان في المملكة المتحدة شهد تباطؤاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، سواء على أساس شهري أو سنوي، في فترة ما قبل إعلان موازنة الحكومة.

وأشار «بنك هاليفاكس» إلى أن أسعار المنازل ظلت مستقرة في نوفمبر، منخفضة عن نمو نسبته 0.5 في المائة سجل في أكتوبر (تشرين الأول). وعلى أساس سنوي، تباطأ نمو أسعار المنازل إلى 0.7 في المائة مقارنةً بزيادة 1.9 في المائة في أكتوبر، وهو أضعف معدل منذ مارس (آذار) 2024. ولفت البنك إلى أن هذا التباطؤ السنوي يعكس إلى حد كبير تأثير ارتفاع الأسعار القوي خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق «رويترز».

وقالت أماندا برايدن، رئيسة قسم الرهن العقاري في «هاليفاكس»: «تباطأ النمو السنوي إلى 0.7 في المائة، وهو أضعف معدل منذ مارس 2024، على الرغم من أن هذا يعكس إلى حد كبير التأثير الأساسي لنمو الأسعار الأقوى بكثير في العام الماضي». وأضافت: «حتى مع التغييرات التي طرأت على ضريبة الدمغة في الربيع، وبعض الشكوك المحيطة بموازنة الخريف، ظلت قيم العقارات ثابتة نسبياً».

وأظهرت مؤشرات أخرى في سوق الإسكان البريطاني تباطؤاً مماثلاً، يُعزى إلى حذر مشتري المنازل قبل إعلان موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز في 26 نوفمبر.

وأظهرت بيانات من شركة الإقراض المنافسة «نايشن وايد»، يوم الثلاثاء، أن أسعار المنازل ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في نوفمبر، وأن النمو السنوي تباطأ إلى 1.8 في المائة.

وأوضحت برايدن أن القدرة على تحمل تكاليف الإسكان كانت عند أعلى مستوياتها منذ عام 2015، وتوقعت نمواً تدريجياً في أسعار العقارات خلال العام المقبل، مدعوماً بنشاط مطرد وخفض محتمل لأسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا.

ويتوقع على نطاق واسع أن يقوم بنك إنجلترا بخفض تكلفة الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.75 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول).


رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
TT

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط بعد ارتفاعها السريع والمفرط، إلا أن الصناعة نفسها لا تعاني من فقاعة.

وبدأت المخاوف بشأن التقييمات المرتفعة لأسهم الذكاء الاصطناعي تؤثر على الأسواق المالية الأوسع، في حين يطرح السؤال حول توقيت تحويل الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي إلى أرباح فعلية، وفق «رويترز».

وقال تشي تاي وون، رئيس مجلس إدارة مجموعة «إس كيه»، خلال منتدى في سيول، رداً على سؤال محافظ بنك كوريا المركزي حول احتمال وجود فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي: «لا أرى فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي».

وأضاف: «لكن أسواق الأسهم ارتفعت بسرعة كبيرة ومفرطة، ومن الطبيعي أن تحدث فترة من التصحيحات. أسهم الذكاء الاصطناعي قد تجاوزت قيمتها الأساسية». وأوضح أن تجاوز تقييمات الأسهم ليس بالأمر الجديد بالنسبة لقطاع نامٍ، وأن تطوير الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى مكاسب إنتاجية كبيرة.

وارتفعت أسهم «إس كيه هاينكس»، المزود الرئيسي لرقائق الذاكرة عالية الأداء المستخدمة في تشغيل شرائح الذكاء الاصطناعي القوية من «إنفيديا»، بنسبة 214 في المائة خلال عام واحد، مدفوعة بالطلب الكبير من مطوري مراكز البيانات الذين يستثمرون تريليونات الدولارات في الذكاء الاصطناعي.

وأعلنت الشركة في أكتوبر (تشرين الأول)، تحقيق ربح ربع سنوي قياسي آخر، مدفوعاً بطفرة الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أنها باعت جميع إنتاجها من الرقائق للعام المقبل، ومتوقعة «دورة إنتاجية فائقة» ممتدة للرقائق.


«إنفيديا الصين» تنهي 3 أيام من تراجع الأسهم الصينية

مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

«إنفيديا الصين» تنهي 3 أيام من تراجع الأسهم الصينية

مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

ارتفعت أسهم الصين يوم الجمعة، منهيةً سلسلة خسائر استمرت 3 أيام، ومعاكسةً خسائرها السابقة خلال الأسبوع، حيث عزز تجدد التفاؤل بشأن شركات صناعة الرقائق المحلية المعنويات.

وأغلق مؤشر «شنغهاي المركب» على ارتفاع بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 3,902.81 نقطة، مسجلاً أول مكسب يومي له بعد 3 انخفاضات متتالية، ليصل بذلك تقدم الأسبوع إلى 0.4 في المائة. كما ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.8 في المائة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1.3 في المائة هذا الأسبوع. وفي هونغ كونغ، ارتفع مؤشر «هانغ سنغ» القياسي بنسبة 0.6 في المائة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 0.9 في المائة خلال الأسبوع. كما ارتفع مؤشر التكنولوجيا بنسبة 0.8 في المائة.

وكان سهم «مور ثريدز»، الذي يُطلق عليه غالباً اسم «إنفيديا الصين»، محور الاهتمام يوم الجمعة، حيث ارتفع بنحو 5 أضعاف في أول ظهور له بالبورصة، حيث راهن المستثمرون على أن الشركة الخاضعة لعقوبات أميركية ستستفيد من جهود بكين لتعزيز إنتاج الرقائق محلياً.

وجاء هذا الظهور القوي للشركة عقب أنباء عن تقديم مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين، مشروع قانون يوم الخميس، يهدف إلى منع إدارة ترمب من تخفيف القيود المفروضة على وصول الصين إلى رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من «إنفيديا» و«إيه إم دي» خلال العامين ونصف العام المقبلة.

وقال باتريك بان، استراتيجي الأسهم الصينية في «دايوا كابيتال ماركتس» بهونغ كونغ، إن الإنجازات التكنولوجية الصينية، بالإضافة إلى «الفخر الوطني»، وسط التوترات الجيوسياسية، من المتوقع أن تظل ركيزة أساسية لسوق الصعود البطيء خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة. وأضاف في مذكرة: «من منظور طويل الأجل، نعتقد أن التراجع الأخير في الأسهم الصينية، كان من المفترض أن يُتيح مزيداً من الفرص الصاعدة للعام المقبل». كما أسهم قطاع التأمين في دعم السوق يوم الجمعة، حيث ارتفع بنسبة 4.5 في المائة، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أن أعلنت الهيئة التنظيمية للقطاع أنها ستخفض عامل المخاطرة لشركات التأمين التي تمتلك أسهماً معينة، وهي خطوة قد تُقلل متطلبات رأس المال وتُتيح مزيداً من الأموال للاستثمار.

وعلى الجانب الآخر، انخفض مؤشر «سي إس آي300 للعقارات» بنسبة 0.2 في المائة، مُواصلاً انخفاضه الأخير. ومن المتوقع أن تنخفض أسعار المنازل في الصين بنسبة 3.7 في المائة هذا العام، ومن المرجح أن تستمر في الانخفاض حتى عام 2026 قبل أن تستقر في عام 2027، وفقاً لأحدث استطلاع أجرته «رويترز».

• اليوان مستقر

ومن جانبه، استقر اليوان الصيني مقابل الدولار يوم الجمعة، مع تزايد قلق المستثمرين، بعد أن أبدى البنك المركزي قلقاً متزايداً إزاء المكاسب السريعة الأخيرة، في حين تتطلع الأسواق إلى اجتماع مهم لاستشراف اتجاهات السياسة النقدية للعام المقبل.

وأفادت مصادر لـ«رويترز» بأن البنك المركزي أبدى حذره من الارتفاعات السريعة من خلال تصحيحه التوجيهي الرسمي، واشترت بنوك حكومية كبرى الدولار في السوق الفورية المحلية هذا الأسبوع، واحتفظت به في مسعى قوي غير معتاد لكبح جماح قوة اليوان. وقال متداولو العملات إن هذه التحركات دفعت بعض المستثمرين إلى جني الأرباح والانسحاب من السوق. واستقر اليوان المحلي إلى حد كبير عند 7.0706 للدولار بدءاً من الساعة 03:35 بتوقيت غرينيتش، منخفضاً عن أعلى مستوى له في 14 شهراً عند 7.0613 الذي سجله يوم الأربعاء. وكان نظيره في الخارج قد وصل في أحدث تداولات إلى 7.0686 يوان للدولار. وقبل افتتاح السوق يوم الجمعة، حدد بنك الشعب الصيني (المركزي) سعر نقطة المنتصف عند 7.0749 للدولار، وهو أعلى بنقطتين من تقديرات «رويترز» البالغة 7.0751. وجاء سعر نقطة المنتصف يوم الجمعة متوافقاً تقريباً مع توقعات السوق، منهياً 6 جلسات متتالية من الإعدادات الرسمية الأضعف من المتوقع.

وشهد سعر تثبيت سعر الصرف يوم الخميس، أكبر انحراف عن الجانب الضعيف منذ توفر البيانات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. ويُسمح لليوان الفوري بالتداول بحد أقصى 2 في المائة على جانبي نقطة المنتصف الثابتة يومياً. وصرح سون بينبين، كبير الاقتصاديين في شركة «كايتونغ» للأوراق المالية، بأنه من المتوقع أن ترتفع حصة اليوان المستخدمة في التجارة الخارجية والاستثمارات الخارجية للصين بشكل أكبر، مما سيساعد في رفع قيمة العملة على المديين المتوسط والطويل.

وأضاف سون: «مع ذلك، لا ينبغي أن تكون وتيرة وحجم الارتفاع سريعين للغاية، لتجنب التأثير سلباً على نمو الصادرات»، متوقعاً أن يصل اليوان إلى مستوى 7 يوانات للدولار، وهو مستوى مهم نفسياً، بحلول النصف الأول من العام المقبل. ويتوقع المتداولون والمحللون أن تُدير السلطات بعناية، وتيرة مكاسب اليوان لتحقيق التوازن بين نموه العالمي وقدرته التنافسية في الصادرات. وصرح إلياس حداد، الرئيس العالمي لاستراتيجية الأسواق في «براون براذرز هاريمان»: «نرى أن استمرار ارتفاع قيمة العملة الصينية قد يُساعد البلاد في تحويل نموذج نموها نحو الإنفاق الاستهلاكي من خلال تعزيز الدخل المتاح من خلال خفض أسعار الواردات».

وبالنظر إلى العوامل المحفزة على المدى القريب، سيتحول معظم اهتمام السوق إلى مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المُقرر عقده في وقت لاحق من هذا الشهر، بحثاً عن تلميحات محتملة حول أجندة السياسات للعام المقبل. وقال صموئيل تسي، كبير الاقتصاديين في بنك «دي بي إس»: «تتوقع السوق نبرة سياسية أكثر تفاؤلاً من مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المُقرر عقده». وأضاف: «من المرجح أن تشمل التوجهات السياسية الرئيسية دعماً أقوى للاستهلاك من خلال إعانات أكثر صرامة، وزيادة خلق فرص العمل، وتحسين شبكة الأمان الاجتماعي».