لبنان يسعى إلى تسريع الاتفاق «المجدّد» مع صندوق النقد الدولي

إشارات للتخلي نهائياً عن خيار «شطب» الودائع

رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً اجتماع «لجنة صياغة البيان الوزاري» (أرشيفية - الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً اجتماع «لجنة صياغة البيان الوزاري» (أرشيفية - الوكالة الوطنية)
TT

لبنان يسعى إلى تسريع الاتفاق «المجدّد» مع صندوق النقد الدولي

رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً اجتماع «لجنة صياغة البيان الوزاري» (أرشيفية - الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة نواف سلام مترئساً اجتماع «لجنة صياغة البيان الوزاري» (أرشيفية - الوكالة الوطنية)

تنفّذ بعثة من صندوق النقد الدولي في لبنان، خلال الأسبوع الحالي، جولة تقصّي حقائق واستطلاع، خطوة أولى لفتح قناة الحوار والتواصل مع العهد الرئاسي الجديد وحكومته، وضمن مهمة متجدّدة، شكلاً ومضموناً، من المفاوضات المباشرة الهادفة إلى المساعدة في التوصل إلى برنامج إصلاح اقتصادي شامل.

ويكتسب هذا التحرك أهمية استثنائية، تبعاً للتعهدات الإصلاحية التي التزمها رئيس الجمهورية، جوزيف عون، في خطاب القسم والتصريحات التالية، والمعزّزة بالتزامات مطابقة وردت في بيان الثقة للحكومة، وتأكيدات لاحقة من قِبَل رئيسها نواف سلام، والوزراء المعنيين. في حين أبلغت مديرة عام الصندوق، كريستالينا غورغييفا، حاكم البنك المركزي بالإنابة، وسيم منصوري، ترحيبها باكتمال عقد المؤسسات الدستورية والتزام الإنقاذ والإصلاح ورغبتها بزيارة لبنان قريباً.

جولة مفاوضات جديدة

وعلم أن البحث بين الفريقين سيفضي إلى تحديد مواعيد قريبة لإطلاق جولات جديدة من المفاوضات المباشرة، وبما يشمل خصوصاً تعيين الفريق اللبناني المفاوض، الذي يرجّح أن يرأسه نائب رئيس الحكومة طارق متري، نظير موقعه وما يحوزه من خبرات في العلاقات الدولية، ويضم وزير المال ياسين جابر، ووزير الاقتصاد عامر البساط، وحاكم البنك المركزي بالإنابة إلى حين تعيين الأصيل. فضلاً عن مشاركة ذات طابع تنسيقي واستشاري للقطاع الخاص والمصارف.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (أ.ب)

ويبدو، حسب مسؤول مالي معني، أن بلوغ محطة إبرام اتفاق نهائي بين الطرفين ويلحظ زيادة نوعية في حزمة التمويل المحدّدة بنحو 3 مليارات دولار، لن يستغرق أكثر من أشهر قليلة، وربما قبل حلول الصيف المقبل، في ظل معلومات متقاطعة عن تقدم محسوس سبق زيارة البعثة، يكفل التخلي تماماً عن خيارات تفتقر إلى العدالة في توزيع الخسائر المحققة، ولا سيما ضرورة إعادة النظر باقتراح «شطب» الجزء الأكبر من توظيفات المصارف البالغة نحو 80 مليار دولار لدى البنك المركزي، سعياً إلى احتواء الفجوة المالية البالغة نحو 72 مليار دولار.

وفشلت الحكومة السابقة في إبرام اتفاق نهائي مع إدارة الصندوق، بعدما نجحت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2022، في توقيع اتّفاق إطار على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية من أجل تسهيل تمويل من الصندوق لمدة 4 سنوات، بقيمة 3 مليارات دولار. حيث اشترط «تسهيل الصندوق الممدّد» حزمة من التدابير التشريعية والتنفيذية ضمن استراتيجية الإصلاح واستعادة النمو والاستدامة المالية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وزيادة الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على إعادة الإعمار. علاوة على إعادة هيكلة الدين العام الخارجي التي ستؤدي إلى مشاركة كافية من الدائنين لإعادة الدين إلى حدود مستدامة وسد فجوات التمويل.

خطة معدلة للتعافي

ومع رصد تحوّل في استجابة المؤسسة الدولية لتوجهات رئاسية وحكومية بعدم السير بأي اقتراحات تفضي إلى تحميل المودعين الوزر الأكبر من ثقل الفجوة المحقّقة، وما أضيف إليها من تكلفة إعمارية واقتصادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتتطلب إنفاق نحو 11 مليار دولار، وفق مسوحات البنك الدولي، يرتقب الوصول إلى تفاهم بين الطرفين لإعداد خطة إنقاذ معدّلة للتعافي وإعادة هيكلة القطاع المالي، تشمل تحديد آليات متنوعة لسداد متدرج للحقوق العالقة، وبناء منهجية رسمية مختلفة في توزيع الخسائر طبقاً لتدرج المسؤوليات، والتحقق من مشروعية الأموال ومصادرها، والتدقيق في ملفات تمويل الدولة والدعم الاستهلاكي وجني أرباح عبر إيفاء القروض بسعر صرف متدنٍ وعمليات قطع «صيرفة».

وبالتوازي، علم أن البعثة ستبلغ ارتياح إدارة الصندوق إلى مسارعة الحكومة في الشهر الأول لتسلّم مهامها بوضع أسس معلنة وتدابير قانونية وتنفيذية لإصلاحات هيكلية تشمل معالجة المديونيّة العامة والتعثّر المالي واستقلالية القضاء وإصدار المراسيم التطبيقية لتنفيذ القوانين المعلّقة والتزام تعيين الهيئات الناظمة في قطاعات حيوية مثل الكهرباء والطيران والاتصالات. كذلك الأمر، لجهة رصد عوامل مشجعة ترتبط بالتغييرات في سوريا والشروع بضبط الحدود ومكافحة التهريب وبمحاصرة آفة المخدرات من مصادرها ومصانعها والاتجار بموادها عبر الحدود.

وأقرّت إدارة الصندوق سابقاً، بأن لبنان أحرز بعض التقدم في الإصلاحات النقدية والمالية، من خلال التدابير التي اتخذتها وزارة المالية ومصرف لبنان المركزي التي استهدفت احتواء تدهور سعر الصرف، واستقرار العرض النقدي والحد من الضغوط التضخمية، وبما يشمل التشدّد في السياسة المالية، والإلغاء التدريجي للتمويل النقدي للموازنة، وإلغاء منصة صيرفة، والخطوات المستمرة نحو توحيد أسعار الصرف، وتحسين تعبئة الإيرادات من ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية.

وزير المالية ملتقياً حاكم مصرف لبنان بالإنابة (وزارة المالية)

التقدم بالإصلاحات لا يزال محدوداً

وفي المقابل، تلاحظ أن التقدم المحرز في الإصلاحات الأساسية الأخرى، بما في ذلك الحوكمة والشفافية والمساءلة، لا يزال محدوداً. وفي حين أن مصرف لبنان باشر باتخاذ خطوات لتعزيز الرقابة الداخلية والحوكمة، فإن هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ تدابير لزيادة الشفافية في القطاع العام، بما في ذلك البيانات المالية المدققة للمؤسسات العامة، فضلاً عن إصلاحات المؤسسات العامة على نطاق أوسع. علاوة على ذلك، فإن نقاط الضعف في جودة البيانات الاقتصادية وتوافرها وتوقيتها تشكل تحديات أمام صنع السياسات المستنيرة.

ومع ذلك، يعدّ فريق المؤسسة الدولية أن هذه التدابير لا ترقى إلى ما هو مطلوب لتمكين التعافي من الأزمة. ودون إحراز تقدم، سيستمر الاقتصاد النقدي والاقتصاد غير النظامي في النمو، مما يثير مخاوف تنظيمية ورقابية كبيرة. كذلك لا تزال ودائع البنوك مجمدة، والقطاع المصرفي غير قادر على توفير الائتمان للاقتصاد، حيث لم تتمكن الحكومة والبرلمان من إيجاد حل للأزمة المصرفية.


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.