أعلن مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تُخطّط لإغلاق عشرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية حول العالم، بما يشمل تسريح عدد كبير من الموظفين والعاملين المحليين فيها بحلول الصيف المقبل، في سياق عمليات واسعة النطاق لخفض الإنفاق الحكومي.
وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مسؤولي وزارة الخارجية وضعوا خططاً لإغلاق عشرات القنصليات في الخارج، ويدرسون إغلاق مزيد منها، في ما قد يكون ضربة لجهود الحكومة الأميركية لبناء الشراكات وجمع المعلومات الاستخبارية. وتشمل الخطط تسريح كثير من المواطنين المحليين الذين يعملون في مئات البعثات، علماً أن هؤلاء يشكلون ثلثي القوة العاملة في وزارة الخارجية. ولاحظت أن هذه الإجراءات تُتخذ في وقت تفوقت فيه الصين على الولايات المتحدة في عدد المناصب الدبلوماسية العالمية. وأكدت أن أي إغلاق واسع النطاق للبعثات، وخاصة السفارات بأكملها، من شأنه أن يعيق عمل أجزاء كبيرة من الحكومة الفيدرالية، ويمكن أن يعرض الأمن القومي الأميركي للخطر، إذ تضم السفارات ضباطاً من الجيش والاستخبارات وإنفاذ القانون والصحة والتجارة والخزانة وغيرها من الوكالات، وكلها تراقب التطورات في الدولة المضيفة وتعمل مع المسؤولين المحليين لمكافحة كل شيء من الإرهاب إلى الأمراض المعدية إلى انهيار العملات.
ولدى الولايات المتحدة 271 منصباً دبلوماسياً عالمياً، يقابلها 274 منصباً للصين.
الاستخبارات

وأثار احتمال إجراء تخفيضات واسعة بعض القلق داخل وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي أيه»، التي يعمل عدد كبير من ضباطها بالخفاء من السفارات والقنصليات، متنكرين في هيئة دبلوماسيين، ومن شأن إغلاق المناصب الدبلوماسية أن يقلل خيارات «سي آي أيه» في ما يتعلق بأماكن وضع جواسيسها.
وتتزامن التخفيضات أيضاً مع الاستقالات الطوعية لكبار الموظفين من وزارة الخارجية، ومع تجميد التوظيف فيها. وكشف مسؤول أميركي أن الوقت الحالي يشهد دورة، مدتها 5 أسابيع، مخصصة لكبار الدبلوماسيين المحترفين الذين اختاروا التقاعد، تضم نحو 160 شخصاً، في واحدة من أكبر مجموعات الضباط المتقاعدين في الذاكرة الحديثة. وأضاف أن نحو 700 موظف، بينهم 450 دبلوماسياً محترفاً، قدّموا استقالتهم في أول شهرين من هذا العام. وهذا معدل كبير للغاية إذا قورن باستقالة نحو 800 شخص على مدار عام كامل في السابق.
وتشكل الجهود الرامية إلى خفض المناصب الدبلوماسية والموظفين في الخارج جزءاً من حملة داخلية لتقليص ميزانية عمليات وزارة الخارجية بنحو 20 في المائة.
جهود «دوج»

وتسارعت هذه العملية بفضل «دائرة الكفاءة الحكومية» (دوج) بقيادة إيلون ماسك، الذي ينفذ عمليات تطهير، للقضاء على الهدر الحكومي. ويعمل ممثل «دوج» إدوارد كوريستين (19 عاماً) في وزارة الخارجية للمساعدة في توجيه تخفيضات الميزانية في الوزارة.
وتقترح مذكرة متداولة داخل الوزارة إغلاق 12 قنصلية، معظمها في أوروبا الغربية، وفقاً لـ3 مسؤولين مطلعين على المذكرة. وأخطرت وزارة الخارجية لجنتين في الكونغرس الشهر الماضي بخطط عمليات الإغلاق. وأعلن مسؤولون، الاثنين الماضي، أنهم يخططون لإغلاق قنصلية في غازي عنتاب بتركيا.
ووفقاً لموقع «بوليتيكو»، تشمل القائمة القنصليات في فلورنسا بإيطاليا، ستراسبورغ بفرنسا، هامبورغ بألمانيا، وبونتا ديلغادا بالبرتغال، بالإضافة إلى قنصلية في البرازيل. وكان وزير الخارجية ماركو روبيو أرسل مذكرة إلى رؤساء البعثات في منتصف فبراير (شباط) الماضي، طالباً منهم التأكد من أن الموظفين في المناصب الخارجية «يُبقي على الحد الأدنى الضروري لتنفيذ أولويات السياسة الخارجية للرئيس» ترمب. وأضاف أنه يجب إلغاء أي مناصب شاغرة لمدة عامين.
توجيهات روبيو

وأرسلت برقية من واشنطن إلى البعثات العالمية، للطلب من جميع الموظفين البحث عن «الهدر والاحتيال والإساءة»، وهي العبارة التي يستخدمها ماسك لتبرير التخفيضات العميقة التي أجراها في الحكومة، وإجراء مراجعة لكل العقود التي تراوح تكلفتها بين 10 آلاف دولار و250 ألف دولار. وقد يساهم ذلك في خفض مقترح يصل إلى 20 في المائة من ميزانية تشغيل وزارة الخارجية.
وفي تصريحاته للموظفين في أول يوم له في الوزارة، قال روبيو إنه يقدر السلك الدبلوماسي، لكن «ستكون هناك تغييرات»، مضيفاً أن «التغييرات ليست مدمرة، وليست عقابية (...) ستكون التغييرات لأننا بحاجة إلى أن نكون وكالة في القرن الحادي والعشرين يمكنها التحرك».
ومنذ ذلك الحين، أشرف روبيو على تخفيضات جذرية في المساعدات الخارجية، وسمح لماسك بطرد أو تعليق عمل آلاف الموظفين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
ويستعد الموظفون في الخدمات الخارجية والمدنية التابعة لوزارة الخارجية لجولات من التسريح. ولدى الوزارة نحو 80 ألف موظف، منهم 50 ألف مواطن محلي في الخارج. وبين الباقين، هناك نحو 14 ألف دبلوماسي مدرب يتناوبون على العمل في الخارج، ويطلق عليهم ضباط الخدمة الخارجية والمتخصصون، و13 ألفاً من أعضاء الخدمة المدنية ويعملون في الغالب خارج واشنطن.
وفي الأسابيع الأخيرة، تم تداول قائمة بـ700 عامل في الخدمة المدنية يمكن فصلهم داخل الوزارة، ولكن حتى الآن تم تسريح 18 فقط ممن كانوا في وضع اختباري. ويناقش كبار المسؤولين دمج أجزاء من الوزارة. ومن بين المقترحات تخفيض رتبة مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان، من خلال الاندماج، فضلاً عن المكاتب العاملة في مكافحة المخدرات وقضايا اللاجئين والهجرة. وسيتم وضع مكتب المساعدات الخارجية التابع للوزارة وبقايا الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الصغيرة تحت نفس المظلة.











