الشرع في عمّان غداً... وبحث ملفات «الجنوب السوري» واللاجئين والمخدرات

ولي العهد الأردني في أنقرة للتنسيق بجهود إعمار غزة وسوريا و«داعش»

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يتوسط القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال زيارته لدمشق في يناير الماضي (سانا)
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يتوسط القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال زيارته لدمشق في يناير الماضي (سانا)
TT

الشرع في عمّان غداً... وبحث ملفات «الجنوب السوري» واللاجئين والمخدرات

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يتوسط القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال زيارته لدمشق في يناير الماضي (سانا)
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يتوسط القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال زيارته لدمشق في يناير الماضي (سانا)

يزور الرئيس السوري أحمد الشرع الأردن، الأربعاء، لتكون عمّان وجهته الثانية عربياً بعد الرياض، والثالثة بعد زيارته أنقرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، في تطور مهم يعكس مستوى العلاقات مع «سوريا ما بعد الأسد».

الزيارة التي بدأ التحضير لها منذ أيام فقط، ستبحث الملفات المشتركة بين البلدين، وعلى رأسها ملفات الأمن في الجنوب السوري، وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب، وعودة اللاجئين، ومكافحة عصابات تهريب المخدرات، إلى جانب دعم الأشقاء السوريين في ملفَي إعادة الأعمار، واستعادة كفاءة الأداء المؤسسي؛ لتحسين مستوى الخدمات المقدَّمة.

ضباط الشرطة السورية خلال حرق مخدرات في مقر الفرقة الرابعة بدمشق... الثلاثاء (إ.ب.أ)

وأعلنت مصادر من الديوان الملكي، أن لقاءً سيجمع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس السوري أحمد الشرع، في العاصمة، عمّان، في زيارة هي الأولى منذ هروب بشار الأسد إلى موسكو في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) نهاية العام الماضي، لتأتي الزيارة بعد يوم من لقاء ولي العهد الأردني الأمير الحسين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة، الثلاثاء.

أسعد الشيباني وحسام زكي خلال المؤتمر الصحافي بدمشق (وكالة الأنباء السورية)

وتأتي زيارة الشرع إلى عمّان قبل أيام من اجتماع القادة العرب في قمة عربية طارئة، المقرر انعقادها في الرابع من مارس (آذار) المقبل، في وقت تسعى فيه الدبلوماسية الأردنية لصناعة موقف عربي موحد في مواجهة أطروحات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية.

هل يعيد الشرع سوريا إلى محور الاعتدال؟

الجنوب السوري هو عقدة جغرافية تربط عمّان ودمشق بأولوية منع أي تدخلات عسكرية إسرائيلية من شأنها إعادة الفوضى في مناطق الجنوب السوري، كما من شأن تلك التدخلات المساس بحقوق الأردن وسوريا، ومصادرة أراضٍ ووضعها كأمر واقع تحت الاحتلال.

وفي حين يسعى الأردن للتعامل مع «الأمر الواقع» الجديد في دمشق، فإن مسؤوليين أردنيين أكدوا على «ديناميكية» الشرع في التعامل مع مشكلات سوريا وانقساماتها بعد الحرب التي انطلقت عام 2011، تزامناً مع أحداث الربيع العربي آنذاك. وعلى الرغم من قدرة الشرع، وإدارته المؤقتة، على التعامل مع الملفات المحلية، فإنه تبقى لدى مركز القرار في عمّان مخاوف من محاولات التدخلات الخارجية في سوريا، واستمرار محاولات تقسيم سوريا طائفياً ومذهبياً.

صورة نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في 30 يناير 2025 تظهر لقاء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)

وبتفاؤل، تتابع نخب أردنية «سوريا الجديدة» بعد هروب نظام الأسد. ويجد هؤلاء أن الصورة الذي قدَّم الشرع بها نفسه أمام الإعلام رسمت خطاً جديداً لدمشق، مغادرة بذلك محور الممانعة الذي انتمت إليه خلال عهد الأسدين، بشار وحافظ.

وعلى الرغم من المخاوف المرتبطة بتغير حلفاء دمشق إقليمياً، فإن استناد الشرع إلى العمق العربي، قد يدفع به إلى النجاح في إدارة المرحلة الانتقالية المحفوفة بتحديات داخلية سورية، فاختيار الشرع الرياض لتكون محطته الأولى في زياراته الخارجية، فيه تأكيد على استعادة سوريا ما فقدته من دعم عربي خلال سنوات الأزمة بفعل سياسات الأسد، وتحالفه مع إيران وأذرعها في المنطقة.

وقد يسهم دور الشرع اليوم من خلال حضوره القمة العربية الطارئة، مطلع الشهر المقبل، في استعادة دمشق دورها العربي والإقليمي في المستقبل القريب. وذلك في إطار معالجة أخطاء سابقة أدت إلى عزل سوريا عربياً وتركها ساحةً خلفيةً لانطلاق ميليشيات إيرانية هدَّدت أمن واستقرار جوار سوريا.

ولي العهد الأردني في أنقرة

في ثاني مهمة سياسية خارجية بعد لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، التقى ولي العهد الأردني الأمير الحسين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الثلاثاء، في أنقرة. وتعكس الزيارتان بداية الدور السياسي للأمير الشاب في الملفات الخارجية، بعد لقائه قيادات من الكونغرس الأميركي العام الماضي.

الرئيس إردوغان يستقبل ولي العهد الأردني في أنقرة (الرئاسة التركية)

وحمل الأمير الأردني في زيارته إلى أنقرة رسائل تتعلق بأولويات المرحلة في ظل التطورات الحاصلة. وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن ولي العهد، الأمير الحسين، بحث ملفات التنسيق الأمني الأردني - التركي، في مواجهة خطر عودة نشاط تنظيم «داعش» في سوريا، ومخاطر عودة نشاط الخلايا الإرهابية متعددة الانتماءات.

وجاء في الخبر الرسمي الصادر عن الديوان الملكي، أن «ولي العهد والرئيس التركي أكدا دعم الأردن وتركيا لأمن سوريا، واستقرارها، وسيادتها، ووحدة أراضيها، ولجهود الإدارة السورية الجديدة الرامية إلى إعادة الإعمار».

وعلى صعيد آخر، فإن المصادر أضافت لـ«الشرق الأوسط»، أن ولي العهد الأردني نقل للرئيس إردوغان طلباً أردنياً يمثل أطرافاً عربية؛ للمساهمة في الضغط على «حماس» لإبداء مرونة أكثر تجاه الخطة العربية من أجل إعادة إعمار غزة وإدارتها في اليوم التالي لوقف الحرب على غزة.

وهنا فإن ما يتمسَّك به الأردن هو «قطع الطريق على محاولات التهجير». ولضمان ذلك، فإن عمّان تسعى عبر دبلوماسيتها إلى «ضمان الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار، واستكمال عملية تبادل الأسرى، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، والتوافق على الجهة التي ستحكم غزة ما بعد الحرب».

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

وتجد عمّان أن التعنت الإسرائيلي وسعيه لفرض سيطرته على مناطق حدودية بالقطاع، وما يقابل ذلك من إصرار حركة «حماس» على حكم غزة وتمسكها بالسلاح في القطاع، تحديان أمام الجهود العربية في مواجهة خطط تهجير الفلسطينيين وتوسع الاستيطان في مناطق الضفة الغربية.

صورة من الاجتماع الأخير للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع الرئيس ترمب في البيت الأبيض (بلومبرغ - غيتي)

ما يبحث عنه الأردن بعد انفتاح واشنطن الأخير على فكرة المشروع العربي لإعادة إعمار غزة وإدارتها، هو عدم إضاعة الفرصة، وقطع الطريق على حكومة اليمين الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو لمعاودة الحرب على غزة، مع ضرورة الإسراع في إنجاز الخطة العربية، وتقديمها للإدارة الأميركية في ظل سباق المصالح الإسرائيلية وضغطها على أركان فاعلة في فريق الرئيس دونالد ترمب.

وجاء في الخبر الرسمي الصادر عن الديوان الملكي، أن لقاء ولي العهد الأردني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بحث التطورات في الإقليم، استناداً إلى الموقف المشترك للأردن وتركيا تجاه دعم القضية الفلسطينية، مؤكدَين ضرورة إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها. كما تطرَّق اللقاء إلى التصعيد الخطير في الضفة الغربية، والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس.

وأكد الجانبان ضرورة تكثيف الجهود لإيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، واستمرار التنسيق والتشاور من خلال «مجموعة الاتصال الإسلامية العربية بشأن غزة».


مقالات ذات صلة

تضارب أنباء عن زيارة متوقعة لعبدي إلى دمشق

شؤون إقليمية عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

تضارب أنباء عن زيارة متوقعة لعبدي إلى دمشق

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

خاص نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

يلتقي الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الـ5 منذ بدء ولايته الثانية، علماً بأن ترمب هو خامس الرؤساء الأميركيين ممن يلتقون نتنياهو.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في الكرملين بموسكو (الكرملين - وكالة الأنباء الألمانية)

روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أنّ روسيا تتوسط سرّاً بين إسرائيل وسوريا للتوصّل إلى اتفاق أمني بين الجانبين، وذلك بمعرفة ورضا الإدارة الأميركية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

أعلنت السلطات السورية ليل الأربعاء أنها ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم «داعش» بدمشق بالتنسيق مع التحالف الدولي في عملية «أمنية محكمة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
TT

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى مجلس النواب، وتعزّزت مسبقاً بطلب المصرف المركزي بإدخال «تحسينات وتحصينات» تضمن «العدالة والمصداقية وقابلية التطبيق العملي».

ووفق رصد أولي أجرته «الشرق الأوسط»، يتلقى الكثير من الخبراء ومديري البنوك والصحافيين الاقتصاديين، سيلاً من الاتصالات من مودعين حائرين في استنباط مصير مدخراتهم طبقاً لمندرجات المشروع، وأوجه الاختلاف مع الآليات السارية بموجب تعاميم مصرف لبنان، ومدى جدية الضمانات للسندات المؤجلة، وسط تأكيد الالتزام بمنع التصرف باحتياط الذهب بأي وسيلة، طبقاً للقانون رقم 42 الصادر في عام 1986.

وبرز خصوصاً ضمن الأسئلة، جانب من معاناة أصحاب الودائع غير الكبيرة؛ إذ ينص المشروع على تمكينهم من استرداد مائة ألف دولار بالتقسيط لمدة أربع سنوات، ثم يضطرون للانتظار بعدها استحقاق السند الموعود عقب 10 سنوات. وبين هؤلاء، نماذج لأفراد مسنّين كانوا ادخروا في المصارف تعويضات نهاية الخدمة في القطاعين العام والخاص على السواء، وتتعدى حساباتهم مبلغ المائة ألف دولار، تصل إلى مئتين أو ثلاثة، وكانت تشكل مصدر دخل معيشي من خلال العوائد الشهرية بالحدود الدنيا.

غموض المشروع

وتكتسب هذه التساؤلات أحقية قانونية وإجرائية في ضوء الغموض الذي يكتنف بعض المحاور الأساسية في المشروع، وفق مسؤول مالي معني، ولا سيما ما يخص دور الدولة وحجم مساهمتها في معالجة ميزانية «البنك المركزي»، والذي يشكل الركيزة الأساسية لتحديد مصير توظيفات البنوك التي تتعدى 80 مليار دولار لديه، توطئة لطمأنة المودعين بفاعلية الاقتراحات الواردة في المشروع.

رئيس الحكومة نواف سلام يعلن عن إقرار مشروع قانون «الفجوة المالية» في القصر الحكومة الجمعة (أ.ف.ب)

ولا تنأى الشكوك عن عمليات تزويد المودعين بسندات ذات استحقاقات مؤجلة إلى 10 و15 و20 سنة، لكامل المبالغ التي تتعدّى مائة ألف دولار، باعتبار أن مخزون احتياط العملات الصعبة لدى «المركزي»، لا يكفي حالياً لسداد حصة البنك المركزي من الحد المضمون بمبلغ 100 ألف دولار لكل مودع، ولا توجد موارد تضمن استدامة تغذيته لإيفاء كامل المدخرات نقداً خلال 4 سنوات وسندات آجلة، ما لم يحدّد القانون موارد مستدامة وموازية لمستحقات ودائع تبلغ دفترياً نحو 84 مليار دولار، وحتى بعد تنقيتها وعزل غير المشروع منها، بحيث يؤمل إنقاصها بنحو 20 إلى 30 مليار دولار.

حجم الخسائر

ويشكل غياب «الداتا» الموثقة لحجم الخسائر وإجمالي المستحقات القابلة للسداد سنوياً، كحصص شهرية ونسبة 2 في المائة سنوياً من الودائع المتوسطة والكبيرة لاحقاً، بمنزلة الفجوات الرديفة للفجوة الأساسية البالغة نحو 73 مليار دولار، والقابلة بدورها لإعادة هيكلة رقمية بموجب تنظيف الميزانيات في القطاع المالي (مصرف لبنان والمصارف)، ما يفرض تلقائياً، حسب المسؤول المالي، التريث في تحديد كامل آليات السداد لضرورة مطابقتها مع المعطيات الإحصائية، ثم مع قياسات التدفقات النقدية التي يقتضي تنسيقها مع مؤسسات مالية دولية، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي.

وفي نطاق الضمانة للسندات المؤجلة المزمع إصدارها من قبل البنك المركزي، لاحظ المسؤول المالي «أن التأكيد الحكومي على التزام المانع التشريعي لمنع التصرف باحتياط الذهب، البالغ نحو 9.2 مليون أونصة، والذي تعدت قيمته السوقية حالياً مستوى 40 مليار دولار، يضع المسألة بكاملها في مرمى انعدام الثقة بالسلطات أو تآكلها المزمن على أقل تقدير».

وتشير التجارب على مدار سنوات الأزمة إلى عجوزات السلطات المتكررة في التزام وعودها الإصلاحية وإجراء عمليات التدقيق المحاسبي والجنائي في مكامن الهدر والفساد، بل هي بادرت، عبر حكومة الرئيس حسان دياب في 2020، إلى إشهار تعليق كامل مستحقات الديون السيادية الدولية (اليوروبوندز)، لتنفق بعدها ما يزيد على 11 مليار دولار على دعم غير منضبط للسلع الأساسية وغير الأساسية ومصروفات متفلتة أفضت إلى تبديد أكثر من 20 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي.

أسئلة سياسية عن التمويل

ولا تقتصر الأسئلة عن التمويل على القطاع المصرفي، بل تتوسع إلى المستوى السياسي؛ إذ قال وزير العدل عادل نصار في حديث إذاعي، إن «السؤال الجوهري المطروح هو مصدر التمويل لتنفيذ هذا القانون، حيث اُقرّ القانون بسرعة لأسباب سياسية، ولم نستطع معرفة القدرة على تمويل هذه الخطة، والهاجس لديّ كان التأكد من أن وضع المودع سيكون أفضل بما هو عليه اليوم».

وشدّد نصار، الذي شارك في التصويت ضد المشروع، على أن «التدقيق الجنائي ضروري؛ لأنه لا يمكننا تحميل المودعين المسؤولية دون إعلامهم بما حصل وتوزيع المسؤوليات بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف».


اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية، العاملة في جنوب لبنان، (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين، في حين نفّذ الجيش اللبناني تفتيشاً لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني، بناءً على طلب لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار «الميكانيزم»، وتبيّن أنها خالية من الأسلحة.

وقالت وسائل إعلام محلية إن توتراً شهدته بلدة الأحمدية في البقاع الغربي (جنوب شرقي لبنان)، أثناء قيام دورية تابعة لـ«اليونيفيل» بجولة ميدانية مؤلّلة داخل أحياء البلدة، من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني أو مع أهالي المنطقة.

جنود نيباليون تابعون لقوات «اليونيفيل» المرابطة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في صورة تعود إلى 8 ديسمبر الحالي في مقرهم بقرية ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وحين دخلت الدورية اعترض السكان الدورية وطلبوا من عناصرها التوقف عن متابعة جولتهم حتى حضور الجيش اللبناني. وخلال الاحتكاك، أقدم عناصر من «اليونيفيل» على رمي قنابل دخانية باتجاه السكان. وعلى الفور حضرت وحدات من الجيش اللبناني إلى المكان؛ حيث عملت على تطويق الإشكال وتهدئة الوضع.

إطلاق نار إسرائيلي

وكان هذا التوتر الحادثة الثانية التي تتعرض لها قوات «اليونيفيل» في الجنوب خلال 24 ساعة، بعدما أُصيب أحد عناصرها بجروح طفيفة جراء إطلاق نار إسرائيلي. وقالت البعثة الدولية، في بيان، إن «نيران رشاشات ثقيلة أُطلقت صباح الجمعة من مواقع الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق، بالقرب من دورية تابعة لقوات (اليونيفيل) كانت تتفقد عائقاً على الطريق في قرية بسطرة». وجاء إطلاق النار عقب انفجار قنبلة يدوية في مكان قريب.

وأوضح البيان أنه «بينما لم تلحق أي أضرار بممتلكات (اليونيفيل)، تسبب صوت إطلاق النار والانفجار في إصابة أحد جنود حفظ السلام بإصابة طفيفة بارتجاج في الأذن».

وفي حادثة منفصلة يوم الجمعة في بلدة كفرشوبا، أبلغت دورية حفظ سلام أخرى، كانت تقوم بمهمة عملياتية روتينية، عن إطلاق نار من الجانب الإسرائيلي على مقربة من موقعها.

وأكد البيان أن «(اليونيفيل) كانت قد أبلغت الجيش الإسرائيلي مسبقاً بالأنشطة في تلك المناطق، وفقاً للإجراءات المعتادة للدوريات في المناطق الحساسة قرب الخط الأزرق».

وجاء ذلك بالتزامن مع عملية تمشيط قامت بها القوات الإسرائيلية انطلاقاً من موقع «روبية السماقة» باتجاه الأطراف الجنوبية لبلدة كفرشوبا.

ووفق بيان «اليونيفيل»، «تُعدّ الهجمات على جنود حفظ السلام أو بالقرب منهم انتهاكات خطيرة لقرار مجلس الأمن الدولي (1701)». وجددت البعثة دعوة الجيش الإسرائيلي «بالكف عن السلوك العدواني والهجمات على جنود حفظ السلام العاملين من أجل السلام والاستقرار على طول الخط الأزرق أو بالقرب منهم».

تفتيش المنازل

وغالباً ما تقوم «اليونيفيل» بمهام مشتركة مع الجيش اللبناني في منطقة عملياتها، خصوصاً حين تكون في مواقع مأهولة بالسكان. ورافقت دوريات من «اليونيفيل»، الجيش اللبناني السبت، في مهام تفتيش لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني بجنوب لبنان، بناءً على طلب لجنة «الميكانيزم».

وطلبت «الميكانيزم»، من الجيش اللبناني بالتعاون مع «اليونيفيل»، الكشف عن أحد المنازل في بلدة بيت ياحون قضاء بنت جبيل، بعد موافقة صاحبه.

عناصر من الجيش اللبناني بالقرب من الحدود مع إسرائيل في 28 نوفمبر 2025 (رويترز)

وأوضح صاحب المنزل، علي كمال بزي، أنّه «تلقى اتصالاً من مخابرات الجيش بعد منتصف ليل الجمعة-السبت يسأله عن عودته من فنزويلا، فأكد أنّه موجود في لبنان، ويقطن في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، فطلب منه إرسال مفتاح المنزل لتفتيشه بناءً على طلب (الميكانيزم)، مشيراً إلى أنّ المنزل خالٍ وغير مسكون، وهو ما تم بالفعل».

وتزامن ذلك مع مهمتين إضافيتين؛ حيث كشف الجيش أيضاً عن منزلين آخرين، «أحدهما في بلدة كونين، والثاني في قرية بيت ليف»، حسبما أفادت وكالة «الأنباء المركزية»، التي أشارت إلى أن «جميع المنازل تبين أنها خالية من أي عتاد عسكري».

وفي بيانٍ أصدرته بلدية بيت ياحون، أكدت أنّ الجيش تواصل معها بشأن الموضوع، وأنها «لبّت النداء للكشف عن هذا المنزل»، مشددةً على «التأكيد أمام الرأي العام أنّ هذا البيت خالٍ من الأسلحة».

وفي الإطار نفسه، انتشر مقطع مصوّر لرئيس بلدية بيت ياحون مصطفى مكي، أوضح فيه أنّ طلب التفتيش ورد إلى الجيش اللبناني عبر لجنة «الميكانيزم»، وأن الإجراء أُنجز وفق الأصول الرسمية، وبحضور الجهات المحلية المختصة، لافتاً إلى أن البلدية تتابع هذه الخطوات «حرصاً على الشفافية، ومنع أي التباس لدى الأهالي».


مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

تتجَّه حركة «حماس»، خلال الأيام المقبلة، إلى انتخاب رئيس عام لمكتبها السياسي؛ بهدف سد المركز الشاغر منذ مقتل رئيس المكتب السابق يحيى السنوار بشكل مفاجئ، خلال اشتباكات خاضها إلى جانب مقاتليه في مدينة رفح بشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بعدما كان قد اختير خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل نهاية يوليو (تموز) من العام نفسه، في العاصمة الإيرانية طهران.

وكشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مرجحةً أن يتم انتخاب نائب له إما خلال الفترة نفسها أو لاحقاً بعد إجراء بعض الترتيبات الداخلية، بما يمكن أيضاً اختياره، وليس انتخابه، كما ستكون الحال بالنسبة لرئيس «حماس».

من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (أرشيفية - إعلام تابع لحماس)

وقالت المصادر إن هناك أكثر من مرشح لقيادة حركة «حماس»، من بينهم خالد مشعل، وكذلك خليل الحية، وشخصيات أخرى، مبينةً أن عملية الانتخاب ستتم ضمن قوانين الحركة الداخلية والمتبعة منذ سنوات، وأن هناك أجواء أخوية تسود استعداداً لهذه الانتخابات.

وأشارت المصادر إلى أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي العام هدفه تحقيق مزيد من الاستقرار والطمأنينة داخل الحركة، وحتى لنقل رسالة واضحة للعالم الخارجي بأن الحركة ما زالت متماسكة، ولديها الكادر القيادي الذي يستطيع أن يكون مسؤولاً عن كل شيء، ولديه القدرة على اتخاذ قرارات ضمن إجماع كامل داخل المكتب السياسي، كما هي الحال قبل الاغتيالات التي جرت خلال الحرب.

وبيَّنت المصادر، أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي، لن ينهي دور المجلس القيادي الحالي الذي تمَّ تشكيله لقيادة الحركة بعد الاغتيالات التي طالت هنية والسنوار، مبينةً أنه سيتم اعتباره مجلساً استشارياً يتابع كل قضايا «حماس» داخلياً وخارجياً، ويتم التشاور فيما بينه بشأن مصير تلك القضايا، وذلك حتى انتهاء ولايته في عام 2026.

وأشارت المصادر إلى أنه «لن تقام انتخابات كاملة للمكتب السياسي حالياً، ويتوقع أن هذه الانتخابات ستحصل بعد عام».

فلسطينيون يتظاهرون في الخليل بالضفة الغربية يوليو 2024 تندّيداً باغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

ولن تشمل الانتخابات، أي أطر أخرى، وستكون فقط لرئيس المكتب السياسي العام حالياً. كما توضِّح المصادر.

وبشأن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، بعد اغتيال السنوار، وعدم تعيين خليفة له، قالت المصادر، إن خليل الحية حالياً هو رئيس المكتب في القطاع، وفي حال أصبح رئيساً للمكتب السياسي العام، فسيتم تكليف شخص آخر وفق آليات معينة ليكون بديلاً له، وقد يكون من داخل القطاع نفسه، لافتةً إلى أن حالياً يوجد أعضاء مكتب سياسي بغزة تم تكليفهم لإدارة ملفات عدة.

وقالت المصادر، إن أعضاء المكتب السياسي الذين اغتالتهم إسرائيل داخل قطاع غزة، تم بشكل مؤقت تكليف آخرين للقيام بمهامهم التي كانت موكلة إليهم، ومن بين ذلك أسرى محررون كانوا مقربين جداً من السنوار.

وعانت «حماس» من سلسلة اغتيالات طالت قياداتها خلال الحرب التي استمرَّت عامين، ومن بينهم قيادات داخل وخارج قطاع غزة، ومن أبرزهم في الخارج، هنية، ونائبه السابق صالح العاروري الذي اغتيل في لبنان، خلال شهر يناير 2024.

ويشهد قطاع غزة، سلسلةً من الترتيبات الإدارية التنظيمية على المستويين القياديَّين الأول والثاني، وحتى على مستويات سياسية وأمنية واجتماعية وعسكرية مختلفة؛ بهدف سد الشواغر التي خلفتها عمليات الاغتيال الإسرائيلية.