نيجيريا: مواجهات عنيفة بين «بوكو حرام» و«داعش»

مخاوف من توسع المعارك والسكان يدفعون الثمن

مقاتلو تنظيم «القاعدة» متحمسون للقضاء على «داعش» (وسائل التواصل الاجتماعي)
مقاتلو تنظيم «القاعدة» متحمسون للقضاء على «داعش» (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT
20

نيجيريا: مواجهات عنيفة بين «بوكو حرام» و«داعش»

مقاتلو تنظيم «القاعدة» متحمسون للقضاء على «داعش» (وسائل التواصل الاجتماعي)
مقاتلو تنظيم «القاعدة» متحمسون للقضاء على «داعش» (وسائل التواصل الاجتماعي)

مقاتلو تنظيم «القاعدة» متحمسون للقضاء على «داعش» (وسائل التواصل الاجتماعي)
مقاتلو تنظيم «القاعدة» متحمسون للقضاء على «داعش» (وسائل التواصل الاجتماعي)

تصاعدت وتيرة المعارك في شمال شرقي نيجيريا، ما بين فصيلين من جماعة «بوكو حرام»، أحدهما يبايع تنظيم «داعش» والآخر محتفظ بالولاء لتنظيم «القاعدة»، وفق ما أكدت تقارير واردة من المنطقة.

وأشارت هذه التقارير التي اعتمدت على تصريحات مصادر محلية وخبراء في الشأن الأمني، إلى أن معارك عنيفة اندلعت قبل أسبوعين، وتواصلت منذ ذلك الوقت، وخسر فيها تنظيم «داعش» العشرات من مقاتليه.

المواجهة الكبرى

وحذَّرت التقارير مما سمته «مواجهة كبرى» ما بين «داعش» و«بوكو حرام»، ستكون تداعياتها خطيرة على السكان المحليين في منطقة حوض بحيرة تشاد، الواقعة على الحدود ما بين نيجيريا، وتشاد، والكاميرون والنيجر.

مسلح من تنظيم «القاعدة» يطلق الرصاص في الهواء بعد حسم المعركة (وسائل التواصل الاجتماعي)
مسلح من تنظيم «القاعدة» يطلق الرصاص في الهواء بعد حسم المعركة (وسائل التواصل الاجتماعي)

وأوضحت التقارير أن «جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد» المعروفة باسم «بوكو حرام» جمعت المئات من مقاتليها في المنطقة استعداداً لهذه المواجهة، في حين حشد «تنظيم داعش في غرب أفريقيا» مقاتليه استعداداً للمعركة.

وأكدت المصادر في المنطقة أن تحركات رُصدت لعناصر مسلحة من جماعة «بوكو حرام» متوجهة نحو معاقل «داعش» في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، وقال الخبير الأمني في المنطقة زاغازولا مكاما، إن المصادر أكدت عبور مسلحين من «بوكو حرام» حوض بحيرة تشاد على متن قوارب، قادمين من منطقتي لوكو ليبي وداراك الواقعتين على الحدود بين نيجيريا والكاميرون.

جانب من المعارك في لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته «بوكو حرام» (وسائل التواصل الاجتماعي)
جانب من المعارك في لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته «بوكو حرام» (وسائل التواصل الاجتماعي)

وقال الخبير الأمني إن مصادره أكدت أن مقاتلي «بوكو حرام» مدججون بالسلاح، ويتوجهون نحو منطقة مارتي، حيث يوجد أكبر معسكر تابع لتنظيم «داعش في غرب أفريقيا»، ويعتقد أنه مقر قيادة التنظيم.

وساطة فاشلة

يأتي هذا التصعيد بعد أسبوعين من انهيار مساعي وساطة محلية من أجل تحقيق «مصالحة» أو «هدنة» بين التنظيمين المتناحرين، وبمجرد انهيار المساعي اندلع القتال في منطقة أبادام، التي تتبع لولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا.

وأكدت مصادر محلية عدّة أن آخر اشتباك بين التنظيمين، كان يوم 14 فبراير (شباط) الحالي، بالقرب من معسكرات «داعش» في منطقتي تونبون جيني وتونبون علي، حين هاجم مقاتلو «بوكو حرام» معسكرات «داعش».

وقالت المصادر إن «داعش» تكبد خسائر فادحة خلال المعارك التي دار أغلبها داخل المياه، حيث تنتشر الأنهار والبرك المائية في المنطقة الواقعة ضمن دائرة حوض بحيرة تشاد، وهي واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.

وحذر الخبراء في الشؤون الأمنية من تصاعد وتيرة الاقتتال بين التنظيمين نحو مناطق جديدة، خصوصاً نحو منطقة كوكَوا في نيجيريا، واقترابه أكثر من الحدود مع الكاميرون، حيث يواصل مقاتلو «بوكو حرام» استهداف معاقل تنظيم «داعش».

صراع نفوذ

اندلع هذا الصراع عام 2016، حين أعلن فصيل من جماعة «بوكو حرام» الانشقاق عن تنظيم «القاعدة» ومبايعة تنظيم «داعش»، وأصبح يحمل اسم «داعش في غرب أفريقيا»، ومنذ ذلك الوقت يحاول الفصيل المنشق بسط نفوذه على المنطقة.

وشهدت السنوات الماضية مواجهات عنيفة بين التنظيمين، خصوصاً في حوض بحيرة تشاد، حيث يسعى كل طرف إلى فرض سيطرته على المناطق الاستراتيجية الغنية بالموارد.

وفي بعض الفترات نجح الفصيل الموالي لتنظيم «داعش» في الصعود بقوة، وتحقيق مكاسب كبيرة على الأرض، لكن «بوكو حرام» عادت مؤخراً بقوة وبدأت تبسط نفوذها على مناطق ظلت لسنوات تحت سيطرة «داعش».

ويتنافس التنظيمان على النفوذ في منطقة غنية بالموارد الزراعية والمعدنية، في حين يدفع السكان المحليون ثمن هذا التنافس المسلح، حيث شنت «بوكو حرام» هجوماً في يناير (كانون الثاني) الماضي قتل فيه 40 مزارعاً محلياً، تتهمهم بدفع إتاوات لصالح تنظيم «داعش»، مقابل السماح لهم بزراعة أراضيهم.

«بوكو حرام» استخدمت زوارق مجهزة بمدافع كبيرة لمهاجمة معاقل «داعش» في بحيرة تشاد (وسائل التواصل الاجتماعي)
«بوكو حرام» استخدمت زوارق مجهزة بمدافع كبيرة لمهاجمة معاقل «داعش» في بحيرة تشاد (وسائل التواصل الاجتماعي)

حرب إقليمية

في ظل الصراع ما بين «بوكو حرام» و«داعش»، شكّلت دول المنطقة (نيجيريا، وتشاد، والكاميرون، والنيجر وبنين) قوة عسكرية إقليمية مشتركة، هدفها توحيد الجهود من أجل القضاء على خطر الإرهاب.

وأعلنت هذه الدول أن قوتها العسكرية الإقليمية نجحت في تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض، وقال رئيس أركان الدفاع النيجيري، الجنرال كريستوفر غوابين موسى، في تصريحات يناير الماضي، إن القضاء على الإرهاب «مسألة وقت».

وأضاف الجنرال أنه منذ بداية العمليات العسكرية المشتركة ضد «بوكو حرام» استسلم أكثر من 120 ألفاً من عناصر التنظيم الإرهابي، بينهم 60 ألف طفل كان يتم استغلالهم في المعارك.

ورغم هذه المكاسب العسكرية، فإن الهجمات الإرهابية لم تتوقف، كما يسيطر الإرهابيون على مناطق من نيجيريا، لم يتمكن الجيش من تحريرها.


مقالات ذات صلة

الصومال يعرض على أميركا سيطرة حصرية على قواعد جوية وموانٍ

أفريقيا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (رويترز)

الصومال يعرض على أميركا سيطرة حصرية على قواعد جوية وموانٍ

قال الرئيس الصومالي، في رسالة إلى نظيره الأميركي، إن الصومال مستعد لعرض السيطرة الحصرية للولايات المتحدة على قواعد جوية وموانٍ استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي وزير خارجية إريتريا (الرئاسة المصرية)

مصر وإريتريا ترفضان مشاركة دول غير مشاطئة في تأمين وحوكمة البحر الأحمر

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع وزير خارجية إريتريا عثمان صالح، في القاهرة، الأحد، سبل حماية البحر الأحمر وتعزيز جهود الدول المشاطئة في حوكمته وتأمينه.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عمليات عسكرية للجيش الصومالي بإقليم شبيلي الوسطى ضمن ولاية هيرشبيلي الإقليمية (وكالة الأنباء الصومالية)

«معارك شبيلي»... الصومال يُضيق الخناق على حركة «الشباب»

دخلت وتيرة المعارك بين الجيش الصومالي وحركة «الشباب» الإرهابية في إقليم شبيلي الوسطى مرحلة جديدة، مع زيادة العمليات ضد «الإرهابيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

«مقترح» قاعدة أميركية بـ«أرض الصومال» يعيد الجدل حول الإقليم الانفصالي

جدل جديد يحيط «أرض الصومال» للعام الثاني على التوالي، عقب تجديد مقترح إنشاء قاعدة عسكرية أميركية حول مدينة بربرة الساحلية الاستراتيجية الرئيسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر تُعمّق حضورها الأفريقي بتعزيز التعاون مع كينيا

ضمن مساعٍ مصرية لتعميق الحضور في القارة الأفريقية، تعزز مصر تعاونها مع كينيا عبر مشروعات في الطاقة والزراعة والصحة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مصر لتعظيم الاستفادة السياحية من «مربع الوزارات» في وسط القاهرة

مجمع التحرير من بين المباني الحكومية التي تخضع للتطوير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مجمع التحرير من بين المباني الحكومية التي تخضع للتطوير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT
20

مصر لتعظيم الاستفادة السياحية من «مربع الوزارات» في وسط القاهرة

مجمع التحرير من بين المباني الحكومية التي تخضع للتطوير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مجمع التحرير من بين المباني الحكومية التي تخضع للتطوير (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تستهدف الحكومة المصرية تعظيم الاستفادة من منطقة «مربع الوزارات»، وسط القاهرة، واستغلال الأصول والمقارّ الحكومية التاريخية في المجال السياحي.

وتابع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «إجراءات تعظيم الاستفادة من منطقة (مربع الوزارات) بالقاهرة، وطرحها للقطاع الخاص». ووجّه في اجتماع حكومي الأحد، عُقد لمتابعة طرح منطقة «مربع الوزارات»، بـ«قيام مجموعة عمل من الوزارات والجهات المعنية، بإعداد كراسة خاصة بطرح المنطقة، تتضمن إجابات واضحة عن كل تساؤلات المستثمرين من القطاع الخاص»، حسب إفادة لمجلس الوزراء المصري.

رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي لمناقشة الاستفادة من منطقة وسط القاهرة - (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي لمناقشة الاستفادة من منطقة وسط القاهرة - (مجلس الوزراء المصري)

ويضمّ «مربع الوزارات» عدة مبانٍ ذات طابع مميز. من بينها: «مجمع التحرير»، ومبنى وزارة العدل، ومقر وزارة التربية والتعليم، ومبنى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ومقر الهيئة العامة للتخطيط العمراني، ومبنى وزارة التموين والتجارة الداخلية، ومقر وزارة الإنتاج الحربي.

منطقة وسط القاهرة (تصوير عبدالفتاح فرج)
منطقة وسط القاهرة (تصوير عبدالفتاح فرج)

ومع انتقال مقارّ الوزارات والجهات الحكومية من وسط القاهرة، إلى «العاصمة الإدارية الجديدة» (شرق القاهرة)، أعلنت الحكومة المصرية إعادة استغلال مباني الوزارات، وخصوصاً التاريخية، بالتعاون مع القطاع الخاص، حيث أعلن «صندوق مصر السيادي» تحويل مبنى «مجمع التحرير» إلى مبنى فندقي، مع الحفاظ على الطابع التاريخي له.

وخلال الاجتماع، أشار مدبولي إلى «جهود حكومته لسرعة طرح منطقة (مربع الوزارات) على القطاع الخاص، للاستفادة منها في المجال السياحي، على وجه الخصوص»، حسب مجلس الوزراء المصري.

بدوره، استعرض وزير الاستثمار المصري، حسن الخطيب، خلال الاجتماع «الإجراءات التي تتخذها وزارته، ممثلة في صندوق مصر السيادي، لتعظيم الاستفادة من عدد من الأصول التابعة للدولة». وأشار إلى أنه «يعكف على تجميع عدد من الأفكار والرؤى، من مختلف المختصين، بشأن طرح منطقة (الوزارات)، والاستفادة من منطقة (القاهرة الخديوية)، وسط العاصمة المصرية، بوجه عام، مع الحفاظ على طابعها المعماري والحضاري».

قصر تابع لوزارة الخارجية المصرية بميدان التحرير (تصوير عبدالفتاح فرج)
قصر تابع لوزارة الخارجية المصرية بميدان التحرير (تصوير عبدالفتاح فرج)

وحسب بيان الحكومة المصرية، طرح رجل الأعمال المصري، وعضو اللجنة الاستشارية لتطوير السياحة المصرية، هشام طلعت مصطفى، خلال الاجتماع، «عدداً من الأفكار، بشأن تطوير منطقة (مربع الوزارات)، بما يساهم في تحقيق مزيد من العوائد للحكومة المصرية». وأشار إلى أهمية «وجود رؤية محددة ومتكاملة لتخطيط استخدامات المنطقة، لتلبية رغبة الحكومة في زيادة حجم الغرف الفندقية وسط القاهرة».

وعدّ طلعت مصطفى أن منطقة وسط القاهرة «في حاجة إلى زيادة الغرف الفندقية، بالنظر لما تشهده من إقبال من السائحين»، ودعا إلى ضرورة «التفكير في تحويل المنطقة لتكون أكثر جذباً للسائحين، وللمستثمرين في المجال الفندقي».

وتسعى الحكومة المصرية إلى زيادة الاستثمارات في قطاع السياحة، بتعزيز مشاركة القطاع الخاص، ودعم دوره في «التسويق والترويج للمقاصد السياحية المصرية»، كما أكدت وزارة السياحة المصرية على أهمية «إقامة مزيد من الفنادق والمنتجعات السياحية، بما يساهم في استيعاب الزيادة في أعداد السياحة الوافدة لمصر».

وسبق أن أعدت الحكومة المصرية «دراسة تخطيطية وعمرانية، للاستغلال الأمثل، لمنطقة وسط القاهرة»، وفق رئيس الوزراء المصري.

وتتميز منطقة «الوزارات» وسط العاصمة المصرية، بطراز معماري فريد، لا يمتلكه كثير من الدول، وفق رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري (البرلمان)، محمد عطية الفيومي. وأشار إلى أن «المظهر الحضاري للمنطقة تعرض للتشويه في السنوات الأخيرة، بسبب بعض الأنشطة التجارية فيها».

مبنى تراثي بوسط القاهرة (تصوير عبدالفتاح فرج)
مبنى تراثي بوسط القاهرة (تصوير عبدالفتاح فرج)

ويرى الفيومي أن اهتمام الحكومة المصرية بإعادة تطوير المنطقة، واستعادة مكانتها الحضارية والمعمارية، «خطوة ضرورية، وستكون إضافة للسياحة المصرية»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة «تنويع مجالات الاستفادة منها، سياحياً وثقافياً وتراثيا»، وقال إنه يمكن أن «تتحول المنطقة إلى عاصمة مصر الثقافية».

وتعوّل مصر على قطاع السياحة، كمصدر مؤثر في توفير العملات الأجنبية وفرص العمل، وحقّقت القاهرة رقماً قياسياً في تدفقات السائحين العام الماضي، باستقبالها نحو 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، رغم الاضطرابات الإقليمية، حسب مجلس الوزراء المصري.

ووفق تقدير رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، «هناك اهتمام من القطاع الخاص، للمشاركة في تنمية منطقة (الوزارات) لاستغلالها سياحياً»، غير أنه أشار إلى أن هناك تحديات تواجه تطوير المنطقة، من بينها «انتشار ورش تصنيع الملابس والأحذية»، وقال إنه «يجب معالجة تلك الأعمال والممارسات بشكل قانوني».