يشعر الكثير من الأطفال اليوم بأن العالم ينهار من حولهم بسبب الأحداث المضطربة التي تقع كل يوم، حيث وصل القلق بشأن المستقبل إلى مستويات غير مسبوقة، وخاصة بين الأجيال الأصغر سنا.
ويرجع السبب في هذه المشكلة إلى حد كبير إلى الاستخدام المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما أكده الدكتور غوردان غروميت أستاذ علم النفس في جامعة ميشيغان لموقع «سايكولوجي توداي».
وقال غروميت إنه، بالإضافة لزيادة مشاعر القلق بين الأطفال بشأن الأحداث الجارية، فقد جعلت مواقع التواصل الأطفال تعساء وبائسين بطرق أكثر عمقا، وعززت المشاعر السلبية لديهم، والتي من ضمنها عدم وجود هدف محدد لهم في الحياة.
فقدان الهدف والطموح
يقول غروميت: «لم يعد أطفالنا اليوم جزءاً من المجتمعات المترابطة التي كانت تمنحنا قديماً شعوراً بالهدف والاتجاه. وبدلاً من ذلك، يكافح الكثيرون ما أسميه (فراغ الهدف) حيث يتعرض الأطفال لسيل من المحتوى المصمم لبيع أسلوب حياة محدد لهم بزعم أنه (أسلوب الحياة المثالي)، وأصبح من الصعب عليهم أكثر من أي وقت مضى إنجاز أي شيء أو تحديد هدف أو طموح خاص بهم في الحياة».

تراجع الانتماء الديني
أبرزت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث في عام 2023 اتجاهاً مثيراً للقلق بين الأطفال والمراهقين نتيجة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهو انخفاض الانتماء الديني بشكل مطرد.
وعلى مدار العشرين عاماً الماضية، أصبح المزيد والمزيد من المراهقين والأطفال الصغار يعتبرون أنفسهم «لا ينتمون إلى أي دين»، وذلك بتشجيع من مجموعات وصفحات مواقع التواصل.
ويقول غروميت: «إن هذا الافتقار إلى الارتباط بالدين يترك العديد من الأطفال من دون الأرضية الثابتة التي اعتمدت عليها الأجيال السابقة لمواجهة تحديات الحياة».
أزمة الصحة العقلية
أصبحت الصحة العقلية للأطفال والمراهقين مصدر قلق كبير في مختلف الدول.
وفي السنوات الأخيرة، ازدادت نسبة الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم بالقلق والاكتئاب بشكل كبير حيث تزايد الشعور بالضيق بينهم بشكل كبير.
وأظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على 555 من طلاب الجامعات أن استراحة لمدة أسبوع واحد من وسائل التواصل الاجتماعي قلّلت بشكل كبير من مستويات التوتر، خاصة بين الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط.
كما كشفت دراسة بحثية أخرى أجريت عام 2022 على فتيات، تتراوح أعمارهن بين 10 و19 عاماً، أن التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة 3 أيام فقط قلّل بشكل كبير من مراقبتهن لأجسادهن فيما يتعلق مثلاً بالخجل من شكل أجسادهن أو ملاءمة الملابس لهن.
كيف نتصدى لهذه المشكلة؟
في حين لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، فإن الحد من وقت الشاشة والتحكم في المحتوى الذي يتعرض له الأطفال يمكن أن يقطع شوطاً طويلاً في مساعدتهم على إعادة الاتصال بأنفسهم والإحساس بالهدف.
وتظهر الأبحاث أن الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي بالفعل إلى تحسين الإحساس بالرضا عن الحياة.
وأفادت إحدى الدراسات التي أجريت على 230 طالباً جامعياً أن المشاركين الذين حدّوا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة فقط في اليوم لمدة أسبوعين، عانوا بشكل أقل بكثير من الاكتئاب والوحدة والقلق والخوف من تفويت شيء ما، في حين زادت مشاعرهم الإيجابية.



