كيف يُحسّن الذكاء الاصطناعي دقة الكشف المبكر عن آفات النباتات؟

الذكاء الاصطناعي وتقنيات الاستشعار عن بُعد تعززان الزراعة الدقيقة

تقنيات الذكاء الاصطناعي ساهمت في الكشف المبكر عن آفات أوراق الأرز بمصر (دورية ساينتفك ريبورتس)
تقنيات الذكاء الاصطناعي ساهمت في الكشف المبكر عن آفات أوراق الأرز بمصر (دورية ساينتفك ريبورتس)
TT
20

كيف يُحسّن الذكاء الاصطناعي دقة الكشف المبكر عن آفات النباتات؟

تقنيات الذكاء الاصطناعي ساهمت في الكشف المبكر عن آفات أوراق الأرز بمصر (دورية ساينتفك ريبورتس)
تقنيات الذكاء الاصطناعي ساهمت في الكشف المبكر عن آفات أوراق الأرز بمصر (دورية ساينتفك ريبورتس)

يُعدّ القطاع الزراعي أحد الأعمدة الاقتصادية الأساسية في الدول النامية، ومصدراً حيوياً للرزق في المجتمعات الريفية. ومع تزايد الطلب على الغذاء نتيجة النمو السكاني، تزداد أهمية تحسين الإنتاجية الزراعية.

ومع ذلك، يواجه هذا القطاع الكثير من التحديات، مثل: أمراض وآفات النباتات والتغيرات المناخية التي تؤثر في سلامة الغذاء والإنتاج الزراعي.

وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) إلى أن الأمراض والآفات تتسبّب في خسائر تتراوح بين 20 و40 في المائة من الإنتاج الغذائي العالمي. وتُعدّ الاكتشافات المبكرة للأمراض النباتية عاملاً رئيسياً في تقليل آثارها السلبية، إلا أن الطرق التقليدية القائمة على الفحص اليدوي تُعدّ مرهقة ومكلفة وأقل دقة، خصوصاً بالنسبة إلى المزارعين في المناطق الريفية.

وقد أسهمت التطورات الحديثة في مجالات الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية وتقنيات الاستشعار عن بُعد في تعزيز الزراعة الدقيقة، مما يتيح أساليب غير تقليدية للكشف المبكر عن الأمراض وإدارتها بفاعلية.

أنظمة الكشف التلقائي

مع تقدّم تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن تطوير أنظمة فعّالة للكشف التلقائي عن أمراض النباتات وتصنيفها بدقة عالية، مما يقلل الخسائر.

وتعتمد هذه الأنظمة على مستشعرات لالتقاط صور النباتات وتحليلها باستخدام خوارزميات التعلم الآلي للكشف المبكر عن الأمراض في محاصيل، مثل: الطماطم والفلفل والبطاطس والخيار.

في السياق، طوّر فريق بحثي من جامعة المنصورة في مصر نظاماً يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر وتصنيف آفات أوراق الأرز الذي يُعد من أهم المحاصيل الزراعية في العالم؛ حيث يتناوله أكثر من نصف سكان الأرض.

ووفقاً للدراسة، يواجه إنتاج الأرز الكثير من التحديات؛ من بينها: تغير المناخ، ونقص الموارد المائية، وانتشار أمراض متنوعة تسببها الفطريات والبكتيريا والفيروسات؛ مثل: مرض اللفحة البكتيرية، والبقعة البنية، ومرض اللفحة الغمدية، مما يؤدي إلى انخفاض جودة المحصول وإنتاجيته، ويتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة تهدّد الأمن الغذائي.

يقول الدكتور محمد الموجي، الباحث الرئيسي للفريق لدى قسم تكنولوجيا المعلومات في كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة المنصورة، إن الطرق التقليدية للكشف عن أمراض النبات تستغرق وقتاً طويلاً وتعتمد على التقييم من قبل الخبراء، مما يجعلها غير عملية للمراقبة على نطاق واسع.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن النظام المقترح «يعتمد على دمج خصائص متعددة للأوراق، مثل اللون والنسيج، باستخدام تقنيات متقدمة لتحسين البيانات وجودة الصور، بهدف معالجة التحديات المرتبطة بتباين الإضاءة».

ويتكوّن النظام من 5 مراحل رئيسية: جمع صور نبات الأرز الملونة، ومعالجة الصور لتحسين الجودة وحل مشكلات الإضاءة، واستخراج ميزات متعددة تساعد في اكتشاف الأمراض، ودمج الميزات للحصول على معلومات أكثر تكاملاً، وأخيراً تصنيف الصور باستخدام تقنيات متقدمة. وتمّ تقييم النظام على مجموعات بيانات تحتوي على 6 أنواع من الآفات، مثل: اللفحة البكتيرية والبقعة البنية، وحقق دقة تصل إلى 99.5 في المائة، متفوقاً على الطرق التقليدية والتقنيات الحديثة في الكشف عن آفات الأرز.

توظيف الذكاء الاصطناعي

توجد تقنيات عدة تستند إلى الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن آفات النباتات، مثل: تقنيات معالجة الصور والرؤية الحاسوبية التي تستخدم خوارزميات متقدمة لتحليل الصور واستخراج معلومات حول حالة النبات. ويتم استخدام كاميرات متخصصة لتحسين الصور والتقاط التغيرات في اللون والملمس، مما يساعد في رصد الآفات.

وتُسهم الرؤية الحاسوبية في الكشف عن الأمراض بسرعة ودقة أعلى مقارنة بالطرق التقليدية، في حين يستخدم التعلم الآلي لتمييز الأعراض المرضية والسليمة. وهذه التقنية فعّالة أيضاً في اكتشاف الأمراض الفطرية مثل الفيوزاريوم الذي يتسبّب في ذبول النباتات. كما يُستخدم التعلم العميق لتحليل الصور الطيفية أو العادية للكشف عن الأمراض مثل التبقع أو التسمم، مما يسمح بتصنيف الأمراض بدقة حتى في مراحلها المبكرة.

بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الطائرات دون طيار (الدرونز) المزوّدة بكاميرات وأجهزة استشعار لالتقاط صور دقيقة للمحاصيل، مثل الأرز والقطن والطماطم، ورصد العوامل البيئية مثل الرطوبة ودرجة الحرارة.

ويمكن لـ«الدرونز» استخدام نظام تصوير طيفي متعدد الأطياف للكشف عن تغيرات الضوء المنعكس، حيث يمكنها مسح الحقول بشكل دوري ورفع البيانات إلى نظام تحليل يستخدم الذكاء الاصطناعي للكشف عن الأمراض؛ مما يساعد في تحديد الآفات بشكل أكثر كفاءة مقارنة بالطرق التقليدية.

ويشير الموجي إلى أن الذكاء الاصطناعي يتميّز بقدرته على تحقيق الدقة والسرعة في الكشف عن أمراض النباتات، حيث تعتمد خوارزميات التعلّم العميق على تحليل الصور الزراعية لتحديد الأمراض بسرعة، مما يوفّر وقتاً ثميناً للمزارعين.

كما يساعد في تقليل التكاليف عبر تقليص الاعتماد على الخبراء البشريين. ويتيح حلولاً للإدارة الذكية، ما يساعد المزارعين في اتخاذ قرارات سريعة ومدروسة استناداً إلى التحليلات الدقيقة، مما يعزّز استراتيجيات مكافحة الأمراض ويضمن استدامة المحاصيل.

ويؤكد الموجي أن «الجمع بين الذكاء الاصطناعي والتقنيات الزراعية يمكن أن يحسّن إنتاجية المحاصيل، حيث يُمكن الكشف المبكر عن الأمراض وتقليل الخسائر، فضلاً عن تحسين الجودة وزيادة العائد، مما يدعم الأمن الغذائي».


مقالات ذات صلة

«استراتيجيات علمية» لتعزيز وصول المزارعين الأفارقة إلى بذور عالية الإنتاج

علوم البذور عالية الإنتاجية تُسهم في تعزيز الأمن الغذائي وزيادة دخل المزارعين بقارة أفريقيا (رويترز)

«استراتيجيات علمية» لتعزيز وصول المزارعين الأفارقة إلى بذور عالية الإنتاج

تواجه دول في أفريقيا، لا سيما المناطق الجافة والريفية بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء، تحديات كبيرة في تحسين الإنتاجية الزراعية،

محمد السيد علي (القاهرة)
شمال افريقيا وزيرة الهجرة المصرية خلال لقائها مع وزير الهجرة اليوناني في القاهرة (وزارة الهجرة المصرية)

لماذا تستهدف اليونان استقدام العمالة المصرية في مجال الزراعة؟

تعهد وزير الهجرة اليوناني، ديميتريوس كاريديس، بـ«سرعة إنهاء إجراءات سفر العمال المصريين مع بداية يونيو (حزيران) المقبل، والبالغ عددهم 5 آلاف عامل زراعي».

محمد عجم (القاهرة)
بيئة من معرض باريس الزراعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يغير المشهد أيضاً في قطاع الزراعة

سبق للذكاء الاصطناعي أن دخل إلى عالم المزارع لتحليل صور الأعشاب الضارة مثلا أو سلوك الأبقار في الحظيرة، لكن هناك الجديد في معرض باريس الزراعي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ما أسرار السعادة؟ (رويترز)

15 سراً للسعادة... هل تعيش هذه النعم؟

إذا أجبت بأنك تملك هذه الميزات أو النعم، فأنت أكثر سعادة من معظم الناس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق شتلات الشعير المزروعة في التربة الموصلة للكهرباء نمت بصورة أكبر (جامعة لينشوبينغ)

تربة موصلة للكهرباء لتطوير «الزراعة المائية»

طوّر باحثون من جامعة «لينشوبينغ» السويدية، «تربة» موصلة للكهرباء تعزز نهج الزراعة من دون تربة، والمعروفة باسم «الزراعة المائية».

محمد السيد علي (القاهرة)

الذكاء الاصطناعي «يتألق» عند العمل مع البشر لا عند استبدالهم

الذكاء الاصطناعي «يتألق» عند العمل مع البشر لا عند استبدالهم
TT
20

الذكاء الاصطناعي «يتألق» عند العمل مع البشر لا عند استبدالهم

الذكاء الاصطناعي «يتألق» عند العمل مع البشر لا عند استبدالهم

قد يكون الذكاء الاصطناعي دافعاً لانعطافة كبرى، لكن المديرين التنفيذيين يغفلون عن عدد من الحقائق الرئيسية، كما كتبت الدكتورة كيلي موناهان (*) الخبيرة في مستقبل العمل.

إعادة تشكيل المؤسسات والأعمال

الذكاء الاصطناعي على وشك إعادة تشكيل الشركات، لكن الكثير من المديرين التنفيذيين يُبالغون في تبسيط إمكاناته، مُركزين على الأتمتة بدلاً من التعاون.

وبصفتي واحدة من الذين قضوا حياتهم المهنية في دراسة مستقبل العمل، فإنني متحمسة لإمكانات الذكاء الاصطناعي الواعدة - لكنني حذرة عندما يتم تسليط الضوء على الروايات المُتسرعة حوله.

تعزيز النشاطات أم أتمتة العمل؟

راجعتُ دراسة من شركة أنثروبيك أخيراً بعنوان: «ما المهام الاقتصادية التي تُنفذ باستخدام الذكاء الاصطناعي؟» أدلة من ملايين محادثات النظام الذكي «كلود»، ووجدتُ أن التأثير الحقيقي للذكاء الاصطناعي ليس واضحاً تماماً كما يعتقد الكثيرون. ففي حين يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً في الأعمال، يتجاهل القادة حقائق رئيسية حول تأثيره وتطبيقاته في العالم الحقيقي.

تصورات خاطئة

إليكم بعض الجوانب التي لا يزال الكثيرون يُخطئون حول الذكاء الاصطناعي:

1. الذكاء الاصطناعي يتعلق بـ«التعزيز» أكثر من الأتمتة

وفقاً لنتائج «أنثروبيك»، لا يتوافق الذكاء الاصطناعي تماماً مع مفهوم المحرك الأمثل للأتمتة. وتشير البيانات باستمرار إلى وضع أكثر توازناً بين تعزيز النشاطات (57 في المائة) والأتمتة الخاصة بها (43 في المائة).

ومع ذلك، وفي بحث أجريناه مطلع العام الماضي، وجدنا أن 58 في المائة من القادة العالميين ينظرون إلى الذكاء الاصطناعي كأداة أتمتة بالأساس – أي أداة يمكنها تقليل عدد الموظفين وخفض التكاليف - بينما اعتبره 42 في المائة فقط وسيلةً لتعزيز القدرات البشرية.

الذكاء الاصطناعي يتألق في التعامل مع الإنسان

تتجاهل هذه النظرة فكرةً جوهرية: غالباً ما يتألق الذكاء الاصطناعي عند العمل مع البشر، لا عند استبدالهم. في الواقع، وجدت دراسة أنثروبيك أن ما يقرب من ربع (23.3 في المائة) المهام في تفاعلات الذكاء الاصطناعي هذه هي مهام تعلم أو اكتساب معرفة - ما يعني أن البشر يستفيدون من الذكاء الاصطناعي لجمع الرؤى، وصقل الاستراتيجيات، واتخاذ قرارات أكثر استنارة.

دور إداري وإشراف محدودان

2. الدور الإداري للذكاء الاصطناعي محدود

يتجلى هذا التحيز نحو الأتمتة أيضاً في كيفية تصور الإدارة العليا للإمكانات الإدارية للذكاء الاصطناعي. إذ يفترض أن الذكاء الاصطناعي قادر على التدخل الفوري لتنسيق المشاريع، والإشراف على الفرق، أو حتى اتخاذ قرارات رفيعة المستوى. ومع ذلك، تشير بيانات «أنثروبيك» إلى أن القدرات الإدارية لا تُظهر سوى استخدام محدود للذكاء الاصطناعي - وهو تذكير مهم بالقيود العملية لأدوات الذكاء الاصطناعي الحالية.

إن الإدارة الفعالة ليست مجرد مسألة إشراف وكفاءة، بل تتعلق بالتعاطف، والتواصل الدقيق، والقدرة على إلهام وتوجيه الأفراد خلال ظروف التحديات التنظيمية المعقدة. يستطيع الذكاء الاصطناعي اليوم غربلة البيانات، وإعداد توصيات مكتوبة، وحتى المساعدة في تقييمات الأداء، ولكنه لا يستطيع محاكاة الجوانب البشرية المتأصلة في القيادة التي تُثير التحفيز وتحافظ على الثقة.

بعبارة أخرى، بينما يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المديرين على أن يكونوا مديرين أفضل - على سبيل المثال، من خلال تحديد الاتجاهات المهمة أو تقديم آليات التغذية الراجعة الفورية - إلا أنه لن يحل محلهم في أي وقت قريب.

أدوات للمهمات لا لاحتلال المناصب الوظيفية

3. تأثير الذكاء الاصطناعي على العمل يتعلق بالمهام لا بالألقاب الوظيفية

يُقيّم عدد كبير جداً من المديرين التنفيذيين تأثير الذكاء الاصطناعي كما لو كان بديلاً مباشراً لأدوار كاملة، بينما في الواقع، يتسلل الذكاء الاصطناعي إلى سير عملنا على مستوى المهام. لهذا السبب، يُقلل بعض القادة من شأن كيفية إعادة تعريف الذكاء الاصطناعي لمحتويات «الوظيفة»، إذ إن المنصب في جوهره عبارة عن مجموعة من المهام - بعضها روتيني وبعضها إبداعي.

يُعد تحليل الأدوار لعزل المهام الأكثر نضجاً لدعم الذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية. تشير إحصائية مُذهلة من تقرير «أنثروبيك» إلى أن ٣٦ في المائة من الوظائف تُظهر استخداماً للذكاء الاصطناعي في ٢٥ في المائة على الأقل من مهامها، وفي كثير من الحالات، تتضمن هذه المهام مهارات معرفية مُتطلبة، مثل التفكير النقدي وتحليل النظم.

ويُستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً للاستماع النشط، وفهم القراءة، ودعم الكتابة، ولكنه لم يُسيطر على النطاق الكامل لأي «وظيفة» واحدة كما نُعرّفها تقليدياً.

والقادة الذين يفشلون في فصل المهام عن المسميات الوظيفية يُخاطرون بتجاهل القيمة الحقيقية للذكاء الاصطناعي، ويُقلّلون من شأن مؤسساتهم وموظفيهم.

فجوات في تبني الذكاء الاصطناعي

4. معدلات تبني الذكاء الاصطناعي ليست مرتفعة كما يوحي به التهويل الإعلامي، الذي يشير إلى أن جميع القطاعات تقريباً تتجه نحو انتشار الذكاء الاصطناعي، حيث توقعت أبحاث سابقة أن 80 في المائة أو أكثر من الوظائف ستدمج الذكاء الاصطناعي بسرعة في 10 في المائة على الأقل من مهامها.

ومع ذلك، تشير بيانات المحادثات الواقعية لشركة «أنثروبيك» إلى أن هذه النسبة تبلغ 57 في المائة، وليس 80 في المائة. وهذه فجوة يجب على القادة أخذها على محمل الجد.

المؤسسات ليست جاهزة للأدوات الذكية

ليس الأمر أن الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي موضع شك، بل إن جاهزية المؤسسات - وعوائق دخول هذه التقنيات - أكبر مما يدركه الكثيرون... من القيود التنظيمية إلى البنى التحتية القديمة لتكنولوجيا المعلومات إلى نقص التدريب، هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تعوق زخم الذكاء الاصطناعي بمجرد تجاوز المرحلة التجريبية.

وكما أُذكّر قادة الأعمال دائماً، فإن النشر الناجح للذكاء الاصطناعي يتطلب أكثر من مجرد التكنولوجيا نفسها؛ بل يتطلب تغييراً في الثقافة، وبناءً للمهارات، وخطة استراتيجية تُشرك الموظفين على جميع المستويات.

التثقيف على مختلف المستويات

5. التوعية والتثقيف. لأننا نحتاج إلى معرفة أكبر بالذكاء الاصطناعي على جميع المستويات. تشير دراسة «أنثروبيك» إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي ليس مرتفعاً بين الحاصلين على تدريب متخصص مكثف، وهو أمر قد يبدو غير بديهي. لماذا لا يكون حاملو الشهادات العليا في الطليعة؟ لأنهم غالباً ما يعملون في مجالات ذات لوائح صارمة أو أطر فكرية معقدة لم يُجهّز الذكاء الاصطناعي بعد للتعامل معها دون إشراف بشري كبير.

وبينما نُهيئ الجيل القادم من حاملي الشهادات لبيئة عمل مُشبعة بالذكاء الاصطناعي، يجب أن نُعلّمهم كيفية دمج هذه الأدوات بفاعلية في خبراتهم، وليس فقط كيفية برمجة أو تحفيز نظام الذكاء الاصطناعي.

إن «الإلمام بالذكاء الاصطناعي» يعني فهم حدوده وإمكاناته - إدراك متى يكون متعاوناً ذكياً ومتى يكون بديلاً غير كافٍ للحكم البشري الأعمق.

تحويل عقليات المديرين التنفيذيين

وعلينا تحويل العقليات من «الذكاء الاصطناعي مقابل البشر» إلى «الذكاء الاصطناعي مع البشر». وإذا كان هناك درس واحد للمديرين التنفيذيين، فهو هذا: لا تتسرعوا في الاعتقاد بأن مستقبل مؤسستكم يتمحور فقط حول استبدال البشر واستخدام الذكاء الاصطناعي. بدلاً من ذلك، ركّزوا على كيفية تعزيز الإبداع البشري.

إن عليهم تقبّل حقيقة أن ثورة الذكاء الاصطناعي تحدث على مستوى المهام الدقيقة، وليس على مستوى المسمى الوظيفي. وتذكروا أن أفضل المديرين سيكونون دائماً أولئك الذين يمتلكون التعاطف والرؤية الاستراتيجية والتواصل الدقيق - وهي سمات لا يدعمها الذكاء الاصطناعي، في الوقت الحالي، إلا بشكل طفيف. إن التحول من عقلية «الذكاء الاصطناعي مقابل الناس» إلى «الذكاء الاصطناعي مع الناس» ليس مجرد اختلاف دلالي؛ بل هو مفتاح إطلاق العنان لكامل إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحقيق نمو وابتكار مستدامين في المؤسسات الحديثة.

إن كانت علّمتنا العقود القليلة الماضية شيئاً، فهو أن التكنولوجيا وحدها لا تُعرّف النجاح؛ بل إن كيفية تكيّفنا معها هي التي يُميّزنا. وهذا مسعى إنساني بامتياز.

* المديرة العامة في منصة Upwork وتقود برنامج أبحاث مستقبل العمل وشغلت سابقاً منصب مديرة مستقبل العمل في شركة «ميتا». مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».