مشاورات أوروبية رفيعة المستوى حول ملف غرينلاند الاثنين في بروكسل

فرنسا تنفي مشروع إرسال «قوات أوروبية» إلى الجزيرة الدنماركية

رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن ورئيس وزراء غرينلاند ميوت إيغده خلال مؤتمر صحافي في كوبنهاغن (إ.ب.أ)
رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن ورئيس وزراء غرينلاند ميوت إيغده خلال مؤتمر صحافي في كوبنهاغن (إ.ب.أ)
TT

مشاورات أوروبية رفيعة المستوى حول ملف غرينلاند الاثنين في بروكسل

رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن ورئيس وزراء غرينلاند ميوت إيغده خلال مؤتمر صحافي في كوبنهاغن (إ.ب.أ)
رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن ورئيس وزراء غرينلاند ميوت إيغده خلال مؤتمر صحافي في كوبنهاغن (إ.ب.أ)

بينما تتصاعد المخاوف مما قد يقدم عليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوضع يد بلاده على جزيرة غرينلاند الاستراتيجية الواقعة في القطب الشمالي والتابعة للدنمارك، فإن الملف سيكون موضع تشاور بين القادة الأوروبيين الذين سيلتقون الاثنين القادم في بروكسل بدعوة من رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، في لقاء تشاوري غير رسمي سيُدعى إليه ضيفان: أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.

أنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبي صاحب الدعوة للقادة الأوروبيين لمشاورات غير رسمية في بروكسل الاثنين (رويترز)

وقال مصدر رئاسي فرنسي لـ«الشرق الأوسط» الجمعة إن الموضوع ستطرحه بلا شك رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن التي استقبلها الرئيس ماكرون في قصر الإليزيه خلال الأسبوع المنتهي، وإن القادة الأوروبيين «لن تكون لديهم أي صعوبة في التعبير عن دعمهم وتضامنهم مع الدنمارك».

وفي الأيام الأخيرة، سعت المسؤولة الدنماركية للحصول على تضامن الأوروبيين، شركاء بلادها في الاتحاد الأوروبي، وأيضاً في الحلف الأطلسي؛ فجالت على برلين وباريس وبروكسل لهذا الغرض، كما أنها استقبلت قادة دول شمال أوروبا (النرويج والسويد وفنلندا) في كوبنهاغن لهذا الغرض. ولخصت فريدريكسن خلاصة جولتها بتأكيد أنها حصدت «دعماً قوياً للغاية» من نظرائها.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ (أ.ف.ب)

ويبدو الأوروبيون، رغم ذلك، حائرين في كيفية التعامل مع طموحات ترمب الذي قال عنه وزير خارجيته ماركو روبيو، الخميس، إنه «جاد» في سعيه للسيطرة على الجزيرة التي تبلغ مساحتها ما يزيد على مليونَي كم مربع، وتتمتع، بالإضافة إلى ما يختزنه باطن الأرض، بثروات رئيسية من النفط والغاز واليورانيوم والحديد والذهب... وقال روبيو إن تصريحات ترمب «ليست مزحة»، مضيفاً في حديث لإذاعة «سيريوس إكس إف إم»: «لقد أعلن الرئيس ترمب ما ينوي القيام به، وهو شراؤها». وأضاف: «لا يتعلق الأمر بشراء الأرض لغرض شراء الأرض. هذا يقع في مصلحتنا الوطنية، ويجب حلّه».

ومن المبررات التي تعرضها الإدارة الأميركية الجديدة التخوف من وقوع الجزيرة تحت هيمنة روسيا أو الصين. ونبّه روبيو إلى أنه «من الواقعي تماماً الاعتقاد بأن الصينيين سيحاولون في نهاية المطاف، وربما حتى في الأمد القريب، أن يفعلوا في غرينلاند ما فعلوه في قناة بنما وأماكن أخرى».

وبحسب الوزير الأميركي، فإن بين بلاده والدنمارك «اتفاقية دفاع لحماية غرينلاند إذا تعرضت لهجوم»، بيد أنها تفضل أن تكون لها «سيطرة أكبر على ما يحدث هناك». لكن روبيو استبعد لجوء بلاده إلى القوة العسكرية، مركزاً على إمكانية شرائها كما حصل مع ألسكا التي اشترتها من روسيا، أو نويو أورليونز التي حصلت عليها من الإمبراطور الفرنسي نابليون (الأول) بداية القرن التاسع عشر. لكن ترمب لوّح علناً بإمكانية احتلال الجزيرة، مؤكداً أن استحواذ بلاده عليها «سوف يتم».

سريعاً جداً برزت المخاوف الأوروبية، وخصوصاً في فرنسا، وأُطلقت دعوات لإرسال قوات أوروبية إلى غرينلاند. وأبرز من ذهب في هذا الاتجاه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الذي قال الثلاثاء إن إرسال قوات أوروبية، بمن فيهم عناصر فرنسية، لضمان الأمن في القطب الشمالي، هو «احتمال»، لكنه «غير وارد» بالنسبة إلى الدنمارك على الفور.

ويقوم موقف فرنسا الرسمي كما عبر عنه بارو والرئيس ماكرون على اعتبار أنه «لا مساومات ممكنة» حول حدود الاتحاد الأوروبي، مستبعداً أن يعمد ترمب إلى «غزو» غرينلاند. لكن الوزير الفرنسي فضل البقاء غامضاً في ما يقصده؛ إذ حصر مهمة القوات الأوروبية، في حال إرسالها، في أمن القطب الشمالي وليس في الدفاع عن غرينلاند بوجه قوة أميركية.

دونالد ترمب جونيور خلال زيارته إلى غرينلاند (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أن للولايات المتحدة قاعدة عسكرية كبرى شمال غربي الجزيرة، حيث نصبت رادارات قوية للإنذار من وصول صواريخ باليستية باتجاه أراضي الولايات المتحدة. وكان روبرت بريغر، رئيس اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي، أول من طرح فكرة نشر قوات أوروبية في غرينلاند، وقال لصحيفة «فيلت أم سونتاغ» التي نُشرت السبت الماضي، إن «هذا من شأنه أن يرسل إشارة قوية ويساهم في الاستقرار في المنطقة».

وفي فرنسا، حضت النائبة الأوروبية ناتالي لوازو إراسل على قوات أوروبية، ودعت الأميركيين إلى «الاهتمام بشؤونهم» وترك الأوروبيين يهتمون بشؤونهم الخاصة، رغم أن ترمب يرى أن ضم غرينلاند «ضرورة مطلقة» من أجل «حماية الأمن القومي والحرية في كل أنحاء العالم»، وسبق له أن هدد الدنمارك بفرض رسوم باهظة على صادراتها إلى الولايات المتحدة في حال رفضت بيع الجزيرة أو التخلي عنها. وموقف كوبنهاغن أن غرينلاند «ليست للبيع»، كما أن استطلاعاً للرأي أُجري الأسبوع المنقضي بيّن أن 85 بالمائة من سكان الجزيرة البالغ عددهم 57 ألف نسمة لا يريدون التحول إلى أميركيين.

صورة لقاعدة بيتوفيك الفضائية الأميركية في غرينلاند أُخذت في أكتوبر 2023 (مصدر دنماركي غير تجاري)

يبقى أن وزير الخارجية الفرنسي قد يكون تسرع في طرح فكرة إرسال قوات أوروبية. ولدى سؤاله بهذا الخصوص، نفى المصدر الرئاسي وجود تفكير من هذا النوع، وهو ما نفاه أيضاً الناطق باسم الخارجية كريستوف لوموان في مؤتمره الصحافي يوم الخميس. وفي أي حال، فإن ملف غرينلاند ما زال في بدايته، ولم يمضِ على وجود ترمب في البيت الأبيض سوى عشرة أيام.


مقالات ذات صلة

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

الاقتصاد نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مقر المفوضية في بروكسل (رويترز)

المفوضية الأوروبية تقترح تدابير لزيادة تنافسية أسواق رأس المال

اقترحت المفوضية الأوروبية الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي الخميس تدابير تهدف إلى جعل أسواق رأس المال في الاتحاد الأوروبي أكثر تنافسية

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا جنود روس يقومون بدورية بمنطقة سودجا بإقليم كورسك (أرشيفية - أ.ب)

العديد من الأوروبيين يعتقدون أن الحرب مع روسيا ممكنة

يعتقد عدد كبير من الأوروبيين أن هناك خطرا كبيرا باندلاع حرب مع روسيا، وفق ما أظهر استطلاع للرأي أجري في تسع دول في الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا  جماعة بريطانية معنية بالحريات المدنية وصفت التوسع في التعرف على الوجوه بأنه انتهاك خطير للخصوصية (أرشيفية)

بريطانيا للتوسع في تقنية التعرف على الوجوه لتعقب المجرمين

قالت الحكومة البريطانية، اليوم، إن الشرطة ستتوسع في استخدام تقنية التعرف على الوجوه للمساعدة في تعقب المجرمين، واقترحت إنشاء هيئة جديدة للإشراف على استخدامها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي عناصر من خفر السواحل اليمنية في البحر الأحمر (إعلام عسكري)

تشكيل لجنة دولية لتسيير الشراكة الأمنية البحرية مع اليمن

أعلن كل من السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا واليابان عن تشكيل لجنة التسيير لشراكة اليمن للأمن البحري وتعزيز خفر السواحل.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
TT

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

وكتبت هيئة الأركان العامة للجيش على تطبيق تلغرام أن مصنع نيفينوميسكي أزوت تعرض للقصف يوم الخميس، موضحة أن المنشأة تنتج مكونات للمتفجرات ووصفتها بأنها واحدة من أكبر المنشآت من هذا النوع في روسيا.

ولم يصدر على الفور رد فعل من جانب المسؤولين الروس، ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة ما أعلنه الجيش الأوكراني بشكل مستقل.


أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
TT

أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، اليوم الخميس، في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أوكرانيا تريد «سلاماً حقيقياً وليس تهدئة» مع روسيا.

وتسعى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي هيئة معنية بالأمن والحقوق، إلى الاضطلاع بدور في أوكرانيا ما بعد الحرب.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الأربعاء، إن الطريق أمام محادثات السلام غير واضح حالياً، في تصريحات بعد محادثات وصفها بأنها «جيدة إلى حد معقول» بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثين أميركيين.

وأضاف سيبيها أمام المجلس الوزاري السنوي للمنظمة: «ما زلنا نتذكر أسماء أولئك الذين خانوا الأجيال القادمة في ميونيخ. يجب ألا يتكرر ذلك مرة أخرى. يجب عدم المساس بالمبادئ ونحن بحاجة إلى سلام حقيقي وليس إلى تهدئة».

جنود روس يقومون بدورية بمنطقة سودجا بإقليم كورسك (أرشيفية - أ.ب)

وأشار الوزير بهذا على ما يبدو إلى اتفاقية عام 1938 مع ألمانيا النازية، التي وافقت بموجبها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا على أن يضم أدولف هتلر إقليماً فيما كان يُعرف آنذاك بتشيكوسلوفاكيا. وتستخدم هذه الاتفاقية على نطاق واسع باعتبارها إشارة إلى عدم مواجهة قوة مهددة.

ووجه سيبيها الشكر للولايات المتحدة على ما تبذله من جهود في سبيل إرساء السلام، وتعهد بأن أوكرانيا «ستستغل كل الفرص الممكنة لإنهاء هذه الحرب»، وقال: «أبرمت أوروبا الكثير للغاية من اتفاقيات السلام غير العادلة في الماضي. أسفرت جميعها عن كوارث جديدة».

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس إن فريقه يستعد لعقد اجتماعات في الولايات المتحدة وإن الحوار مع ممثلي ترمب سيستمر.

وبرزت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تضم 57 دولة منها الولايات المتحدة وكندا وروسيا ومعظم دول أوروبا وآسيا الوسطى، بوصفها منتدى مهماً للحوار بين الشرق والغرب خلال الحرب الباردة.

وفي السنوات القلائل الماضية، وصلت المنظمة إلى طريق مسدود في كثير من الأحيان، إذ عرقلت روسيا تنفيذ قرارات مهمة، واتهمتها بالخضوع لسيطرة الغرب. واشتكت روسيا في بيانها من «هيمنة أوكرانيا الشاملة على جدول الأعمال» في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.


تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
TT

تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)

ذكرت وسائل إعلام محلية في آيرلندا، الخميس، أن سفينة تابعة للبحرية الآيرلندية رصدت ما يصل إلى 5 طائرات مسيرة تحلق بالقرب من مسار طائرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى وصوله في زيارة دولة إلى آيرلندا، يوم الاثنين.

وذكرت صحيفة «آيريش تايمز» أن عملية الرصد أثارت استنفاراً أمنياً واسعاً وسط مخاوف من أنها محاولة للتدخل في مسار الرحلة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمّها القول إن الطائرة، التي وصلت قبل موعدها بقليل، لم تكن معرضة للخطر، وفقاً لوكالة «رويترز».

ووصل الوفد الأوكراني في ساعة متأخرة من مساء يوم الاثنين، وغادر في وقت متأخر من اليوم التالي، في إطار رحلة للمساعدة في حشد الدعم الأوروبي لكييف، في الوقت الذي تواصل فيه روسيا حربها على أوكرانيا.

وأدّت توغلات الطائرات المسيرة، التي لم يُكشف عن الجهة المسؤولة عنها حتى الآن، إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية في أوروبا في الآونة الأخيرة. ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، هذه التوغلات بأنها «حرب متعددة الوسائل».