اعترفت نيوزيلندا رسمياً بجبل بوصفه «شخصية اعتبارية»، بعدما منحته تشريعات جديدة جميع الحقوق والمسؤوليات التي يتمتّع بها الإنسان.
وإذ يُعرَف الجبل البركاني الذي لا يزال خامداً ومغطّى بالثلوج، باسم «تارانكي ماونغا»، بلغة الماوري؛ فهو يُعدُّ أحد أجداد السكان الأصليين في المنطقة، ويقع في الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا، ويصل ارتفاعه إلى 2518 متراً، مُشكِّلاً وجهةً شهيرةً للسياحة والمشي والتزلّج.
كما يُعدّ المكان أحدث مَعْلم طبيعي يُمنح صفة «الشخصية الاعتبارية» في نيوزيلندا، بعد مَنْح الصفة عينها لنهر وأرض مقدّسة في وقت سابق.
وذكرت «الإندبندنت» أنّ هذا الاعتراف القانوني يأتي «تكفيراً عن استيلاء المستعمرين على الجبل من شعب الماوري في إقليم تارانكي بعد استعمار نيوزيلندا». وهو جزء من اتفاقية لتعويض السكان الأصليين عن الأضرار التي لحقت بأرضهم عبر التاريخ.
بموجب القانون الجديد، يتمتّع «تارانكي ماونغا» بجميع الحقوق والواجبات والمسؤوليات التي تتمتّع بها أي شخصية اعتبارية، ويحمل شخصية اعتبارية باسم «تي كاهوي توبوا» التي ينظر إليها القانون بوصفها «كياناً حيّاً غير قابل للتجزئة»، وهو يشمل الجبل والقمم المحيطة به والأراضي المجاورة، بما فيها جميع عناصره المادية والروحية.
كما ينصّ القانون على تشكيل كيان جديد يمثّل «الوجه والصوت» للجبل، ويتألّف من 4 أعضاء يمثّلون قبائل الماوري المحلّية، و4 آخرين تُعيّنهم وزارة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا.
في هذا السياق، قال النائب بول غولدسميث، المسؤول عن اتفاقات التسوية بين الحكومة وقبائل الماوري، في خطاب أمام البرلمان: «لطالما كان الجبل سلفاً موقّراً، ومصدراً للغذاء الثقافي والروحي، وملاذاً أخيراً لمَن لجأ إليه».
ولكن خلال القرنين الـ18 والـ19، استولى المستعمرون على اسم «تارانكي» أولاً، ثم على الجبل. فعام 1770، أطلق المستكشف البريطاني الكابتن جيمس كوك اسم «ماونت إغمونت» عليه عندما رآه من سفينته. وعام 1840، وقّعت قبائل الماوري على معاهدة مع ممثّلي التاج البريطاني، وعدت بموجبها بريطانيا بالحفاظ على حقوق الماوري في أراضيهم ومواردهم. ولكن بسبب الاختلافات بين النسخة الإنجليزية والماورية من المعاهدة، نُكث الوعد.
وعام 1865، صُودِرت مساحات شاسعة من أراضي «تارانكي»، بما فيها الجبل، عقوبةً للماوري على تمرّدهم ضدّ التاج البريطاني. وعلى مدى القرن التالي، كانت جمعيات الصيد والرياضة مسؤولة عن إدارة الجبل، بينما حُرم الماوري من أي دور في ذلك.
وعلَّق غولدسميث: «حُظرت الممارسات التقليدية للماوري المرتبطة بالجبل، بينما رُوج للسياحة». لكنَّ حركة احتجاجات الماوري في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته أدّت إلى موجة من الاعتراف بلغتهم وثقافتهم وحقوقهم في القوانين النيوزيلندية.